غدا (اختبارات غير) حيث يتم لاول مرة وضع اسئلة الثانوية العامة وتصحيحها داخل المدارس خلافا لنظام الاختبارات المركزية المطبق لاكثر من (30) عاماً, وهي نقلة نوعية ونقطة تحول في نظام الاختبارات باسناد المهمة الى المدارس باشراف ادارات التعليم في المناطق.. وعند تطبيق هذا النظام الجديد في اختبارات الغد, تنتهي بهذه الخطوة رحلة صناديق الاسئلة التي كانت تجوب البلاد منذ تأسيس وزارة التربية والتعليم التي كانت تحرص على تطبيق نموذج موحد للاختبارات في جميع مدارس التعليم العام خاصة المرحلة الثانوية العامة, فيما كانت تحاط عملية الاختبارات المركزية بسرية تامة بداية من اعداد الاسئلة وتغليفها ووضعها في صناديق خاصة وحتى ارسالها الى ادارة التعليم في المناطق وتوزيعها على المدارس في نفس يوم الاختبار. ووفقا لهذه النقلة النوعية, فان السؤال الذي تطرحه هذه القضية يتمحور حول مدى التأثير الذي سيحدثه هذا النظام على خارطة الاختبارات والطلاب وأولياء الامور والاسرة التعليمية بصورة عامة.
وكيف ينظر التربويون ومديرو المدارس لهذه الخطوة وابرز المتغيرات التي ستطال نظام الاختبارات وماهي رؤيتهم لاختبارات القدرات للقبول بالجامعات والكليات؟
20 مليوناً تكلفة الاختبارات
وفقا لمدير عام ادارة الاختبارات بوزارة التربية والتعليم فهد المهيزع فان الوزارة تتولى تدريب المشرفين التربويين في جميع ادارات التعليم على طريقة اعداد الاسئلة بهدف نقل التجربة الى المعلمين الذين سيقومون بوضع الاختبارات النهائية بأنفسهم باشراف مديري المدارس. فيما سيتم اعداد دراسات ومؤشرات بين المناطق لمعرفة المستوى العام التحصيلي للطلاب واكتشاف الاخطاء التي تتعلق بالبيئة المدرسية او اسلوب المعلم او ضعف الطالب موضحاً ان الوزارة عندما فكرت في إلغاء الاختبارات المركزية لم يكن في حسبانها التوفير المادي.. فان اختبارات الثانوية العامة تكلف 20 مليون ريال سنويا بقدر ما كان الهدف تركيز الجهود على الجانب التربوي.
تعزيز ثقة الطلاب
ويضيف رئيس قسم الاختبارات في ادارة التعليم ببيشة عون السلولي واصفاً الخطوة التي اقدمت عليها الوزارة بتغيير نظام الاختبارات بالنقلة الكبيرة التي توفر الوقت والجهد وتخفف من الضغط على الطلاب واولياء الامور منوها باختبارات قياس القدرات والاختبارات التحصيلية في توسيع مدارك الطلاب وتعزيز ثقتهم بأنفسهم مشيرا الى نجاح تجربة التقويم في الصفوف الابتدائية.
اداة للقياس
وقالت مديرة ادارة الاختبارات في بيشة نورة عبدالله الشهري ان نظام الاختبارات الجديد من شأنه ان يحد من الاشكاليات الناجمة عن الاختبارات المركزية والجهد المبذول في اعداد الاسئلة والحفاظ على سريتها وتسليمها الى المدارس وما تتعرض له الموظفات اثناء خروجهن في ساعات الصباح الباكر تحت رقابة وخوف من ضياع الاسئلة وتسربها فضلا على معاناتهن في ايصال الاسئلة الى القرى وجمع اوراق الاختبارات وتوصيلها الى مراكز الاختبارات في المدن لتصحيحها ورصد الدرجات كما سيكون للنظام الجديد دور كبير في القضاء على شبح اختبارات الثانوية العامة وإزالة الخوف الذي يعيشه الطلاب قبل الاختبارات واثناءها كون الاسئلة ترد من الوزارة وزرع الثقة لديهم علاوة على رفع كفاءة المعلمين والمعلمات المهنية بالاعتماد على انفسهم في اعداد الاسئلة وتقليص معدلات الهدر التربوي وخفض كلفة اعداد الاختبارات وتصحيحها ومراجعتها واخراجها في صورتها النهائية..
وتخلص نورة الشهري الى ان الاختبارات وفقا للنظام الجديد اصبحت وسيلة مقننة للقياس وليست غاية في حد ذاتها..
وحيث ان الهدف من الاختبارات ان تكون اداة صادقة للقياس فان اعدادها في المدارس لايخرج عن هذا الهدف وفق خطوات علمية مدروسة تدرب عليها المعلمون والمعلمات لتحقيق فعاليتها, علما بأن التجربة ستخضع للتقويم من كافة الجوانب حفاظا على استقرار العملية التعليمية بشكل عام..
مخاوف وشكوك طلابية
على صعيد الطلاب ما تزال الصورة غير واضحة حول هذه الاختبارات وتختلف اراؤهم اختلافا بينا بين مؤيد ومشكك.
المؤيدون يستبشرون بأن الطلاب سوف يحصلون على اعلى الدرجات كون الطالب يعرف طريقة معلمه في وضع الاسئلة واختيارها وتكثيف المراجعة في الايام الاخيرة.
والمشككون يرون انها ليست في مصلحة الطالب وان الشهادة الثانوية العامة ستفقد مصداقيتها وقيمتها بعد ان اصبحت توضع من قبل المدارس.
الطالب محمد عبدالله يقول: نخشى في هذا العام من المحسوبية فهناك مدارس متساهلة مع طلابها بمنحهم الدرجة النهائية في اعمال السنة وهناك معلمون سيكشوف لطلابهم الاسئلة وبذلك سيحصل الطالب المهمل ضعيف المستوى على اعلى الدرجات.
وفي المقابل هناك مدارس يهمها الانصاف والعدل في المقام الاول واعطاء كل ذي حق حقه مع التشديد في المراقبة.
ويتساءل الطالب مازن عسيري: ماذنب الطلاب اذا كانت الاسئلة صعبة وتدنت درجاتهم فيها في مقابل اسئلة سهلة في مدارس اخرى يحصل فيها الطلاب على درجات عليا.
ويخشى كل من تركي سعيد وحامد سعد وظافر علي ان يكونوا ضحية لهذا النظام حيث طبق بحقهم المعدل التراكمي للصف الثاني ثانوي العام الماضي وفي هذا العام اصبحت الاختبارات من المدارس وقالوا: اننا لا نعرف الكيفية التي سيتم بواسطتها احتساب اختبارات القياس والقدرات والتي اصبحت هي الاخرى هاجسا للطلاب عند القبول في الجامعات والكليات.
اختبار القدرات
وردا على مخاوف الطلاب المشككين من ان التجربة الجديدة للاختبارات سوف تفقد مصداقيتها في النتائج وانها سترفع من معدلات الممتازين والممتازات اوضحت نورة الشهري ان اختبار القدرات من شأنه قياس القدرة التحليلية والاستدلالية لدى الطالب والطالبة والتركيز على معرفة قابلية كل منهما للتعلم بغض النظر عن تفوقهما في مادة معينة وذلك من خلال قياس:
- القدرة على فهم المقروء.
- القدرة على ادراك العلاقات المنطقية
- القدرة على حل مسائل مبنية على مفاهيم رياضية اساسية.
- القدرة على الاستنتاج.
- القدرة على القياس.
ويجمع ضيوف هذه القضية من مسؤولين وتربويين ومديري المدارس ومعلمين ان النظام الجديد للاختبارات الذي سيدخل حيز التطبيق الفعلي غدا من شأنه ان يزيل رهبة الاختبارات التي كان يستشعرها الطلاب سابقا.
الدكتور عبدالرحمن محمد فيصل مدير عام التربية والتعليم بمنطقة عسير يصف الوضع السابق للنظام الجديد بأن الدراسة كانت تسير فيه بصورة طبيعية حتى اذا اقترب موعد الاختبارات اخذت كل اسرة في تهيئة ابنائها لتجاوز المرحلة واعلنت الاستنفار كأنما الطالب في معسكر للقتال مما يعمّق الرهبة في نفوس الابناء ويحدث ذلك على الرغم من وضوح قرار لائحة تقويم الطالب الجديدة باعتبارها اداة لقياس تحصيل الطالب.
وهو ما يؤكده ايضا مدير ادارة التعليم بسراة عبيدة يحيى آل فائع من ان الطالب يكون في حالة استنفار قصوى عندما يحين موعد الاختبارات: هل يعتمد على معلوماته ونفسه ام يعتمد على وسائل الغش و «البرشام» لتحقيق النجاح خاصة في المرحلة الثانوية حيث يحرص الطالب على تحصيل اعلى الدرجات ونسبة عالية حتى يتمكن من الالتحاق بالجامعات والكليات..
اما المرشد الطلابي ابراهيم العسيري فيعزو اسباب الخوف من اسئلة الاختبارات الى الطالب نفسه فهو يهمل المذاكرة طوال الفصل الدراسي فاذا جاء موعد الاختبارات لا يتمكن من مذاكرة جميع المواد فيشعر بالخوف كما ان الاسرة مسؤولة عن هذا الخوف الذي يعتري الطالب من الاختبارات بسبب حالة الاستنفار المعلنة في معظم البيوت, وايضا يتحمل المعلم مسؤولية هذا الخوف فهناك بعض المعلمين يذكرون الطلاب بالاختبارات بطريقة غير تربوية تصل الى درجة التهديد والتخويف..
حالة طوارئ
الخوف من الاختبارات واسئلتها وبالذات اسئلة الثانوية العامة مازال مسيطرا وتؤكده هنا عدد من ربات المنازل..
تقول السيدة عواطف: أعلنا حالة طوارئ في المنزل منذ شهرين لانستقبل خلالها أي ضيوف او نخرج للنزهة الا في نهاية الاسبوع وذلك نظرا لان ابنتي طالبة ثانوية عامة (علمي) ونريد لها ان تلتحق بكلية الطب!
ومن جانبها تقول السيدة سلوى: لدينا طالب ثانوية عامة ومنذ بداية العام ونحن نعيش في جو نفسي متوتر لاننا حريصون على حصوله على مجموع يؤهله للالتحاق بكلية الهندسة فأعلنا حالة الطوارئ بما في ذلك اغلاق جواله حتى لا ينشغل بالثرثرة مع اصدقائه!
ويلتفت لدروسه ويستعد لاسئلة الامتحانات التي ابكت الكثيرين من ابنائنا ولمواجهة حالة الطوارئ هذه يدعو الدكتور عثمان باعثمان رئيس وحدة التدريب والتطوير بمركز رعاية الوهوبين بالعاصمة المقدسة الى عدم الخوف من الاختبارات وان يتذكر الطالب ان الاختبارات ليست سوى مقياس لمستوى تحصيله طوال العام لافتا الى اهمية تنظيم الوقت والمراجعة الشاملة واخذ قسط من الراحة بعد كل مذاكرة..
وعلى العكس من ذلك ترى السيدة صباح ام لطالبة في الثانوية العامة انه لا داعي لحالة القلق والتوتر التي تسود المنازل هذه الايام لان من شأن ذلك ان ينعكس سلبا على الابناء خاصة ان اسئلة الامتحانات سوف يضعها اساتذة المناهج بأنفسهم.
وإلى ذلك يتحدث باهتمام كبير كل من عوض العمري وكيل مدرسة وخالد الداوود وكيل اداري في احد المجمعات التعليمية وسعد العمري ويحيى الاحمري من اولياء الامور محذّرين من عدم مراقبة ابنائهم وترك الحبل لهم على الغارب اثناء فترة الاختبارات واذا رسب احدهم جاء باكيا الى والده وهو يقول الاسئلة هي السبب وان تلك الاسئلة كانت صعبة جدا حتى ان استاذ المنهج عجز عن حلها.. ولكن الآن قد انتهى ذلك العذر وسنرى من ينجح.
انطباع حسن
وفي حين يؤكد مدير التربية والتعليم بمحافظة عنيزة يوسف الرميح ان التنظيم الجديد لاختبارات الشهادة الثانوية العامة قد ترك انطباعا حسنا في ميدان التربية والتعليم من ناحية اختصاره الزمن في اعلان النتائج واعداده من قبل معلمي المرحلة الذين يعرفون ميدانيا مستويات طلابهم ووضع الاسئلة الملائمة من واقع المنهج ويوضح ان اختبار القدرات جاء لقياس مدارك الطلاب ومدى ملاءمة المراحل الجامعية لمستويات الخريجين ومدى مناسبة الكليات الجامعية لهم, منوها بأن هذا التنظيم الجديد جاء في الوقت المناسب حين اصبح الطلاب يعيشون فترات عصيبة بين نهاية الاختبارات واعلانات النتائج ومما لاشك فيه ان التنظيم الجديد للاختبارات سيقضي على هذه اللحظات المليئة بالترقب والانتظار..
وهو مايؤكده ايضا مدير التربية والتعليم للبنات الدكتور عبدالله الطريف من ان التنظيم الجديد للاختبارات قد اختصر على الطالبات الكثير من السلبيات والاتصالات بحثا عن النتائج وسط قلق اسري مخيف والبحث عن الواسطة لمعرفة النتائج بصورة خاصة ولذلك فان من شأن التنظيم الجديد منح المدارس فرصة اعلان النتائج في وقت قياسي كما ان اختبار القدرات بمثابة المحك الحقيقي لتهيئة الطلاب للمراحل الجامعية..
