حقوق الإنسان الحكومية والأهلية لو تركت ملاحقتها للصحف بحثاً عن قضايا تتبناها والتفتت إلى بعض الأنظمة المتبعة في الجهات المهنية والوظيفية لوجدت الكثير من الإجراءات داخل الأجهزة تهضم حقوق الإنسان الموظف! وإذا كان الموظفون من الرجال قد يحصلون على حقوقهم أحياء وأمواتاً إذا لهثوا راكضين وراءها أحياءً وبعد الموت يكفلها لهم النظام الوظيفي، فإن الموظفات من النساء مهضومات الحقوق أحياء وأمواتاً، وبالتالي حتى لو ركضن لن يجدن غير قبض الريح وسف الهواء!! وإذا كان الموظف الكادح يستطيع بعد جهد جهيد الدخول إلى مكتب المدير أو مقابلة المسؤول للدفاع عن حقه فإن الموظفة لن تستطيع وليس أمامها غير توكيل ولي أمر يقوم عنها وهي تقعد ولا عزاء لمن ليس لديهن ولي أو وليهن يتجبر ويتكبر ولا يلين إلا أن ترشيه!!! وهكذا تمضي بهن دوامة الحياة.. ولنضرب مثلا حتى لا يكون حديثنا وهمياً.. نظام التقاعد وحقوق المتقاعدة من النساء التي تؤخذ من فمها أثناء حياتها وهي على رأس العمل بحجة انتفاعها منها عندما تحال على التقاعد! هذه الحقوق ماذا يجري لها إذا توفيت الموظفة وهي على رأس العمل؟ أو إذا ماتت وهي في رحلة علاجية مثلاً وليست على رأس العمل؟! الذي يحدث أن الشروط التعجيزية تحول دون ورثتها للانتفاع من هذا الحق! قضي الأمر وعلى الورثة الاستسلام لشروط تمنع أكثر مما تمنح تحول بينهم وبين ما خصم من مورثتهم باعتباره كان مرتبها الوظيفي فلا هي انتفعت مما خصم منها وهي حية ولا هي تركته لورثتها ينتفعون منه بذكراها وهي ميتة! وإذا كان النبل والسمو في الشريعة السمحة يدعو إلى فضيلة اذكروا محاسن موتاكم فإن الموظفة المسكينة ما أن تموت حتى ينسى محاسنها النظام الوظيفي والمعنيون بمعاشات التقاعد! والسؤال أين تذهب حقوق المتوفاة وليس لها أبناء ولا أب أو أم أو زوج؟! بمعنى آخر ما يؤخذ من النساء الموظفات وهن على رأس العمل تحت مسمى التقاعد لا يرد إليهن إلا في حياتهن وبعد وفاتهن تجعل منه الشروط التعجيزية نسياً منسياً!!! وليت أن الذين اقتطعوه بقوة النظام الوظيفي يفعلون به شيئاً لها بعد وفاتها مثلاً المساهمة به باسمها في وقف إنساني، صدقة جارية، أي شيء ينفعها وهي في أمس الحاجة لذلك تحت التراب! بالرغم أنه أجرها المؤجل وحقها المتحفظ عليه لرده وليس لبلعه!
انظروا إلى أوضاع المرأة في ظل أنظمة التقاعد والتأمينات، وبدل المواصلات الذي تحظى به الموظفة التي يقع عملها في مدرستها بجانب بيتها في المدينة أكثر مما تحصل على قدره الموظفة العاملة في منطقة يسمونها وظيفياً نائية!! إنهن نساء يتساقطن كل يوم من وجع الإجراءات اللاحقوقية.. المشكلة أن الجميع لا يدندن إلا على قيادة السيارة..!
