مشاركة: بناااااات الرياض1
مشكووووووووور وماتقصرعـــزيــــز بشـــيـــــر .على منقولك الرائع.
تحياتي
النادر
مشاركة: بناااااات الرياض1
"بنات الرياض" لرجاء الصانع
رواية "تنبش" المجتمع السعودي من داخله
المستقبل - السبت 21 كانون الثاني 2006 - العدد 2158 - ثقافة و فنون - صفحة 20
ياسين رفاعية...
تكشف رواية "بنات الرياض" لرجاء عبد الله الصانع ـ وهذه روايتها الأولى ـ الكثير من خلفيات المجتمع العربي في السعودية وهو مجتمع تقليدي صارم، خصوصاً بالنسبة للمرأة، حيث هي في حقوقها المدنية "صفراً". لكن ما يحصل خلف الستار هو تحايل على قسوة هذا المجتمع الذي هو بحاجة ـ فعلاً ـ إلى الخروج من القوقعة والوضوح، لأن ما يحصل في الخفاء أخطر بكثير من محاولة النظام عدم حصوله. على الغلاف الأخير كلمة للشاعر والكاتب الكبير غازي عبد الرحمن القصيبي، اعتبرتها فاتحة ومشجعة لقراءة هذه الرواية التي امتدت الى نحو ثلاثمائة وعشرين صفحة. يقول القصيبي: "في عملها الروائي الأول، تقدم رجاء الصانع على مغامرة كبرى تزيح الستار العميق الذي يختفي خلفه عالم الفتيات المثير في الرياض. وعندما يزاح الستار يتجلى امامنا المشهد بكل ما فيه من اشياء كثيرة، مضحكة ومبكية، بكل التفاصيل التي لا يعرفها مخلوق خارج هذا العالم الساحر المسحور. هذا عمل يستحق ان يقرأ. وهذه رواية انتظر منها الكثير".
استخدمت الكاتبة أسلوباً جديداً في كشف هذه المآسي والاحزان التي حفلت بها الرواية، عن نساء سعوديات لا يستطعن التعبير عن مشاكلهن لا بالكتابة ولا بالمحادثة، فأوجدت رجاء الصانع وسيلة جديدة للوصول إلى الناس وللتعبير عن كل ما تتعاطاه المرأة السعودية في مواجهة هذا المجتمع التقليدي القاسي، بحيث اي خطأ صغير من هذه الفتاة أو تلك يعرضها لمخاطر اقلها السجن في البيت، الى جانب محاربة المجتمع لها، بل وأحياناً احتقارها وادانتها، هذه الوسيلة الجديدة للوصول إلى كل بيت في الرياض وغيرها "الانترنت" فقد قامت ضجة هائلة عمت الأوساط المحلية، وقفت وراءها فتاة مجهولة ترسل نهار كل يوم جمعة "إيميلا" الى معظم مستخدمي الانترنت في السعودية، تفشي فيه أسرار صديقاتها اللواتي ينتمين إلى الطبقة المخملية "الراقية" والتي فيها العجب والغرائب، أين منها المجتمعات الغربية بمختلف أطيافها وبلدانها؟ وهي أخبار لا يعرفها عادة سوى من ينتمي اليها. وهكذا اخذت الكاتبة تطل كل اسبوع بواسطة هذا الجهاز العجيب على أحداث هي قصص هذه وتلك، حتى بدت هذه القصص كأنها تعبير، بل وكاشفة لكل خلفيات المجتمع السعودي، وأصبح يوم الجمعة هو يوم الانتظار الطويل لمكاشفات صاحبة الايميل في تعرية المجتمع وفضحه، حتى اصبح حديث الناس على مدار الاسبوع الكامل ريثما يأتي الجديد في يوم الجمعة الذي يليه. وهكذا، اصبحت الهيئات المدنية، بمختلف توجهاتها وانقلاب الدوائر الحكومية والجامعات والمستشفيات والمدارس صباح كل سبت الى ساحات ولقاءات لمناقشة أحداث كل ايميل بما يكشف من جديد. وهنا يعلق الدكتور القصيبي: "أياً تكن النتيجة، فمما لا شك فيه ان هذه الرسائل الغريبة قد قامت بثورة داخل مجتمعنا الذي لم يعتد مثل هذه الامور، وعليه فانها ستظل مادة خصبة للمداولة والحوار مدة طويلة حتى بعد توقف "الايميلات" عن الصدور".
همس
في الحقيقة، بدت الرواية كأنها من صلب الواقع السعودي، خصوصاً فان همساً كان يصدر لدى العامة بأن ما كان يجيء في هذه "الايميلات" حقيقة واقعة، وان كان الناس ـ ازاءها ـ يخفون رؤوسهم كالنعامة ـ في الرمال، هرباً من هذه الحقيقة الساطعة.
على أنني لا بد ان أشير، الى انه سبق لروائيين وروائيات سعوديين ان تناولوا هذه الظاهرة، او بالاحرى: الظواهر التي يمتلئ بها الشارع السعودي، خصوصا ما يحدث عبر الهاتف الجوال من لقاءات سرية في الأسواق العامة والمطاعم والمخازن للتخفي من رقابة المجتمع الصارمة فالتمدد قائم على قدم وسام، رغم عيون العسس والمخابرات التي تلاحق مثل هذه اللقاءات الممنوعة بين غريبين امرأة ورجلاً، وأحياناً، يمسكان بالجرم المشهود، فيقادان الى المخفر، والى اعلام الاهل والى الفضيحة في أكثر الأحيان، رغم كل ذلك تستمر هذه اللقاءات لينتج عنه إما الحب المحرم أو الوصول الى الزواج في أبسط الحالات.
قمرة، سديم، لميس، تماضر، ميشيل، وأسماء أخرى تحفل بها الرواية. تقدم كل احدة منهن مأساتها، أقول مأساتها، لأن ما يمررن به من معاناة من الرجل تدلل على عقلية الرجل السعودي خصوصاً، والشرقي عموماً في معاملته للمرأة كسلعة ووسيلة للذة المحرمة، وعندما تصبح حلالاً يتركها إلى الحرام في امرأة أخرى. والنصيحة الكبرى لكل واحدة منهن: "لا تصيري سهلة" و"التمنع هو السر لاثارة شهوة الرجل، فقمرة لم تسلم اختها الكبرى نقلة نفسها لزوجها الا في الليلة الرابعة، ومثلها اختها حصة، وها هي ذي قمرة تحطم الرقم القياسي ببلوغها الليلة السابعة بعد زواجها دون ان يمسها راشد حتى الآن" وتؤمن ام قمرة بنظرية المرأة الزبدة والرجل الشمس (انظر كم هي نصيحة ثمينة "تذوب الزبدة تحت حر الشمس".
ومشكلة ام نوير مع ابنها المتخنث الذي يتشبه بالنساء مأساة اخرى موجودة بكثرة ايضا في مجتمعاتنا. وكان منزلها دائماً ملجأ لتلك الفتيات حيث اللقاء الخاص مع هذا وذاك. وتسميتها أم نوير كاسم انثوي عن ابنها نوري، ومع ذلك أوكلت امرها إلى الله، وقررت ان هذا ابتلاء من ربها لا بد لها من الصبر عليه. وهكذا ظل نوري على حاله، واصبح الجميع ينعتونها بأم نوير.
وتتحدث الرواية عن الاختلاف الشديد في البيئات السعودية و"لكن البيئة في الجامعة تختلف تمام الاختلاف عن بيئة مدرستهن. والطبقة الارستقراطية أو المجتمع المخملي الذي تنحدر منه معظم زميلاتهن في المدرسة ليس الا جزءاً بسيطاً من الطبقات المتباينة الموجودة في الجامعة "ان مجتمعنا السعودي اشبه بكوكتيل الطبقات الذي لا تختلط فيه أي طبقة بالأخرى إلا بالضرورة وعند الخفق القوي.
وكان حلم الاختلاط بالشباب حلماً كبيراً بالنسبة للكثير من الطالبات والطلاب ودافعاً للبعض ممن ليست لهم أي ميول للالتحاق بتلك الكليات التي قد توفر لهم مساحة اكبر من الحرية، حتى وان كان الاختلاط المنتظر مقيداً لا يتجاوز الصدف العابرة.
الورود الحمراء
ومن المشاهد التي احتفلت بها الرواية "يوم فالنتين" او عيد الحب. لكن ما كان يحصل ان الدولة السعودية منعت الاحتفال به، وتمت معاقبة اصحاب محلات الزهور الذين كانوا يقومون بتوفير الورود الحمراء لزبائنهم بطرق ملتوية وكأنها بضاعة مهربة. فـ "يمنع" الاحتفال بعيد الحب في بلادنا ولا يمنع الاحتفال بعيد الأم أو الأب مع ان الحكم الشرعي واحد.
مضطهد انت اليها الحب في هذا البلد.
وفي ذلك اليوم، بكت الكثير من الطالبات احباء قدامى و"صارت فضائح" وتمت مصادرة العديد من الهدايا، ووقعت الطالبات اللواتي ارتدين ثياباً أو اكسسوارات حمراً تعهدات بعدم تكرار هذا الفعل في السنة القادمة. وفي السنوات التي تلت كان التفتيش يتم على الملابس قبل أن تنزع الطالبة عباءتها عند البوابة حتى يتسنى للمفتشات، اعادتها مع سائقها الى منزلها بمجرد العثور على اي دليل للجريمة "الحمراء" في حوزتها، حتى وان كان الأحمر ربطة للشعر.
وتكثر المشاهد التي لا يكاد يعرفها الا السعودي، ففي الطائرة تتبدل الملابس، فسديم الذاهبة الي لندن لنسيان مأساتها في فقد الحبيب والرسوب في صفها فـ"قبل هبوط الطائرة في مطار هيثرو، توجهت سديم نحو الحمام وقامت بنزع عباءتها وغطاء شعرها لتكشف عن جسم متناسق يلفانه الجينز والـ "تي شرت" الضيقان ووجه بريء، التقاطيع تزينه حمرة الخدود الخفيفة "البلاشر" وقليل من "الماسكارا" ومسحة من ملمح "لب قلوس" للشفاه وسر مأساة سديم حبها العميق لوليد، فبعد كتابة العقد الزاوجي الذي يصبح كل من الحبيبين زوجين بالشريعة، ظل وليد يتقرب منها بشتى الوسائل لينال منها قبل العرس، وبطبيعة الحال، بعد الحاح وليد، تتسلم له باعتباره زوجها الشرعي، وبعد ان نال منها وطره هجرها فوراً، متساءلاً كيف تتسلم له قبل العرس، واعتبر ذلك طيشاً منها وانها لا تستحق ان يكون زوجها. وهذا فعلاً يحصل كثيراً، ليس في السعودية حسب، بل في معظم اقطار الوطن العربي وفي لندن يصبح الكتاب ملجأها للنسيان، فتقرأ روايات عدة لكتاب سعوديين منهم تركي الحمد وغازي القصيبي.
وتتكرر تجارب الفتيات المتشابهة بعضها مع بعض، فميشيل يحبها فيصل ولانها متحررة زيادة عن اللزوم يفضل عليها أمرأة عادية ضعيفة يتفوق عليها بكل شيء وتكون خادماً مطيعة له في كل شيء، وهذا نموذج لحالات كثيرة في الرواية، ليس فقط في المجتمع السعودي بل في كل المجتمعات العربية. اذ يخاف الرجل المرأة المتساوية معه في الثقافة والعلم والمعرفة فكيف اذا كانت متفوقة عليه، يحرص على علاقة حب من امرأة من هذا النوع لكنه لا يتزوج بها، بل يفضل عليها المرأة العادية التي تهتم بالبيت والطبخ وكوي الملابس والمرافقة الى سرير الزوجية لمجرد اطفاء الشهوة وليس الحب.
وهكذا ظلت ميشيل (من ام اجنبية واب عربي" لا تتحدث الا عن نساء المجتمع وتخلفه ورجعيته وتعقيداته، مما يدفعها الى مغادرة الرياض لتبدأ حياة جديدة في الغرب، اما سديم فقد كانت تلعن وليد بعد كل جملة، اما قمرة فلم تتوقف عن الشكوى من تضييق والدتها عليها ومنعها اياها من الخروج كما في السابق، فهي الآن مطلقة والاعين مثبتة عليها لاصطياد عثراتها ونسج أبشع الاشاعات حولها.
وفي لقاء الصديقات في منزل ام نوير تتكهرب الاجواء كالعادة كلما عبرت ميشيل عن آرائها الجديدة. وتقوم ام نوير كالعادة بتلطيف الجو بنكاتها وتعليقاتها. وكانت تلك الليلة اخر ليلة تجتمع فيها الصديقات الثلاث مع ميشيل قبل سفرها للدراسة في أميركا. لذلك فقد تمكن الجميع من تجاوز صراحتها الجارحة.
ولا بد من الاشارة الى عفوية الاحداث وصدقها في هذه الرواية التي هي الأولى للكاتبة، مما يجعلنا نتغاضى عن أخطائها النحوية الكثيرة، اضافة الى التكرار الذي اعاب النص الى حد كبير وكان بالامكان اختصاره الى النصف، كما اعابه ايضاً كثرة الاستشارات، التي غالباً لم تكن في محلها. على لكل حال من جماليات هذا العمل جاذبيته. خصوصاً للذين لا يعرفون شيئاً عن المجتمع السعودي المغلق، الذي في النهاية هو مجتمع عربي مثله مثل اي بلد عربي آخر.
مشاركة: بناااااات الرياض1
بنات الرياض
عبدالمحسن محمد الرشود*
قرأت "بنات الرياض" خلال خمس عشرة ساعة متواصلة لأنها كانت مشوقة، وبها أسرار بنات الرياض خلال الست السنوات الأخيرة كما فهمت. وتعرفت من خلالها على كثير من تقنيات الغزل الجديدة التي لم نعرفها من ذي قبل بما في ذلك الإنترنت والجوال، والبلوتوث، ولقاءات السفر "المملوءة بالحرية الكاملة". كما أدركت أن الفتاة السعودية وبالذات التي تعيش في المدن الصاخبة كالرياض أصبحت مملوءة بالذكاء والإحساس المفرط. "واللكاعة" التي كانت مفقودة في بنات جيلنا أيام بداية الطفرة. ومما تعلمته في هذه الرواية عقلية البنت المعاصرة وكيفية إثارتها والاستحواذ على عواطفها، وما تحب، وما لا تحب، والكلام المرتب الذي يقال عبر الهاتف، والمعاناة الكبرى المحزنة التي تحيق بها عندما تصطدم بسقوط فارس أحلامها من عينها.
هذا العمل الأدبي الجميل يفيد أي شاب يريد أن يتعرف على مرتكزات الفكر النسوي العاطفي المعاصر أو يريد الزواج ويتعرف على الآليات الفنية للحصول على إعجاب الفتاة الإنترنتية. هو بمثابة دليل عاطفي اجتماعي إلى الطريق دون خسائر عاطفية كبيرة. كما أنه يشي بالأشياء التي تفكر بها فتيات هذا الجيل، من طرق تعارف، وأسلوب محادثة، وأناقة، وعطور وإكسسوارات، ومكان اللقاءات. والنتائج التي سوف تحيق بمن يدخل إلى هذا العالم "الساحر المسحور" كما يقول الدكتور غازي القصيبي.
- هذا العمل الأدبي - سمه ما شئت - يصحبك دونما عناء بل ببهجة متناهية إلى حيث لا تدري ولن تدري بل إلى حيث تدري كاتبته الجريئة، والفنانة رجاء عبدالله الصانع..
- ضحكت كثيرا مع أسلوبها الساخر، لكنني حزنت كثيرا على سديم وميشيل "مشاعل" وقمرة لسوء حظهن في علاقاتهن العاطفية المشبوبة وفرحت كثيراً لحسن حظ لميس في زواجها من حبها الأول.
- الجميل في هذه الرواية أنها تعبر عن آلام المرأة في نكساتها مع الرجل.. وإذا كان من حق الرجل أو العاشق أن يتألم ويشكو ويعاتب في شعره ورواياته وقصصه مثل قيس، وكثير، وجميل، ونزار وحسين سرحان ومعظم شعراء العصر الأموي والعباسي، وعصر النهضة مثل إبراهيم ناجي، وأحمد رامي ومعظم شعراء النبط، وكتاب الكلمة الغنائية.. إذا كان من حق الرجل أن يتظلم ويشكو الهجر والخيانة.. فإن رجاء الصانع عبرت عن هموم وأوجاع ومعاناة وإحباطات بنات جيلها واصطدامهن برجال غير قادرين على تنفيذ ما وعدوهن به من ارتباط واستقرار..
- وأتفق مع الأستاذ الزميل عبدالله بن بخيت في أن الرواية ليست فضائح بمعنى الفضائح.. فالبنات الأربع في النهاية يردن الزواج والاستقرار.. وإن حدثت أخطاء فهي موجودة ولا تصور جميع بنات الرياض بهذا السوء من الحظ وقلة النصيب.. والخطأ الإنساني موجود قدم الإنسانية ذاتها ولن يتوقف وتلكم هي الطبيعة البشرية التي لا تصل لحد الكمال..
- أجمل ما في الرواية أيضا الإحساس المفعم بالعاطفة الجياشة لدى رجاء.. في سياق سردها عن معاناة صديقاتها حد الحزن.. وإبداعها في وصف ما يحدث في شوارعنا في الرياض تقول في ص 23-24 "تولت ميشيل التي تحمل رخصة قيادة دولية قيادة جيب الإكس فايف ذي النوافذ المعتمة كليا والذي تدبرت استئجاره من أحد معارض تأجير السيارات باسم السائق الحبشي. اتخذت لميس مكانها إلى جانب ميشيل بينما تراصت بقية الفتيات وهن خمس في المقاعد الخلفية وارتفع صوت المسجل مصحوبا بغناء الفتيات ورقصهن. كان محل القهوة الشهير في شارع التحلية أول محطة توقفن عندها، ومن الزجاج المظلل أدرك الشبان بفراستهم أن في الإكس فايف صيدا ثمينا فأحاطوا به من كل جانب، بدأ الموكب يسير نحو المجمع التجاري الكبير في شارع العليا والذي كان محطتهم الثانية. دونت الفتيات ما ينشر لهن من أرقام الهواتف التي جاد بها الشباب. إما بترديد المميز فيها أو باللوحات المعدة مسبقاً لتعليقها خلف نوافذ السيارة". هذا وصف دقيق لعمليات يومية وليلية تجري في شوارعنا.. ولا غضاضة في كشفها أمام الرأي العام.. لاتخاذ الحلول المناسبة للتعامل معها.. الكاتب أو الكاتبة ليس مصلحا اجتماعيا بقدر ما هو عين وقلب يرصد بذكاء ما يعانيه المجتمع وما يدور فيه بخيره وشره ويترك الباقي للمصلحين.
- لا شك أن اللغة التي كتبت بها الرواية قوية وسلسة وممتعة وتحمل رسائل كثيرة لعل من أهمها الاختلاف الثقافي والاجتماعي بين بعض مناطق المملكة ولا سيما حول ما هو مقبول وغير مقبول في العلاقات العامة بين الرجل والمرأة. وتطالب الرواية الشباب بتكوين شخصية مستقلة في اتخاذ قرارات زواجهم بمن يحبون بغض النظر عن بعض العادات والتقاليد، كزواج الشاب بمن سبق لها الزواج قبله، ومسألة الطبقية، والفوارق الاجتماعية والمالية.
- إنني أعتبر هذه الرواية محاولة من الكاتبة لإيقاف الشباب والفتيات على حد سواء.. على وضع اجتماعي معين، وعلى مصير كل علاقة غير مدروسة. وذلك بأسلوب رومانسي حالم، مليء بالحزن والشجن والدموع وسهر الليل وشيء من شعر وبعض من موسيقى.
- ولقد تساءلت كما تساءل الزميل الأستاذ عبدالله بن بخيت كيف لكاتبة صغيرة في السن تدرك ثقافة الستينات بشعرائها
وفنانيها ومبدعيها مثل يوسف وهبي وماري منيب، ويوسف السباعي وأغاني طلال مداح "أحبك لو تكون هاجر" والتي رقصت عليها سديم في زواج من أحبته من غيرها وهو فراس. انظر إبداع رجاء ص257 حيث تقول: "تصل الكلمات الرقيقة واللحن الشجي إلى قلب سديم مباشرة تحتل صورة فراس عقلها وتشعر بانفصالها عن كل ما حولها وهي ترقص رقصة المذبوح على تلك الكلمات:
أحبك كلمة معناها حياتي وروحي في يدك
يهون عليك تنساها وأنا صابر على غلبك
راح أمش معاك للآخر
صحيح أن لغة الروائية السردية، ربما جعلت هذا العمل بسيطا في بنيانه الفني وتقليل لهفة متابعة الصراع الدرامي داخل النص وقربها من السوالف والفضفضة بلغة جميلة قوية، وكذلك إقحام المقدمات على متن النص مما يفصل القارئ عن الحدث بشكل مستمر كلي يعود إليه في بداية كل مشهد، إلا أن هذا العمل صادق ونابع من التجربة المرة والمعاناة، وهذا سر نجاح بنات الرياض ذلك أنه عمل إنساني.. والكاتبة طالبت في نهاية الرواية بوضوح بقولها: ص318 "إنها مجرد تأريخ لجنون فتاة في بداية العشرينات ولن أقبل إخضاعها لقيود العمل الروائي الرزين أو إلباسها ثوبا يبديها أكبر مما هي عليه، أريد أن أنشرها كما هي بلا تنقيح، سمك لبن تمر هندي.. إلخ"، كثّر خيرك يا رجاء، كان الهدف من الرواية تشخيص حالة تمر بها الفتاة السعودية كنموذج لمتغيرات، وظروف اجتماعية واقتصادية وخطاب ثقافي جديد يتناغم مع مفهوم القرية الكونية، والاتصال بين شعوب الأرض الذي سوف يؤثر فينا سواء شئنا أم أبينا، ولست هنا بصدد إعطاء رأيي في معالجة ما يحدث.
إنني بصدد رواية جميلة تستحق القراءة وتجربة واضحة لكل الشباب بخيرها وشرها.
إذا كان هذا العمل الأول لرجاء بنت العشرينات، ماذا ستصل إليه بعد عشرين سنة إذا استمرت، تصوير دقيق أشبه ما يكون بالكاميرا السينمائية تحت إدارة مخرج مثقف حساس لا يفوته شيء مما يحدث أمام الكاميرا مضيفا إليه عبق المكان وتاريخ الزمان، هذه الرواية تمثل أهل الحجاز، والوسطى والشرقية حيث الكثافة السكانية وإمكانات المدن الحضرية بكل وهجها وضجيجها.
أعتقد أن رجاء الصانع تريد أن تقدم خدمة إنسانية لكل من يعاني من حب وعواطف، وأشواق ولهفة على الزواج بمن يحب بأن يضع خطة محكمة لبلوغه هدفه كما فعلت لميس الجداوية الذكية في التعامل مع عواطفها بعدم الانسياق وراء وعود الشباب الكاذبة، ومطالبة العاشق بالتوجه لخطبتها من أهلها قبل أن يفاجئها بتغيير وجهة نظره لأنها سلمته مفاتيح "الحب" دون مقابل شرعي.
أليست هذه رسالة الرواية، أظن ذلك، ولا أعتقد أن هناك فضائح بالمفهوم الشرعي فإحدى البنات سلمت نفسها لمن تحب بعد عقد القران (وهو حق شرعي) لكنه قبل حفل الزواج . وهنا تصطدم العادات والتقاليد بالمستجدات ويحدث ما لا تحمد عقباه.
لا أدري لماذا الهجوم على الرواية، والهجوم على طاش والهجوم على كل عمل محلي غير وعظي، أليس لدينا مشاكل كالآخرين؟ ألسنا بشراً نخطئ كغيرنا؟ لماذا ندعي الكمال والكمال لله وحده؟.
في هذا المقال لم أعتن إلا بمضمون الرواية الجميل والمحزن لبناتنا ورسالة إنسانية لشبابنا بألا يفعلوا هذه الأفاعيل ببنات وطنهم وأخواتهم في الإنسانية، ما أسوأ أن يكون الرجل عقبة في سعادة امرأة وعدها ولم ينفذ وهو المحب.
تحية للكاتبة المبدعة رجاء الصانع وأهنئك على هذه الشجاعة في المكاشفة، والأعمال المبدعة التي يخلدها الناس لا بد أن تكون مثار جدل واختلاف، فهنيئا لك على هذا النجاح متمنيا الاستمرار لكاتبة ولدت بين ظهرانينا مملوءة بكل الصدق والشفافية.
إن منع نشر الرواية مؤكد سوف يكسبها رواجا فلا تقلقي، أكد لنا الدكتور القصيبي هذه الحقيقة، ولقد أحسست منذ بدء القراءة أنني أمام عمل أثار الكثير من هذا الجدل ووجدته يستحق كل هذا العناء، خمس عشرة ساعة لم أتوقف عن قراءتها حتى النهاية بالنسبة لي، رواية مبدعة مشوقة وصادقة.
*أكاديمي متخصص في الحكم المحلي
مشاركة: بناااااات الرياض1
بنات الرياض
عبدالمحسن محمد الرشود*
قرأت "بنات الرياض" خلال خمس عشرة ساعة متواصلة لأنها كانت مشوقة، وبها أسرار بنات الرياض خلال الست السنوات الأخيرة كما فهمت. وتعرفت من خلالها على كثير من تقنيات الغزل الجديدة التي لم نعرفها من ذي قبل بما في ذلك الإنترنت والجوال، والبلوتوث، ولقاءات السفر "المملوءة بالحرية الكاملة". كما أدركت أن الفتاة السعودية وبالذات التي تعيش في المدن الصاخبة كالرياض أصبحت مملوءة بالذكاء والإحساس المفرط. "واللكاعة" التي كانت مفقودة في بنات جيلنا أيام بداية الطفرة. ومما تعلمته في هذه الرواية عقلية البنت المعاصرة وكيفية إثارتها والاستحواذ على عواطفها، وما تحب، وما لا تحب، والكلام المرتب الذي يقال عبر الهاتف، والمعاناة الكبرى المحزنة التي تحيق بها عندما تصطدم بسقوط فارس أحلامها من عينها.
هذا العمل الأدبي الجميل يفيد أي شاب يريد أن يتعرف على مرتكزات الفكر النسوي العاطفي المعاصر أو يريد الزواج ويتعرف على الآليات الفنية للحصول على إعجاب الفتاة الإنترنتية. هو بمثابة دليل عاطفي اجتماعي إلى الطريق دون خسائر عاطفية كبيرة. كما أنه يشي بالأشياء التي تفكر بها فتيات هذا الجيل، من طرق تعارف، وأسلوب محادثة، وأناقة، وعطور وإكسسوارات، ومكان اللقاءات. والنتائج التي سوف تحيق بمن يدخل إلى هذا العالم "الساحر المسحور" كما يقول الدكتور غازي القصيبي.
- هذا العمل الأدبي - سمه ما شئت - يصحبك دونما عناء بل ببهجة متناهية إلى حيث لا تدري ولن تدري بل إلى حيث تدري كاتبته الجريئة، والفنانة رجاء عبدالله الصانع..
- ضحكت كثيرا مع أسلوبها الساخر، لكنني حزنت كثيرا على سديم وميشيل "مشاعل" وقمرة لسوء حظهن في علاقاتهن العاطفية المشبوبة وفرحت كثيراً لحسن حظ لميس في زواجها من حبها الأول.
- الجميل في هذه الرواية أنها تعبر عن آلام المرأة في نكساتها مع الرجل.. وإذا كان من حق الرجل أو العاشق أن يتألم ويشكو ويعاتب في شعره ورواياته وقصصه مثل قيس، وكثير، وجميل، ونزار وحسين سرحان ومعظم شعراء العصر الأموي والعباسي، وعصر النهضة مثل إبراهيم ناجي، وأحمد رامي ومعظم شعراء النبط، وكتاب الكلمة الغنائية.. إذا كان من حق الرجل أن يتظلم ويشكو الهجر والخيانة.. فإن رجاء الصانع عبرت عن هموم وأوجاع ومعاناة وإحباطات بنات جيلها واصطدامهن برجال غير قادرين على تنفيذ ما وعدوهن به من ارتباط واستقرار..
- وأتفق مع الأستاذ الزميل عبدالله بن بخيت في أن الرواية ليست فضائح بمعنى الفضائح.. فالبنات الأربع في النهاية يردن الزواج والاستقرار.. وإن حدثت أخطاء فهي موجودة ولا تصور جميع بنات الرياض بهذا السوء من الحظ وقلة النصيب.. والخطأ الإنساني موجود قدم الإنسانية ذاتها ولن يتوقف وتلكم هي الطبيعة البشرية التي لا تصل لحد الكمال..
- أجمل ما في الرواية أيضا الإحساس المفعم بالعاطفة الجياشة لدى رجاء.. في سياق سردها عن معاناة صديقاتها حد الحزن.. وإبداعها في وصف ما يحدث في شوارعنا في الرياض تقول في ص 23-24 "تولت ميشيل التي تحمل رخصة قيادة دولية قيادة جيب الإكس فايف ذي النوافذ المعتمة كليا والذي تدبرت استئجاره من أحد معارض تأجير السيارات باسم السائق الحبشي. اتخذت لميس مكانها إلى جانب ميشيل بينما تراصت بقية الفتيات وهن خمس في المقاعد الخلفية وارتفع صوت المسجل مصحوبا بغناء الفتيات ورقصهن. كان محل القهوة الشهير في شارع التحلية أول محطة توقفن عندها، ومن الزجاج المظلل أدرك الشبان بفراستهم أن في الإكس فايف صيدا ثمينا فأحاطوا به من كل جانب، بدأ الموكب يسير نحو المجمع التجاري الكبير في شارع العليا والذي كان محطتهم الثانية. دونت الفتيات ما ينشر لهن من أرقام الهواتف التي جاد بها الشباب. إما بترديد المميز فيها أو باللوحات المعدة مسبقاً لتعليقها خلف نوافذ السيارة". هذا وصف دقيق لعمليات يومية وليلية تجري في شوارعنا.. ولا غضاضة في كشفها أمام الرأي العام.. لاتخاذ الحلول المناسبة للتعامل معها.. الكاتب أو الكاتبة ليس مصلحا اجتماعيا بقدر ما هو عين وقلب يرصد بذكاء ما يعانيه المجتمع وما يدور فيه بخيره وشره ويترك الباقي للمصلحين.
- لا شك أن اللغة التي كتبت بها الرواية قوية وسلسة وممتعة وتحمل رسائل كثيرة لعل من أهمها الاختلاف الثقافي والاجتماعي بين بعض مناطق المملكة ولا سيما حول ما هو مقبول وغير مقبول في العلاقات العامة بين الرجل والمرأة. وتطالب الرواية الشباب بتكوين شخصية مستقلة في اتخاذ قرارات زواجهم بمن يحبون بغض النظر عن بعض العادات والتقاليد، كزواج الشاب بمن سبق لها الزواج قبله، ومسألة الطبقية، والفوارق الاجتماعية والمالية.
- إنني أعتبر هذه الرواية محاولة من الكاتبة لإيقاف الشباب والفتيات على حد سواء.. على وضع اجتماعي معين، وعلى مصير كل علاقة غير مدروسة. وذلك بأسلوب رومانسي حالم، مليء بالحزن والشجن والدموع وسهر الليل وشيء من شعر وبعض من موسيقى.
- ولقد تساءلت كما تساءل الزميل الأستاذ عبدالله بن بخيت كيف لكاتبة صغيرة في السن تدرك ثقافة الستينات بشعرائها
وفنانيها ومبدعيها مثل يوسف وهبي وماري منيب، ويوسف السباعي وأغاني طلال مداح "أحبك لو تكون هاجر" والتي رقصت عليها سديم في زواج من أحبته من غيرها وهو فراس. انظر إبداع رجاء ص257 حيث تقول: "تصل الكلمات الرقيقة واللحن الشجي إلى قلب سديم مباشرة تحتل صورة فراس عقلها وتشعر بانفصالها عن كل ما حولها وهي ترقص رقصة المذبوح على تلك الكلمات:
أحبك كلمة معناها حياتي وروحي في يدك
يهون عليك تنساها وأنا صابر على غلبك
راح أمش معاك للآخر
صحيح أن لغة الروائية السردية، ربما جعلت هذا العمل بسيطا في بنيانه الفني وتقليل لهفة متابعة الصراع الدرامي داخل النص وقربها من السوالف والفضفضة بلغة جميلة قوية، وكذلك إقحام المقدمات على متن النص مما يفصل القارئ عن الحدث بشكل مستمر كلي يعود إليه في بداية كل مشهد، إلا أن هذا العمل صادق ونابع من التجربة المرة والمعاناة، وهذا سر نجاح بنات الرياض ذلك أنه عمل إنساني.. والكاتبة طالبت في نهاية الرواية بوضوح بقولها: ص318 "إنها مجرد تأريخ لجنون فتاة في بداية العشرينات ولن أقبل إخضاعها لقيود العمل الروائي الرزين أو إلباسها ثوبا يبديها أكبر مما هي عليه، أريد أن أنشرها كما هي بلا تنقيح، سمك لبن تمر هندي.. إلخ"، كثّر خيرك يا رجاء، كان الهدف من الرواية تشخيص حالة تمر بها الفتاة السعودية كنموذج لمتغيرات، وظروف اجتماعية واقتصادية وخطاب ثقافي جديد يتناغم مع مفهوم القرية الكونية، والاتصال بين شعوب الأرض الذي سوف يؤثر فينا سواء شئنا أم أبينا، ولست هنا بصدد إعطاء رأيي في معالجة ما يحدث.
إنني بصدد رواية جميلة تستحق القراءة وتجربة واضحة لكل الشباب بخيرها وشرها.
إذا كان هذا العمل الأول لرجاء بنت العشرينات، ماذا ستصل إليه بعد عشرين سنة إذا استمرت، تصوير دقيق أشبه ما يكون بالكاميرا السينمائية تحت إدارة مخرج مثقف حساس لا يفوته شيء مما يحدث أمام الكاميرا مضيفا إليه عبق المكان وتاريخ الزمان، هذه الرواية تمثل أهل الحجاز، والوسطى والشرقية حيث الكثافة السكانية وإمكانات المدن الحضرية بكل وهجها وضجيجها.
أعتقد أن رجاء الصانع تريد أن تقدم خدمة إنسانية لكل من يعاني من حب وعواطف، وأشواق ولهفة على الزواج بمن يحب بأن يضع خطة محكمة لبلوغه هدفه كما فعلت لميس الجداوية الذكية في التعامل مع عواطفها بعدم الانسياق وراء وعود الشباب الكاذبة، ومطالبة العاشق بالتوجه لخطبتها من أهلها قبل أن يفاجئها بتغيير وجهة نظره لأنها سلمته مفاتيح "الحب" دون مقابل شرعي.
أليست هذه رسالة الرواية، أظن ذلك، ولا أعتقد أن هناك فضائح بالمفهوم الشرعي فإحدى البنات سلمت نفسها لمن تحب بعد عقد القران (وهو حق شرعي) لكنه قبل حفل الزواج . وهنا تصطدم العادات والتقاليد بالمستجدات ويحدث ما لا تحمد عقباه.
لا أدري لماذا الهجوم على الرواية، والهجوم على طاش والهجوم على كل عمل محلي غير وعظي، أليس لدينا مشاكل كالآخرين؟ ألسنا بشراً نخطئ كغيرنا؟ لماذا ندعي الكمال والكمال لله وحده؟.
في هذا المقال لم أعتن إلا بمضمون الرواية الجميل والمحزن لبناتنا ورسالة إنسانية لشبابنا بألا يفعلوا هذه الأفاعيل ببنات وطنهم وأخواتهم في الإنسانية، ما أسوأ أن يكون الرجل عقبة في سعادة امرأة وعدها ولم ينفذ وهو المحب.
تحية للكاتبة المبدعة رجاء الصانع وأهنئك على هذه الشجاعة في المكاشفة، والأعمال المبدعة التي يخلدها الناس لا بد أن تكون مثار جدل واختلاف، فهنيئا لك على هذا النجاح متمنيا الاستمرار لكاتبة ولدت بين ظهرانينا مملوءة بكل الصدق والشفافية.
إن منع نشر الرواية مؤكد سوف يكسبها رواجا فلا تقلقي، أكد لنا الدكتور القصيبي هذه الحقيقة، ولقد أحسست منذ بدء القراءة أنني أمام عمل أثار الكثير من هذا الجدل ووجدته يستحق كل هذا العناء، خمس عشرة ساعة لم أتوقف عن قراءتها حتى النهاية بالنسبة لي، رواية مبدعة مشوقة وصادقة.
*أكاديمي متخصص في الحكم المحلي
مشاركة: بناااااات الرياض1
بسم الله الرحمن الرحيم لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم صدق الله العضيم