للنقاش ما هي الثقافة السعودية؟

قرأت.. في العدد الأخير لمجلة ( Foreign Policy ) الأمريكية مقال للمفكر الشهير "صموائيل هنتنغتون" شرح فيه مقاصده من نظرية - الخطر اللاتيني - التي تنبأ فيها بان المهاجرين اللاتينيين يشكلون تهديداً حقيقياً للهوية "الأنجلو بروتستانتية" وكانت المجلة قد نشرت تلك النظرية كاملة ً في احد أعدادها ما أثار حفيظة الكثير من رموز السياسة والفكر في أمريكا.. وجاء في معرض رد المفكر على منتقديه "الخاصيات التي تميز الهجرة المكسيكية عن غيرها.. التجاور.. الامتداد.. الحجم.. عدم الشرعية.. التركز ألمناطقي.. الاستمرارية.. الحضور التاريخي.. الاندماج البطيء.. للمهاجرين اللاتينيين لاسيما المكسيكيين عبر أجيال عدة في مجالات.. التعليم.. المهنة.. التزاوج مع الأقليات الأخرى.. ملكية المساكن.. على نظام الرعاية الاجتماعية والتجنس، لقد تجاهل نقادي تماماً هذه المعالم للوجود الهسباني في أمريكا".

ولم يفوت هنتينغتون فرصة الاستشهاد بأحد رموز العهد الأمريكي ( الآباء المؤسسين ) وهو "بنجامين فرانكلين" حين قال "لدي الكثير من التحفظات حول هؤلاء المهاجرين بسبب ارتباطهم العشائري وقلة معرفتهم بالإنجليزية وخلال سنوات أظن أننا سنحتاج إلى مترجمين في الكونغرس ليخبروا نصف مشرعينا ما يقوله النصف الآخر!!" وكان فرانكلين يبدي نفس المخاوف على الهوية الأنجلو بروتستانتية من خطر الهجرة إلى أمريكا .. .

كانت تلك مخاوف هنتينغتون وفرانكلين من خطر ذوبان الهوية الأنجلو بروتستانتية ولكن ما هي مخاوف صديقي ( ماجد ) على الهوية السعودية!؟
قبل أن اكتب مقتطفات من ذلك الحديث الناري الذي دار بيني وبين (ماجد) بشأن خوفه على الهوية "السعودية". أريد أن أقدم للإخوة بعض المعلومات عن هذا المفكر الفذ..

ماجد.. هو شاب سعودي من المنطقة الوسطى ( القصيم ) يجمع المجد من أطرافة كونه ينتمي إلى منطقة القصيم أصلاً والى الثقافة الوهابية فكراً وفيهما ما يبرر التصرف بعقلية هنتينغتون فكلاهما ينتمي لفكر التوحد "السادي" القائم على أساس سيادة عرق على باقي الأعراق وفكر على باقي الأفكار مع اختلاف الزمان والمكان..

قال لي ماجد ( وهو الذي يزور جدة لقضاء الإجازة الصيفية ).. صدقني أن شعوراً ما ينتابني حينما ازور هذه المدينة..

فقلت له وما هذا الشعور؟

"كنت أحسبة سيقول ينتابني شعور بالسعادة والراحة عندما أتنزه على شواطئها الذهبية وأسير في طرقاتها المكتظة بالناس واشتم رائحة التاريخ من أزقتها وحاراتها القديمة"، ولكن ماجد صعقني بوصف ذلك الشعور حين قال.. (اشعر أني خارج حدود السعودية أعيش في بلد أجنبي لا تمت ثقافته إلينا بصلة!!).

فقلت له يا رجل هون عليك وما هي تلك الثقافة التي تتحدث عنها..

فقال (الثقافة السعودية)! ..

قلت له حسناً وما هي الثقافة السعودية عرفها لي أولا وأعطني مفرداتها وخصائصها ومن ثم أقيس معك مدى القرب والبعد عنها..

فلم يجبني وظل مماحكاً ملتوياً على الإجابة حتى انتزعت منه تصريحاً أنه يقصد ثقافة منطقة ( القصيم ) فقد كان صديقي يتحدث عن قريته الصغيرة في مجاهل صحاري نجد ويعتقد انها "محور" بل "مركز" ثقافة بلد متعدد الأعراق والأعراف والمدارس الفكرية والمذهبية وان جميع تلك العادات والتقاليد ما هي إلا خروج عن النص الثقافي القصيمي ( المقدس)!!

ارتشف الشاي ( ذو النعناع ) من أمامي ونظرت إلى صديقي ماجد وقد بدت عليه ملامح التأهب للذب عن حياض ثقافته المزعومة.

فقلت له يا صديقي إنكم تسكنون جزأً صغيراً من هذا الوطن الكبير وتعيشون خليط من ثقافات وأعراف جاهلية ومعاصرة فلا تكن مجحف بحق الآخرين ولا تصادر حق غيرك في انتمائه وثقافته..

فقال لي بعد أن اكفهر وجهه.. أي ثقافة وأي انتماء؟

قلت له عجباً.. إن هذا البلد يعتبر من أكثر بلدان العالم تعدداً للأعراق والثقافات وان أردت إحصاء الإثنيات التي تشكل فسيفساء المجتمع السعودي ستحتاج إلى مركز أبحاث.. هل تعلم إن منطقة الحجاز لوحدها تتشكل من عشرات الإثنيات؟ .. عرب وفرس وأكراد وروس وأفارقة ومالاويين وأتراك وجاوه وهنود وسنود حتى من الروم هنالك عائلات مشهورة من جذور البانية وقوقازية بل أني اعرف عائلات من أصل أوربي سكنت مكة قبل مئات السنين؟ هذه هي منطقة الحجاز خليط بشري مذهل ابهر المستشرقين.. ألا تؤمن بحق هؤلاء في العيش بطريقة تختلف عن قريتك "القصيمية"؟

قال لي صديقي نعم كلامك صحيح ولكن تظل منطقتنا هي المحور!!

قلت له أي محور؟ محور ماذا؟

قال.. محور الثقافة السعودية!!!

( انتهى الحوار بكسر براد الشاي على رأس صديقي ماجد.. لا تقلقوا هو بخير)..

إن صديقي ماجد لا يعبر عن قناعته وحده، إنها قناعة إخواننا في المنطقة الوسطى وخصوصاً منطقة القصيم، هذه المنطقة التي تتشكل من خليط قروي وبدوي يرفض أي شكل من أشكال المدنية. وفي مقال آخر قديم هو ( أهل الجنوب وأهل الحجاز يقضمون المدنية في الرياض وجدة ) بينت فيه أن إهمال المناطق الريفية واستئثار المدن بالقسم الأكبر من خطط التنمية جعل منها مناطق طاردة تجبر أهلها على الزحف العشوائي للمدن وبالتالي قضم جميع مظاهر الحياة المدنية في الرياض وجدة..

عودة إلى الموضوع.. ما كنت اقصده من هذا المقال أن قضية التعددية والاهتمام بالثقافات الفرعية والقضاء على خرافة ( ثقافة المركز) هي الطريق الصحيح لبناء دولة قوية.. كم هو مؤلم أن نعيش في هذا البلد بكل ما لدينا من ثقافات تحت سيادة ثقافة واحدة ولو كان بها مرونة أو قابلية للاستيعاب لكان الأمر سهلاً، ولكنها ثقافة بالية تعاني مرض التوحد وتفكر بعقلية الإقصاء وتنهج أسلوب مصادرة الآخر واعني بها ثقافة المنطقة الوسطى وتحديداً ثقافة منطقة القصيم..

السبب الحقيقي لقوة الولايات المتحدة الأمريكية يكمن في تعددها ثقافياً وعرقياً.. التنوع هو مكمن القوة.. الروافد أقوى من الأنهار.. هذه هي الحقيقة.. ولكن..

أريد تقديم بعض الاقتراحات في مجال الاقتصاد والدين والهوية الثقافية لدعم التعددية في بلادنا الغالية لعلها تجد من يسمعها:

في الهوية الثقافية..

إنشاء محطات إذاعية لكل منطقة سعودية تكون الناطق الرسمي باسم تلك المنطقة كما هو الحال في أمريكا ( إذاعة عسير.. إذاعة الباحة.. إذاعة نجران.. إذاعة جيزان.. إذاعة الإحساء.. إذاعة مكة.. إذاعة بريدة ) وحبذا لو كان هنالك تلفزيون لكل منطقة أو صحيفة يومية تخصص صفحات ناطقة باللهجة المحلية لضمان استمرار الهوية.

انشاء ودعم هيئات تعنى بالحفاظ على الإرث التاريخي لكل منطقة سعودية يكون هدفها إحياء التراث ودعم مظاهر العودة إلى الجذور الثقافية من أزياء محلية ولهجات وطقوس زواج وأعياد محلية.

انتقال مهرجان الجنادرية سنوياً من منطقة إلى اخرى بدلاً من تركزه في منطقة الرياض

في الاقتصاد..

دعم الأرياف وتحويل خطط التنمية لبنائها كما هو الحال في بريطانيا لضمان بقائها مناطق جذب تمنع سكانها من الهجرة العشوائية إلى المدن.

توفير الخدمات الرئيسية التي تجبر أبناء الأرياف للذهاب إلى المدن كإنشاء فروع للجماعات الكبرى وتوفير فرص عمل عبر افتتاح فروع للمؤسسات الرسمية والشركات الخاصة في الأرياف.

تحويل الاستثمارات السياحية إلى الأرياف لدعم الحركة الاقتصادية.

في الدين

دعم وإحياء المدارس الدينية في كل مناطق المملكة ومنها المدرسة الشافعية في السراة والمدرسة الحنفية في الحجاز.

كسر احتكار المدرسة الحنبليه لشؤون الإفتاء والدعوة والسماح لبقية أتباع المدارس الأخرى بالمشاركة في صنع القرار الديني.

ماعدا بعض المذاهب كالرافضه

كلام جميل جدا ...

الثقافة الغنية هي تلك الثقافة المنفتحة على الآخر المتعددة الروافد التي تقوم

على الاحتكاك الفكري والتكامل الثقافي والتدافع الحضاري في إطار من الاحترام

وبعيدا عن العنصرية العرقية ..

تحياتي وتقديري أخي الولهان ..

شاكرين لك مرورك بالولهان

كلامك جميل يأخي الولهان لكن أشوف انك اسرفت في كيل التهم لأهل القصيم وثقافتهم

لكن دعني اسألك

التعددية الثقافية تأتي من احترام كل طرف للأخر

ولكن هنا السؤال من يضمن حق الشيعه مثلا ؟

كمواطنين لهم حقوق كغيرهم من المواطنين



الى الان ماقصدي الا الحوار وأثارت الاسئلة بقصد اثراء الحوار

اتمنى ماحد يفهمني خطأ


هذا والله من وراء القصد

مشكووووووووووووووووووووووووووو رين على المرور

شكرآ لك
الولـــهـــان
اتمنى لك التوفيق
والنجاح