الشباب: برشلونة الشرق!
لا يتفق محبو كرة القدم في العالم في الوقت الحاضر على شيء مثل إجماعهم على أن فريق برشلونة الإسباني هو أعظم وأفضل فريق كروي عالمي وأنه ممون المتعة الكروية والإبداع والتميز الوحيد, وأن مشاهدة 90 دقيقة تمر كلمح البصر عندما يكون هذا الفريق طرفاً في اللقاء, ويتمنون لو أن الزمن يضاعف ببهجة وألق وروعة البارسا, وهذا لم يأت من فراغ أو من مبعث العاطفة والتحيز لكوكبة نجومه وأساطيره, فما يقدمه نجوم الفريق لا يستطيع فريق سواه تقديمه من حيث الجماليات والمهارات والعناصر والتكامل الأدائي والتكتيكي والنتائجي, جملة امتيازات لا ولم تتحقق لفريق غيره حتى اللحظة، فأهدافه تخطت الـ 5000 هدف, وجماهيره أكثر من 23 مليون إسباني, وأكثر من 45 مليون أوروبي, وملايين البشر من كافة أرجاء المعمورة, هذا هو برشلونة باختصار شديد.
بيد أننا سنتحدث اليوم عن فريق كروي سعودي عريق (تأسس عام 1368) يلتقي مع المبهر برشلونة في جزئية مهمة هي الأداء الأخاذ والرائع والتناغم المذهل بين خطوطه وعناصره، لكن ينقصه أرقام الآلاف والملايين التي يمتلكها الكاتالونيون المبدعون, فيجمع الفريق السعودي (الشباب) مع الفريق الأفضل في العالم سمات الإبداع الأدائي والمهاري، وتقديمه لوحات فنية أقرب لما نراه في بعض أشواط مباريات برشلونة الحديث بقيادة المايسترو تشابي والبارع نييستا والأسطورة ليونيل ميسي والعملاق المرن إبراهيموفتش, هذه التركيبة الإبداعية ببرشلونة نرى بعض ملامحها في عناصر شبابية أمثال الفنان عبده عطيف, والدينامو أحمد عطيف, والقاطرة حسن معاذ, والعصري عبدالله شهيل, والزئبقي ناصر الشمراني, والأنيقين كماتشو وطارق التائب.
هذه التوليفة الجميلة من عناصر الليث تحيي الأمل للمشاهد وهو يتابع حركة لاعبيه وتموضعاتهم وتبادل الكرات بين أرجلهم فترة زمنية هي الأكبر من بين الفرق السعودية, وتدوير الكرة في أرجاء الملعب, ومحاصرة المنافسين في ملعبهم, وتقليم أظافر مهاجمي الفرق المقابلة, وروح الفوز التي تشبعت لدى هذه النخبة الممتازة من اللاعبين المبهرين, إنهم بحق مجموعة منسجمة متناغمة متكاملة الأداء والمهارات والقدرة على الإبداع الفردي والجماعي في آن.
بأمانة وأنا أرى تشابي يمرر البارحة أمام الميريا تذكرت عبده عطيف في كثير من كراته الرائعة, وأنا أرى يحيى توريه يتحرك ويستحوذ على الكرة تذهب بي الذاكرة إلى المبدع أحمد عطيف, وعندما أرى نييستا يتحرك ويمرر بسلاسة وثقة متناهية أتذكر المبدعين كماتشو والتائب, وحال استدارات إبراهيموفتش على الكرة المذهلة أرى بعضاً من هذه المهارة في حركة الزئبقي ناصر الشمراني, وعندما يتصدى الشجاع فيكتور فالديز للكرات الخطرة الميئوس من التصدي لها أرى من بعيد ذاك الشاب الأسمر العملاق وليد عبدالله وهو يحلق بالسماء يطارد كرات غادرة ماكرة سددها مهاجم أقدامه لا ترحم!!
إن المقاربة الشكلية في أداء فريقين محلي/ عالمي لا تعني بحال من الأحوال المبالغة بحق الفريق المحلي، بقدر ما هي رؤية تقريبية لما يمكن لفرقنا أن تصل إليه وتحققه في السنوات المقبلة, فلئن أعطانا الشبابي ملامح من إبداع فريق الكرة الأميز (برشلونة) فإنها لحظات نتمنى أن تتكاثر في ملاعبنا المحلية والعربية في القريب، و كذا أن تتضافر جهود الإدارة والأجهزة الفنية والطبية بنادي الشباب هي من ساعدت الفريق على أن يقدم لوحاته الإبداعية التي نراها صباح مساء لا تغيب عن مخيلتنا وأذهاننا, لا يمكن لمن يعرف أبجديات الكرة إلا أن يصفق لبرشلونة الشرق ويشد على أيدي لاعبيه ومسؤوليه على ما يقدمونه من متعة وإبداع كروي لا يضاهيه أحد في الملاعب السعودية، وهذا ليس اليوم وإنما منذ عقدين مضيا.
