مسفار!!
يأبى بعض المواطنين إلا أن يسئ إلى سمعة هذا الوطن الشامخ ، وبالتالي يشوه سمعة ابن هذه الأرض الطاهرة ، بتصرفات أقل ما يقال عنها أنها غير مسئولة ، وغير لائقة ، وغير أخلاقية ، ومن ذلك ما نشهده من زحف صيفي كبير ، إلى بعض البلدان العربية والإسلامية ، والعيث فيها فسادا ، والانتهاب من الملذات ما أتاحه له الوقت ، والمال المتوفر ، على حساب الدين والأخلاق..
وقد كانت مثل هذه التصرفات في زمن مضى وبالتحديد بعد الطفرة الاقتصادية الأولى قاصرة على الشباب المراهقين ، الذين نزلت الثروة فجأة على آبائهم ، فنثروها في جيوب أبنائهم ، لينهلوا من الملذات الدنيا ما شاءوا ، في كل بلدان العالم من تايلاند إلى لندن ، مرورا بعواصم عربية ، ساهموا في نشر الفساد فيها، وكانوا لا يتورعون عن اقتراف المنكرات ، دون وازع ديني أو ضمير..
أما في السنوات الأخيرة فإن المقبلين على الملذات أكثر عقلانية ، واكبر سناً ، ولديهم شيء من الحس الديني ، بما يكفي لقلب الحقائق ، وخداع النفس بتسمية تلك التصرفات بالزواج .. ولذلك انتشر ما يسمى بالزواج السياحي أو الزواج الصيفي(المسفار)..
وللآسف الشديد ، وكما قرأنا في بعض التحقيقات الصحفية ، أن ممارسي هذا النوع من الزواج هم من كبار السن والمتزوجين والملتزمين دينيا ظاهرا أو مظهرا فقط . وان كان الدين من تصرفاتهم براء..
وقد يسمونه زواج بنية الطلاق ، وهو نمط من الزواج لا يجيزه كثير من العلماء ، لما ينطوي عليه من خداع وإضرار بالطرف الآخر. ومن أجازه فبضوابط ، كأن يكون المقبل على الزواج مغتربا لمدة طويلة سواء للدراسة أو العمل أو التجارة احترازا من الوقوع في الحرام ، أما من يسافر كل فترة لبلد معين طلبا لهذا النوع من الزواج فهو نوع من التحايل ، وخداع النفس ويؤدي إلى أضرار وفساد كبير في المجتمع المقصود , وأضرار قد تطال هذا الرجل الباحث عن المتعة المؤقتة في نفسه وأسرته ..
الجميع يعرف أن هناك مكاتب تجارية ، ووسطاء يرعون هذا النوع من الزواج (الشكلي)، ويتكسبون منه ، وذلك باستغلال الفقر المادي لعائلة البنت ، والغنى المادي مع الفقر المعنوي الأخلاقي لطالب هذا النوع من الزواج الصوري ، وان كان المبلغ المدفوع هو ثمن بخس لا يتعدى ألفان ريال سعودي في إحدى بلدان شرق آسيا المعروفة ، تكفي للتمتع لمدة أسبوع بزواج غير موثق رسميا ، تكون نهايته طلاق وجنين يتحرك في الأحشاء ، ثم ابن أو بنت تتحرك في الشوارع ، عند كل إشارة طلبا للمساعدة، وربما مر به أو بها والده يوما ما ، ودس بيده عمله رديئة وسخة مثل قلبه دون أن يعلم أنه ابنه.. ليدفع الابن وأمه ثمن نزوة عابرة .. وأسالوا السفارات السعودية عن المآسي التي تنشأ عن ذلك..
لقد جعل بعض ضعاف النفوس موسم الصيف موسما لرواج تجارة الرقيق الأبيض ، بحيث ازدهرت وكالات التزويج والوساطة للجمع بين الرؤوس الخاوية ، وما تبع ذلك من أفراد يرتبطون بهذه الخدمات من سائقين وخادمات ومسهلي مهمات وأصحاب شقق وفلل ومأذونين وشهود وأولياء يقومون بأدوار ثابتة لا تتغير في مسرحية الصيف الدائم (زنواج .. أو كيف تقارب الفاحشة دون أن تشعر بتأنيب الضمير) ..
بل إن من الزوجات من تدرك أنها كانت ضحية ، فتستمرئ هذه اللعبة وتنغمس فيها ، وتلعب هذا الدور مرات عديدة في الصيف الواحد دون أن تعتد بعد التطليق ، ودون أن تراعي أو تهتم لذلك ، وهذا دليل على أن الجميع يدركون أنها مجرد تمثيلية ، يعلب الدور الرئيس فيها (الشرير) رجل ثري قادم من وراء البحار ، وللأسف من بلد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي ، جيوبه ملأ بالدولارات ، وقلبه خال من الإحساس ، فالمسألة صارت تجارة وشفط جيوب الأغبياء القادمين من الجفاف ، والذين أعماهم السعار الجنسي عن رؤية الجانب اللاانساني والمردود السلبي لتلك الكوميديا السوداء على جميع الأطراف بما فيها سمعة المواطن السعودي المسلم..
إنه ليس زواجا ، فالزواج رحمة ومودة ، وسكن وسكينة ، وليس رحلة لمدة أسبوع أو شهر ، يتمتع فيها الرجل ثم يخلف وراءه كارثة ومأساة ، فيخسر دينه ودنياه مقابل سويعات من اللذة الرخيصة ، ونخسر نحن السعوديون سمعتنا واحترام الآخرين ..
