بقلم/ محمد رضا نصر الله
عندما أذهب متبضعاً، في سوق الخضار بالربوة، أو سوق الشمال، أشعر بحرج شديد، حين لا ألبي دعوة هذا البائع أو ذاك، وهو يقف - أحياناً - بكامل أناقته أمام معروضاته من الخضر والفواكه!! وسبب الإحراج أنهم في الغالب ينادونني باسمي.. وإذ أقترب منهم، أكتشف بعد حوار قصير، أنهم طلبة جامعيون، فهذا خريج تاريخ، وآخر جغرافيا وثالث إعلام!! إلى آخر هذه المخرجات التعليمية، ممن انعدمت حاجة سوق العمل إلى تخصصاتهم التقليدية. ..لذلك فهم بحثوا عما يسد رمق جوعهم إلى الوظيفة، والراتب الشهري المناسب، في سوق الخضار، خصوصاً بعد قرار سعودتها.. لكن هل تسعود السوق.. أم انه مايزال مثقلاً بالعمالة الوافدة التي تحصد أكثر من ثلاثين مليار ريال سنوياً، أموالاً سعودية مهاجرة إلى الأسواق الهندية والباكستانية والفلبينية!! في حين يظل شبابنا الجامعي عاطلاً عن العمل، بسبب استمرار العملية التعليمية على مناهجها القديمة، حين كان التوظيف مطلوباً من أي خريج جامعي، يحمل تلك التخصصات النظرية وشبيهاتها، مدرسين أو موظفين. اليوم وبعد خوض بلادنا تجربة التنمية والتحديث، انقلبت مقاييس التعليم، وبالتالي غدت الحاجة إلى تصميم هياكل مخرجاته، بما يتطلبه سوق العمل المفتوح على الاستثمارات في قطاعات عمل جديدة.. هذا فضلاًعن أن مؤسسات حكومية في الإدارة وشؤون التنمية والطب، ماتزال بحاجة إلى أطباء ومهندسين إليكترونيين وصناعيين ومديرين.. فهل جامعاتنا قادرة على الوفاء بهذه التخصصات عند الحاجة إليها؟! إن الدولة "تستقدم" حتى الآن مثل هذه التخصصات، وبنسب عالية، بينما أطباء ومهندسون ومدرسون سعوديون يبحثون عن موطئ قدم لهم، أمام أكثر من 90% من حجم العمل أجنبي ووافد يملأون مواقع المواطن في كل مجال ،،! ما السبيل إذن لإعادة التوازن بين المخرجات التعليمية وسوق العمل، بما في ذلك حاجة القطاعات الحكومية إلى تخصصات تسيّر مؤسساتها الخدمية؟ إنه بصريح العبارة يحتاج إلى إعادة نظر جدية في السياسة التعليمية.. هذه التي ينبغي أن تخضع لمداولة مستمرة، من أكاديميين متخصصين ورجال مال ومثقفين، لا وزراء وموظفين بيروقراطيين، تعميهم أحياناً ميكانيكية العمل الحكومي والأوراق والمعاملات، دون التفات إلى جوهر المشاكل الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية والثقافية التي تراكمت في بلادنا إلى حد يؤذن بالانفجار.. وبعد ذلك ينبغي إعداد تصاميم منهجية جديدة في جامعاتنا برمتها، وإغلاق التخصصات التي لا جدوى اقتصادية من وجودها.. وكذلك فتح المجال واسعاً أمام القطاع الأهلي للاستثمار في مجالات المعرفة والتعليم، وبالطبع فذلك كله يحتاج إلى بيئة إدارية متطورة، تتحرر من الإجراءات البيروقراطية لتنطلق بشبابنا نحو مواقع جديدة، تتجاوز بهم أسواق الخضار، أو شوارع الضياع، أو التورط في أعمال إرهابية، عندما يتوجه الأشرار لاستغلال فراغهم لأي عمل.. حتى لو كان تدميرياً ضد الذات والآخر.. النفس والمجتمع!!
ـــــــــــــــــ
تعليق
حسبنا الله ونعم الوكيل
اريد منكم ان تتجرؤا بكلمة حق هناااااااااا
كم وزارة
كم ادارة عامة
كم مرفق يتبع لهذه الوزارات والادارات
كم مؤسسة
كم شركة
كم وكم
وكم موظف
وكم متعاقد وفيم تعوقد معه
لو اخلصنا النية
لوجدنا لهؤلاء الجامعيين وظيفة
نعم وظيفة وحتى لاينظر الى الراتب والمرتبة
وظيفة ... فقط .
فراس
