مشاركة: تحليل الشخصية اليهودية
5 ـ تحليل الشخصية اليهودية : لو راجعنا توضيحات فرويد واشاراته الصريحة للبارانويا اليهودية منذ ادعاء كون اليهود الشعب المختار للاله لوجدنا أن اليهود لم يكونوا بحاجة إلى النازي كي يتحولوا الى البارانويا (جنون العظمة). وعليه فان الاسر النازي لم يفعل سوى إيقاظ البارانويا اليهودية الكامنة والمكبوتة في ذل الشتات اليهودي والمقنعة بمظاهر الخنوع. ومع أننا لا ننكر آلية التوحد بالمعتدي التي ركز عليها أستاذ الأساتذة العرب ـ مصطفى زيور ـ الا أننا نريد التذكير بأن تكرار المذابح اليهودية عبر التاريخ لم يكن من قبيل الصدفة. وهذا يردنا إلى مقولة روهايم: ينبغي أن يكون للطابع القومي كينونة ثابتة عبر الأجيال ترتكز على تكرار نفس الموقف الطفلي.حيث يمكننا اعتبار تكرار المذابح اليهودية مرتبطاً بهذا الموقف الطفلي. وهو الموقف المعتاد لمريض البارانويا حيث يجيد البدء مـن موقف الخنوع ثم يعمد إلى تعزيز موقعه تدريجياً حتى يصـل إلى الموقـع الذي يتلاءم مع تصوره المرضي. واجتياز هذه المراحل لايمكنه أن يتم بدون تسخير كل أساليب الخداع الممكنة. لكن اليهودي يصر على الاستمرار في هذا الموقع المغتصب وهو يملك إيمان مرضى البارانويا بأن هذا الموقع هو حق من حقوقه فلا يتراجع عنه. لأن البارانويا تمنعه من مراجعة أساليبه الخاطئة بصورة موضوعية. ومن هنا إصراره على الموقع وعدم ملكيته لمرونة التراجع عند الحاجة فينتهي الأمر بذبحه. وسنعرض بالتفصيل للنمط السلوكي اليهودي، المفسر لتكرار المذابح اليهودية عبر التاريخ ، في الفصول اللاحقة(5). غاية القول أن التوحد بالنازي ليس سوى حلقة من حلقات البارانويا اليهودية. وبذلك يشهد التاريخ اليهودي. وعليه فاني اسمح لنفسي بمعارضة زيور في نقطة ثانية من تحليله فهو يقول ما نصه: " … لست أزعم أن الاسرائيليين هم طغمة من مرضى النفس ان مثل هذا القول تنبو عنه الأمانة العلمية، ويعتبر انزلاقاً وراء التحقيق الوهمي للرغبات ". من جهتنا فاننا نتبنى هذا الزعم لأنه حقيقة نربأ بها عن أن تكون تحقيقاً وهمياً للرغبات. ولهذه الحقيقة أسانيدها التي لا تقبل الضحد. لذلك آثرنا عرض بعضها قبل أن نعرض لتحليلنا الشخصي للذات اليهودية. ومن هذه الأسانيد نذكر التالية:
أ ـ تشير دراسة الباحث اليهودي (هالفي) التي يذكرها زيور إلى ارتفاع نسب الإصابة بالشيزوفرانيا (الفصام) بين اليهود وسكان الكيبوتزات منهم بشكل خاص. وان كنا لا نؤمن بأن لمكان السكن علاقة بهذا المرض.
ب ـ تشير دراسة الباحث " كينيون "(6) الى ان اليهود هم الأكثر عرضة الاصابة بهجاس المرض(الهايبوكوندريا الذي يستند الى اضطراب شخصية من نوع البارانويا).
ج ـ إن المراجعة التاريخية للمذابح اليهودية تبين ان الجمهور المتأذي من اليهود هو الذي يشجع على المذبحة. بل انه غالباً ما ينفذها بيده على غرار ماسمي بـ" ليلة الكريستال".
د ـ إن انغلاق اليهـود فـي حاراتهم على مدى العصور هو عنصر تشخيصي من الدرجة الاولى لتصنيفهم في خانة البارانويا(7).
هـ ـ إن قدرة اليهودي على خيانة البلد الذي يحتضنه ويعطيه جنسيته ومواطنيته لصالح اسرائيل لهي دليل على فقدان اليهودي للحس الاجتماعي والاخلاقي(8).
وـ إن رغبة اليهودي في الخلاص من الحماية الخانقة للغيتو هو الذي دفع، ويدفع، بعشرات الملايين من اليهود للذوبان في المجتمعات الاخرى. فبدون هذه الرغبة بالخلاص لكان عدد اليهود المعاصرين عشرات أضعاف عددهم الراهن(9).
ز ـ ان احتقار الأغيار(الشعوب غير اليهودية) هو من التعاليم التلمودية الأساسية غير القابلة للنكران أو التمويه(10).
ح ـ إن المبدأ الاساسي للعلاج السلوكي ـ المعرفي يركز على الأزمات التي يتعرض لها الشخص تكراراً لاعتباره أن لهذا التكرار سبب ما كامن في الشخص نفسه وليس في الاخرين. فهل نطبق هذا المبدأ على الشخصية اليهودية؟(11). ونكتفي بهذا القدر من الأسانيد لننتقل إلى عرض تحليلنا لنمط التربية اليهودية من وجهة تحليلية.
6 ـ نمط التربية اليهودية وتحليله.(12) : يعيش الطفل اليهودي أجواء اسرية مليئة بالأساطير والبطولات والتراث المتعالي على الآخر. لكنه وعندما يخرج من الأجواء السامية يجد نفسه محتقراً على عكس إيحاءات التفوق التي امده بها الغيتو. وهذا التناقض يولد نوعاً من التمرد النرجسي الذي يدفع بالطفل ، لاحقاً البالغ، اليهودي الى خوض المنافسات العنيفة اثباتا لذاته وانتصارا لايحاءات تربيته. في هذه المنافسات (الصراعات) ينظر اليهودي الى اليهود الآخرين بوصفهم شركاء في المعاناة. وتمكن ملاحظة هذه القدرة التنافسية لدى أطفال اليهود من خلال المنافسة الدراسية. التي تتحول الى ميدان للصراع ولاثبات الذات لدى الأطفال اليهـود. وذلك بحيث تحولت المدارس اليهودية ـ الاليانس مثلاً والجامعات ـ مثلا هارفرد ـ الى رمز للتفوق الدراسي 0 ولو نحن قرأنا هذه المنافسة على ضوء التحليل النفسي لتبين لنا أن الطفل اليهودي الذليل في المجتمع يحاول الدفاع عن " هوية الانا " لديه. وهو لا يجد، ولا يقبل وفق تربيته، دفاعاً محايداً عن هذه الهوية. لذلك فهو ينخرط في هجوم عدواني مقنع (مستتر) على المجتمع الذي يحتقره. واستناداً الى التراث اليهودي (الذي ربي الطفل على أساسه) فان أقصر السبل وأهونها هو جمع قدر أكبر من المال. إذ أن للمال سلطة موازية تمكن صاحبه من اختراق سلطة المجتمع. أما بالنسبة للطفل فان العلامات الدراسية هي بديل المال وهي المساعدة له للحصول على الاعتراف وبالتالي للتمرد على الاحتقار. وسواء تعلق الأمر بالمال أو ببدائله الرمزية فان اليهود يسلكون سلوك جمع المال بغض النظر عن اسلوب هذا الجمع وعن اخلاقية هذا الاسلوب. تدعمهم في ذلك اسطورة دينية تقول بأن كل أموال الارض هي ملك لليهود. فاذا ما خرج بعض اليهود على قاعدة تجميع الأموال فهم يفعلون ذلك لتحقيق سيطرة وسلطة بديلة عن سلطة المال. على هذا الاساس يمكننا الاستنتاج بأن محركات الطموح اليهودي هي محركات عصابية واضحة. وهذا ما تمكن ملاحظته عند فرويد ذاته.
7 ـ الأساطير المحددة لشخصيةاليهودي : يمثل الايمان اليهودي عنصر الارتباط الوحيد بين اليهود المعاصرين. وذلك بغض النظر عما اذا كان هذا الايمان يقتصـر على التبرع لاسرائيل (بوصفها تجمع شعب الله المختار) ام كان يصل الى حدود التمسك المتشدد بتعاليم التلمود. فاذا كان البعض لا يستسيغ مصطلح الايمان بحجة وجود ملحدين يهود فلا بأس من استخدام مصطلح التراث اليهودي كبديل. حيث نجد غلاة المتشددين يعترفون بفضل اليهود العلمانيين والملحدين في دعم اسرائيل خلال أزمتها في حرب يوم الغفران. وأقله نجد قبولهم تهويد كل من ولد لأم يهودية مهما يكـن ماضيـه وممارساتـه السابقة. واذا كنا نتناول الموضوع من وجهة تحليلية فان علينا الا نهمل مسألة الموت وهو منبع القلق الأساسي للانسانيـة. ولا شك بأن الاعتقاد بالانتماء الى الشعب المختار من قبل الرب يعطي شعوراً بالأمان تجاه قلق الموت. وذلك بغض النظر عن مستوى وعي الشخص لمثل هذا الشعور. وعليه فان التعاليم اليهودية هي المحدد الرئيسي للاطر العامة للشخصية اليهودية. خصوصاً وان اليهودية هي ديانة تحدد بدقة اطر الحياة اليومية لمعتنقها وتضع القواعد الصارمة للسلوك اليومي للمؤمن. ولنبدأ بمقطع من سفرالخروج (التوراة) وفيه:" وعندما ترحل لن تكون فارغ اليدين* بل ان كل امرأة سوف تقترض من جارتها* ومن تلك التي تقيم في بيتها جواهر من الفضة وجواهر من الذهب وأثوابا* وسوف تضعها على اجساد ابنائك وبناتك* ولسوف تسلب المصريين*(سفر الخروج22:403 ). وهذا المقطع يعكس سمة من السمات الرئيسية للشخصية اليهودية حيث تبرز نزعة التخصيص بحيث يكون اليهودي مسؤولاً أمام الاله عن الاذى الذي يلحقه باليهود الآخرين. لكن بامكانه أن يغش أو يسرق أو حتى يقتل غير اليهود دون أن يكون مسؤولا أمام الرب ودون أن يعتبر ذلك انتهاكا لتعاليم الدين. وتترجم اسرائيل ذلك عمليا بتأمينها اللجوء والحماية لليهود الفارين من وجه العدالة في الدول الاخرى بما فيها الولايات المتحدة نفسها. لكن النزعة اليهوديةالتخصيصية تتبدى بوضوح اكبر في التلمود الذي كتبه احبار اليهود ليجعلوه دستور الحياة اليومية لليهود. ففي التلمود نجد النزعة المادية ـ النفعية اكثر بروزاً ووضوحاً ومنه نقتطف مثلاً: يكرم الفقير لمهارته والغني لثروته… الذهب والفضة يمكنان القدم من الثبات … الثروة والقوة يفرحان القلب… الموت افضل من التسول … سبع صفات تلائم الأخيار ومنها الثروة … حين يقوم الانسان بالصلاة عليه ان يتوجه في صلاته لصاحب الثروة والممتلكات لانهما لا يتأتيا من العمل وانما من الفضيلة … ان الخيرين يحبون اموالهم اكثر من أجسادهم … في وقت الشدة يتعلم الانسان قيمة الثروة… واستنادا الى التوراة يقول نوبسنر (استاذ اللاهوت اليهودي في جامعة بارد الاميركية) بأن المملكة التي تهم اليهودي ليست قائمة في السماء ولكنها تلك التي نتواجد فيها الآن. والتي تتطلب حفظ الحياة وتقديسها وتقديس حياة البيت والعائلة. انها الحياة القائمة في الحاضر. انها الهنا والآن في حياة الجماعة والمجتمع… لذلك فان اليهود لم يكونوا يوماً قديسين جائعين أو متقشفين لا يغتسلون ، انهم يقبلون على طيبات الحياة بحماس… من جهته يعتبر ماكس فيبر ان موقف اليهود من فكرة العالم الآخر هوالذي حولهم للاقبال على عالم المال والاعمال وصرفهم عن ركوب موجات الزهد. مما حولهم الى أقلية متخصصة في التجارة والربا والصيرفة (ثم لاحقاً في البورصات). وهذا النمط الفكري ـ الحياتي اعطى لليهود خصوصية تأسست عليها طبقة اجتماعية ـ وظيفية منسجمة مع وعي اليهودي لخصوصيته الدينية. وهذا ما جعل اليهود المعاصرين اعصياء على الذوبان في المجتمعات التي عاشوا فيها. ويرى العديد من الباحثين أن التعاليم اليهودية التي تمنع امتلاك الارض والعمل في الزراعة قد لعبت دورها في منع الانصهار اليهودي. ونعود الى نوبسنر الذي يقدم تفسيرا لسؤال محير يتعلق بالموقف اليهودي من مفهوم الدين اذ يقول:… اننا نعلم من التاريخ اليهودي بأنه عندما يتضارب الدين مع المصالح الاقتصادية فإن الغلبة تكون للمصالح وليس للدين. وهذا يقودنا لاكتشاف الدور الوظيفي للغيتو اذ انه كان ضرورة للمحافظة على هذه الطبقة التي شكلها اليهود بتقديمهم المادي على الحسي وبعدم استعدادهم للمخاطرة بمصالحهم اياً كانت الأسباب والظروف. حتى يمكن التأكيد على استحالة استمرارية اللاوعي اليهودي الجمعي بدون الغيتو. فاليه يرجع الفضل في حماية اليهود من تأثير العناصر الثقافية الخاصة بمجتمعات شتاتهم. وهذا ما يفسر اصرار اسرائيل على الاعتزال واصرار مجموعاتها على حاراتها الخاصة. كما انه يفسر خوف اليهودي العادي من السلام ومن الذوبان في المحيط. نهاية هل يمكن للتحليل النفسي أن يقدم لنا تفسيراً موجزاً لشخصية هذه ملامحها؟. وهل تبقى مقولة روهايم حول تكرار الموقف الطفولي ذات قيمة ودلالة؟. جوابنا هو نعم وباختصار فان اليهودي يجد "هوية الأنا" داخل الغيتو ويفقدها خارجه. فيلجأ للتمرد النرجسي ـ العدواني لمغالبة قلقة من تفكك "هوية الأنا".وذلك بحيث يصبح كل ما هو خارج الغيتو (وبالتالي كل ما هوغير يهودي) موضوعا سيئا ومهددا. ومحاربة اليهودي للمواضيع السيئة غير محدودة بأية حدود. فمسؤوليته أمام الاله تقتصر على الأذى الذي يلحقه باليهود وبالتالي فان هذه المسؤولية لا تمتد الى المواضيع السيئة كونها غير يهودية. كما أن جواز تقديم المصلحة على الدين يجعلنا نفهم استمرار قبول الملحدين، والمتحولين الى اديان اخرى، من اليهود. وهذا ما يبرز من جديد "نعمة الولادة اليهودية" ويجعلها القدسية شبه الوحيدة في الديانة اليهودية. أما عن السلوك السياسي للشخصية اليهودية وانعكاس هذه السمات على السياسة الاسرائيلية فنؤجله الى الفصول التالية.
هوامش ومراجع الفصل الأول :
1ـ سيغموند فرويد: الطوطم والمحرم صدر بالألمانية عام 1913 وترجمته منشرورات بايو الى الفرنسية عام 1965 وله عدة ترجمات عربية منها دار الطليعة العام 1983.
2ـ سيغموند فرويد: موسى والتوحيد تم نشره بالألمانية عام 1939 ثم ترجم الى عدة لغات ومنها العربي بطبعات مختلفة. ومنها طبعة دار الطليعة.
3ـ Roheim G: Psychoanalysis and Anthropology, Internationa University press, N Y, 1950
4ـ بناء على هذه الهشاشة وعدم القدرة على تحمل الاحباطات تقوم اسرائيل باعتداءات دورية غير ذات هذف محدد سوى دعم مشاعر القدرة على العدوان واثباتها.
5ـ انظر فصل سيكولوجية الخداع اليهودي على سبيل المثال.
6ـ مجموعة من الباحثين : بسيكولوجية الهيستيريا والوساوس المرضية، دار النهضة العربية – بيروت 1990 .
7ـ سيغموند فرويد: حالة الرئيس شريبر.
8ـ تندرج في هذا الاطار سلسلة طويلة من العمليات التجسسية التي قام بها يهود اميركيون لصالح اسرائيل. وبعضها كان شديد الوطأة على الولايات المتحدة.
9ـ عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، دار الشـروق، القاهرة، 199.
10ـ سنورد لاحقاً في هذا الفصل والفصول التالية بعضاً من المقاطع التلمودية التي تشير الى هذا الاحتقار.
11ـ يعتمد هذا المبدأ في كافة مذاهب العلاج المعرفي.
12ـ تمكن مراجعة مبادئ التربية في الغيتو اليهودي (بعض النظر عن البلد) والمنطلقات التلمودية المحددة لهذه التربية الهادفة الى ترسيخ بارانويا الاضطهاد و مشاعر العظمة المرضية.