( قهر ..... بــاء ) د/ حمود أبوطالب

( قهر ..... بــاء )

ليس جديدا إذا قلنا أننا قوم موسميون ، لأنها حقيقة نعرفها جيدا منذ زمن طويل ..
والمقصود بذلك أن مشاكلنا نفسها تتكرر في مواسمها المعتادة ، وحينها يسخن الحديث عنها وتنهمر الوعود بأن هذا الموسم سيكون الأخير ، ثم ينتهي الموسم وتتناقص حدة المشكلة ليس لأن أحدا قام بحلها ولكن لأن موسمها انتهى ، لا أكثر..!!
إنها مواسم مزعجة ، ومشاكل متكررة مملة لم تعد تستثير شهية الحديث عنها ، ولكن أحيانا لا مناص من ذلك ، للتنفيس ليس إلا ...
أكتب هذه السطور بعد الإنقطاع الرابع للكهرباء هذا اليوم .. وما الجديد في الأمر إذا كانت هذه المشكلة موجودة في أكثر مدن المملكة وخصوصا مع إطلالة موسم الصيف ؟؟؟ لاجديد طبعا ، ولكن كهرباء جيزان غير .. غييييير ...
في موسم السيول تكون الكهرباء علامة بارزة في الحدث . وفي موسم الغبار لابد أن تطل بعنقها الكئيب ، أما في موسم الصيف بالذات فالأمر غير إنساني ولا يطاق.. هذا الحال لم يتغير أو يتحسن على مر السنوات رغم الأحداث الكارثية التي شهدتها بعض أجزاء المنطقة ، ولعل الإنقطاع الشهير الذي حدث قبل سنوات قريبة لا زال عالقا بالذاكرة .. حينذاك أتذكر أن الدكتور غازي القصيبي أكد لي بأن وزارته سوف لن تسمح أبدا بتكرار المشكلة ، وأن دعما ماليا كبيرا سوف يتوجه الى كهرباء جيزان . وقد وصل الدكتور غازي الى جيزان ووقف على الوضع وعقد مؤتمرا صحفيا لم أتمكن من حضوره ، ولكني سألته بعد ذلك ما إذا كان متاكدا من أن المشكلة ستنتهي رغم ما تم ضخه من دعم مالي . لقد كان لدي شعور بأن المشكلة ليست في المال ، وذلك ما أثبته الوقت لأن المشكلة لا زالت قائمة ..
كما سبق أن تناولت موضوع الكهرباء في مقالات موسمية عدة منذ وصول سموالأمير محمد بن ناصر ولمست اهتمامه ، ولكن لا أدري كيف تستطيع شركة الكهرباء تمرير مقولة ان المشكلة في طريق الزوال وهي تتفاقم . ليس هذا فحسب ، بل إن مسؤولي الكهرباء سردوا أخبارا وأرقاما وإحصائيات في غاية الروعة والمثالية أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين للمنطقة ، ولكن أين ما ذكر من الواقع ونحن لا تفصلنا سوى شهور قليلة من الزيارة ؟! .. إن ذلك يؤكد دون شك أن ثمة خللا فادحا في شركة الكهرباء ، خلل مستمر ومستفحل .. وإذا كانت أي خدمة تقدم مجانا فلعله يكون مفهوما إذا صمت متلقي الخدمة ، ولكن حين تكون خدمة مدفوعة الثمن ــ وهو ثمن باهظ في جيزان ــ فإنه لا منطق من تقديمها منقوصة ، ناهيكم عن كونها مشوهة .. إنه أغلى ثمن لأسوأ خدمة يمكن أن يتصورها عقل ، مصحوبة باهمال ولا مبالاة وعدم اكتراث من المسؤولين عنها ، الذين يستيقظون لجباية مبالغ الفواتير فقط ، ولا شيء غير ذلك ..
إننا لا نتحدث عن تقنية نووية متطورة أو ترف وحاجة ثانوية ، بل نتحدث عن حاجة أساسية للحياة لم يعد أحد يتحدث عنها حتى في أفقر الدول وأشدها تخلفا ، نتحدث عنها ونحن مستمرون في دفع فواتيرها حتى لو كانت غير موجودة . ولو أخذنا انقطاعا مفاجئا واحدا فقط وحسبنا كم من الضرر المادي تسبب فيه لعرفنا كم كان يجب على شركة الكهرباء أن تدفع ، ولكن ليس هذا طموحنا لأنه لايزيد عن المناداة بخدمة لائقة مقابل ما يدفعه الناس لأن الشركة لا تتصدق بخدمتها ، ولو تأخر الشخص ساعة عن موعد تسديد الفاتورة فإن الشركة لن تلتمس له عذرا ..
صحيح أن أحلاما كبيرة تدغدغ المنطقة .. المدينة الإقتصادية ، الإستثمار ، وغير ذلك كثير ، ولكن قبل الأحلام نريد تحقيق الحاجات الماسة ومنها معضلة الكهرباء المزمنة المخجلة والمؤلمة . وحين نلتمس من أمير المنطقة فتح هذا الملف وبحثه بعمق قبل فورة الصيف الخانقة فإننا نرجوه ألاّ يفتحه مع مسؤولي كهرباء جيزان بل مع المسؤول الأول والرئيسي في الشركة السعودية للكهرباء ، لعلنا نفهم السر الغامض على الأقل ... فهل يحدث ذلك ....
===================