أمريكا تنتحر00000000نهاية التأريخ0
المصدر:
مجلة البيان العدد 169 رمضان 1422 للكاتب القدير عبد العزيز كامل
http://www.albayan-magazine.com
مقدمة هامة:
وجاء دور أمريكا
جاءت أمريكا ـ بعد أمها العجوز بريطانيا ـ لترث العداء للمسلمين، ولتسكب الزيت على النار ولتعلنها حرباً (عالمية) على الإسلاميين بعد أن استقر وصفهم بـ (الإرهابيين)، وجاءت لتعلن تلك الحرب باسم الصليبية بعد أن سبقتها حروب عديدة باسم اليهودية، بدعم غربي أوروبي وأمريكي، وكأن أمريكا وحلفاءها لم تكفهم تلك الحرب المستعرة على الإسلاميين في أكثر بلدانهم، حتى أعلنوها عليهم في سائر بلدان العالم!! وكانت أحداث (سبتمبر/ أيلول) إشارة البدء لتلك الحرب المبيتة بليل.
إنها لا تستهدف ـ كما يشاع ـ حكومة أفغانستان أو تنظيم القاعدة فقط، وإنما تستهدف كل حركة نشطة على وجه الأرض تسعى لاستعادة حق من حقوق المسلمين؛ ولهذا أعلنت أن حملتها قد تشمل ستين دولة، وقد تستغرق عشر سنوات، أو ربما خمسين سنة، كما قال رئيس الأركان البريطاني.
لقد تعهدت أمريكا بمحاربة ما أسمته (الإرهاب) في العالم كله، ومهدت منذ زمن لذلك بإدراج ست دول عربية وإسلامية ضمن ثماني دول صنفتها بأنها (راعية للإرهاب) هذا على مستوى الدول، وأما على مستوى الجماعات والمنظمات فقد تناوبت أمريكا مع بريطانيا في ذلك عندما أعدت قائمة تضم ستين منظمة (إرهابية) في العالم يشتمل أكثرها على جماعات إسلامية.
ثم أعلنت بريطانيا ـ مؤخراً ـ قائمة أخــرى أضافت فيها جماعات (حماس والجهاد) الفلسطينية و (حــزب الله) اللبنانــي؛ وهــذا يتيح لـ (إسرائيل) مباشرة أن تحاربهم بالشراسة التي تحارب بها أمريكا في أفغانستان دون نكير من المجتمع الدولي؛ لأنها تحارب (الإرهاب)!
إذن فالحرب التي أعلنتها أمريكا وحلفاؤها على الإسلاميين لم تترك بقعة ساخنة في العالم الإسلامي إلا وشملته؛ فهم يريدون أن يحاربوا أو بالأحرى أن يقضوا على الإسلاميين الذين يتصدون لجهاد الأعداء في كل البلدان حتى تلك التي تمارس جهاداً مشروعاً بمقتضى ما يسمى بـ (الشرعية الدولية)؛ فهم يريدون أن يقضوا عليها في فلسطين، وفي جنوب لبنان، وفي كشمير، وفي الشيشان، وفي البلقان، والقوقاز، وبلدان آسيا الوسطى، ولكن البداية كانت من أفغانستان.
وكأن أمريكا تريد أن تخوض حروباً بالنيابة أو الاشتراك للدفاع عن اليهود وعن الروس وعن الهندوس وعن سائر الكفار والمشركين، وهي إذ تعلن البدء بالإسلاميين في تلك المناطق التي يمارس فيها الجهاد الإسلامي المشروع، لا تخفي نيتها في التثنية بالجماعات الإسلامية التي لم تجاهد بعد في بقاع أخرى من العالم، مدعية أن تلك (ملاذات للإرهاب)!! فهي تريد فعلاً أن تحارب كل الإسلاميين في كل أنحاء العالم! وهذا والله وتالله وبالله هو الانتحار عينه!
لماذا؟!
لأن أمريكا بذلك قد فتحت على نفسها أبواب الجحيم، وستجعل نفسها محلاً لجهاد كل الموحدين في كل أرض ستعتدي عليها، وهؤلاء الموحدون إن كانوا يعدون اليوم بالآلاف، فإن إعلان أمريكا للحرب ضدهم سيحولهم إلى ملايين؛ فهل لأمريكا قِبَلٌ بأن تواجه ملايين المجاهدين؟!
إن الجهاد في الإسلام فريضة مكتوبة على كل مسلم إذا دهم الأعداء أرضاً من أراضي المسلمين؛ فهل تفهم أمريكا ذلك؟ وهل تعي أنها ستفرض بنفسها على المسلمين أن يوجهوا جهادهم ضدها كلما دهمت أراضيهم؟!
الجهاد واجب إدا دُهمت أرض واحدة للمسلمين؛ فما الحال إذا دهمت أمريكا بنفسها أو تحت إشرافها ـ إلى جانب أفغانستان ـ أرض كشمير، وأرض الشام، وأرض اليمن، وأرض السودان، وأرض باكستان، وأرض الشيشان، وغيرها وغيرها من بلدان المسلمين؟! إنه الجنون..
إنه الانتحار! ألا يوجد عقلاء يبلغونها هذه الرسالة؟ إنه ومهما كان بحوزة أمريكا من السلاح والعتاد، ومهما توافر لديها من الكبرياء والغطرسة والعناد، فإنها ليس لديها رجال، ليس لديها (مجاهدون)! وإذا كان لديها بعض رجال فهم لا يقدَّرون بالملايين، ولا ينتشرون في سائر أرض الله كالمسلمين.
إن أمريكا تنتحر بإصرارها على المضي في هذا القرار الفائر الجائر بمحاربة كل الإسلاميين المجاهدين الساعين إلى التحرر في العالم، وليس هذا القرار فقط هو سبب قطعنا وتأكيدنا بأن أمريكا تنتحر، بل إن هناك أسباباً بعد أسباب تقف وراء التأكيد بأن أمريكا تنتحر وقد رصدت أبرزها، وأترك للقارئ أن يتابع ما لم أذكره وما سوف يتجدد منها:
خطوات نحو الانتحار:
• أمريكا تنتحر: عندما تُقدِم على أكبر وأخطر أسباب الهلاك وهي: إعلان الحرب على الله...! فهل أعلنت أمريكا الحرب على الله؟!.. نعم أعلنت ذلك بإعلانها العداء والحرب على أولياء الله، وقد حدَّث رسول الله الناس جميعاً ـ عليه الصلاة والسلام ـ عن جبريل ـ عليه السلام ـ عن الرب ـ تبارك وتعالى ـ أنه قال: «من عادى لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة»(1)، والمسلمون الصادقون العاملون كلهم أولياء الله، وأمريكا لم توجه عداءها واعتداءها على ولي واحدٍ من أولياء الله، بل أعلنت ذلك على الملايين من أولياء الله بعد أن أسمتهم إرهابيين؛ ولهذا نؤمن أن الله ـ تعالى ـ قد آذنها أيضاً بالحرب، كما جاء في الرواية الأخرى الأشهر من الحديث: «من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب»(2)؛ فمن ينصر أمريكا من بأس الله إن جاءها؟! •
وأمريكا تنتحر:
عندما تجعل نفسها عرضة لجريان سنن الله على الظالمين الجبارين من أهل المكر والبغي، وفي الحديث: «أسرع الشر عقوبة: البغي وقطيعة الرحم»(3)، وفي الأثر: ثلاث من كن منه كن عليه: المكر والبغي والنكث، قال ـ تعالى ـ: ] وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ [[الأنعام: 123]، وقال: ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُم[ [يونس: 23] وقال: ] فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [ [الفتح: 10]، ونحن نعتقد أن خطة المكر الكبرى من أمريكا وحلفائها ضد الإسلاميين في العالم سوف تقابل بتدبير أكبر وأعظم ممن له المكر جميعاً ـ سبحانه وتعالى ـ: ] وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ[ [النمل: 50، 51].
• وأمريكا تنتحر:
عندما تصر على كسب المزيد من عداء المخلوقين بعد سخط الخالق جل وعلا؛ فبدلاً من أن ترجع عن أسباب كراهية الناس لها من سياسات الحصار الظالم والعقوبات الجائرة، ونصرة الظالمين على المظلومين، وفرض الهيمنة والإذلال على الدول والشعوب، إذا بها تضاعف من جرعات ذلك الظلم، وهذا سيجعل ضحاياها يستعجلون بطش الله بها وانتقامه منها، ويعملون ضد مصالحها سراً، لو عجزوا عنه علناً.
• وأمريكا تنتحر:
عندما تتخبط داخلياً، فتخسر شعبها بعد خسارتها لشعوب العالم، وقد بدأت بوادر ذلك بتذمر السود من سوء التعامل معهم بعد الضربات الجرثومية التي يتركز خطرها عليهم؛ لأنهم أكثر موظفي البريد، ومع ذلك لا يلقون من الاهتمام الحكومي بسلامتهم ما يماثل الاهتمام الذي يلقاه البيض، وقد بدأت تتزايد الانتقادات العلنية لإدارة بوش السيئة في معالجة كل الأزمات الأخيرة سياسياً واقتصادياً وإعلامياً وثقافياً وعسكرياً وأمنياً.
• أمريكا تنتحر سياسياً:
عندما تضرب بعرض الحائط القوانين والأعراف وأسس التعامل السياسي بين الدول مصرة على فرض أطروحتها المثيرة للسخرية والسخط: (من ليس معنا فهو ضدنا)، وكذلك عندما ترسي مبادئ مناقضـة ـ بصـورة عملية ـ لما درجت على التشدق به باسم (الشرعية الدولية) فأين الشرعية الدولية في دك المدن على المدنيين؟ وأين هي في التدخل العسكري المباشر في الشؤون الداخلية للدول؟ وأين الشرعية الدولية في الإجراءات المفروضة لتثبيت الحكومات المرفوضة من شعوبها؟ وأين الشرعية الدولية في التنكيل بما يسمى بـ (قيم الديمقراطية الغربية) خارج أمريكا، تلك التي تسحقها أمريكا الآن في أفغانستان بتدبير أقذر انقلاب عسكري في التاريخ؟! تحت سمع وبصر منظمة الفيتو الخماسي، الظالمة المتحدة علينا!
• وأمريكا تنتحر اقتصادياً:
عندما تصر على المضي إلى النهاية في حرب تبدو خاسرة، ستكلفها شهرياً 1.2 مليار دولار، كما قال غوردون آدمز مدير قسم السياسات الأمنية بجامعة جورج واشنطن، وهي الحرب التي رصد لها بوش مبدئياً 40 مليار دولار، وقد تتضاعف بتزايد مدة الحرب هذا بخلاف الخسائر الخيالية لشركات التأمين والتكلفة الدبلوماسية والأمنية والصحية لمجابهة الآثار الداخلية لشن الحرب، وكل هذا لا يساوي شيئاً إذا ما قورن بالآثار الحالية والمستقبلية لضربات سبتمبر التي قال عنها بوش في (30/10/2001م): «إنها ضربت أسس الاقتصاد الأمريكي»! وقد أظهرت الدراسات أن الناتج الأمريكي انكمش بنسبة 4% بعد الأسابيع الثلاثة الأولى من أحداث واشنطن ونيويورك، وينظر المحللون إلى هذا الانخفاض على أنه مؤشر رسمي إلى أن أكبر اقتصاد في العالم في طريقه إلى التراجع، وقد يحتاج ـ كما قال بوش ـ إلى 100 مليار دولار لمحاولة إدخاله إلى غرفة الـ (إن عاش)! والغريب أن أمريكا ماضية رغم ذلك في نفس الطريق الذي أوصلها إلى منحدر 11 سبتمبر!
• وأمريكا تنتحر إعلامياً:
بعدما بدأ دولابها الإعلامي الهائل يفقد المصداقية والاحترام، فهو بدلاً من أن يقوم بتغطية الأحداث بتجرد ـ كما يحب أن يشتهر ـ إذا به يغطي على حقائقها، ويعتم على مشاهد الخراب والقتل والدمار الذي يتعرض له المدنيون في أفغانستان، وأصبحت محطات التلفزة الإعلامية العملاقة في أمريكا ترى في الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي تطل منها أفغانستان على العالم وهي (قناة الجزيرة) منافساً عنيداً لها؛ لأنها اكتسبت ثقة الحكومة الأفغانية فسمحت لها بتغطية الأحداث، ولأول مرة يجد الإعلام الأمريكي نفسه في حرج بالغ وهو يضطر لعرض مؤتمرات الكذب اليومية التي يظهر فيها وزير الدفاع الأمريكي (دونالد رامسفيلد) وهو ينافس مسيلمة الكذاب في قلب الحقائق، كأي ضابط متخلف في نظام دموي جاء إلى السلطة بانقلاب عسكري، وتزداد فضيحة الإعلام الأمريكي وهو يتستر على أخبار النكسات العسكرية التي منيت بها أمريكا وحلفاؤها في أسابيع الشهر الأول من الحرب؛ حتى بدا وكأنه يخضع لرقابة صارمة كتلك التي طالما عيرت أمريكا بها دول العالم الثالث!
• وأمريكا تنتحر ثقافياً وحضارياً:
عندما تجعل من ثقافتها الهليودية السينمائية القائمة على عبادة القوة، وتأليه الآلة وتقديس الثروة مثالاً للتندر والتفكه، بعد أن رأى العالم عجز تلك الثقافة عن إيجاد نموذج حضاري محترم؛ فها هي قيم أمريكا (الحضارية) تتهاوى وتتساقط بعدد سقوط القنابل الانشطارية والعنقودية على الأيتام والأرامل والمدنيين العزل في أفغانستان، وها هي تلك (القيم) تستخرج من خزائن قارون العصر فتاتاً من الطحين والبسكوت موضوعة في مغلفات صفراء تتطابق في شكلها ولونها مع القنابل الانشطارية، لتطعم أطفال أفغانستان وجبات قاتلة مشفوعة برسائل (ثورية) تدعو الأفغان للتمرد واستعجال مجيء المستعمر الجديد!
• وأمريكا تنتحر عسكرياً:
عندما تعرِّض سمعتها العسكرية (المهيبة) للتنكيل على جبال أفغانستان؛ فتداعيات الحرب تظهر أن الآلة الجهنمية الجبارة بصواريخها الذكية والغبية تبدو عاجزة عن حسم المعركة، لا ضد معسكر شرقي، أو تحالف غربي أو جبهة دولية أو قوة عظمى ولكن ضد (حركة) !! فطالبان التي لا تريد أمريكا ولا العالم معها أن يعترفوا بها إلا كحركة ـ ازدراء واحتقاراً ـ يشاء القهار الجبار أن يجعلها سبباً في تمريغ كرامة الجيش الأمريكي في التراب، بإسقاط مروحياته وقتل جنــوده وأســر عملائه، واضطـراره ـ لفترة أسابيع طويلة ـ لأن يختبئ بطائراته الجبانة فوق السحاب، ممطراً حمم الموت على رجال يخشى الأمريكيون رؤيتهم إلا بالمناظير المكبرة من ارتفاع آلاف الأميال!
• وأمريكا تنتحر أمنياً ومخابراتياً:
عندما يتتابع فشلها في اكتشاف أو مواجهة الأخطار التي هددت ولا تزال تهدد الأمن القومي الأمريكي في الداخل والخارج؛ فبعد أن أُخذت على غرة في أحداث سبتمبر ـ في وقت كانت تخمِّن فيه أن الضربات ضد مصالحها ستكون في اليابان أو كوريا أو الشرق الأوسط ـ إذا بها تتخبط في الوصول إلى منفذي عمليات (الحُمام) الزاجل المرسل كالطير الأبابيل. ولا يختلف الأمر كثيراً إذا كان ذلك الإخفاق حقيقياً في الوصول إلى الفاعلين أو مجرد تستر على المنفذين إذا كانوا أمريكيين؛ بل إن ذلك سيكون إخفاقاً مزدوجاً؛ لأنه تستر غير محكم، ولا بد أن ينكشف عن فضيحة مدوية لجهاز الـ (سي. آي. إيه) ذلك الجهاز الرهيب الذي طلب لفرط فشله «مخبرين» من الشرق الأوسط ليقدموا له مساعدتهم وخبرتهم في الكشف عن الأخطار التي تهدد الأمن القومي الأمريكي!
• وأمريكا تنتحر:
عندما تتجاهل بغباء أو بعناد خطر الإرهاب الصهيوني الداخلي المزدوج، بشقيه النصراني واليهودي؛ فالجماعات والمنظمات الدينية: اليهودية والإنجيلية، تتربص بوحدة أمريكا منذ فترة طويلة، وعندما تصر أمريكا على التعامي عن هذا الخطر، فإن ذلك سيعجل بتحقيق هدف تلك الجماعات على نحو قريب جداً مما فعله اليهود بتركيا، عندما نخروا فيها من الداخل لكي يسقطوها ثم يعتلوها سهلة وطيئة، وذلولة للراكبين!! • وأمريكا تنتحر: عندما تبالغ في جر حلفائها طوعاً أو كرهاً إلى ما تراه في صالحها دون اعتبار لمصالحهم، فتخرج بذلك أضغان الشعوب عليها، حتى الغربية منها، وما خروج مئة وخمسين ألف متظاهر في بريطانيا وآلاف أخرى في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، وأضعاف ذلك في باكستان وإندونيسيا وماليزيا، إلا دليلاً ساطعاً على عدم وجود فرص كبيرة للنجاح أمام (التخالف الدولي) الذي تريد أمريكا أن تتكئ عليه في محاربة الإسلاميين في العالم؛ مما سيعني في المستقبل القريب أن أمريكا قد تضطر إلى وضع بعض القوى المتحالفة معها في عداد القوى المخالفة لها، فيزيد بذلك معسكر (الضد) على معسكر (الإمعة).
• وأمريكا تنتحر:
عندما تبالغ في إحراج (أصدقائها) بإخراجهم في صورة الواقفين ضد أماني شعوبهم في الكرامة والاستقلال الحقيقي؛ وهي إذ تطلب من أنظمة الدول العربية والإسلامية أن تعطي برهاناً عملياً علنياً على انحيازها للأمريكان، تصنع بذلك وقيعة بينهم وبين شعوبهم بما يمكن أن يخلخل استقرارها الذي يخدم مصالح أمريكا ويطيل عمرها، وأمريكا تفقد بذلك أكبر سند يمكن أن يحول بينها وبين غضب الشعوب.
• وأمريكا تنتحر:
عندما تعرِّض قاعدتها الأولى في الشرق الأوسط (إسرائيل) لسيف الإسلام الضارب في بيت المقدس وما حوله؛ فهي بعد أن أطلقت كلابها اليهودية ضد رموز الإسلام ومقدساته وحرماته في فلسطين، ستجد نفسها ـ آجلاً أو عاجلاً ـ أمام حرب دينية صريحة بين الإسلام واليهودية في الأرض المقدسة، وهذا من شأنه أن يخلط بل يحرق، كل أوراق (اللعبة) الأمريكية في المنطقة.
• وأمريكا تنتحر:
عندما تفجر غضب الضعفاء والفقراء، وهم القطاع الأكبر من سكان الأرض، وهي لا تضمن أن يتحول هذا الضعف إلى قوة خارقة حارقة في أرجاء العالم، وبخاصة إذا تمادى بوش في بعث أوباشه في أنحاء متفرقة من الأرض لفرض واقع الهيمنة الجديد بالنار والحديد على المسلمين بعامة والإسلاميين منهم بخاصة، وقد أظهر بعض معالم تلك الهيمنة مهندس السياسة الأمريكية الخارجية لفترة طويلة ـ شارون أمريكا ـ اليهودي المخضرم المجرم (هنري كيسنجر) في مقالة بشر فيها صحيفة العرب الدولية عن مستقبل (الأصولية) بتاريخ (28/10/2001م) حيث قال: «في طريقة المعالجة الجديدة سيجري النظر إلى الإرهابيين بمنظور خاص ملائم، إنهم متوحشون، لكنهم ليسوا كثيرين، وهم لا يسيطرون على أرض بشكل دائم، وإذا ما جرت محاصرة ومحاربة نشاطاتهم من جانب قوات الأمن في جميع البلدان، في حال عدم وجود بلد يؤويهم، فإنهم سيصبحون خارجين على القانون، وطريدي العدالة، ويرغمون على نحو متزايد على تكريس جهودهم لمجرد البقاء على قيد الحياة، وإذا ما حاولوا اغتصاب جزء في بلد ما، كما حدث إلى حد ما في أفغانستان، فيمكن ملاحقتهم واصطيادهم بعمليات عسكرية. إن المسألة الرئيسية في استراتيجية مكافحة الإرهاب هي إزالة الملاذات الآمنة». ثم أردف قائلاً: «إن الحرب ضد الإرهاب لا تعني فقط تعقب الإرهابيين واصطيادهم؛ إنها تعني قبل كل شيء اصطياد الفرصة الاستثنائية التي تتوافر الآن لإعادة صياغة النظام الدولي»! إنها.. أسرع وسيلة للانتحار الأمريكي على الطريقة اليهودية الشارونية.
• وأخيراً: فإن أمريكا ستنتحر، وتنحر كل من يحالفها بالتعرض لقذائف الدعاء اليومي الذي يرمي الصالحون بسهامه في نحرها في جوف الليل وفي العشي والإبكار، وتسارعها إلى الانتحار سيزداد باستخفافها بنداءات من ينصحونها بإيقاف جرائمها في أفغانستان خلال شهر رمضان؛ لأنها ستستمطر بذلك دعوات مئات الملايين من الصائمين والقائمين والعاكفين والركع السجود، والله ـ تعالى ـ يقول لهؤلاء: ] ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم[[غافر: 60] فلندعُ... ولنلحَّ في الدعاء بأن يجيبنا الله ويحيينا حتى نسمع ونرى تفاصيل ذلك المشهد المثير لـ (انتحار أمريكا)...!
قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ[ [التوبة: 52].
المصدر:
مجلة البيان العدد 169 رمضان 1422 للكاتب القدير عبد العزيز كامل
http://www.albayan-magazine.com
منقووووووووووول