إن هذا المقال أخي الكريم أختي الكريمة
ليجيبَ على سؤال طالما تكرر على الألسنة فما هو هذا السؤال الذي أصبح شاغل الناس عن كافة مستوياتهم وأعمالهم , إنه هل أنا سعيد وكيف أكون سعيداً ؟ لقد أدى طول العمر والتطورات الاقتصادية والاجتماعية والبعد عن مطاردة النفس بضرورة تهديدها وتسليتها إلى ظهور أنواع كثيرة من الاضطرابات النفسية من قلقٍ وحيرةٍ وكآبةٍ وتشاؤمٍ وهمٍ وحزنٍ وفقداً للثقة ويأسٍ وقنوط وإحباط إلى غير ذلك من أمراض الضغط النفسي وانفصام الشخصية والأرق والاكتئاب والاضطرابات السلوكية والخوف من المستقبل والشعور بالشقاء الدائم وغياب السعادة, فإن نسبة انتشار أمراض الضغط النفسي بكافة أنواعها زادة وزادة كثيراً وهذه الزيادة سببها : البعد عن الله عز وجل , والوقوع في المعاصي والذنوب, والتعلق بالدنيا والتقاعس عن طاعة الله والعمل الصالح . قال تعالى{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وكذلك كان للأوضاع العامة والتراجع الاقتصادي وظهور البطالة وظهور الملهيات من هنا وهناك دوراً في زيادة هذه الاضطرابات النفسية والشعور الدائم بالشقاء والتعاسة وأصبحت الأمراض النفسية تنتشر حتى بينا الصغار وبأشكال متفاوتة ومختلفة وقد ارتفاع عدد الحالات المتعلقة بالقلق والاكتئاب والتشاؤم بنسبة 45% خلال السنوات الخمسة عشرة الأخيرة , ولقد لعبت العوامل الاجتماعية والبيئية دوراً هاماً في شيوعها وبالتحديد في التسبب بزيادة تناول الكحول وتعطي المخدرات والانتحار والعنف وغيرها الكثير من المشكلات السلوكية وهنا يأتي السؤال كيف يسعد هؤلاء وقد أعرضوا عن الله الذي يملك السعادة ويعطيها سبحانه لمن يستحق؟ كيف يسعد هؤلاء وقد قطعوا الحبال بينهم وبين خالقهم؟ كيف يسعد هؤلاء وقد غلقوا الأبواب بين أنفسهم الهزيلة المريضة وبين رحمة الله الواسعة ؟ كم من هؤلاء ظن نفسه ملك الدنيا وأعلى المراتب ولكنه هو خسر الله الذي من خلاله يسعد وبغيابه يشقاء. قال الله تعالى {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} وكم من أناس أصابهم الفقر والكدر وضيق الصدر ما كان هذا إلا بسبب بعدهم عن الله عز وجل فنجد أحدهم كان غنياً ورزقه واسعا وهو في عافية من ربه وفي خير من مولاه فأعرض عن طاعة الله وتهاون في الصلاة وأقترف كبائر الذنوب فسلبه ربه عافية بدنه وسعة رزقه وابتلاه بالفقر والهم والغم فأصبح من نكد إلى نكد ومن بلاء إلى بلاء ومن ضنك إلى ضنك يتنقل . قال تعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا}{قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}{وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}.
تعال معي أخي الكريم أختي الكريمة لنصل سوياً إلى السعادة الدنيوية التي ستكون معبرً إلى السعادة الأخروية الأبدية , قال تعالى {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} . هيا بنا معاً لنحقق السعادة في نفوسنا فهي مطلب كل إنسان , والسعادة مطلب كل إنسان ولا نتصور أن إنساناً يريد أن يعيش شقياً وما تلاحظونه من التناحر والتطاحن ليس إلا رغبة من الناس في تحقيق أكبر قدر من السعادة , ولكن أخطأ الكثير من الناس الطريق إلى السعادة وظنوا السعادة في جمع الأموال فنافسو حتى جمعوها فلم تحقق لهم الأموال جزءً أو شيئا من السعادة بل كانت الشقاء وكان العذاب عن طريق جمع الأموال يقول الله عز وجل {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} ليست السعادة في المال بل الشقاء والعذاب والدمار في المال إذا جاء المال مجردً عن الإيمان والعمل الصالح إذا كان المال فقط هو بغية الإنسان إذا كان المال فقط هو هدف الإنسان ثم جمع المال فسيكون المال وبال عليه في الدنيا والآخرة يقول الله عز وجل {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} قال لهم الله بعد آيتين من هذه الآية {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} . وظن قوم أن السعادة هي في الجاه والمنصب وتحصيل أعلى الرتب والوصول إلى أعلى الدرجات في الدنيا فحرصوا عليها فلما وصولها لم تحقق لهم شيئا من السعادة بل كانت وربما تكون سبباً من أسباب شقائهم يقول الله عز وجل {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}. فالسعادة الحقه هي حالة من شعور الإنسان برضا خالقه عنه بالتزامه أوامره واجتناب نواهيه, فإذا كان الإنسان في حالة من الطاعة والالتزام لأحكام الله عز وجل فلا بد أن يكون في حالة تصالح مع نفسه وبالتالي مع الناس وكل الموجودات من حوله ,أما إذا كان الإنسان في حرب مع خالقه ورازقه والمنعم عليه بنعم الإيجاد والإمداد والهداية والسداد فإنه والحالة هذه فسيكون في حرب مع نفسه وبالتالي مع الناس وكل الكائنات والموجودات من حوله.
منقول من شريط هل أنت سعيد