إنها بوصلتي إلى الشمال ! عندما يدلج ليلي أجدك مثلها نورا على نور
وهدى للتائهين أمثالي.
يا أنت !
لا أبالي إن قطّبت الأيام وجهها فلديّ درب مضيء ومخضلّ
أستعصره من شفتيك لهبا يلوح فيبوح
فأباهي به هذه الشمس التي تغيب
أنت لا تغيبين فسنابلك تتمايل كل يوم فماذا أريد ؟
تلك الينابيع الثرة تتفجر كلما رأيتك
يا للحظ الذي يأتي مع الربيع
إنه يشبهك كرفيف فراشات الطيف
إنك عالم أتلمظ رحيقه من خلايا النحل
وأسمع أغنياته من وراء الكهوف التي تحتجزني
فأتوق
وأتفلت
وأتساءل :
متى تنطلق قيودي لأهيم في غاباتك وسط التلال ؟
أتمنى أن أغوص فيك حتى أختفي من عالمي المثقل بالخشب فهو ينوء بكاهلي
أتمنى أني اتكئ على نهد منك أشهى من الورد في واحة الغروب.
لا أعلم إن كان له لغة من شمس أو إطلالة من سحاب ؟
لكنه شفق
كم مرة صحوت أتلمس تلك الوسادة وما حولها !
فيخيب ظني أنها ليست ذات الملمس الـذي يشبهك
فأعود للخيال الرحب مرة أخرى !
تلك الفرس الجموح أعشقها لتوغل بي في غاباتها اليانعة
لكنها ستائر من حرير تعريها الرياح .
أيتها الرياح
هل تظنين أنني أبالي بتلك الرماح التي توخزني ؟
لست أنت أقوى من ذاكرتي ولا الصيف أشد لهبا من شفتيها
وعهدٌ عليّ لأسرجنّ خيولي خيلا بعد خيل
ولأنقشنّ الماء بزوارق النار التي تعرفين .
منذ زمن وأنا أرسم بحارا بلا سفن
وسماء بلا قمر
وأرضا بلا نخيل
لست عاجزا عن رسمها لكن يدي لا تطاوعني أن أرسم ما ليس به روح .
هل تعلمين أني فكرت أن أنقش اسمك على معصمي؟
لكن الناس سيسألون وكيف يصدقون أنك منقوشة في قلبي ؟
سأعذرهم كثيرا لأنهم لا يعلمون مدى حبي لك .
وأن وجودي ليس ذا معنى من غير أنفاس منك هي نسيم كصبا الشرق .
هذا الفم النبيذ..
هو سحر يجعلني أترنح في موسم التلال المعشبة .
أنت عالم جامح ومدى يفيض أغرق فيه أتخبط بكلتا يدي
لا أسمع فيه إلا ضجيج أنوثتك .
وتسألني لماذا أحببتني ؟
لا أعلم إن كان يغسلك القمر
أو فيك رشة من ندى الزهر
كل الذي أعرفه أنك عندما تفتحين نافذتك ذات شتاء قارص .
سترين رجلا قابعا على الناصية .
متلحفا ومتلهفا ينظر للنافذة .. ذلك هو أنا !
أؤمن أن السماء لا تهب إلا حبا واحدا
وأنت حبي الذي لا أستطيع أن أخبئه عن عالم الطيور والفراش والنجوم .
سأرويه للمارة
وللأطفال
وتحت ظلال الأشجار
وأكواخ الفلاحين
وأشرعة الصيادين .
إنها حكاية أسطورة تدفعهم للحياة .
فربما اتجهت بوصلتهم _ مثلي ـ إلى الشمال !
