في التهنئة بالعام الهجري الجديد
في التهنئة بالعام الهجري الجديد
في التهنئة بالعام الهجري الجديد:علماء يرخصون بالتهنئة وعلماء يرون التوسط في ذلك .. وعلماء يقولون لا تبدأ بها ولا تنكر على من يفعلها
* سماحة المفتي:
الهجرة العظيمة انتقل فيها الإسلام من حال إلى حال
شهر الله المحرم هو مبدأ التاريخ الهجري لأمة الإسلام والعاشر من محرم له شأن عظيم
* معالي د. ابن حميد:
المسلمون لم يصلوا بفضل الله إلى مرحلة الغثاء وبوسعهم في زمن العولمة أن يأخذوا موقفاً مشتركاً يعبر قارات الدنيا كلها
تحقيق: خالد بن عبدالله الراشد
عام جديد.. تستقبله أمة الإسلام مثلما استقبلت وودعت أعواماً أخرى.. ربما العام المنصرم لم يختلف عن غيره.. أحداث واحتراب وخلافات ومشاكل.. ونجاحات ولكنها قليلة على مستوى الأمة. ماذا قال علماؤنا الأجلاء عن العام الجديد؟
في البدايه تحدث سماحة مفتي عام المملكة العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ قائلاً:
صحّ عن رسول الله أنه قال: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل" شهر الله المحرم أحد الأشهر التي قال الله فيها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ (36)} [التوبة]. والأشهر الحرم: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، كانت أشهراً يحرم فيها القتال لتعظيمها، لعظيم أمرها، وكانوا في الجاهلية يحتالون على استباحتها، فإذا بدا لهم أمر، وأرادوا فعله في الشهر الحرام استباحوا الحرام، ونقلوه إلى شهر آخر، ولذا قال الله عنهم: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(37)} [التوبة].
واليوم العاشر من محرم له شأنه العظيم، ولكن قبل ذلك شهر الله المحرم هو مبدأ التاريخ الهجري لأمة الإسلام، فإن المسلمين في عهد عمر رضي الله عنه فكروا بأي شيء يؤرخون كتبهم ويعرفون الأحوال، فاستشار عمر المسلمين في ذلك، فاتفق رأيهم على أن الشهر المحرم هو مبدأ العام الهجري، هجرةِ محمد؛ لأنهم رأوا أنه آخر أشهر الحرم، فابتدؤوا به العام لينتهي العام بشهر حرام أيضاً وهو ذو الحجة.
يوم عاشوراء، اليوم العاشر من هذا الشهر له شأنه، فهو يوم عظيم من أيام الله، إن الأنبياء كانت تصومه، ولكن صح عندنا صيام نبيين من أنبياء الله لهذا اليوم، فأولهما صيام موسى بن عمران كليم الرحمن بهذا اليوم، وثانيهما صيام سيد الأولين والآخرين، محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه.
موسى بن عمران كليم الرحمن أحد أولي العزم من الرسل، هذا النبي الكريم عظم الله ذكره في كتابه، فجاءت قصته في القرآن ما بين مبسوطة وما بين موجزة، وفي قصص الأنبياء عبرة للمعتبرين، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ (111)} [يوسف ]، {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) } [يوسف]، {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ(49)} [هود].
الهجرة النبوية
كلما أرَّخ المسلم تاريخ يوم أو شهر، يقول: هذا (اليوم) العاشر من محرم من هجرة النبي ، فأشهرنا الهجرية تنسب إلى هجرة محمد، تلك الهجرة العظيمة التي انتقل الإسلام فيها من حال إلى حال، ذلكم أن نبيّكم بُعث على رأس أربعين من عمره، فمكث بمكة قرابة ثلاث عشرة سنة، يدعو إلى الله وإلى دينه، صابراً محتسباً، واشتد عليه البلاء من قومه، وهمّوا وفكّروا في القضاء عليه لما رأوا أن دعوته قبلتها النفوس، وأن من سمع قوله تأثر به، ولما رأوا أن الأوس والخزرج قد بايعوه، وسينتقل إليهم، خافوا من ذلك وفكروا إما أن يقتلوه أو يخرجوه أو يقيّدوه، وكل مكرٍ باء بالفشل، واتفقوا على قتله وتآمروا، ولكن الله حال بينهم وبين ذلك، جاؤوه لبيته محيطين به، اتفقوا على أن يخرج إليه شباب من مجموعة قريش من بيوتهم، ليجهزوا عليه فيقتلوه، فبنو هاشم يقبلون بالدية، فاتفقوا ليلة على أن يقتلوه فخرج عليهم، وحثا التراب على رؤوسهم وهو يقول: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ (9)} [يس] وتلك قدرة الله.
أمره الله أن يهاجر إلى المدينة، بعدما انتشر الإسلام في أهلها، فهاجر وأصحابه إلى المدينة، تلك الهجرة انتقل الإسلام من حال إلى حال، كان بمكة النبي (مستضعفاً) خائفاً، وفي المدينة عزيزاً كريماً معظماً، انتقل إلى المدينة، لما أصبحت دار إسلام فصارت معقلاً لأهل الإسلام، وبقي فيها عشر سنوات، أكمل الله فيه الدين، وأتم به النعمة، وفرض عليه الفرائض، وأوجب عليه الواجبات تلك الهجرة التي انتقل فيها النبي وأصحابه من بلادهم وأموالهم وأهليهم طاعة لله، {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)} [الحشر].
آخى النبي بين المهاجرين والأنصار، تلك الأخوة الصادقة المبنية على المحبة لله ورسوله، {وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)$ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ (63) } [الأنفال] ألف بينهم بالإسلام، فصاروا بالإسلام إخواناً متحابين متناصرين في ذات الله، مجاهدين في الله حق جهاده، فرضي الله عنهم وأرضاهم، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خيراً.
ولقد عاش المهاجرون والأنصار في غاية من التآلف والمحبة لهذا الدين ولمحمد ، ولما قسم النبي غنائم حنين، ولم يعط الأنصار شيئاً، كأنهم وجدوا في أنفسهم، وقالوا: يرحم الله رسول الله، لقد وجد أهله وقومه، فدعاهم وحدهم وقال: "يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟! ومتفرّقين فألفكم الله بي؟! وعالةً فأغناكم الله بي؟!"، فكلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمنّ، قال: "أوجدتم عليَّ أن أعطيت قوماً أتألفهم في الإسلام؟! المحيا محياكم، والممات مماتكم"، فصلوات الله وسلامه عليه، تلك الهجرة الصادقة التي ألف الإيمان فيها بين أولئك القوم، وما كانوا في جاهليتهم يتعارفون إلا في ميدان الوغى، والبغضاء والعداوة سائدة بينهم، فجاء الله بالإسلام فجمع به القلوب، ووحّد به الصف، فصلوات الله وسلامه عليه أبداً دائماً إلى يوم الدين.
المسلمون اليوم ليسوا غثاء
ويقول معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد رئيس مجلس الشورى ونحن في استقبالِ العامِ وفي مفتَتَح عامِ الهجرة النبوية نستَذكِر الهجرةَ بصاحبها - عليه الصلاة والسلام - وبأحداثها، ومِن أبرز دروسِها ما خاطب الله - سبحانه وتعالى - هذه الأمّةَ في هذه الآية: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ (40)} [التوبة] ويحسَب المتأمّلُ أنَّ الأمةَ اجتهدت في نصرةِ نبيِّها محمّد هذه الأيّام.
مِن حقِّ كل مسلِمٍ أن يعبِّر عن فرحتِه العامِرة وسعادتِه الغامِرَة بهذه الهبَّة الإسلاميّة مِنَ الأمة المحمّدية، دفاعًا رائعاً عن خيرِ البرية سيّدنا ونبيّنا وإمامنا وحبيبنا محمّد، روحٌ جديدة عظيمة تسرِي في جسد الأمة تذكِّر بحديث المصطفى - عليه الصلاة والسلام -: "مثَل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفِهم كمثل الجسَد الواحد إذا اشتكى منه عضو تَداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر". في هبّة الغيرة على حبِّ محمّد تكاتفَتِ الأمّة وتداعت إلى الحقّ، وكان لهذه البلاد بلادِ محمّد مولدِه ومبعثِه ومهاجره ومتنزَّل كتابِه ومهبَط وحيِه كان لها دورُ الرّيادة مما يستحقّ الثّناء والإشادة، ثم تبِعَهم إخوانهم وأشقّاؤهم دوَلاً وشعوبًا.
من يتجاهل أمة الإسلام؟!
رُبَّ ضارّةٍ نافعة فالمسلمون بإذن الله لم يصِلوا مرحلةَ الغثاء، لقد صار بوسعِهم في زمنِ العوَلمة أن يأخذوا موقِفًا مشتركًا يعبر قارّات الدنيا كلَّها، لم يعد بوسعِ العالم أن يتجاهلَ هذه الأمَةَ ومشاعِرَها لِيَخشى هبَّتها ونهضتها ولتَفرِضَ هيبتها.
إنَّ الاعتذارات حين تحصُلُ من المخطئين والمسيئين ليست التزاماً بمعايير الأخلاق واعترافاً بالحقوق، بل إنّه حسابٌ للمصالح وتقديرٌ للعواقب وهيبَة لمن أساؤوا في حقه، {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95)} [الحجر].
ولعلَّ فرحتَنا وبشائر آمالنا في أمّتنا تدعونا لأن نقفَ وقفةَ تأمّل أمام هذه الواقعة حادِثَة إفكِ العصر، {لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ (11)} [النور].
مِن هذه الوقفات والتأمّلات هذه المنزلة العظيمةُ للحبيب المصطفى الرّسول المجتبى، فحبُّه لا يبلى، ومنزِلته لن يُنالَ منها، فهو في المقام العالي والمكان الشامخ السامِق لدى أتباعِه إلى يوم الدين بأبي هو وأمّي، حبٌّ عظيم وكأنّه بين أظهرِنا - عليه الصلاة والسلام -، ولعلَّنا إن شاء الله نَبلُغ منزلةَ إخوانِه الّذين أَخبر عنهم ولم يَرَهم وتمنَّى رؤيَتَهم.
ومِن هذه التأمُّلات والمواقِف اجتماعُ الأمّة بكلِّ مذاهبها واتِّحاد مشاعِرِها ومواقِفها وشعورِها بأنهم أتباعُ هذا النبيِّ وأتباع هذا الدينِ وأنَّ العدوَّ واحد وأنَّ الهدفَ واحد.
ومِن ذلك قوّةُ هذه الأمة وفاعِليّتها في شعوبها ودُوَلها.
ومن هذه المواقفِ والدروس والتأمّلات عِظَم أثرِ الإعلام في إيجابياته وسلبيّاته، وما ينبغي أن يلتَفِت إليه القادرون من المسلمين من البذلِ في هذا المرفق وترشيده وتوجيهه لخدمة الأمّة، فالعصر عصرُ إعلام، والكلامُ للقنواتِ والفضائيات وشبكات المعلومات، فعلى القادرين من الأمّة وتجّارها وهم خير من يُدعَى وخير من يسمع: {وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ (24) } [التوبة ]، حاشا بإذن الله، فأنتم أهلُ البذل والغَيرة والنّجدة.
ومِنها ضبطُ العواطف والسَّير في الموضوعِ برشادٍ ورَوِيّة، ويجب الرجوعُ إلى رجالِ الأمّة من أهل العلم والرأيِ والقَرار؛ حتى تؤتيَ الأعمال ثمارَها، ولا تكون الهبّةُ إثاراتٍ وعواطفَ لا أزمَّة ولا ضوابطَ، تُديرها هواتِفُ جوّالة وتحرِّكها عباراتٌ في شبكاتِ معلومات.
ومنها أنَّ نصرةَ نبيِّنا محمّد دينٌ يتقرَّب به المسلمون إلى ربهِم ونعمةٌ ينعِم بها الله عليهم، أما جانِب المصطفى فمحفوظ، وجانبه مَنصور، ولو تقاعس المسلمون وتخاذلوا فلقَد قال - سبحانه {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ (40)} [التوبة]، وقال - سبحانه -: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ (38)} [محمد]، وقال في حقّه - سبحانه -: {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (67)} [المائدة]، وقال له - سبحانه -: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} [الضحى ]، وقال له: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى(5)} [الضحى] ، وقال له: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)} [البقرة ]، وقال له: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)} [الشرح].
وإنَّ من خير ما تستَفتِحون به عامكم ما ندَبكم إليه نبيُّكم محمّد من صيام يوم العاشر وصيامِ يومٍ قبله أو يوم بعده، يقول ابن عباس - رضي الله عنهما - كما في صحيح مسلم: ما علِمتُ أنَّ رسول الله صام يوماً يطلب فضلَه على الأيام إلا هذا اليوم، يعني يوم عاشوراء الحديث. وفي الصحيح أيضاً عن أبي قتادةَ - رضي الله عنه - أنَّ النبيّ قال: "صوم يوم عاشوراء يكفِّر السنة الماضية".
المحاسبة للنفس مستمرة
ويقول الدكتور سعد بن عبد الله الحميد: أقول لنفسي أولاً ولإخواني ثانياً إننا قد ودعنا عاماً بأكمله بما خطيناه في صحائفنا من أعمال سنلقى جزاءها عند ربنا جلَّ وعلا، إن أحسنا وإن أسأنا، وبعض الناس ممن وفَّقه الله وبصَّره يهتم ويعتني بمحاسبة نفسه، وكما قال بعض أهل العلم: النفس كالشريك الخوان إن لم تحاسبه ذهب بمالك، فينبغي لكل منا أن يقف مع نفسه ليس فقط في نهاية العام وإنما في مناسبات عدة، وبعض الصالحين كانوا يحاسبون أنفسهم يومياً، يحاسب نفسه عما بدر منه في ذلك اليوم، بل بعضهم كان دائم المحاسبة لنفسه قبل وبعد العمل، فقبل أن يبدأ بالعمل يحاسب نفسه: ماذا أردت بهذا العمل؟ هل أردت به وجه الله أو لا؟ وهل هذا العمل أثاب عليه أو لا؟ فإن كان فيه مرضاة الله جلََّ وعلا مضى فيه وإلا تركه.
وكذلك أيضاً كانوا يحاسبون أنفسهم بعد العمل هل أدوه على الوجه الأكمل بتوافر الشرطين اللذين يذكرهما أهل العلم دوماً وهما الإخلاص والمتابعة.
فأقول بالنسبة لمحاسبة الإنسان لنفسه: هذه لا بد أن تكون عند المرء المسلم دوماً، وعلى وجه الخصوص في نهاية العام الذي يتذكر فيه الإنسان تصرّم الأعمار، والسنة بما أودعه الله جلَّ وعلا فيها من ثلاثمائة وستين يوماً تقريباً، قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: "يا ابن آدم! إنما أنت أيام مجتمعة، كلما مضى يوم مضى بعض من عمرك" فلا شك أن تصرّم هذه الأعوام يذكِّرنا بانقضاء الأجل، ولعل كل واحد منا يتأمل! بالأمس كان طفلاً ثم شاباً لا يلوي على شيء، واليوم قد مضى من عمره ما مضى، فكذلك بقية العمر ستتصرّم كما تصرّمت أوائل العمر والله المستعان.
والكلام في هذا الأمر يطول، ولكن المقصود هو التذكير بضرورة محاسبة الإنسان نفسه، والالتفات إلى ما فرط فيه من الأعمال، ومحاولة إصلاح الخلل الذي انتاب هذه الأعمال.
فضيلة خاصة وفضيلة مشتركة
ويقول الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح:
فضيلة هذا الشهر مشهورة ظاهرة، وهي فضيلة خاصة، وفضيلة مشتركة.
أما الفضيلة الخاصة التي تميّز بها شهر محرم عن سائر الشهور: فهي أن الله تعالى أضافه إليه؛ ففي الصحيح "أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما سُئل عن أفضل الصيام بعد رمضان؟ قال: شهر الله المحرم"، ولم يأت شهر من الشهور أضافه الله تعالى إليه إلا هذا الشهر، وهذه فضيلة خاصة بمحرم، وهذه الفضيلة الخاصة بهذا الشهر توجب نوع عناية؛ فإن ما أضافه الله تعالى إليه من الأشهر والأزمان والأمكنة والأشخاص؛ إنما أضافه تشريفاً، إذا كان من المخلوقات؛ كناقة الله، وبيت الله، وما أشبه ذلك.
وأما الفضيلة المشتركة: فهي أن هذا الشهر من الأشهر الحرم، التي قال الله تعالى فيهن: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ (36)} [التوبة ]، وأحد قولي أهل العلم في تفسير قوله تعالى: { فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ (36)} [التوبة ]، أن الضمير يعود إلى الأشهر الحرم، والظلم ممنوع في كل حال وفي كل حين وفي كل مقام؛ لكنه خصَّ النهي عن الظلم في هذه الأشهر؛ لأنها أشهر معظمة، وما عظمه الله يجب تعظيمه، ويزداد الاحتياط فيها.
ومن الخصائص العملية التي تميز بها هذا الشهر: أن شهر محرم من الأشهر التي يستحب صيامها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: (شهر الله المحرم).
الخير باقي في أمة الإسلام
ويقول الشيخ د. عبدالعزيز بن محمد السدحان: تستقبل الأمة الإسلامية عامها الهجري الجديد وجسدها الإسلامي مصاب بجراحات كثير، بل لا يكاد جرح يبرأ حتى تنكأ جراحات أخرى، جهل وحرب وفقر وجوع وتشريد وتهديد، وذلك واضح ومعلوم فيما يقرأ ويسمع ويشاهد، بل قد يقال: لم يعد مستغربا حصول قارعة تنزل بجماعه من المسلمين أو تحل قريباً من دارهم.
إن الناظر بعين الإنصاف والبصيرة يعلم أن ما أصاب المسلمين إنما هو من جراء أنفسهم وذنوبهم، كما قال تعالى { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (30)} [الشورى] { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)} [آل عمران].
ليس تعداد مصائب الأمة وجراحاتها من باب إدخال اليأس والقنوط على النفوس، معاذ الله، فعلى رغم ما حصل ويحصل في أمة الإسلام من المصائب إلا أن الخير باق فيها إلى قيام الساعة.
ولكن يذكر ذلك من باب شحذ الهمم وإيقاظ العزائم وبث الحميه الإسلامية الصحيحة في نفوس المسلمين، لأن حال كثير من المسلمين على اختلاف بلاد العالم الإسلامي حال يرثى لها بسبب التبعية لأعداء الإسلام والإعجاب بهم إعجاباً مطلقاً، إضافة إلى انحلال كثير من المسلمين من قيم الإسلام وآدابه أدى ذلك وغيره إلى غياب معالم الإسلام لا على مستوى الأفراد فحسب، بل على مستوى المجتمعات، بل إن بعض المسلمين لم يكتف بالانحلال من قيم الإسلام وإنما اصبح عوناً لأعداء الإسلام ومكثراً لسوادهم، وذلك بتسخير نفسه وقلمه وفكره لحرب الإسلام والمسلمين، فأضحى خطراً كبيراً على الإسلام وأهله، ذلك لأن العدو قد عرف بعدائه وحقده أما من كان محسوباً معدوداً من جملة المسلمين فهذا الذي يخفى كيده ويشتد أذاه لغفلة الكثير عن مراده وسوء مقصده، بل يزيد خطره إذا صنف من المدافعين عن الإسلام وأهله.
لقد حرص الإسلام على توثيق الروابط والتقارب بين المسلمين، وأكد أهميتها، بل بلغ حرص الإسلام على أهله أن جعلهم كالجسد الواحد يألمون معاً ويأملون معاً، عن النعمان بن بشر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" أخرجه مسلم . وفي لفظ آخر عنده: "المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه اشتكى كله وإن اشتكى عينه اشتكى كله" وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا - وشبك أصابعه -" أخرجه البخاري. وقد تضمن هذا النص صفات بليغة في وحدة المسلم مع إخوانه فالمؤمنون كالبنيان الواحد المجتمع، ولما كان البنيان قد يكون متداعياً أو متساقطا، جاء الوصف الآخر بان ذلك البنيان يشد بعضه بعضا، فيكون كل مسلم يمثِّل لبنة في البيت الإسلامي الكبير.
ولم يكتف الإسلام بأن تكون وحدة المسلم مع أخيه في حال المشاهدة، بل تعدى ذلك إلى حال الغيب والبعد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم خارج المدينة ومعه جماعة من أصحابه فقال لهم: "إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم فيه وهم بالمدينة حبسهم العذر" أخرجه البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه.
وهكذا ينبغي أن تكون حال المسلم مع إخوانه في السراء والضراء وفي الغيب والشهادة، يألم لألمهم ويؤمل لأملهم، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم. فسفينة الإسلام واحدة تتأثر سلباً وإيجاباً بحسب تصرفات أهله.
إذا كان ذلك كذلك فليحذر كل مسلم أن يكون سبباً في إحداث فجوة على الإسلام من جهة نفسه، سواء كان تقصيراً في ذاته أو متعدياً إلى غيره، بل ليعلم كل واحد من المسلمين أنه مسؤول عن نفسه خاصة وعلى من يعول عامة.
فالإصلاح يبدأ من الذات ثم تتسع دائرة الإصلاح حتى تشمل البيت والجوار والمجتمع كل بحسب جهده.
متى ما شعر الفرد بمسئولية وقام بأدائها قدر المستطاع كان ذلك مما يقوي شوكة المجتمع خاصة وشوكة الإسلام عامة .
فإذا تكاتف المسلمون مع إخوانهم المستضعفين ودعموهم بالمال والدعاء وكانوا معهم بأحاسيسهم، فإنه يحصل بذلك الأثر الكبير في استجلاب النصر بإذن الله، ومتى قام المصلحون بنشر الوعي العقدي السليم وبصروا الناس في عباداتهم ومعاملاتهم وسلوكياتهم، عاد ذلك بالنفع العظيم على المجتمع بأسره.
شاهد المقال: أنه إذا استشعر كل فرد بمسئوليته وقام بها حق القيام، كان ذلك بإذن الله من أعظم الأسباب في نصر الإسلام والمسلمين، فأمر المسؤولية عظيم.
عن عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" أخرجه البخاري ومسلم . فالله نسأل أن يعيننا على ما حملنا وأن يصلح لنا جميع أمورنا. إن الإسلام مجتمعات، والمجتمعات أفراد، ومتى ما أصلح الفرد نفسه صلح جزء من مجتمع المسلمين، وعلى هذا فكل منا على ثغر من ثغور الإسلام، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبله. وإن مما يعين على تهذيب النفس: تعويدها على عمل الخيرات، وإن من الخيرات صيام يوم عاشوراء، فصيامه يكفِّر سنة ماضية كما قال صلى الله عليه وسلم "صيام يوم عاشوراء يكفِّر سنة ماضية" أخرجه الترمذي بمعناه عن أبي قتادة رضي الله عنه وقد صامه صلى الله عليه وسلم وهمّ بصيام يومٍ قبله فقال: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع".
البعد التاريخي للتهنئة بالعام الهجري
ويقول الشيخ عمر بن عبد الله المقبل في مثل هذه الأيام من كل عام تتوارد الأسئلة على أهل العلم عن حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد، وكالعادة - في مثل هذه المسائل التي لا نص فيها- نجد الاختلاف بين أهل العلم، والأمر إلى هذا الحد مقبول؛ لكن أن يجعل ذلك من البعد، ومن مضارعة النصارى، ففي ذلك نظر.
إن مما يلفت النظر أن بعض من منعها من أهل العلم ربما اعتمد على أمور منها: أنها عادة تسرَّبت من النصارى، وهذا وجه قوي عنده- للمنع.
وقد رأيت - بعد البحث - أن هذا القول "أعني تسربها من النصارى" لا يساعده البحث العلمي، بل لو قال قائل: إن العكس هو الصحيح لم يكن بعيداً من الصواب، وبرهان ذلك ما يلي:
قال السيوطي - رحمه الله تعالى - في رسالته "وصول الأماني بأصول التهاني" 1/83، والتي قال في مقدمتها: "فقد كثر السؤال عن ما - هكذا كتبت - اعتاده الناس من التهنئة بالعيد والعام والشهر والولايات ونحو ذلك... هل له أصلٌ في السنة؟ فجمعت هذا الجزء في ذلك: قال القمولي في "الجواهر": لم أر لأصحابنا كلاماً في التهئنة بالعيدين والأعوام والأشهر كما يفعله الناس، ورأيت - فيما نقل من فوائد الشيخ زكي الدين عبد العظيم المنذري - أن الحافظ أبا الحسن المقدسي سُئل عن التهنئة في أوائل الشهور والسنين: أهو بدعة أم لا؟
فأجاب: بأن الناس لم يزالوا مختلفين في ذلك، قال: والذي أراه أنه مباح، ليس بسنة، ولا بدعة، انتهى) أي كلام أبي الحسن المقدسي -.
ونقله الشرف الغزي في شرح المنهاج، ولم يزد عليه" انتهى كلام السيوطي.
وهذا النقل عن القمولي تتابع على نقله متأخرو الشافعية في مصنفاتهم في الفقه، كالشربيني وغيره.
مما سبق في نقل السيوطي يستفاد ما يلي:
الأول: أن السؤال عن هذه المسألة قديم، أي أن التهئنة بالعام الهجري تعود إلى القرن الخامس، فإن الحافظ أبا الحسن المقدسي (ت: 611) - رحمه الله - يسأل عنها، وإذا كان قد توفي عام (611) فهذا يعني أنه عاش أكثر عمره في القرن السادس الهجري.
ومثله تلميذه الحافظ عبد العظيم المنذري - رحمه الله - تعالى- صاحب الترغيب والترهيب (ت: 656).
وهذا ما وقفت عليه، وربما لو تتبع باحث لوجد لذلك بعداً تاريخياً أقدم.
وإذا علمنا أن أوروبا كانت في تلك الفترة تعيش حقبة ما يسمى بالعصور الوسطى، والتي هي أكثر العصور انحطاطاً - في تقدير الأوربيين أنفسهم - وفي المقابل كانت الأمة الإسلامية، ما زالت قوتها مصدر هيبة للأعداء، وما زالت فتوحات الإسلام تواصل زحفها في شمال الأندلس غرباً، وأقاصي الصين شرقاً.
وقد جرت العادة أن الضعيف هو الذي يقلِّد القوي، وعليه.. فما المانع أن تكون التهاني بالأعوام الجديدة متلقاة عن المسلمين، أخذها النصارى عنهم؟
وكون هذا يربط بعيد عند النصارى، لا يؤثر على حل التهنئة بالعام؛ فإن التهنئة شيء، والعيد شيء آخر.
وهذا -فيما يظهر - يضعف القول إن التهنئة بالأعوام جاءت من قبل النصارى، والذي بنى عليه بعض الفضلاء من أهل العلم منعهم لها.
الثاني - مما يستفاد من نقل السيوطي-: أن الحافظ أبا الحسن المقدسي يرى التوسط في ذلك، وهو القول بالإباحة، فلا هي سنة ولا هي بدعة، وهذا -والله أعلم- مبني على أن التهاني من باب العادات، فلا يشدد فيها.
وهذا الفهم، هو الذي فهمه العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله -، ففي كتاب "الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة" للشيخ عبد الله بن عقيل "وهو كتاب حوى مراسلات بينه وبين شيخه العلامة عبد الرحمن بن سعدي" جاء في ص (174) أن الشيخ ابن سعدي كتب لتلميذه ابن عقيل كتاباً في 3/محرم/1367هـ، وكان في ديباجة رسالته: "...ونهئنكم بالعام الجديد، جدد الله علينا وعليكم النعم، ودفع عنا وعنكم النقم".
أقول: فلعل العلامة السعدي بنى تهنئته على هذا الأصل، وقد قرر ذلك في شرحه على منظومته في "القواعد".
وقد رأيت لجماعة من مشايخنا - حفظهم الله وبارك فيهم- توسطاً آخر، فقالوا: لا يبتدأ بها، ولا ينكر على من فعلها، وهذا رأي أشياخنا: الشيخ عبد الرحمن البراك، والشيخ عبد الكريم الخضير.
ومما يستأنس به، أن كبار علمائنا كشيخنا ابن باز، وشيخنا ابن عثيمين كانوا يرخصون في التهئنة بدخول رمضان (كما سألتهم عن ذلك بنفسي) وهو مثبت في فتوى نشرت في الموقع سابقاً؛ فالأمر في التهئنة بالعام الهجري أسهل، لأن رمضان موسم عبادة، بخلاف تجدد الأعوام، فهو أمرٌ هو بباب العادات ألصق، كما تقدمت الإشارة إليه، وعليه فلا يحسن التشديد في هذا الأمر، والله - تعالى -أعلم، والحمد لله رب العالمين.
ولكن ما نصيحتكم لعموم الناس بمناسبة بداية السنة الهجرية الجديدة؟
يقول الدكتور سعد بن عبد الله الحميد: أقول لنفسي أولاً ولإخواني ثانياً إننا قد ودعنا عاماً بأكمله بما خطيناه في صحائفنا من أعمال سنلقى جزاءها عند ربنا جلَّ وعلا، إن أحسنا وإن أسأنا، وبعض الناس ممن وفقه الله وبصره يهتم ويعتني بمحاسبة نفسه، وكما قال بعض أهل العلم: النفس كالشريك الخوان إن لم تحاسبه ذهب بمالك، فينبغي لكل منا أن يقف مع نفسه ليس فقط في نهاية العام وإنما في مناسبات عدة، وبعض الصالحين كانوا يحاسبون أنفسهم يومياً، يحاسب نفسه عما بدر منه في ذلك اليوم، بل بعضهم كان دائم المحاسبة لنفسه قبل وبعد العمل، فقبل أن يبدأ بالعمل يحاسب نفسه: ماذا أردت بهذا العمل؟
هل أردت به وجه الله أو لا؟ وهل هذا العمل أثاب عليه أو لا؟
فإن كان فيه مرضاة الله جلَّ وعلا مضى فيه وإلا تركه.
وكذلك أيضاً كانوا يحاسبون أنفسهم بعد العمل هل أدوه على الوجه الأكمل بتوافر الشرطين اللذين يذكرهما أهل العلم دوماً وهما الإخلاص والمتابعة.
فأقول بالنسبة لمحاسبة الإنسان لنفسه: هذه لا بد أن تكون عند المرء المسلم دوماً، وعلى وجه الخصوص في نهاية العام الذي يتذكر فيه الإنسان تصرم الأعمار، والسنة بما أودعه الله جلَّ وعلا فيها من ثلاثمائة وستين يوماً تقريباً، قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (يا ابن آدم! إنما أنت أيام مجتمعة، كلما مضى يوم مضى بعض من عمرك) فلاشك أن تصرم هذه الأعوام يذكرنا بانقضاء الأجل، ولعل كل واحد منا يتأمل! بالأمس كان طفلاً ثم شاباً لا يلوي على شيء، واليوم قد مضى من عمره ما مضى، فكذلك بقية العمر ستتصرم كما تصرمت أوائل العمر والله المستعان.
والكلام في هذا الأمر يطول، ولكن المقصود هو التذكير بضرورة محاسبة الإنسان نفسه، والالتفات إلى ما فرط فيه من الأعمال، ومحاولة إصلاح الخلل الذي انتاب هذه الأعمال.
رد: في التهنئة بالعام الهجري الجديد
بالنسبة لمحاسبة الإنسان لنفسه: هذه لا بد أن تكون عند المرء المسلم دوماً، وعلى وجه الخصوص في نهاية العام الذي يتذكر فيه الإنسان تصرم الأعمار، والسنة بما أودعه الله جلَّ وعلا فيها من ثلاثمائة وستين يوماً تقريباً، قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (يا ابن آدم! إنما أنت أيام مجتمعة، كلما مضى يوم مضى بعض من عمرك) فلاشك أن تصرم هذه الأعوام يذكرنا بانقضاء الأجل، ولعل كل واحد منا يتأمل! بالأمس كان طفلاً ثم شاباً لا يلوي على شيء، واليوم قد مضى من عمره ما مضى، فكذلك بقية العمر ستتصرم كما تصرمت أوائل العمر والله المستعان
=============
عبد ربه حفظك الله وبارك فيك على مجهودتك المتميزة في هذا القسم
جعلها الله في ميزان حسناتك ونفع بها الجميع
رد: في التهنئة بالعام الهجري الجديد
عبد ربه
جزاك الله خير الجزاء ونفع بما تقدم
رد: في التهنئة بالعام الهجري الجديد
العام الجديد
حدث كبير ونقلة في حياة الفرد
والتهنئة بالبداية عمل جميل
وفيه تظهر الكثير من الروابط الأخوية
وفيه تذكير بما يجب ان يكون عليه المسلم
ليستغل فرص حياته
فــ العام أصبح يمر كأنه شهر والشهر أسبوع
والأسبوع يوم واليوم ساعة من نهار 000 فسبحان من خلق
وهو تذكير بالهجرة العظيمة
الحدث الذي قلب موازيين الكون
والقوى العظمى في ذلك الوقت
قريش صاحبة النفوذ والهيمنة والتي
عاندت وتجبرت ورفضت كلمة الحق
حفاظاً على مكانتها ، وتمسكاً بأصنامها ، وعشقاً لخمورها ومعازفها
ولكن الله نصر من نصره
والحمدلله ربِ العالمين
عبد ربه
جزاك الله خيراً0
رد: في التهنئة بالعام الهجري الجديد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اليتيم 1
بالنسبة لمحاسبة الإنسان لنفسه: هذه لا بد أن تكون عند المرء المسلم دوماً، وعلى وجه الخصوص في نهاية العام الذي يتذكر فيه الإنسان تصرم الأعمار، والسنة بما أودعه الله جلَّ وعلا فيها من ثلاثمائة وستين يوماً تقريباً، قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (يا ابن آدم! إنما أنت أيام مجتمعة، كلما مضى يوم مضى بعض من عمرك) فلاشك أن تصرم هذه الأعوام يذكرنا بانقضاء الأجل، ولعل كل واحد منا يتأمل! بالأمس كان طفلاً ثم شاباً لا يلوي على شيء، واليوم قد مضى من عمره ما مضى، فكذلك بقية العمر ستتصرم كما تصرمت أوائل العمر والله المستعان
=============
عبد ربه حفظك الله وبارك فيك على مجهودتك المتميزة في هذا القسم
جعلها الله في ميزان حسناتك ونفع بها الجميع
وفقك الله وبارك الله فيك أخي الكريم اليتيم وجزاك الله ألف خير على هذا التعليق الجيد والمفيد ونسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العام عام عز ونصره وتمكين للآسلام والمسلمين وأن ينصر عباده المجاهدين في كل مكان يجاهد فيه المجاهدون وخاصه أخواننا في غزه أمين أمين يارب العالمين
رد: في التهنئة بالعام الهجري الجديد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة * روعة خيال *
عبد ربه
جزاك الله خير الجزاء ونفع بما تقدم
روعه بارك الله فيك وجزاك الله خير على الاطلاع والمرور. ونسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العام عام خير وبركه على الاسلام والمسلمين في جميع أقطار الارض .
رد: في التهنئة بالعام الهجري الجديد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أنوار
العام الجديد
حدث كبير ونقلة في حياة الفرد
والتهنئة بالبداية عمل جميل
وفيه تظهر الكثير من الروابط الأخوية
وفيه تذكير بما يجب ان يكون عليه المسلم
ليستغل فرص حياته
فــ العام أصبح يمر كأنه شهر والشهر أسبوع
والأسبوع يوم واليوم ساعة من نهار 000 فسبحان من خلق
وهو تذكير بالهجرة العظيمة
الحدث الذي قلب موازيين الكون
والقوى العظمى في ذلك الوقت
قريش صاحبة النفوذ والهيمنة والتي
عاندت وتجبرت ورفضت كلمة الحق
حفاظاً على مكانتها ، وتمسكاً بأصنامها ، وعشقاً لخمورها ومعازفها
ولكن الله نصر من نصره
والحمدلله ربِ العالمين
عبد ربه
جزاك الله خيراً0
أنوار وفقك الله وبارك الله فيك وأشكرك على الاطلاع والتعليق الجيد والمفيد نسأل الله أن ينفع به