الحديد.. وظائفه ومصادره وأعراض نقصه

الحديد.. وظائفه ومصادره وأعراض نقصه

أمراض فقر الدم تحدث إما لنقص كميته أو لصعوبة امتصاصه


جدة: «الشرق الأوسط»
يُصنف الحديد كأحد العناصر المعدنية زهيدة المقدار، ورغم ذلك، فإن له أهمية خاصة، لا سيما عند النمو في مرحلة القدرة على الإنجاب، فالحديد يمثل جزءا من تركيب الهيموجلوبين (هيم تعني دموي، جلوبين تعني بروتين الدم) Hemoglobin.

ومن المركبات الأخرى التي تحتوي على الحديد مركب ميوجلوبين (جلوبين العضلات) Myoglobin، وهي المادة الملونة التي توجد في العضلات، وهذه المادة مثل الهيموجلوبين لا يمكن أن تتكون إلا في وجود الحديد.

إن قدرة الحديد على الأكسدة والاختزال هي المسؤولة عن الخصائص التي تميز هذه المركبات في الجسم، حيث تعد ضرورية لتحرير الطاقة من الكربوهيدرات والدهون والبروتينات بسبب قدرتها على تفاعلات الأكسدة والاختزال.

ويساعد الحديد في تصنيع المواد التي تنقل النبضات (الإشارات) العصبية من خلية عصبية إلى أخرى وفي تصنيع الكولاجين والأحماض النووية وإنتاج الأجسام المضادة.

ويوجد الحديد في جسم الإنسان بكمية من 2.5 إلى 4 غرامات، حسب عمر الفرد ووزنه وحجمه وحالته الصحية والغذائية ومستوى المخزون في الجسم. ويعتبر الحديد من العناصر المعدنية الموجودة بكمية قليلة في جسم الإنسان، لكن أهميته كبيرة على وظائف الجسم وحوالي 70% من الحديد في الجسم موجود في صورة الهيموجلوبين. ويمتص الحديد من الغشاء المخاطي للأمعاء الدقيقة بصورة مختزلة.

ويوجد الحديد في الأطعمة بصورة هيم أو بصورة غير هيم، ويعنى حديد الهيم وجوده بصورة هيموجلوبين او ميوجلوبين، ويمد المصدر الحيواني بحوالي 40% من الحديد بصورة هيم، أما الباقي بصورة غير هيم.

أما المصدر النباتي فيمدنا 100% بصورة غير هيم، وعموما يمتص الإنسان عادة من 5 ـ 10% من الحديد المتوفر في الأطعمة، وفي حالة العوز يزيد الامتصاص ليصل من 10 ـ 20% من نسبة الحديد في الأطعمة.

وتعيش خلايا الدم الحمراء 120 يوماً، ثم تتحلل ويُعاد استعمال 90% منها بعد عملية التحلل. يفقد الإنسان حوالي 1 ملليغرام يوميا، بالإضافة إلى الفاقد نتيجة الحيض من 0.4 ـ 1.4 ملليغرام يوميا. أحد وظائف فيتامين (بي 12) وحمض الفوليك، هو العمل على نمو وتطور الخلايا ومنها خلايا الدم الحمراء، وعوز احدهما او كلاهما يؤدي الى تكوين خلايا دموية كبيرة غير ناضجة Megaloblast، أو كبيرة ناضجة Macrocyte.

يوضح الدكتور خالد علي المدني، استشاري التغذية بوزارة الصحة ونائب رئيس الجمعية السعودية لعلوم الغذاء والتغذية، أن عوز الحديد يحدث في مرحلة الإنجاب لفقد الحديد بانتظام أثناء الدورة الشهرية أو لنقصٍ في تناوله.

وعند نقص الحديد تنخفض عدد خلايا الدم الحمراء ويصغر حجمها ويقل تكوين الهيموجلوبين، وتقل كفاءة حمل الأوكسجين في الدم. وينتج ما يسمى «فقر الدم» بعوز الحديد Iron Deficiency Anemia، الذي يتميز بالصداع وبسرعة التعب والإجهاد وشحوب في اللون وضعف عام واصفرار في الوجه وضيق في التنفس، خصوصا بعد أداء أي مجهود، ومعظم هذه الأعراض تكون نتيجة لعدم توفر كميات كافية من الأوكسجين لاستخدامه في عملية أيض الطاقة، كما يؤدي إلى ظهور العدوى والأمراض.

وقد ترجع مشاكل عوز الحديد إلى صعوبة امتصاصه حتى بعد تناوله بكميات مناسبة، فمن المواد التي تقلل من امتصاصه وجود حمض التانيك Tannic Acid، وهو موجود في الشاي، ويرجع ذلك إلى تكوين مركب معقد غير ذائب مع الحديد، كذلك حمض الفيتك Phytic Acid، والموجود في السبانخ والنخالة. ومن المواد التي تساعد على امتصاص الحديد وجود حمض الأسكوربيك Ascorbic Acid (فيتامين سي)، وأحماض عضوية أخرى، وتعتبر المصادر الحيوانية أفضل في الامتصاص من المصادر النباتية، ويكون الامتصاص في الأشخاص الذين لديهم عوز في الحديد أفضل ممن ليس عندهم هذا العوز.

وبسبب صعوبة امتصاص الحديد وعدم توفره في الكثير من الأطعمة، فإن تدعيم منتجات الحبوب به يعتبر شائعا في معظم الدول المتطورة، وهذا أفضل لمن يفضلون الحبوب بعد تصنيعها عن أكل الحبوب كاملة.

من المصادر المهمة للحديد اللحوم (خصوصا لحوم الأعضاء مثل الكبد والقلب والكلى)، والمأكولات البحرية، والسبانخ والفواكه الجافة والبندق، كذلك الحبوب أو منتجات الحبوب المدعمة بالحديد.

تحدث معظم حالات الأنيميا نتيجة عوز المغذيات التي تعمل على تكوين ونمو وتطور الخلايا الدموية، وأهمها أنيميا عوز الحديد وأنيميا حمض الفوليك وأنيميا عوز فيتامين (بي 12)، ويقال على هذا النوع من الأنيميا بـ «الأنيميا الغذائية».

وتلعب المغذيات وعوزها دورا في في حدوث الأنيميا، لأن الحديد يعتبر جزءا من الهيموجلوبين، كذلك يعتبر البروتين جزءا من الهيموجلوبين، وهو من نواقل الحديد في الجسم كما ان حمض الفوليك وفيتامين (بي 12)، يعملان على نمو وتطور خلايا الدم الحمراء، بينما يساعد فيتامين (بي 6)، (كعامل مساعد)، في تكوين الهيموجلوبين. ويساعد فيتامين (سي) على تحويل الحديد إلى الصورة التي يمكن امتصاصه حيث يتحول من Fe+3 (الفيرك) إلى الصورة المختزلة F+2 (الفيرز)، كما يساعد في تكوين الكولاجين الذي يعتبر أحد البروتينات التي تدعم الأنسجة الضامة ومنها الأوعية الدموية.

وبالتالي يعطي قوة للأوعية، فيحافظ عليها من التمزق وحدوث النزيف الذي يؤدي إلى الأنيميا. ويدخل النحاس في تركيب البروتين الذي يعمل على تحويل الحديد إلى الصورة التي من خلالها يتم نقله من الأغشية المخاطية بالأمعاء إلى أماكن تخزينه والاستفادة منه.

كما يدخل النحاس في تركيب الأنزيم الذي يعمل على حماية خلايا الدم الحمراء من التلف نتيجة تأثير الجذور الحرة. كما يساعد النحاس في تكوين الكولاجين. ويعمل فيتامين (إي) على حماية جدار خلايا الدم الحمراء من تأثير الجذور الحرة. عدم وجود كمية كافية من فيتامين (هـ) يؤدي إلى تكسير خلايا الدم الحمراء وحدوث تحلل للخلايا.

وهناك عوامل أخرى غير تغذوية تؤدي إلى الأنيميا تشمل: النزيف، العيوب الخلقية، الأنيميا المنجلية، التلاسيميا، وحالات مرضية مزمنة مثل الفشل الكلوي والسل والتهاب القولون وبعض أنواع السرطان (سرطان الرئة والثدي والغدد الليمفاوية).

اما أنيميا قلة الوحدات النسيجية Aplastic Anemia، فتؤدي الى ان يبقى حجم خلايا الدم واللون طبيعياً، لكن عدد مكونات الدم قليلاً، حيث تنخفض كتلة النخاع العظمي وهي المادة الأولية لتكوين خلايا الدم.

ونصف الحالات غير معروفة السبب، والنصف الآخر قد يرجع إلى التعرض لبعض المواد الكيميائية مثل البنزين والزرنيخ أو نتيجة التعرض للإشعاع أو بعض الأدوية مثل بعض مضادات الصرع أو بعض مضادات الالتهابات، وبعض المضادات الحيوية أو بعض حالات الحساسية.

وقد يكون العلاج في هذه الحالة زرع نخاع العظام. واخيرا فإن الافراط في تناول الحديد Excessive Iron Intake، يقود الى حدوث التسمم بالحديد عادة نتيجة تناول الأطفال بالخطأ جرعات من أقراص الحديد أو مجموعة الفيتامينات المحتوية على حديد، وتظهر الأعراض على شكل غثيان وقيء وإسهال وسرعة ضربات القلب وضعف في النبض وعدم التركيز والدوار. وقد تحدث الوفاة عند الأطفال نتيجة تناول من 6 إلى 12 قرصا من الحديد في غضون أربع ساعات.

منقووووووووووووووووووووووووول