ان كل انسان يستطيع ان يحكي لك حكايه او يقص عليك حادثه في الطريق او وقعت له ،
اي ان الاستعداد القصصي خاصيه انسانيه يشترك فيها جميع الناس ، ولكن كاتب القصه يختلف
عن كل انسان في انه ينظر الى الاشياء الواقعه نظره خاصه . فهو لايقف منها عندالسطح ،
ولكنه يتعمقها و يفرز عليها من افكاره و خياله ، ويجعل لها تكوينا ً آ خر و فلسفه اخرى ،
ثم هو يختزن كل ذلك في نفسه ليستقله في يوم من الايام .
وحين يعود لنفسه ليستمد من ذلك المخزون فإنه لا يستمدمنه اعباطا ً
و لكنه يستمد ماله اهميه خاصه .
(( و تدل كتب الامثال على ان العرب عرفوا فن القصه منذ اقدم العصور و كانت القصه في
اول امرها عباره عن اخبار تروى , تمتزج فيها الحقيقه بالخيال و التاريخ بالاسطوره .))
.. تعريف القصه و الحكايه ..
القصــــــــــــــه :
سرد واقعي او خيالي قد يكون نثراً او شعرا ً يقصد به اثارة الاهتمام و الامتاع او تثقيف السامعين و القراء .
و يقول ( روبرت لويس ستيفنسون ) و هو من رواد القصص المرموقين :
ليس هناك إلا ثلاث طرق لكتابة القصه , فقد يأخذ الكاتب الحبكه ثم يجعل الشخصيات ملائمه لها
, او يأخذ شخصيه و يختار الاحداث و المواقف التي تنمي تلك الشخصيه , او قد يأخذ جوا ً معينا
ً و يجعل الفعل و الاشخاص تعبر عنه و تجسده .
تعريفات حول القصه و الحكايه
القصه القصيره :سرد قصصي قصير نسبيا ً ( قد يقل عن عشرة آلاف كلمه ) يهدف الى احداث تأثير مهيمن
و يمتلك عناصر الدراما . وفي اغلب الاحيان ترتكز القصه القصيره على شخصيه واحدة في موقف واحد
في لحظه واحدة .
و حتى اذا لم تتحقق هذه الشروط فلا بد ان تكون الوحده هي المبدأ الموجهه لها. و الكثير من القصص
القصيره تتكون من شخصيه ( او مجموعه من شخصيات ) تقدم في مواجهة خلفيه او وضع , و تنغمس
خلا الفعل الذهني او الفيزيائي في موقف .
ان للقصه القصيره انواع او انماط عديده .. نذكر منها
1= الميثو لوجيـــــــــــــا ..
هو مزج بين الاساطير و الزمن المعاصر .. دون التأثر بما شكلته لنا الاساطير من سحر و جمال .
. او حتى التقيد بازمنتها و امكنتها .
2= التسجيليـــــــــــــــــة ..
لا تعني الخواطر و الوجدانيات .. او حتى الكتابه الانشائيه .. بل هي قصص في اطارها المألوف
.. و لكن بإضافات ابداعيه جديده .. تتضمن للكاتب الحريه و الوجدانيه معا ً .
3= السيكولوجيـــــــــــــة ..
قصص .. تطمح الى تصوير الانسان ..و عكس افكاره الداخليه .. تصل الى المستوى النفسي للانسان
.. و تفند احاسيسه ومشاعره .. وتتكلم دائما عن اشياء خفيه في النفس البشريه .
4= الفانتازيــــــــــــــــــــا ..
اعتبره اشرس انواع القصة القصيرة .. فهو ذو طابع متمرد .. متميز بالغربه و الضياع .
. هو اسلوب ثوري على الاساليب التقليديه .. وخروج غير مألوف عن الدارج بحيث يطغى على الماده
يهدف كاتب هذه النوعيه من القصص الى ابراز مدى الفوضه الفكريه و الحضاريه .. لدى انسان
هذا العصر .. و حياته .. فهو يرفض التقليد او الرضوخ للواقع .
الحكـــــــــــــــــــــاية :
سرد قصصي يروي تفصيلات حدث واقعي او متخيل , وهو ينطبق عادة ً على القصص القصيره ذات
الحبكه المتراخية الترابط -- مثل : حكاية الف ليلة و ليلة .
الحكــــــــاية الشعبيــــــــــــه :
خرافه ( او سرد قصصي ) تضرب جذورها في اوساط شعب و تعد من مأثوراته التقليدية .
وخاصه في التراث الشفاهي . و يغطي المصطلح مدى ً واسعا ً من المواد ابتداء ً من الاساطير
السافرة الى حكايات الجن .
عناصـــــــــر العمــــــــل القصصــــــــي :
1-- الحـــــــــادثة
:الحادثه في العمل القصصي مجموعه من الوقائع الجزئيه مرتبطه و منظمه على نحو خاص
و هو مايمكن ان نسميه ( الأطار ) , ففي كل القصص يجب ان تحدث أشياء في نظام معين
وكما انه يجب ان تحدث اشياء فأن النظام هو الذي يميز أطار عن الآخر
فالحوادث تتبع خطا في قصة و خطا آخر في قصه أخرى .
و الحادثه الفنيه هي تلك السلسله من الوقائع المسروده سردا فنيا , التي يضمها اطار خاص .
واذا كنا هنا نتحدث عن عنصر الحادثه فينبغي ان نذكر بأن هناك نوعا ً من
القصص يعنى عناية خاصة بالحادثة و سردها و تقل عنايته بالعناصر القصصيه الاخرى .
و يسمى هذا النوع ( قصة الحادثه ) او ( القصة السردية ) وفي القصة السردية تكون ( الحركة)
هي الشئ الرئيسي .فالحركه عنصر أساسي في العمل القصصي و هي نوعان :
حركة عضوية , و حركة ذهنية .
2 -- الســـــــــــــرد
:هو نقل الحادثه من صورتها الواقعه الى صوره لغويه , فحين نقرأ مثلا ً
(( و جرى نحو الباب و هو يلهث , و دفعه في عنف , و لكن قواه كانت قد خارت
, فسقط خلف الباب من الأعياء )) ..
نلاحظ الافعال >> جرى , يلهث , خار , سقط .. فهذه الافعال هي التي تكون في اذهاننا جزيئات الواقعه
و لكن السرد الفني لا يكتفي عادة بالافعال كما يحدث في كتابة التاريخ , بل نلاحظ دائما ان السرد الفني
يستخدم العنصر النفسي الذي يصور به هذه الافعال
(( وهو يلهث , في عنف , من الاعياء --- في المثال السابق ))
وهذا نتج شأنه ان يكسب السرد حيوية , ويجعله لذلك فنيا ً .
و لكاتب القصة ان يختار كيفية كتابة قصته من بين ثلاث طرق :
الطريقة المباشرة او الملحمية , وطريقة السرد الذاتي , و طريقة الوثائق .
الطريقه الاولى مألوفه اكثر من غيرها و فيها يكون الكاتب مؤوخا يسرد من الخارج .
و في الطريقة الثانية يكتب على لسان المتكلم . وهو بذلك يجعل من نفسه و أحد شخوص
القصه شخصيه واحدة . و هو بذلك يقدم ترجمه ذاتيه خياليه .
وفي الطريقه الثالثة تتحقق القصه عن طريق الخطابات او اليوميات او الحكايات و الوثلئق المختلفة .
3 -- البنــــــــــــــــــاء :
هناك صور عده لبناء الحادثه القصصية بناء ً فنيا ً , و يمكن ان يقال ان كل قصة لها صوره بنائيه خاصه بها
و مع ذلك فقد امكن ضبط مجموعه من الصور البنائيه العامه , وهناك -- بصفه عامه -
- صورتان لبناء الحبكه القصصية هما :
صورة البناء و الصورة العضويه ,
وفي الاولى لاتكون بين الوقائع علاقه كبيره ضروريه او منتضمه . و عند اذن تعتمد وحدة السرد
على شخصية البطل الذي يربط بشخصه النواه الشخصيه المركزيه بين العناصر المتفرقه .
و قصص المغامرات بعامه تمثل هذا النوع .
اما في الصوره البنائيه العضويه فأن القصه مهما امتلات بالحوادث الجزئيه المنفصله الممتعه
فأنها تتبع ( تصميما ) عاما معقولا و في خلال هذا التصميم تقوم كل حادثه تفصيليه بدور حيوي واضح .
فهناك شئ اكثر من مجرد الفكره العامه في سير القصه , فالخطه كلها لابد ان تعد بصوره مفصله
, وان تنضم الشخصيات و الحوادث بحيث تشغل اماكنها المناسبه , وان تؤدي كل الخطوط الى النهايه .
و ينبغي ان يكون واضحا ً ان الصوره البنائيه تختلف من نوع قصصي الى آخر ,
فالصوره البنائيه التي تتمثل في الروايه لا يمكن ان تصلح لبناء قصه قصيره . او ابسط صوره لبناء القصه
و هي الصوره المأ لوفه بصفه عامه -- هي تلك التي تتمثل بين طرفي الصراع , و هما الهدف و النتيجه .
4 -- الشخصيـــــــــــــة :
القصه معرض لأشخاص جدد يقابلهم القارئ ليتعرف عليهم و يتفهم دورهم , و يحدد موقفهم .
و طبيعي انه من الصعب ان نجد بين انفسنا و الشخصيه التي لم نعرفها ولم نفهمها نوعا ً من التعاطف
ومن هنا كانت اهمية التشخيص في القصه , فقبل ان يستطيع الكاتب ان يخعل القارئ يتعاطف وجدانيا ً
مع الشخصيه , يجب ان تكون هذه الشخصيه حيه . فالقارئ يريد ان يراها وهي تتحرك
, و ان يسمعها وهي تتكلم , يريد ان يتمكن من رؤاها رؤى العين .
و هناك نوعا ً من القصص يسمى ( قصة الشخصية ) و يكون فيها الاهتمام بالشخصيه اولا ً و من ثم الحادثه .
و هناك ايضا ً انواع للشخصيات ذاتها في القصه :
( الشخصيه الجاهزه ) وهي الشخصية المكتملة التي تظهر في القصه -- حين تظهر --
دون ان يحدث في تكوينها اي تغير ,
و انما يكون التغير في علاقتها بالشخصيات الآخرى فحسب . اي تصرفاتها لها طابع واحد .
النوع الثاني ( الشخصية النامية )وهي الشخصية التي يتم تكوينها بتمام القصة , فتتطور من موقف الى موقف
وفي كل موقف يكون لها تصرف جديد يكشف لنا جانبا ً منها .
و الذوق الحديث يفضل النوع الثاني من الشخصية كما انه لكل قصّـاص طريقته الخاصه في رسم الشخصيات ,
فبعضهم يستعيتن بوصف الملامح الخارجيه او الداخليه او هما معا ً ,
وبعضهم يدع الحوادث و الحركات ترسمهـــــــــــــا .
5 -- الزمــــان و المكــــان :
كل حادثه تقع لابد ان تقع في مكان معين وفي الزمان ذاته , و هي بذلك ترتبط بظروف وعادات
و مبادئ خاصه بالزمان و المكان اللذين وقعت فيهما , الارتباط بكل ذلك ضروري لحيوية القصة ,
لانه يمثل البطانه النفسية للقصة , و يسمى هذا العنصر (( SETTING ))
, و يقوم بالدور الذي تقوم به المناظر على المسرح بوصفها شيئا ً مرئيا ً يساعد خيال القارئ .
و تزداد عندما يساعد على فهم الحاله النفسيه للقصة او الشخصية , فهو هنا يقوم بنفس الدور
الذي تقوم به الموسيقى المصاحبه للمسرحيه او القصه السينمائيه ,
واخيرا ً يصبح التصوير مهما ً احيانا حتى انه يكاد ان يقوم بدور الممثل في القصة , او تكون له قوه دراميه .
6 -- الفكــــــــــــــــــــــرة
يتحدث القارئ المتوسط عن ( الأطار ) في القصه , وهو عادة ًيعني بذلك ماذا حدث ؟
, وعندما نحلل القصه لايكون لهذا السؤال من اهميه مايكون سؤالنا : لماذا حدث ؟
صحيح ان نهاية كل قصة تعطي نوعا ً من النتيجه فهناك شئ يحدث فعلا ً و لكن
اسباب هذه النتيجه اكثر اهميه من الحوادث الواقعه ذاتها .
فخلف الحوادث يقع المعنى , و هذا المعنى يقبله القارئ و يرفضه معتمدا ً على ما اذ
ا كان المؤلف قادرا ً على اقناعه بأن النتيجه تتفق مع خبرته بالحياه او الحياه كما يصورها المؤلف .
فالقصة إذا ً انما تحدث لتقول شيئا ً , لتقرر فكره .. فالفكره هي الاساس الذي يقوم عليه البناء الفني للقصة .
و الموضوع الذي تبنى عليه القصة لايكون دائما ً ايجابيا في اثره
فمع انه يجب ان يقرر بطريقه مباشره او غير مباشره عن الحياة او السلوك الانساني فإنه غير
محتاج لأن يحل مشكله .
وقد بين كاتب القصة الروسي العضيم ( تشيكوف ) لصديق شاب ان هناك فرقا بين حل المشكله
و وضعها وضعا ً صحيحا ً ,
فيكفي الفنان ان يصور مشكلته تصويرا ً صحيحا ً .
وحين نبحث عن سبب اعجابنا بقصة قرأناها سنجد ان فكرتها كان لها اثر في هذا الاعجاب ,
ولكن هل نقرأ العمل الفني لفكرته و حسب ؟
ان القصة هي صورة الحياة و نحن نعرف الحياة معرفه جيدة
و ننتظر من القصة دائما ً ان تكون صادقه حيه , مقنعة كالحياة الواقعه , و لكن القصة تمتاز
عن الحياة بأن لها صوره فنيه خاصة فالكاتب يقدم لنا قصه -- و قصة بالذات -- حين يقدم لنا فكرة
, كما ان مصدر اعجابنا لايمكن ان يحدد دائما ً بقاعدة لأننا في كل قصه يـُــكشف لنا شئ جديد
و لكن من المؤكد ان القصه -- ككل عمل فني --
لا يتحدد لها شكل حتى تتحقق فيها فكرة الكــــــــــــــــاتب .
الانواع القصصيه الرئيسية هي .. ..الأقصوصه , القصة القصيرة , القصة , الروايه .. ..
(((( المصادر )))) :
التحليل الأدبي
المعاجم العربية
معجم المصطلحات الأدبيه / إبراهيم فتحي
الأدب و فنونه / عز الدين إسماعيل
النقد الأدبي : أصوله و مناهجة / سيد قطب
نقل للفائده ...
ودي وتقديري
مون لايت