• الهيستريا Hysteria :
الهستيريا مرض شائع وقديم ، وكلمة هستيريا Hysteria مشتقة من أصل يوناني Hystera ( هيسترا ) وتعنى الرحم ، حيث كان الاعتقاد السائد بأن هذا المرض يصيب النساء فقط ، بسبب تجول الرحم داخل جسم المرأة 0 وظل هذا الاعتقاد سائدا فترة طويلة من الزمن 0 وقد احتفظ الأطباء وعلماء النفس بالتسمية نفسها على الرغم من أنه يحدث عند الذكور والإناث على شكل اضطرابات حسية ، أو حركية 0 وفي الهستيريا تصاب مناطق الجسم التي يتحكم فيها الجهـاز العصبي المركــزي ( الا إردي ) مثل : الحواس وجهاز الحركة ، وهذا غير المرض النفسي الجسمي حيث تصاب الأعضاء التي يتحكم فيها الجهاز العصبي الذاتي ( اللاإرادي ) 0
• تعريف الهستيريا :
1ـ هي اضطراب عصابي تتطور من خلاله أعراض عضوية كالشلل أو فقدان البصر دون أن يكون لذلك أساس جسمي 0 ويشعر المصاب بهذا العصاب أنه بحاجة إلى حب الآخرين واهتمامهم ويبدو أن الهستيريا محاولة للهرب من صعوبة يبدو التغلب عليها أمراً صعباً للغاية 0
2ـ وتعرف تعريف الهستيريا أيضا : بأنها مرض نفسي عصابي تظهر فيه اضطرابات انفعالية مع خلل في أعصاب الحس و الحركة وهي عصاب تحولي تتحول فيه الانفعالات المزمنة إلى أعراض جسمية ليس لها أساس عضوي لغرض فيه مميزة للفـــرد أو هروبا من الصراع النفسي أو من القلق إن من موقف مؤلم بدون أن يدرك الدافع لذلك ، وعدم أدراك الدافع يميز مريض الهستيريا عن المتمارض الذي يظهر المرض لغرض محدد مفيد 0
3ـ وتعرف الهستيريا أيضا بأنها : مرض نفسى عصابى تظهر فيه اضطرابات انفعالية مع خلل فى أعصاب الحس والحركة وهى عصاب تحولى، تتحول فيه الانفعالات المزمنة إلى أعراض جسمية ، ليس له أساس عضوى ، لغرض فيه ميزة للفرد أو هروب من الصراع النفسى أو من القلق أو من موقف مؤلم بدون أن يدرك الدافع لذلك 0
والهستيريا شكلان رئيسيان :
الأول ــ يسمى الهستيريا التحولية Conversion hysteria ويتخذ شكل اضطرابات جسدية منتقلة 0 وهي مرض عصابي يشعر المريض به بآلام جسدية عديدة تنتقل من عضو إلى آخر في جسمه، كالشلل أو العمى أو فقد القدرة على النطق، بحيث تتعطل القدرة الوظيفية للعضو المصاب، على الرغم من أن هذا التعطيل ليس له أساس عضوي 0 والهستيريا في الحقيقة ما هي إلا حيلة عقلية لاشعورية يلجأ إليها المريض لتجنب موقف صعب المواجهة، فالطالب الذي يصاب بالعمى ليلة الامتحان يلجأ لاشعورياً إلى هذه الحيلة لتجنب دخول الامتحان ومن أكثر أعراض الهستيريا التحويلية انتشارا : الشلل Paralysis وفقدان الصوت Aphonia ، ونوبات الإغماء ، وفقدان حس الحركة Akinesthesia ، وضعف حاسة الشم Anosmia 0 والعمى الهستيري ، والصمم الهستيري 0وأقل الأعراض حدوثا هي تلك التي تظهر في الجهاز العصبي المستقل وإفرازات الغدد 0 ومن أكثر الأعراض حدوثا في الهستيريا التحويلية ، الحمل الكاذب Pseudocyesis
ومن الأعراض العقلية : اضطراب الوعي ، الطفليه الهستيرية ( السلوك أو التكلم كالأطفال ) 0 ومن الأعراض العامة : المرض عند بداية الدراسة ، وعند بداية الاختبارات وردود الفعل المبالغ فيها عند المواقف المختلفة 0
الثاني ــ الهستيريا الإنشقاقية أو التفككية : وتمتاز بالتفكك والشرود 0 ويمكن حدوثها بشكل مفاجئ على شكل تغيير آني ومفاجئ لوظيفة الشعور باعتباره منظما للخبرات الشخية ، فالشعور هو مستوى من الحياة النفسية ، يعني وعي الشخص بحوادثه النفسية واطلاعه على ما يمر به من حالات نفسية ، فهو بمثابة معرفة حدسية مباشرة من حالات اليقظة 0 والشعور من جهة أخرى هو منظومة للشخصية لأنه ينظم الخبرة الحسية للفرد 0
سؤال : كيف يقوم الشعور بوظيفته التنظيمية هذه ؟
جواب : يستعمل الشعور للدلالة على الساحة التي تقع ضمنها الخبرة الواقعية الحسية التي يمر بها الإنسان ، إننا نتصل بالعالم الخارجي بحواسنا التي تساعد في تكوين إدراكاتنا عن المحيط حولنا ، ومعرفته 0 فالشعور هنا بمثابة منظومة كاملة من العناصر المتفاعلة 0 فالمؤثرات الموجودة خارج الذات تتفاعل في هذه اللحظة مع ما هو موجود داخل الذات ، فعالم الأشياء والعالم الاجتماعي ( المحيط الخارجي ومؤثراته ) وأطرافا من عالمنا الداخلي ( عواطفنا وميولنا ومعارفنا ) تأتلف وتتفاعل كلها ضمن هذه المنظومة الشعورية في لحظة معينة لتكوين الخبرة الحسية الواقعية التي نعيشها 0 هنا لا يعود الإدراك مجرد إحاطة بالأحداث الخارجية ، بل يصبح الإدراك شعورنا بالموقف الذي نحن فيه ، والذي تفاعلت فيه مجموعة قوى 0 فقد تركبت المؤثرات القادمة إلينا عن طريق الحواس ومعرفتنا بها من جهة مع عواطفنا وقدراتنا العقلية واتجاهاتنا ومعارفنا من جهة أخرى 0 إن الساحة التي التقت فيها كل هذه المؤثرات من أجل تكوين خبراتنا الحسية الواقعية هي الشعور ، لذلك تصحح ساحة الشعور بعض النواقص في إدراكاتنا ، ونضفي صبغة المتعة أو الفرح أو الحزن أو الألم على مدركاتنا التي نعيشها في خبراتنا الحسية 0 هذه هي وظيفة الشعور باعتباره منظومة تكاملية لخبراتنا الحسية 0
فالاضطراب التفككي إنما هو خلل في هذه الوظيفة للشعور 0 إنه تغير يحدث في الشعور بحيث أن بعض الأحداث الشخصية الهامة لا يمكن استدعاؤها ، أو تنفصل عن منظومة الخبرة عند الفرد 0
• أنواع الهستيريا الإنشقاقية أو التفككية :
1ـ فقدان الذاكرة ( النفسية المنشأ ) Psychogenic Amnesia : وهي عدم قدرة الشخص على استدعاء المعلومات أو الخبرات الهامة الشخصية ، أو عدم قدرته على استرجاعها 0 وهذا الفقد لا يعود إلى أي اضطراب عقلي عضوي 0
• أنواع فقدان الذاكرة :
أ ـ فقدان ذاكرة خاص بمرحلة زمنية محددة : وهي عجز الفرد عن تذكر الأحداث المتعلقة بفترة زمنية محددة من حياته 0
ب ـ فقدان ذاكرة انتقائي : وهي العجز عن استدعاء وتذكر بعض الأحداث 0
ج ـ فقدان ذاكرة كلي : وهي عجز الفرد عن تذكر أي شيء في حياته حتى اسمه وعنوانه ومكان ولادته 0
2ـ التشرد أو التجوال Fugue : ويسميها البعض الضلال ، والتطواف التائه Wandering وفيه ينسى المصاب هويته لفترة من الزمن ويهرب من مكان إقامته وموطنه الأصلي إلى مكان آخر 0 فإذا ما انتبه فيه إلى نفسه سأل نفسه أين أنا ؟ وكيف وصلت إلى هذا المكان ؟ 0 وهروبه من مكان إقامته هو شكل من أشكال الهروف من الظرف القلق الذي يتضمنه ذلك المكان ، أما نسيانه للماضي فهو عملية كبت 0 وقد يكون هذا التشرد ساعات ، وقد يطول لسنوات ، وكثيرا ما يظهر في المكان الجديد غير مهتم بما كان عليه من قبل ، حتى يستفيق إلى ظرفه الجديد بتأثير مناسبة عارضة أو حادثة شديدة الأثر 0
3ـ السير أثناء النوم ( السرنمة ) Somnabulism : حيث أن المريض يسير في الليل وهو نائم دون أن يعي ما يفعل ولا يذكر في اليوم التالي ما فعله ليلا 0 وتكثر حالة السير أثناء النوم عند المراهقين ، وقد تحدث في الطفولة والرشد ، وهي تصيب الصبيان أكثر من الفتيات 0 وقد وجد ( جورجنس ) أن حوالي 5% من 1808 طالبا جامعيا مصابا بالسير أثناء النوم 0
وأثناء سير المريض وهو نائم قد يصاب بجروح يكون بعضها مميتا ، أو يصطدم بشيء ما ولذلك لا خطر من إيقاظ هذا الشخص بأسلوب هادئ 0 وقد بين بعض العلماء أن نسبة لا بأس بها من المصابين يعانون اضطرابات عضوية 0 إن عملية السير بالليل هي بمثابة هروب رمزي من الموقف المقلق وإشغال للفرد عن قلقه وهمومه ، فهي عصاب تحرضه أفكار قوية يحتجزها عن الشعور كبت يتحلل ويتفكك أثناء النوم ، فتجد تلك الأفكار لنفسها سبيلا إلى تحريض الفرد أو الهروب دون وعي لما يفعل 0 وتتميز شخصية هؤلاء المرضى بالفجاجة ، وتقبل الإيحاء ، والحاجة إلى الاستحسان ، ونضال مستمر للاستقلال وتأكيد الذات 0
4ـ فقدان الشعور بالشخصية Depersonalization : وهو من التناذرات التي أدخلته الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين في فئة اضطراب التفكك والانفصال ، ويعني فقدان الشعور بالشخصية : إمّا تغير أو فقدان الشخص لشعوره بذاته وحقيقة شخصيته 0 إنه نوع من اغتراب الشخص عن ذاته Self-strangement وعدم الواقعية Unreality في شعوره بخبراته وأنها قد تغيرت وتبدلت ، ويبدو شعوره آليا Mechanical كما في الأحلام 0
أقسام فقدان الشعور بالشخصية : يقسم بعض العلماء فقدان الشعور بالشخصية إلى الصور التالية :
ــ اضطراب الحقيقة الخارجية Derealization : حيث يشعر الأنا بأن العالم الخارجي قد طرأ عليه بعض التبدل وكأن الواقع والحقيقة الموضوعية لم تعد كما هي 0
ــ اضطراب الأنية Depersonalizaeion حيث يشعر المريض أن أفكاره وذكرياته ومشاعره لم تعد مرتبطة به بالرغم من إدراكه أنها تعود له 0
• مدى انتشار الهستيريا :
لقد قل انتشار الهستيريا عن ذى قبل فقد كان أكثر انتشارا فى أواخر القرن الماضى وأوائل القرن الحالى 0 والهستيريا اكثر شيوعا عند الإناث وتزداد الأعراض الهستيرية فى مراحل العمر الحرجة فى الطفولة وعند البلوغ وفى الشيخوخة وتشيع لدى الأشخاص ذوى الذكاء المتوسط ودون المتوسط 0
• أسباب الهستيريا :
1ـ العاطفية الزائدة ، و القابلية الشديدة للإيحاء ، و المسايرة ، وحب المجاملة و المواساة والانفعالي ، وتقلب المزاج ، وعدم النضج ، وعدم التحكم في الانفعالات ، والسذاجة ، وسطحية المشاعر ، وعدم النضج النفسـي الجنسـي 0
2ـ وأيضا التمركز حول الذات ، والأنانية ، ولفت الأنظار ، واستدرار العطف ، والاعتزال بالنفس وحب الظهور ، والاستعراض ، وفي بعض الأحيان الانبساط ، والاجتماعية ، وحب الاختلاط ، وعدم الاستقرار ، وأيضا الاعتماد على الآخرين ، والتوكل ، والانقياد ، والشعور بالنقص 0
3ـ المبالغة و التهويل والاستغراق في الخيال ، والسلوك يكون اقرب إلى التمثيل والاستعراض والتكلف والاندفـاع وعدم النضج 0
4ـ الاعتماد على الكبت كدفاع أساسي ، والاستعداد لتكثيف الانفعالات وتحويلها إلى أعراض جسمية 0
• التشخيص التفريقي بين الأمراض العضوية الحقيقية وبين الأعراض الهستيرية :
توجد عدة معايير ومحكات يعتمد عليها الأطباء والأخصائيين النفسيين لكي يتم التفريق بين الأمراض العضوية الحقيقية وبين الأعراض الهستيرية ومنها :
1ـ المريض الهستيري لا يكشف عن الخوف والقلق والصراعات التي تصاحب المرض العضوي الحقيقي 0 فالذي يصاب بالعمى أو بالشلل الهستيري ، على حين فجأة لا تعتريه المشاعر ذاتها التي تعتري من يفقد بصره 0
2ـ لا تتفق الأعراض الهستيرية مع الأعراض الحقيقية للمرض العضوي ، فلا يحدث في الهستيريا تلف عضوي عضلي كما في حالة الشلل الهستيري 0
3ـ هناك انتقائية في الأعراض الهستيرية ، حيث تظهر الأعراض في نوع معين من النشاط ولا تظهر في غيره 0 فالشخص العاجز عن استخدام يده في الكتابة ، نجده يستخدمها في أنشطة 0 فشكاوي المريض انتقائية ، والأعراض تنتقى وتختار ، وهذا لا يحدث في المرض العضوي الحقيقي 0
4ـ الأعراض الهستيرية يمكن إزالتها عن طريق الإيحاء والتنويم المغناطيسي ، والتحليل النفسي ، في حين أن الأعراض الحقيقية لا تزول بهذه الطرق العلاجية 0
