الأسفار المشؤومة تكون سبباً للإعجاب بالكفار وأخلاقهم
الأسفار المشؤومة تكون سبباً للإعجاب بالكفار وأخلاقهم
مع مجيء الصيف بقيظه وحرّه تميل النفس إلى السفر، حيث الجو العليل والمكان الظليل والماء السلسبيل.. فيشرع البعض منا إلى حزم حقائبه، يصحب أبناءه وبناته وزوجته إلى بلاد يعلم الله أخلاق أهلها، جامعاً ما ادخره طوال عام من أجل الفسحة والاستمتاع والترويح.. ومن منا لا يريد السفر وراحة النفس والتخلص من مشاغل الحياة ومتاعبها؟!
هذا هو موضوع تحقيقنا لهذا العدد، والذي نسلّط فيه الضوء على السفر وفوائده ومباحه وحرامه، ونوضح المنكرات التي ترتكب فيه وخطرها على الأسرة والمجتمع المسلم، وما هي البدائل التي تجعله حلالاً، وما هي التنبيهات والتوجيهات التي حثنا عليها ديننا الحنيف دين الإسلام.. وتفاصيل أخرى مهمة نعرضها في هذه الصفحات..
في البداية يقول الشيخ صالح بن عبدالرحمن الخضيري - عضو هيئة التدريس بالمعهد العلمي ببريدة:
إن السفر هو قطعُ المسافات بنيه السفر وسُمّي سفراً لأنه يُسفرُ عن وجوه المسافرين وأخلاقهم فيُظهر ما كان خافياً منها. روى ابن الدنيا أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ رأى رجلاً يُثني على رجل فقال: "أسافرت معه؟ قال: لا قال أخالطته قال: لا قال: والله الذي لا إله إلا هو ما تعرِفُهُ".
ومع أن السفرَ قطعة من العذاب ومظنة للتعب والنصب حتى وإن تطوّرت وسائلَ النقل، وتيسرتِ السبل إلا أنه لا بد منه للناس إما لحجٍ أو عمرة أو جهادٍ أو طلبِ علمٍ أو رزق أو صلةِ رحم أو غير ذلك .
وقدم الشيخ عدة تنبيهات يُذكِّر بها كل مسافر إضافة إلى ما سبق فقال:
1- حينما يخطر ببالك السفر فعليك بصلاة الاستخارة، ثبت في صحيح البخاري عن جابر بن عبدالله قال كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلمُنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورةَ في القرآن يقول: إذا هَمَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير فريضة ثم ليقل: "اللهمَّ إِني أستخيرك بعلمك واستقدرُك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدرُ ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلمُ أنَّ هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويَسّره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شَرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ـ أو قال: عاجل أمري وآجله فأصرفه عني وأصرفني عنه وأقدر لي الخيرَ حيث كان ثم أرضني قال ويسمي حاجته"
2- عليك برد المظالم وقضاءِ الديون وكتابه الوصية وجميع ما لك أو عليك.
3- ابحث عن رفقةٍ صالحة يعينونك على أمور دينك ودنياك وإياك أن تسافر وحدك ولا سيما بالليل روى البخاري والترمذي من حديث ابن عمر أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكبٌ بليلٍ وحده" وأخبر ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن "الراكبَ شيطان، والراكبان شيطانان والثلاثهُ ركب" وقال الخطابي ـ رحمه الله ـ "معناه أن التفردَ والذهاب وحده في الأرض من فعل الشيطان، أو هو شيءٌ يحمله عليه الشيطان ويدعوه إليه وكذلك الاثنان، فإذا صاروا ثلاثةً فهو ركب أي جماعةٌ وصحبه"
4- عليك بتفقد "سيارتِكَ" وإصلاحها فإن هذا من الأخذ بالأسباب لئلا تلقي بنفسك وبمن معك إلى التهلكة وكلُّ شيءٍ بقضاءٍ وقدر.
5- لقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا سافر خرج من أول النهار وكان يستحب الخروجَ يوم الخميس ودعا الله ـ تبارك وتعالى ـ أن يبارك لأمتهِ في بكورها"
وكان إذا وَدّع أصحابه في السفر يقول لأحدهم: "أستودع اللهَ دينكَ وأمانتَكَ وخواتيم عملِك" .
6- عندما تركب سيارتك تذكر نعمة الله عليك وكبِّر ثلاثاً كما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يفعل ثم قل "سبحان الله الذي سخَّر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون.. اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى.. اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا، وأطو عنا بُعده.. اللهم أنت الصاحبُ في السفر والخليفة في الأهل.. اللهم إني أعوذ بك مَنْ وعثاءِ السفر وكآبة المنظر، وسوءِ المنقلب في المال والأهل" ومعنى مقرنين: مطبقين الوعثاء هي الشدة والكآبة هي تغيّرُ النفس وضيقُ الصدر، وسوءِ المنقلب أي المرجع.
7- مما يؤمر به المسافرون أن يؤمّروا عليهم أحَدَ هُم لأن الآراءَ تختلفُ في تعيين المنازلِ والطرق ومصالحِ السفر فبَالتأمير ينتظم أمر التدبير، ويأمنون من الفُرقة والتنازع وقد روى أبو داود عن نافعٍ عن أبي سلمه عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "إذا كان ثلاثةُ في سفر فيؤمرا أحدهم" قال نافع فقلنا لأبي سلمة فأنت أميرنا.
8- على المسافرين إذا نزلوا منزلاً أن يقولوا ما أرشدهم إليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: "مَنْ نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلماتِ الله التامات من شر ما خلق لم يضَرهُ شيءٌ حتى يرتحل من منزله ذلك"
وعليهم ألاَّ يتفرّقوا في الأودية والشعاب لما روى أبو داود عن أبي ثعلبه الخشني ـ رضي الله عنه ـ قال كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إِن تفرقكم في هذه الشعابِ والأوديةِ إنما ذلك من الشيطان فلم ينزل بعد ذلك منزلاً إلا انضمَّ بعضهم إلى بعض" .
9- أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا أشرف على مدينة أو قريةٍ يُريد دخولها يقول "اللهم رَبَّ السماوات السبع وما أظلَلْنَ، ورَبَّ الأرضين السبعِ وما أقللن، ورَبَّ الشياطين وما أضللن، وَرَبَّ الرياح وما ذرينَ أسألك خيرَ هذه القريةِ وخيرَ أهْلِهاَ، وأعوذ بك مِنْ شَرّها وشَرِّ ما فيها"
1.- على المسافر عندما يريد أداء الصلاة أن يؤذن وإن كان وحده، وعليه أن يقصر الرباعية إلى ركعتين وإن احتاج إلى أن يجمع بين الظهر والعصِر، أو بين المغربِ والعشاءِ فلا بأس ويفعل الأرفق به من جمع التقديم أو التأخير، والحمد لله على رفع الحرج ويسرِ هذا الدين.
11- يجوز للمسافر أن يصلي النافلة وهو راكبٌ ولو إلى غير القبلة قال ابن عمر رضي الله عنهما: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلي وهو مقبلٌ من مكة إلى المدينة على راحلته، حيث كان وجهُهُ قال: وفيه نزلت { فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ } [البقرة: 115] وقال "كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوتر على البعير" أمَّا سائق السيارة فإنه ينبغي ألاّ يفعل ذلك لما فيه من الانشغال والمخاطرة.
يشرع للمسافر الإكثارَ من الدعاء وسؤال اللهِ من فضله فإنَّ دعاءَ المسافر مستجاب إذا كان أكله حلالاً واستوفى شروط الدعاء.
وإذا أرتفع المسافر أو علا جبلاً فليكبرّ وإذا هبط وادياً أو منخفضاًَ فعليه أن يسبح قال جابر ـ رضي الله عنه ـ: "كنا إذا صعدِنا كبَّرنا وإذا تصوبنا سبحنا" ومعنى تصوبنا: أي نزلنا.
وفي حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال "كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجيوشه إذا علوا الثنايا كبّروا وإذا هبطوا سبحوا..."
إذا قضيتَ حاجتك، وأنهيت مهمتُك من سفرك، فعجّل بالرجوع إلى أهلك. ثبت في صحيح البخاري عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "السفر قطعةُ من العذاب: "يمنَعُ أحدَكم طعامَةُ وشرابه ونوقه فإذا قضى نَهْمَتَهَ "أي حاجته" فليعجِّل إلى أهله"، فإذا قدم بلدَه أستحُبَّ له أن يبدأ بالمسجد فيصلي فيه ركعتين اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد كان يفعله وأمر به جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما- حين قدم من سفر قال: "ادخل فصل ركعتين"
والمسلم الموفّقَ هو المطيُع لله العاملُ بأحكامه في سفره، وإقامته، وهناك من الناس من يسافر فيرتكب منكراتٍ في سفره فيرجع من هذا السفر وهو مأزورٌ غير مأجور فمن منكرات السفر: السفرُ إلى خارج هذه البلاد باسم السياحة والنزهة ـ زعموا ـ لكن الواقع أنَّ مُعْظم هؤلاء إنما يسافرون لتلبيهِ شهوات النفس من اللهو والمتعة الحرام، وارتكاب الفواحش وما الله بغافلٍ عما يعملون، إن الأولى بالمسلم إذا اضطر إلى السفر إلى تلك البلاد أن يكون داعيةً إلى الله، وقدوةً صالحة لغيره إنَّ مما ينفطر له القلب حزناً وأسى أن يرى الإنسانُ بعضَ المنتسبين إلى الإسلام وهم يقيمون بين الكفار ويجالسونهم بدون ضرورة إلى السفر، وينتقلون بين البلدان فلا ينطقون بالحق، ولا يدعون إلى الخير، ولا يجاهدون المنكر، ولا يطالبون بالإصلاح، بل ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويضيعون الصلاة ويتبعون الشهوات فويلٌ لهم من عذاب الله فكم شوهوا جمال الإسلام عند من لا يعرِفُهُ بأفعالهم القبيحة، وكم صدوا مَنّ يريد الدخولَ فيه بتصرفاتهم الخبيثة ومع الأسف الشديد فلا تزال الصحفُ والمجلات ومكاتبُ السياحة تتبارى في إبراز الإعلانات المغرية، والدعايات المضللة "مَنْ دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً"
ومن منكرات السفر:ٍ سفرُ المرأة بدون محرم ولو كان معها نساءٌ على الصحيح من أقوال أهل العلم لأدلةٍ معلومة والأحكام الشرعية لا تتبدل بتطور وسائل النقل أو تغير الأزمنة {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] وواقع الناس لا يفرض نفسه على أحكام الشرع.
وأشار الشيخ صالح بن عبدالرحمن الخضيري إلى أن من منكرات السفر: زيارةُ أماكنِ العذاب مع اللهو والعبثِ والضحك والتقاطِ الصور التذكارية كزيارة ديار ثمود وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما مَرَّ بالحجر قال: "لا تدخلوا مساكنَ الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين ثم قَنَّع رأسه وأسرعَ السير حتى أجاز الوادي، وأمرهم ألا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها وأمرهم أن يطرحوا العجين الذي عجنوه بهذا الماء"
وأضاف إن من منكرات السفر أيضاً: استماع الغناء الذي بدؤه من الشيطان، وعاقبته سخطُ الرحمن، وهو محرم في السفر وغيره.
حَقُّ على كل عاقل أن يتذكر أنه في هذه الدنيا يقطع سفراً إلى الدار الآخرة وأنه ليس له حط رحال السفر إلا في الجنة أو النار، وزادُ هذا السفر الأخروي هو تقوى الله عزَّ وجلَّ التي هي ثمرُ الأعمال الصالحة قال تعالى { وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة: 197].
أنواع الترفيه والترويح
وذكر الشيخ الحقيل أن للناس في الترويح والسعة مذاهب يتبعونها، وطرائق يسلكونها: من اتخاذ المزارع والضيعات، والخروج إلى المتنزهات والاستراحات، في أنواع من اللهو المباح وغير المباح.
ومن أشهر أنواع الترويح والتنفيس عن النفس البشرية: السفر من بلده إلى بلاد أخرى، إما لأنها مسقط رأسه، وبلد آبائه وأجداده، وإما لميزات أخرى دعته إليها، وجعلته يقدمها على غيرها، وغالب البشر يقدمون السفر كنوع من أنواع التنفيس على غيره من أنواع الترفيه والترويح، ويجعلونه تاجها ورأسها، ولا بد منه في كل عام عند أكثر الناس ممن يطيقونه ويجدون نفقاته.
والسفر إما أن يكون سفر طاعة أو سفر معصية، والمباح منه يؤول بالنية والعمل إلى أحدهما ولا بد. ومن سفر الطاعة: السفر للجهاد أو الرباط أو طلب العلم أو صلة الرحم أو زيارة الإخوان في الله تعالى.
ومن سفر المعصية: السفر للسرقة أو قطع الطريق أو الزنى أو القمار أو الخمر أو غير ذلك من أنواع المحرمات.
والسفر للترويح والترفيه هو من المباحات التي تؤول إلى الطاعة أو إلى المعصية.
فإن سافر إلى بلد يقام فيها دين الله تعالى، ويحكم فيه بين أهلها بشريعته، وأحكام الإسلام فيها ظاهرة، والدين فيها عزيز، مع قيامه في نفسه وأهله ورفقته بما أمر الله تعالى من فعل المأمورات، واجتناب المحظورات، فهذا سفر مباح لا ضير على العبد فيه ولا فيما أنفقه من نفقات، فإن اقترن بذلك نية صالحة من قصد إدخال السرور على أهله وولده، وجعلهم تحت علمه وبصره، وحفظهم من الفراغ ورفقة السوء في بلده، أو أراد بسفره نشاط نفسه وأهله على طاعة الله تعالى، والتفكر في عجائب خلقه وقدرته؛ كان سفره سفر طاعة، وله من الأجر فيه على حسب نيته، ونفقته فيه مخلوفة عليه إن شاء الله تعالى.
وأما إن كانت وجهة سفره إلى بلاد كافرة، الكفر فيها عزيز، والإسلام فيها ضعيف، وحرمات الله تعالى تنتهك فيها جهاراً نهاراً ولا نكير، فهذا سفر معصية لا خير فيه، وإثمه أكبر من نفعه، وهكذا إن سافر إلى بلاد تتسمى بالإسلام وليس الإسلام فيها ظاهرا، بل الظاهر فيها الكفر والفسوق والعصيان ولم يرخص العلماء في السفر إليها إلا لضرورة لا بد منها، أو حاجة ملحة، بشرط أن يكون عند هذا المسافر أو من معه من رفقته علم يدفع به الشبهات، وأن يكون عنده دين يمنعه من الشهوات. فإن خشي على نفسه من الزيغ والضلال، أو كان ضعيفا أمام الشهوات، فالسلامة لا يعدلها شيء، ولعل ضرورته أو حاجته تندفع بغير هذا السفر، ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ومن ترك شيئاً لله تعالى عوَّضه الله تعالى خيرا منه.
أسفار مشؤومة
وذكر الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل أن السفر إلى بلاد تعج بأنواع الكفر والفسوق مما يضر المسلم في دينه، فكيف إذا اصطحب معه أهله وولده، وهم أمانة في عنقه، وأضرار ذلك كثيرة، وآثامه عظيمة: فمن اختار بلاداً كافرة موطناً لسياحته، ومقراً لإجازته فقد أجاز لنفسه الإقامة بين ظهراني المشركين، فيخشى عليه من براءة النبي صلى الله عليه وسلم منه؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"
فإن وقعت له مشكلة اضطرته إلى محاكمهم فقد تحاكم إلى الطاغوت بلا اختيار منه، وقد كان في عافية من ذلك.
فالمسافر المسلم يرى في بلاد الكفر والفجور المنكر فلا ينكره فضلاً عن أن يغيِّره ويزيله، وكم يمر به في يومه وليلته من منكرات يأثم بحضورها وعدم إنكارها، ولازم على من حضر منكراً أن ينكره، فإن لم يستطع وجب عليه أن يفارق مكانه، بل إن إدمانه على مشاهدة المنكرات سبب لتغير قلبه، ورقة دينه؛ فإن سلم هو من أكثر ذلك لعزلته في مسكنه أو منتجعه، لم يسلم من معه من أهل وولد ورفقة، وآثامهم على رقبته.
وتغير كثير من نساء المجتمع فيما يتعلق بالحجاب الشرعي حتى استبدل باللثام والنقاب واللباس الضيق، والتوسع في كشف الوجه، وإظهار الزينة، في أنواع من الغرور والاستعراض ما هو إلا من بلاء السفر والإعلام، فالمرأة الرحالة مع أهلها شرقاً وغرباً قد ألفت نزع الحجاب في غير بلدها، مع الاختلاط بالرجال وبنزعها لحجابها نزع حياؤها، فثقل عليها أن تعيده كما كان إذا عادت إلى بلدها. وكل هذه الآثام يتحملها وليها مع بقاء إثمها عليها.
ومن أعظم ما يكون سبباً للإعجاب بالكفار ومذاهبهم وأخلاقهم وطرائق عيشهم مثل هذه الأسفار المشؤومة؛ حتى صارت المجاهرة بمديحهم علانية في الصحف وغيرها مع نهاية كل صيف، فكل كاتب معجب بهم أقام صيفه في أحضانهم، يعود إلى بلده لينفث جهالاته وضلالاته على الناس، مدحاً للكفار وإعجاباً بهم، وشتماً في بلده وأهله وبغضا لهم، وهو يأكل من خيرهم، ويتفيأ ظلالهم، فما أجحده وما أنكره {قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس: 17] وما علم هذا المسكين المعجب بما لا يعجب العقلاء من بني آدم أن الكفر أعظم الذنوب، وأن المتلبس به مهما كانت أخلاقه عالية، وابتسامته عريضة، وتعامله حسنا؛ فإن ذلك لا يقرِّبه عند الله تعالى طرفة عين، بل تعجل له حسنته إن عمل صالحا في الدنيا حتى لا يبقى له شيء عند الله تعالى يحاججه به، فيوافي يوم القيامة ولا حسنة له، وقد استحق النار خالدا فيها مخلداً إن مات على كفره، فمن يعجب بمن كانت هذه حاله ومنزلته عند الله تعالى، وتلك نهايته في الدار الآخرة؟ والله لا يعجب به، ولا يثني عليه إلا مريض القلب، مغموص عليه في النفاق، أو جاهل أخرق لا يدري ما يقول. وكل الذين ينادون بالمشاريع التغريبية في بلاد المسلمين ما هم إلا ضحايا لهذه الأسفار المحرمة حتى لوثت عقولهم بالشبهات، وتملكهم حب الشهوات، فهي التي تسيّرهم في دعواتهم التخريبية في بلاد المسلمين، نسأل الله تعالى لنا ولهم الهداية، وأن يكفي المسلمين شرور دعواتهم ومشاريعهم.
وإذا كانت هذه بعض أضرار السفر لبلاد الكفر والفجور فكيف يسوغ لعاقل أن يورد نفسه ومن يحب من أهله وولده هذه المهالك في الدين من أجل متعة عابرة، ولذة زائلة.
الترويح الحلال والسفر المباح
ويستطرد الشيخ الحقيل قائلاً: خلق الله تعالى الخلق لعبادته، وواجب على من رضي بالله تعالى ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً أن يراقب الله تعالى في كل أحواله، وأن يصدر عن شريعته، وليس له أن يقدم هواه وهوى أهله وولده على أمر الله تعالى؛ فإن ذلك سبب الزيغ والضلال { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}[الأحزاب: 36].
وقد جعل الله تعالى في الترويح الحلال، والسفر المباح مندوحة وغنى للمؤمن عن كل سفر محرم.
ومن عجيب أمر بعض المسافرين أنهم ينفقون مالاً عظيماً في أسفارهم، لا ينفقون عشره في مجالات الخير، ونفع الناس، والصدقة على الفقراء.
وأعجب من ذلك أن واحدهم يزعم محبة الله تعالى، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو في كل سنة يقطع آلاف الأميال في سفر محرم، ويصبر نفسه على الرهق والعسر والزحام في المطارات وغيرها، ومكة والمدينة قريبتان منه، فيغيب عنهما سنة وسنتين، بل عشراً وعشرين، ولربما أنكر على ولده أو قرابته كثرة العمرة وزيارة المدينة، بحجة الزحام والحر ونحو ذلك، وهو لم يمنعه تكلف صعاب أعظم، ومسافات أطول، ونفقات أكثر من سفره المحرم، فأي حرمان وخذلان هذا؟ نسأل الله تعالى السلامة والهداية.
ومن أبى مع ذلك كله إلا أن يختار السفر المحرم، ولم يقدر على كبح جماح شهوته، فعليه أن يتقي الله تعالى في سفره، وأن يراقب أهله وولده، وأن يدعو إلى الإسلام من خالطه من أهل الكفر، أو إلى الطاعة من رآه من المسلمين على معصية؛ لعله بذلك أن يكفر بعض سيئات سفره.
وأما تركه لأهله وولده يسرحون ويمرحون كيف شاؤوا، ويأتون من المنكرات ما أرادوا؛ فذلك من تضييع الأمانة، وخيانة الديانة، وهم متعلقون في رقبته يوم القيامة لا محالة، "وكلكم راع ومسؤول عن رعيته"
خطر السفر إلى الخارج
وعن مخاطر السفر إلى الخارج يقول الدكتور رياض بن محمد المسيميري - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام:
ما فتئ أعداءُ الأمة يحيكون المؤامرةَ تلو المؤامرةَ، ويسعون جاهدين في صرفها عن دينها، ومنهاج رسولها بشتى الطرق، ومختلف الأساليب، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم قلوب الذئاب، يقول الله جلَّ جلاله في بيان تلك العداوة: {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}[الممتحنة: 2].
ويقول سبحانه: { إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا} [النساء: 101]. ويقول: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82]
إنهم حسدوا أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ما حباها ربها من النعم، فامتلأت قلوبهم حقداً وحنقاً، وغيظاً وكمداً، على هذا الدين وأهله، وودوا لو سَلبوا تلك النعمة، يقول الله في بيان ما تختلج به نفوسهم: {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء } [النساء: 89].
إنهم لا يألون جهداً، ولا يتركون سبيلاً للوصول إلى أغراضهم الشيطانية، وتحقيق أهدافهم الإبليسية، في النيل من أهل الإسلام إلا سلكوه، ولهم في ذلك أساليب عديدة، ووسائل خفية وظاهرة.
فمن تلك الأساليب، ما نراه الآن في صحفنا، وعبر مجلاتنا، وتلك اللافتاتِ الموجودة في ناصية كل طريق، من الدعوةِ إلى قضاءِ الإجازة الصيفية في عواصم العالم ومنتجعاته، ووضعِ برامج متنوعة، وفقرات شاملة، لجميع وقت المسافر بأسعار زهيدة.
لقد أصبح السفرُ إلى الخارج مصيبة تضاف إلى رصيد الأمة، التي تتابعت وتكاثرت عليها المصائب والمحن، وليت الأمر توقف عند ذهاب الأولياء فحسب، لهان الأمر وما هو بهين ورب الكعبة، فقد أفتى العلماء الإجلاء بحرمة ذلك كما قاله العلامة ابن باز -رحمه الله-، لقد وصل الأمر ببعض الأولياء، أن يرسلوا إلى تلك الديار البائسة فلذات أكبادهم، ومهج نفوسهم وماء وجوههم.
ويسأل الدكتور رياض المسيميري ولي الأمر ورب الأسرة قائلاً:
قل لي بربك أيها الأب، ما الذي يردع ذاك الشاب التي تتأجج الشهوة في صدره، وتلتهب الغريزة في نفسه، عن مقارفة تلك القاذورات، وتعاطي تلك المسكرات، ونفسه الأمارة بالسوء تهوِّن لـه المعصية، وتزيِّن لـه الفاحشة، وتخادعه أنه قد غاب عن الحسيب والرقيب.
ويا ترى ماذا يدور في خاطر تلك الفتاة المسكينة؟ و ماذا يتحرك في نفسها؟ وهي ترى نظيرتها الأوربية والأمريكية، على حالة من التفسخ والانحلال، وقد تأبطت ذراع شاب عربيد، يجوبان الشوارع على أنغام الموسيقى الصاخبة فكم من القيم تهتز؟! وكم من المبادئ والأخلاق تذهب أدراج الرياح؟! وكم من القناعات الراسخة تتغير وتتلاشى من خلال رؤيتهم لتلك الحياة الغربية؟! وكم من الشباب الذين رجعوا من هناك محملين بأفكار مسمومة، وشهوات محمومة؟ قد غُسلت أدمغتهم، ومُحيت ديانتهم، فأصبحوا لا يطيقون المكوث في ديار الإسلام، وودوا لو تغيَّرت أوضاع مجتمعاتهم، فأصبحت تحاكي المجتمع الغربي في كل شيء، إلا في التقدم العلمي، والمادي.
جلباب الحياء والستر
وكم من الفتيات اللاتي خلعن هناك جلباب الحياء والستر والعفاف، فإذا عادت من هناك وقد ألفت التبرج والسفور، والتفسخ والركض وراء المشتهيات، لم تجد ذلك في بلدها، فإذا بها تضيق ذرعاً بدينها، فتتمنى رجوعها أو تَحول بلادها، وما حوادث تحرير المرأة، والمطالبة بقيادتها عنا ببعيد.
وكم من الأزواج الذين رجعوا إلى بلادهم، وقد نقلوا إلى زوجاتهم الهدايا التذكارية، التي لا تنساها تلك المرأة العفيفة الطاهرة، فيا ترى ما تلك الهدية؟ إنها مرض الإيدز ونحوه. كم من العفيفات الطاهرات أصبن بهذا المرض الخطير، من جراء أزواجهن الذين ارتكبوا الفاحشة، ومارسوا جريمة الزنى ـ عياذاً بالله من ذلك ـ فما ذنب تلك المسكينة؟! وما جرمها؟! بل يعد الأمر أعظمُ من ذلك، حتى نقل ذلك الأب المتحرر مرض الإيدز إلى الطفل الذي في رحم أمه؟! الطفل الذي لم تطأ قدمه الأرض، الطفل الذي لم يرتكب ذنباً ولم يفعل جرماً ، تطأ قدمه الأرض وهو يحمل مرض الإيدز، بأي ذنب قتلت؟
مظاهر براقة
إن بلاد الكفر فيها من المظاهر البراقةِ، والحضارة الزائفة ما ينخدعُ بها ضعافُ الإيمان، فتُعظمُ تلك البلاد وأهلها في صدورهم، وتَهون في أنظارهم ديار الإسلام، ويحتقرون أهله، لأنهم ينظرون إلى المظاهر دون الحقائق، فبلاد الكفر وإن كانت تكسى بالمظاهر البراقة، إلا أن أهلها يفقدون أعز شيء، ألا وهو الدين الذي به تطمئن القلوب، وتزكو به النفوس، وتصان به الأعراض، وتحقن به الدماء، إنهم يفقدون تلك المقومات، فماذا تفيدهم تلك المظاهر الجوفاء؟! وماذا ينفعهم جمال طبيعتهم وحسن عمارتهم؟ مع خواء نفوسهم، فلا دينٍ يردعهم، ولا نظام يزجرهم، ترى كم من الجرائم ترتكب؟! وكم من الأموال تنتهب؟ وكم من النفوس تقتل وتختطف؟ وكم من الأعراض تنتهك؟! إن ممارسة الجريمة في تلك البلاد، لم تعد تأخذ طابع الارتجال والفردية، ولكنها أصبحت اليوم جريمة منظمة، وعصابات مدربة، يرأسها مجرمون محترفون، وخبراء متمرسون، جعلوا من الحياة جحيماً لا يطاق، وعذاباً لا يُحتمل، وانطلقوا يسفكون دماء الناس، وينتهكون أعراضهم، في ظل غياب الجزاءات الرادعة، والعقوبات الحازمة، فأي سياحة تلك التي يبحثون عنها، في تلك الأجواء المخيفة المضطربة؟! ولنا أن نتساءل بمرارة، هل من بغض الكفار وكراهيتهم التسابق إلى بلادهم، والتفاخر في طول الإقامة بين ظهرانيهم؟! إن علينا أن ننصاع لقول الله جلَّ وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ } [الممتحنة: 1].
ويطالب الدكتور المسيميري بأن نقوي حاجز النفرة من أعداء الله في النفوس، ونُحكم عقيدة البراء في القلوب، فلا يكون منا إليهم ركون، ولا بهم وثوق، لا نلقي إليهم بمودة، ولا نشد معهم وثاق ولاية، لقد عايش المسلمون الحملات الصليبيةِ الأولى، فهزموا في كثير من مواقعهم، واحتل الصليبيين كثيراً من مدنهم، واستمر وجود الصليبيين نحو قرنين من الزمان، ومع ذلك كان المسلمون ينظرون إليهم بازدراء وامتهان، كان المسلمون ينظرون إليهم على أنهم همج ، خُلقهم الدياثة وعدم الغيرة، وذلك أن عقد الولاء والبراء كان محكماً، وحاجز النفرةِ كان قائماً، أما عندما ضَعُف هذا في نفوس كثيرٍ من المسلمين اليوم، تميعت كثير من مجتمعات المسلمين، وأصبحت سِلالاً فاغرة فاها، تُلقى فيها زبالات النصارى الفكرية، ورذائلهم السلوكية، وإن العاصم من هذا الميع، هو شد عقد الولاء البراء في القلوب، وتقوية حاجز النفرة في النفوس، وذلك بالتذكير بحقائق هذه الديانة، ومكامن هذه العداوة.
وقال: قد يتشبث بعض المسافرين بحججٍ واهية، وأعذارٍ ساقطة، فيدعي رغبته في تعلّم اللغة الأجنبية، أو إجراء فحوصات طبية، أو بضغط الأسرة والأولاد، أو البحث عن الأجواء الجميلة، والمناظر الخلابة، أو يتعذرون ونحو ذلك من هاتيك الدعاوى.
وأقول لمثل هؤلاء، إن الله جلَّ جلاله يعلم ما تسرون وما تعلنون، والله سبحانه أجل وأعظم، من أن يخادعه مثل هؤلاء، فتعلّم اللغة أمر ميسور في بلادنا، وأما الفحوصات الطبية، فلا يعجز أصغر مستشفى في بلادنا عن ذلك بإذن الله تعالى. وأما الأسرة والأولاد فيقول الله جلَّ جلاله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
مصائف ممتعة
وأما عن الأجواء والمناظر الخلابة، فهي ولله الحمد متوفرة في بلادنا، فالإقامة في الطائف، تهيئ للمصطاف الأجواء اللطيفة الممطرة، والمصائف الجميلة الممتعة، فضلاً عن القرب من المسجد الحرام، بحيث ينـزل المصطافون في كل أسبوع أو أسبوعين، يجددون إيمانهم، ويسعدون قلوبهم، ويحفظون أولادهم وذراريهم، هذا إذا كنا نبحث عن الترويح البريء، والمتعة المباحة، أما إن كانت هناك مآرب أخرى، فالله يقول{ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40] . { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 132].
إننا نقول هذا، ولا نلقي الكلام جزافاً، ولا ننطلق من عواطف وانفعالات جيَّاشة، فالله جلَّ جلاله حكيم في نهيه عن البقاء في ديار الكفر، وتوعده سبحانه من يفعل ذلك بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [النساء: 97].
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، بحرمة السفر للخارج فقالوا: لا يجوز السفر لبلاد أهل الشرك إلا لمسوغ شرعي وليس قصد الفسحةِ مسوغاً للسفر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"
ولذلك ننصحك بعدم الذهاب لتلك البلاد ونحوها للغرض المذكور لما في ذلك من التعرض للفتن والإقامة بين أظهر الكفار وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين" وجاء في هذا المعنى أحاديث أخرى. وبالله التوفيق.