هَذي الطُلولُ وتِلكَ بَعضُ دِياري = ما بالُها أمْستْ بِلا سُمّار
أبحرتُ في زَمنِ الجُنوحِ ، سَفينتي = تاهتْ ، وضَاقَ من الظلامِ نَهاري
وقبستُ منْ وَجَعي ارتعاشَ مَلامحي = والكونُ في صَمتِ الأسى مُتوار
عينايَ جاحظتانِ في إحداهُما = سَغبٌ ، وفي الأخرى لَهيبُ أُوار
تعبتْ خُطايَ من الطريقِ ، تزاحمتْ = حَولي الهُمومُ ، وضَجَّ بي مِسياري
مَاتتْ على شَفتي لُحونُ سَعادتي = وخَبتْ بأغوارِ الدُجى أقماري
ماذا أنا ؟ عَرّى الهَجيرُ مَرابعي = فبدتْ مُشوّهةً بغيرِ نُضار
لمْ ألتفتْ .. جُرحي ارتجاعُ تنهّدٍ = ودَمي تدفّقُ عَارضٍ مِدرار
مِنْ بعضهِ بَعضي يفِرُّ ،وليس مِنْ = مَلْجا ،فأبقى في خِضَمِّ فِرار
كيف الحياةُ ؟ وَدِدتُ لو أنَّ المَدى = جَدَثٌ لأدفِنَ في مَداهُ مَداري
يومي تدثّرَ بالرَمادِ ، رِداؤهُ = مِنْ ذِلّةٍ ، وإزارُهُ مِنْ عَار
وغَدي تبدَّدَ حُلمُهُ ، عَبثتْ بهِ = حُمّى السنينِ فصارَ رَهْنَ صَغار
ماذا أنا ؟ جَسَدٌ تعلّقتِ المُدى = بإهابه ، ظامي العُروبةِ عَار..
مأواي مُعترَكُ الحُروبِ ، ومَطعمي = شَظَفٌ ، ومائي مِنْ سَراب قِفار
لا حظَّ لي في العيشِ ، وجهُ حقيقتي = مُتقلِّبٌ كتقلُّبِ الأقدار
حتّى الصديقُ لَوى قوافلَ جيده = عنّي ، وأغضى الطرفَ عن أخطاري
أوّاهُ .. لمْ أهنأْ طِوالَ مَسيرتي = سَبعون عاماً والجراحُ ضَوار
فهلِ انتهى نَزفي لِترقأَ عَبرتي؟ = أمْ أنَّ ذاكَ بِدايةُ المِشوار؟