فقه المقاصد والنيات(الجزء الثاني من الفقه في الدين)
شمولية الفقه :-
ليس الفقه شيئاً واحداً بل هو متنوع شامل فمن ذلك فقه المقاصد والنيات ، وفقه الموازنات والأوليات ، وفقه الاختلاف ، وفقه سماحة الإسلام ويسره ، وفقه الواقع ، وفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفقه الدعوة ، وفقه الثوابت والمتغيرات .. وغير ذلك .
وسأشير في هذا البحث المختصر إلى المقصود بيانه من كل نوع من هذه الأنواع بشيء من الإيجاز والإيضاح :-
1- فقه المقاصد والنيات :- والمقصود بهذا الفقه مراعاة قصد المتكلم ونيته قبل الحكم عليه ، وبيان أثر النية والقصد عند التعامل مع الآخرين ويشمل ذلك قواعد عدة منها :-
1- مقاصد اللفظ على نية اللافظ إلا في موضع واحد وهو الحلف فإنه على نية المستحلف ، وفي هذا المعنى يقول ابن القيم : (( وإياك أن تهمل قصد المتكلم ونيته وعرفه فتجني عليه وعلى الشريعة وتنسب إليها ما هي بريئة منه ، وتلزم الحالف والمقر والناذر والعاقد ما لم يلزمه الله ورسوله به )).
ويدخل في هذه القاعدة في باب التطبيق والتعامل مع الآخرين أن المسلم الورع ينقل ما يصدر عن الآخرين من عبارات ومقولات كما صدرت دون تعرض للمعنى ويعلل ذلك ابن الوزير بأن حكاية كلام الخصوم بالمعنى فيه ظلم لهم لأن الخصم اختار لفظاً وعبارة ارتضاها لبيان مقصده .
ويدخل في ذلك عدم اتهام النيات إذ اللفظ على نية اللافظ ، ومن قواعد الإسلام أن القلوب علمها عند الله وعلى الناس ألا يأخذوا إلا بالظاهر والله يتولى السرائر .
والأصل في ذلك أحاديث عدة منها :-
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ))
- قوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي سعيد الخدري في ذكر أوصاف الخوارج
وقول خالد رضي الله عنه : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني لم أؤمر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق عن بطونهم )) وغير ذلك .
القاعدة الثانية : يغتفر في الوسائل مالا يغتفر في المقاصد ؛ وتعني هذه القاعدة أن حكم الوسيلة إلى الشيء يختلف عن حكم الغاية والمقصد - ولا يعني ذلك المقولة المشهورة المرذولة الغاية تبرر الوسيلة - بل الأمر عند المسلم يختلف فوسيلته وغايته شرعيتان ويمكن التمثيل لهذه القاعدة بقول النبيصلى الله عليه وسلم: (( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيراً أو ينمي خيراً )) فالكذب لإصلاح ذات البين جائز ، إذ هو وسيلة لمقصد عظيم وهو الإصلاح بين الناس مع أن الكذب في أصله غير جائز .
وخلاصة هذه القاعدة أنه لا بد من التفريق بين الأحكام المتعلقة بالوسائل والأحكام المتعلقة بالمقاصد ؛ وهذه القاعدة لها تعلق عند التطبيق بحسن الظن بالمسلمين وحمل ما يصدر عنهم على المحمل الحسن سيما إذا كان من أهل الخير والصلاح ويمكن التمثيل لهذه القضية بقصة حاطب بن أبي بلتعة في كتابته لكفار قريش .
القاعدة الثالثة : الحكم مترتب على القصد . ويقصد بهذه القاعدة أن من عمل عملاً ولم ينوه أو يقصده لعارض كالنوم أو النسيان أو الخطأ فإن هذا العمل لا يترتب عليه من الآثار والأحكام ما يترتب على من قصد العمل وأراده ، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )).
والغرض من تأصيل هذا الفقه بيان المنهج الشرعي في التعامل مع ما يصدر من أهل العلم والفضل مما ظاهرة الزلل والخطأ والتفريق بين المتعمد لذلك وبين من لم يقصد الخطأ
إلى اللقاء في :
الجزء الثالث..... ( فقه أدب الخلاف)
مشاركة: فقه المقاصد والنيات(الجزء الثاني من الفقه في الدين)
دعبدالرحمن علوش
افتقدناك في المنتدى وفتقدنا مواضيعك القيمة والمميزة
وجزاك الله كل خير على هذا الموضوع
جعله الله في ميزان حسناتك .. امين
مشاركة: فقه المقاصد والنيات(الجزء الثاني من الفقه في الدين)
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دعبدالرحمن علوش
ويدخل في ذلك عدم اتهام النيات إذ اللفظ على نية اللافظ ، ومن قواعد الإسلام أن القلوب علمها عند الله وعلى الناس ألا يأخذوا إلا بالظاهر والله يتولى السرائر .
والأصل في ذلك أحاديث عدة منها :-
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ))
سبحان الله
وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى
كفانا بذلك فهما ووعيا .
أستاذنا الحبيب
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
مشاركة: فقه المقاصد والنيات(الجزء الثاني من الفقه في الدين)
جزاك الله خير شيخنا الفاضل