الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
http://www.al-wed.com/pic-vb/4.gif
سبب التسمية :
سُميت " سورة الشورى " تنويها بمكانة الشورى في الإسلام وتعليما
للمؤمنين أن يقيموا حياتهم على هذا المنهج الأمثل الأكمل منهج الشورى
لما له من أثر عظيم جليل في حياة الفرد والمجتمع ، كما قال الله
تعالى (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) .
http://www.al-wed.com/pic-vb/4.gif
التعريف بالسورة :
1) مكية .ماعدا الآيات 23،24،25،27، فمدنية .
2) من المثاني .
3) آياتها 53 .
4) ترتيبها الثانية والأربعون .
5) نزلت بعد فصلت .
6) بدأت السورة بحروف مقطعة . السورة من الحواميم بدأت " حم "
الآية الثانية تتكون من ثلاث حروف من حروف الهجاء " عسق "
7) الجزء "25" الحزب "49" الربع "1،2،3،4" .
http://www.al-wed.com/pic-vb/4.gif
محور مواضيع السورة :
هذه السورة الكريمة مكية وموضوعها نفس موضوعات السور المكية
التي تعالج أمور العقيدة " الوحدانية ، الرسالة ، البعث والجزاء
" والمحور الذي تدور عليه السورة هو " الوحي والرسالة "
وهو الهدف الأساسي للسورة الكريمة .
http://www.al-wed.com/pic-vb/4.gif
سبب نزول السورة :
عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما نزلت " إذا جاء نصر الله والفتح
" قال المشركون بمكة لمن بين أظهرهم من المؤمنين :قد دخل النا
في دين الله أفواجا فاخرجوا من بين أظهرنا ؛ فنزلت " والذين يحاجون
في الله من بعد ما استجيب له " .
2) عن أنس قال : نزلت في اليهود .
3) قال ابن عباس : لما قدم رسول الله المدينة كانت تنوبه نوائب وحقوق
وليس في يده لذلك سعة فقال الأنصار : إن هذا الرجل قد هداكم الله
تعالى به وهو ابن أختكم وتنوبه نوائب وحقوق وليس في يده لذلك سعة
فاجمعوا له من أموالكم ما لا يضركم فأتوه به ليعينه على ما ينوبه،
ففعلوا ثم أتوا به فقالوا : يا رسول الله إنك ابن أختنا وقد هدانا
الله تعالى على يديك وتنوبك نوائب وحقوق وليست لك عندنا سعة
فرأينا أن نجمع لك من أموالنا فنأتيك به فتستعين على ما ينوبك
وهو هذا ؛ فنزلت هذه الآية وقال قتادة : اجتمع المشركون في مجمع
لهم فقال بعضهم لبعض :أترون محمدايسأل على ما يتعاطاه أجرا ؟
، فَنَزَّلَ الله تعالى هذه الآية
http://www.al-wed.com/pic-vb/4.gif
أهلاًبكم .. وتقبل الله صيامكم
رد: بـــــين يـــــدي ســـــــورة
الحلقة الثانية عشر بين يدي سورة الشورى على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?...68#post1346168
رد: الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
رد: الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
1/5
{حم (1) عسق (2)}: ذكر الله هذه الأحرف للتنبيه على إعجاز القرآن المؤلف من هذه الحروف وغيرها من حروف الهجاء التي يتكلم بها الناس، ولكن عجزهم عن الإتيان بمثل هذا القرآن دليل على أنه وحي إلهي.
{كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ}: يا محمد من الدعوة إلى توحيد الله وعبادته والدعوة إلى الهدى والحق
{وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ}: من الرسل
{اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)}: أي القوي الغالب، الحكيم في أفعاله وتدبيره
{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ}: من أجرام مرئية وغير مرئية
{وَمَا فِي الأَرْضِ}: من سهول وجبال وأنهار وكائنات
{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4)}: المتفرد بعلو الشأن والكبرياء على جميع خلقه
{تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ}: يَتَفَطَّرْنَ: يتشققن من عظمة الله
{وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}: ينزهون ربهم عما لا يليق بجلاله متلبسين بحمده
{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ}: يسألون ربهم المغفرة لذنوب من في الأرض من أهل الإيمان
{أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)}: فالله واسع المغفرة, كثير الرحمة
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ}: هي الأصنام التي كان المشركون يعبدونها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقبله
{اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ}: الله رقيب على أعمالهم
{وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6)}: أمرهم ليس موكولاً إليك
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا}: وَكَذَلِكَ: أي وكما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك أوحينا إليك
{لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا}: أُمَّ الْقُرَى: مكة المكرمة
{وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ}: يَوْمَ الْجَمْعِ: يوم القيامة
{لا رَيْبَ فِيهِ}: لا شك في وقوعه
{فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)}: السَّعِيرِ: النار المستعرة
{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (8)}: وَلِيٍّ: محب وصديق وناصر
{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10)}: أُنِيبُ: أرجع
{فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}: خالق السماوات والأرض ومبدعهما
{جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}: جعل من جنسكم أصنافاً ذكوراً وإناثاً
{وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا}: الأَنْعَامِ: الإبل والبقر والغنم
{يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ}: يَذْرَؤُكُمْ: يكثركم بسبب هذا الإزدواج
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}: أي أن الله في عظمته وكبريائه وملكوته وأفعاله وصفاته لا يشبهه شئ من مخلوقاته
{وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)}: سميع لأقوال العباد, بصير بأفعالهم
{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}: مَقَالِيد: خزائن
{يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ}: يَبْسُطُ: يوسّع
{وَيَقْدِرُ}: يضيّق
{إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)}: سبحانه يعلم الذي يصلحه توسعة الرزق عليه أو يفسده, كما يعلم من يصلحه التقتير عليه أو يفسده
رد: الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
2/5
{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ}: شَرَعَ لَكُمْ: بيّن وسنّ لكم طريقاً واضحاً
{مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى}: وَصَّى بِهِ: أمر به وألزم
{أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}: أَقِيمُوا الدِّينَ: اتبعوا دين الإسلام, ووفوه حقه من علم وعمل
{كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}: كَبُرَ: عظم وشقّ
{اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ}: يَجْتَبِي: يختار ويصطفي
{وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)}: يُنِيبُ: يرجع إليه بالتوبة ويقبل على طاعته
{وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}: بَغْيًا بَيْنَهُمْ: ظلماً وحسداً وميلاً عن الحق
{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ}: أي ولولا الكلمة السابقة من الله بتأخير حسابهم وعذابهم
{إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}: هو يوم القيامة
{لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}: لأُنزِل العذاب بالمكذبين في الدنيا
{وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ}: هم اليهود والنصارى
{مِنْ بَعْدِهِمْ}: من بعد أسلافهم الذين تفرقوا في دينهم
{لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)}: لفي شك من صحة التوراة والإنجيل
{فَلِذَلِكَ فَادْعُ}: أي فادع يا محمد إلى دين الإسلام الذي أوحاه الله إليك
{وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}: اثبت على الدين الذي أُمرت به
{وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ}: حُجَّةَ: خصومة
{اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15)}: الْمَصِيرُ: المرجع يوم القيامة
{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ}: والذين يخاصمون في دين الله
{مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ}: اسْتُجِيبَ لَهُ: استجاب له الناس وأذعنوا لأحكامه
{حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)}: حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ: خصومتهم باطلة
{اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ}: الْكِتَابَ: القرآن وسائر الكتب الآلهية المنزلة
{وَالْمِيزَانَ}: المراد به العدل
{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)}:وأي شئ يعلمك يا محمد لعل الساعة التي تقوم فيها القيامة قريبة الوقوع
{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ}: مُشْفِقُونَ: خائفون
{أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (18)}: يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ: يجادلون في القيامة, شاكين بها
التوقيع
رد: الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
3/5
{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ}: رفيق بهم يحسن إليهم وينجيهم من الشدائد
{يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)}: الْقَوِيُّ: الباهر القدرة الغالب على كل شي, الْعَزِيزُ: أي المنيع الذي لا يُغْلَب
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآَخِرَةِ}: حَرْثَ الآَخِرَةِ: ثواب الآخرة
{نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ}: أي نضاعف له ثوابه
{وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا}: من كان يريد متاع الدنيا وطيباتها فقط مؤثرا إياها على الآخرة يؤته الله ما قسم له منها
{وَمَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)}: مِنْ نَصِيبٍ: حظ من النعيم
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ}: أَمْ: بمعنى "بل", وشركاؤهم: هم شياطينهم من الإنس والجن
{شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ}: ابتدعوا لهم من الدين
{مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}: ما لم يبح الله لهم ابتداعه
{وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)}: كَلِمَةُ الْفَصْلِ: الحكم بتأخير العذاب لآخرة
{تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا}: مِمَّا كَسَبُوا: في الدنيا من أعمالهم السيئة
{وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ}:أي أن عقاب الله نازل بهم وهم ذائقوه لا محالة
{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: والذين صدقوا بوجود الله ووحدانيته وأطاعوه فيما أمر به ونهى عنه
{فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ}: رَوْضَاتِ: جمع روضة وهي الأرض ذات الخضرة والبستان الحسن, والمكان الذي يجتمع فيه الماء ويكثر نبته ويعجب زهره, وهي هنا البساتين في الآخرة - جعلنا الله وإياكم من ساكنيها -
{لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ}: يَشَاءُونَ: يعطي معنى الانفتاح على إطلاقه بلا حدود, وهو يصور بذلك نعيماً لا يحده وصف
{ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)}: أي الفوز العظيم والنعمة التامة
{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}: الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى: أن تودوني لقرابتي منكم
{وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً}: يعمل طاعة لله
{نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا}: نضاعف له الثواب
{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)}: إن الله غفور لذنوب عباده, شكور لحسناتهم وطاعتهم إياه
{أَمْ يَقُولُونَ}: أَمْ: بمعنى بل, والاستفهام للتوبيخ والتقريع
{افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}: افْتَرَى: اختلق وكذب
{فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)}: يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ: يطبع على قلبك فينسيك القرآن
{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)}: وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا: أي يستجيب الله دعاءهم إذا دعوه
{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ}: بَسَطَ: وسّع
{لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ}: لَبَغَوْا: لطغوا وتكبروا وظلموا
{وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ}: يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ: حدد مقداره حسب تدبيره
{إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)}: فالله سبحانه قد قسّم الأرزاق بين عباده لحكمة يدركها وحده
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ}: الْغَيْثَ: المطر
{مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا}: قَنَطُوا: يئسوا
{وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}: يبسط خيراته وبركاته على العباد
{وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)}: وهو الذي يتولى عباده بإحسانه, وهو المحمود على كل حال
رد: الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
3/5
{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ}: رفيق بهم يحسن إليهم وينجيهم من الشدائد
{يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)}: الْقَوِيُّ: الباهر القدرة الغالب على كل شي, الْعَزِيزُ: أي المنيع الذي لا يُغْلَب
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآَخِرَةِ}: حَرْثَ الآَخِرَةِ: ثواب الآخرة
{نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ}: أي نضاعف له ثوابه
{وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا}: من كان يريد متاع الدنيا وطيباتها فقط مؤثرا إياها على الآخرة يؤته الله ما قسم له منها
{وَمَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)}: مِنْ نَصِيبٍ: حظ من النعيم
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ}: أَمْ: بمعنى "بل", وشركاؤهم: هم شياطينهم من الإنس والجن
{شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ}: ابتدعوا لهم من الدين
{مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}: ما لم يبح الله لهم ابتداعه
{وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)}: كَلِمَةُ الْفَصْلِ: الحكم بتأخير العذاب لآخرة
{تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا}: مِمَّا كَسَبُوا: في الدنيا من أعمالهم السيئة
{وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ}:أي أن عقاب الله نازل بهم وهم ذائقوه لا محالة
{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: والذين صدقوا بوجود الله ووحدانيته وأطاعوه فيما أمر به ونهى عنه
{فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ}: رَوْضَاتِ: جمع روضة وهي الأرض ذات الخضرة والبستان الحسن, والمكان الذي يجتمع فيه الماء ويكثر نبته ويعجب زهره, وهي هنا البساتين في الآخرة - جعلنا الله وإياكم من ساكنيها -
{لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ}: يَشَاءُونَ: يعطي معنى الانفتاح على إطلاقه بلا حدود, وهو يصور بذلك نعيماً لا يحده وصف
{ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)}: أي الفوز العظيم والنعمة التامة
{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}: الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى: أن تودوني لقرابتي منكم
{وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً}: يعمل طاعة لله
{نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا}: نضاعف له الثواب
{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)}: إن الله غفور لذنوب عباده, شكور لحسناتهم وطاعتهم إياه
{أَمْ يَقُولُونَ}: أَمْ: بمعنى بل, والاستفهام للتوبيخ والتقريع
{افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}: افْتَرَى: اختلق وكذب
{فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)}: يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ: يطبع على قلبك فينسيك القرآن
{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)}: وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا: أي يستجيب الله دعاءهم إذا دعوه
{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ}: بَسَطَ: وسّع
{لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ}: لَبَغَوْا: لطغوا وتكبروا وظلموا
{وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ}: يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ: حدد مقداره حسب تدبيره
{إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)}: فالله سبحانه قد قسّم الأرزاق بين عباده لحكمة يدركها وحده
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ}: الْغَيْثَ: المطر
{مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا}: قَنَطُوا: يئسوا
{وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}: يبسط خيراته وبركاته على العباد
{وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)}: وهو الذي يتولى عباده بإحسانه, وهو المحمود على كل حال
رد: الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
4/5
{وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29)}: بَثَّ: فرّق ونشر
{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)}: فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ: بسبب ما اقترفتم من الآثام
{وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (31)}: بِمُعْجِزِينَ: لا تستطيعون أن تفلتوا من العقاب
{وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ (32)}: الْجَوَارِي: السفن الجارية, كَالأَعْلامِ: كالجبال
{إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ}: فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ: فتبقى السفن سواكن
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33)}: صَبَّارٍ: كل ذي صبر على طاعة الله, شَكُورٍ: لنعمه وأياديه عنده
{أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34)}: يُوبِقْهُنَّ: يغرقهن ويهلك من فيهن
{وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا}: يُجَادِلُونَ: يخاصمون
{مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35)}: مَحِيصٍ: مهرب من العذاب
{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)}: الْفَوَاحِشَ: جمع فاحشة وهي ما يشتد قبحه من الذنوب, وكثيراً ما يراد بالفاحشة: الزنا
{وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)}: اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ: أجابوه إلى ما دعاهم إليه من طاعته
{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ}: الْبَغْيُ: الظلم
{هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)}: ينتقمون من ظالمهم
{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}: مقابلة المسئ بالمثل
{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}: ترغيب في العفو بعد الدعوة إلى مقابلة الإساءة بمثلها
{إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)}: أي لا يحب الله المعتدين البادئين بالسيئة
{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ}: أي ولمن انتصر لنفسه بعد ظلم الظالم إياه وعاقبه بمثل ما عُوقِب به
{فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41)}: أي ليس عليهم حرج ولا مؤاخذة ولا لوم
{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ}: أي إنما الحرج والمؤاخذة واللوم على المعتدين الذين يبدأون الناس بالظلم
{وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}: أي ويتكبرون في الأرض ويفسدون فيها ويعتدون على الناس بغير الحق
{أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)}: أي لهم عذاب شديد موجع في الآخرة وهو عذاب النار
{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ}: َغَفَرَ: تجاوز عن ظالمه
{إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (43)}: "العزم" هو الصبر أو الجِد أو إرادة الفعل
رد: الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
ورزقك الجنة بلا حساب
رد: الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
5/5
{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44)}: هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ: هل من طريق للرجوع إلى الدنيا لطاعة الله
{وَتَرَاهُمْ}: يا محمّد
{يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا}: على النّار - وقانا الله وإياكم منها -
{خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ}: خاضعين من الذل
{يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}: يسارقون النظر إلى النار خوفاً منها
{وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45)}: مُقِيمٍ: دائم لا ينقطع
{وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}: وما كان لهؤلاء الكفار من أعوان وأنصار
{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46)}: أي ومن يخذله الله عن طريق الحق بسبب كفره فليس له من طريق للوصول إليه وليس له طريق ينجيه من سوء المصير
{اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ}: لا مَرَدَّ: لا شئ يرد مجيئه
{مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ}: يومها ليس لكم من ملجأ ينجيكم من العذاب إذا ظللتم على الكفر
{وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47)}: لا تقدرون أن تنكروا شيئاً من أعمالكم
{فَإِنْ أَعْرَضُوا}: عن الإيمان الذي جئتهم به يا محمّد
{فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}: حَفِيظًا: رقيباً ومهيمناً
{إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ}: ما عليك إلا أن تبلّغ قومك ما أُرسلت به من الهدى
{وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنْسَانَ كَفُورٌ (48)}: كَفُورٌ: جحود لنعم ربه, والكفور الذي يكون مبالغاً في الكفران
{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا}: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا: يخص البعض بالإناث
{وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49)}: يخص البعض بالذكور
{أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا}: التزويج هنا معناه: الجمع بين البنين والبنات, أي يعطي سبحانه من يشاء الصنفين معاً ذكوراً وإناثاً
{وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا}: العقيم الذي لا يولد له ولد
{إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)}: إنه سبحانه ذو علم بما يخلق وعلمه محيط بكل شئ, وهو القادر على خلق ما يشاء
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا}: وَحْيًا: إلهاماً, أو قذفاً في القلب, أو رؤيا في المنام
{أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}: أي يسمع كلام الله دون أن يراه
{أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}: رَسُولاً: ملكا من الملائكة
{إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51)}: إنه سبحانه ذو عُلو على كل شئ ومتعال عن صفات النقص, حكيم في كل أفعاله
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}: رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا: هو القرآن الذي هو للقلوب بمنزلة الأرواح للأبدان
{مَا كُنْتَ تَدْرِي}: الخطاب لسيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم
{مَا الْكِتَابُ}: ما هو القرآن
{وَلا الإِيـمَانُ}: وما هي أسس الإيمان و صفات الله
{وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)}: صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ: دين قويم وهو دين الإسلام
{صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}: أي طريق الله الذي له وحده ملك السموات والأرض خلقاً وتدبيراً
{أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ (53)}: ألا إلى الله تصير أموركم في الآخرة فيقضي بينكم بالعدل ويكافئ المحسن بإحسانه والمسئ على إساءته
رد: الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
رد: الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نسايم ليل
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
ورزقك الجنة بلا حساب
أهلاً بك نسايم .. وجزاك الله الجنة يارب
رد: الحلقة الثانية عشر : بين يدي سوره ( الشورى)
الإعجاز العلمي
﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ* إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾.
سورة الشورى {32-33}
قال الله تعالى:
﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ﴾
سورة إبراهيم {32}
فتحت هذه الكلمات الربانية كتاب الكون على مصراعيه، وتضمنت سطوره امتنان الله علينا بنعم لا تعد ولا تحصى، لتجعلنا نقف مذهولين قائلين:
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماءاً فأنبت به الأشجار، وأنزل الحديد وسائر الآلات، وأرسل الرياح رحمةً منه وزودها بالحركات القوية وجعلها آية لأولي النهى والأبصار، ووسع الأنهار، وجعل عمقها وحالها مقدراً بمقدار، تجري بها الفلك بأمره، وننتفع من كل هذه النعم، فنشكر المنعم وندعوه آناء الليل وأطراف النهار.
أول من صنع السفن
http://pic.ksb7.com/images/2lz9xvt9h8idsyjry3.jpg
كان أول من صنع السفن نبي الله نوح عليه السلام، فقال الله جلَّ وعلا:
﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾
سورة هود {38}
فسخر منه قومه لأنه بالأمس كان نبياً يدعوهم لدين الله وبعد ذلك يصبح نجاراً يصنع السفن التي لم تكن مألوفةً لهم، وكانت هذه التجربة بأمرٍ من الله تعالى ووحي منه، فعُلِّمَ صناعتها والشروط التي تضمن لها الطفو، فقال الله سبحانه وتعالى:
﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾
سورة هود {37}
وكانت أفضل مادة لصناعتها الخشب، لأنه أخف من الماء، ويجب أن تُنشر على شكل ألواح ليزداد سطحها وبالتالي تزداد القوة الضاغطة عليها ( دافعة أرخميدس)، وأن تثبت بالمسامير وتطلى بمادة عازلة تمنع تسرب الماء إليها مما يجعلها قادرة على ركوب البحر ولا تغرق، فقال سبحانه:
﴿وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾
سورة القمر {13}
لماذا لا تغرق السفن؟
http://pic.ksb7.com/images/cx05ia1vtfee7fc5rabc.jpg
كثيراً ما يتبادر إلى الذهن سؤال مفاده، كيف تطفو السفن ولا تغرق رغم أنها مصنوعة من معادن كثافتها أعلى من كثافة ماء البحر ورغم حجمها الكبير؟ ولماذا تغرق قطعة صغيرة من الحديد؟
لا تغرق السفن لأنها تبنى ضمن شروط يحددها البحر، فيجب أن يكون الجزء المغمور منها ضخم الحجم وأجوف لذا فإن قوة دفع مياه البحر تزداد بزيادة الحجم، ولذلك جاءت كلمة (سخَّر) والتي تعني: ذلَّل وأخضع. فسخر الله سبحانه البحار وجعلها تتمتع بقوة تؤثر على السفن، وفق قانون ( دافعة) أرخميدس: وهي قوة شاقولية تتجه إلى الأعلى وتؤثر على الأجسام غير الذوابة في السائل، وتساوي أيضاً وزن السائل المزاح، وتعطى بالعلاقات التالية:
قوة ضغط السوائل (قوة أرخميدس) = كثافة السائل (الماء) × حجم الجسم المغمور في السائل × تسارع الجاذبية الأرضية
حاجة السفن إلى الجسم المغمور
نلاحظ من القانون:
أن دافعة أرخميدس تزداد بزيادة حجم الجسم المغمور في الماء، لذلك يكون حجم السفينة كبير، وهو شرط من شروط توازنها، فشبَّه القرآن الكريم السفن في البحر بالجبال، وهنا نجد دقة اللفظ القرآني من الناحية العلمية، فقال سبحانه:
﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ﴾
سورة الشورى {32}
فالجبال مثل الأوتاد التي نرى قسماً منها ظاهراً فوق الأرض والآخر يكون أسفلها، فقال الله تعالى:
﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾
سورة النبأ {7}
ويتبين لنا أن الجبال في الأرض تحفظ لها التوازن والاستقرار وتمنعها من الاضطراب، من خلال أوتادها، فكذلك السفن تحتاج مثل الجبال إلى الجزء المغمور في الماء ليحفظ لها التوازن ويمنعها من الغرق والاضطراب، وهذا ما يدل عليه قول الله تعالى:
﴿خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾
سورة لقمان {10}
الحجم: تزداد دافعة أرخميدس بزيادة الحجم ويزداد الحجم بزيادة السطح وبالتالي تزداد قوة الضغط لأن الضغط يتناسب عكسياً مع السطح وفق العلاقة:
الضغط = القوة الضاغطة / سطح الجسم الذي تؤثر عليه القوة
كثافة السائل في البحار
تزداد دافعة أرخميدس بزيادة كثافة السائل، وهنا تجدر الإشارة إلى دور ملوحة البحار في هذه القوة، لأنه كلما كبرت نسبة الملوحة كبرت الكثافة، فمثلاً البحر الميت نسبة ملوحته أكبر بكثير من غيره، ودافعة أرخميدس فيه أكبر، لذا سماه علماء الفيزياء (البحر الذي لا يغرق فيه أحد)، وبالتالي تطفو السفينة عندما يكون الوزن الحجمي للسائل أكبر من الوزن الحجمي لها، أي: (أن يكون وزن نفس حجم الجسم من السائل أكبر من وزن الجسم).
كثافة السائل في الأنهار
تتمتع مياه الأنهار بكثافة أقل من كثافة ماء البحار لأنها عذبة ونسبة ملوحتها أقل من ملوحة البحار، لذا فكثافة ماء البحار أكبر، والنهر في اللغة: الأنهار من السعة، ولا تسمى الساقية نهراً، بل العظيم منها هو النهر، ومنه جاء في قول الله تعالى:
﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ﴾
نجد الأنهار معطوفة على البحار، ولكي تجري السفن فيها يجب أن تكون الأنهار واسعة وعميقة، لتزداد قوة الضغط، ونزيد حجم السفينة بما يتلائم مع الكثافة، لتحقق شروط الطفو.
ويجب أن يكون أجوف: وهذا سِرٌ من أسرار الله سبحانه وتعالى في مخلوقاته ولمعرفة هذا السر فلننظر إلى الكيس الهوائي في جسم السمكة، فعندما يمتلئ بالهواء يزداد حجمها وبالتالي تقل كثافتها عن كثافة الماء فتطفوا، (وهذا هو الغرض من وجود كيس هوائي في جسم السمكة)، فمن أجل هذا تصنع السفينة مجوفة.
كيف تجري السفن؟
العلم الذي يدرس هذا النوع من الحركة يسمى علم التحريك: وهو يدرس الحركة من حيث مسبباتها، أي القوى المؤثرة عليها، فحركة السفن في البحار تخضع لمبدأ العطالة (قانون نيوتن الأول)، ونميز حالتين:
1 - الجسم الساكن يبقى ساكناً ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تؤدي لتحريكه.
2 – يبقى الجسم محافظاً على سرعته ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تغيرها.
والقوة : هي كل ما يؤثر على الأجسام فتغير من شكلها أو سرعتها أو طبيعتها.
العلاقة بين الرياح وحركة السفن
السفن القديمة ومنها (الشراعية) تسير تحت تأثير قوة الرياح، وهي القوة التي كانت معتمدة في زمن رسول الهة صلى الله عليه وسلم، وللرياح دور كبير في تحريك السفن وهذا واضح في قول الله تعالى:
﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ* إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾.
سورة الشورى {32-33}
فتبقى السفينة ساكنة ما لم تؤثر عليها قوة تحركها وقوة الرياح هي المسؤولة عن إعطاءها قوة الدفع والتي تجعلها تتحرك بسرعة متناسبة مع هذه القوة، فإذا كانت هذه القوة معدومة سكنت، أما السفن الحديثة فتجري تحت تأثير قوة تقدمها محركاتها، فإذا انعدمت ركدت. فسبحان الذي سخر لنا الفلك وما كنا لها مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون.
وجه الإعجاز
الإعجاز التاريخي
أخبرنا الله تعالى عن العصر الذي صنعت فيه السفن، معلناً اسم النبي الذي صنعها وأعدها لتجري في البحر ضمن شروط تحفظها من الغرق.
الإعجاز العلمي
1 – تجلى إعجاز القرآن الكريم في أن السفن تبقى ساكنة، ما لم تؤثر عليها قوة تحركها.
2 – تشبيه السفن بالجبال، والجبال أوتاد، فمنها قسم لا نراه يسكن في باطن الأرض، يحفظ لها التوازن وتمنعها من الاضطراب، كذلك السفن فمنها قسم مغمور في الماء لا نراه، يؤمن لها التوازن ويحفظها من الغرق.
3 – تسخير مياه البحار والأنهار وجعلها ذات كثافات مناسبة لتحمل على ظهرها السفن.
4 – استخدام الخشب لصناعة السفن لأنه أخف من الماء، ومسامير لتثبيت الألواح الخشبية ذات السطح الكبير، مما يزيد من القوة الضاغطة، ويمنع تسرب الماء إلى داخلها.
وأخيراً:
فإن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي، ما كان ينطق عن الهوى، بل وحي من الله سبحانه وتعالى الذي يُعَلِّمُ من يشاء من عباده ويصطفي من ارتضى.
الحلقة الثالثة عشر : بين يدي سوره ( ق)
رد: بـــــين يـــــدي ســـــــورة
الحلقة الثالثة عشر بين يدي سورة ق على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?...39#post1347139
رد: الحلقة الثالثة عشر : بين يدي سوره ( ق)
رد: الحلقة الثالثة عشر : بين يدي سوره ( ق)
ما شاء الله تبارك الله
شكرا الف يا ابو عدولي وكتبه الله في ميزان حسناتك
رد: الحلقة الثالثة عشر : بين يدي سوره ( ق)
رد: الحلقة الثالثة عشر : بين يدي سوره ( ق)
- تفسيرسورة ق عدد آياتها 45 ( آية 1-22 )
وهي مكية { 1-4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ }
يقسم تعالى بالقرآن المجيد أي: وسيع المعاني عظيمها، كثير الوجوه كثير البركات، جزيل المبرات. والمجد: سعة الأوصاف وعظمتها، وأحق كلام يوصف بهذا، هذا القرآن، الذي قد احتوى على علوم الأولين والآخرين، الذي حوى من الفصاحة أكملها، ومن الألفاظ أجزلها، ومن المعاني أعمها وأحسنها، وهذا موجب لكمال اتباعه، و [سرعة] الانقياد له، وشكر الله على المنة به.
ولكن أكثر الناس، لا يقدر نعم الله قدرها، ولهذا قال تعالى: { بَلْ عَجِبُوا } أي: المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم، { أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ منهم } أي: ينذرهم ما يضرهم، ويأمرهم بما ينفعهم، وهو من جنسهم، يمكنهم التلقي عنه، ومعرفة أحواله وصدقه.
فتعجبوا من أمر، لا ينبغي لهم التعجب منه، بل يتعجب من عقل من تعجب منه.
{ فَقَالَ الْكَافِرُونَ } الذين حملهم كفرهم وتكذيبهم، لا نقص بذكائهم وآرائهم
{ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } أي: مستغرب، وهم في هذا الاستغراب بين أمرين:
إما صادقون في [استغرابهم و] تعجبهم، فهذا يدل على غاية جهلهم، وضعف عقولهم، بمنزلة المجنون، الذي يستغرب كلام العاقل، وبمنزلة الجبان الذي يتعجب من لقاء الفارس للفرسان، وبمنزلة البخيل، الذي يستغرب سخاء أهل السخاء، فأي ضرر يلحق من تعجب من هذه حاله ؟ وهل تعجبه، إلا دليل على زيادة وظلمه وجهله؟ وإما أن يكونوا متعجبين، على وجه يعلمون خطأهم فيه، فهذا من أعظم الظلم وأشنعه.
ثم ذكر وجه تعجبهم فقال: { أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } فقاسوا قدرة من هو على كل شيء قدير، الكامل من كل وجه، بقدرة العبد الفقير العاجز من جميع الوجوه، وقاسوا الجاهل، الذي لا علم له، بمن هو بكل شيء عليم، الذي يعلم ما تنقص الأرض من أجسادهم مدة مقامهم في برزخهم، وقد أحصى في كتابه الذي هو عنده محفوظ عن التغيير والتبديل، كل ما يجري عليهم في حياتهم، ومماتهم، وهذا الاستدلال، بكمال علمه، وسعته التي لا يحيط بها إلا هو، على قدرته على إحياء الموتى.
{ 5 } { بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ }
أي: { بَلْ } كلامهم الذي صدر منهم، إنما هو عناد وتكذيب للحق الذي هو أعلى أنواع الصدق { لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ } أي: مختلط مشتبه، لا يثبتون على شيء، ولا يستقر لهم قرار، فتارة يقولون عنك: إنك ساحر، وتارة مجنون، وتارة شاعر، وكذلك جعلوا القرآن عضين، كل قال فيه، ما اقتضاه رأيه الفاسد، وهكذا، كل من كذب بالحق، فإنه في أمر مختلط، لا يدرى له وجهة ولا قرار، [فترى أموره متناقضة مؤتفكة] كما أن من اتبع الحق وصدق به، قد استقام أمره، واعتدل سبيله، وصدق فعله قيله.
{ 6-11 } { أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ }
لما ذكر تعالى حالة المكذبين، وما ذمهم به، دعاهم إلى النظر في آياته الأفقية، كي يعتبروا، ويستدلوا بها، على ما جعلت أدلة عليه فقال: { أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ } أي: لا يحتاج ذلك النظر إلى كلفة وشد رحل، بل هو في غاية السهولة، فينظرون { كَيْفَ بَنَيْنَاهَا } قبة مستوية الأرجاء، ثابتة البناء، مزينة بالنجوم الخنس، والجوار الكنس، التي ضربت من الأفق إلى الأفق في غاية الحسن والملاحة، لا ترى فيها عيبًا، ولا فروجًا، ولا خلالًا، ولا إخلالاً.
قد جعلها الله سقفًا لأهل الأرض، وأودع فيها من مصالحهم الضرورية ما أودع.
{ و } إلى { الأرض كيف مَدَدْنَاهَا } ووسعناها، حتى أمكن كل حيوان السكون فيها والاستقرار والاستعداد لجميع مصالحه، وأرساها بالجبال، لتستقر من التزلزل، والتموج، { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } أي: من كل صنف من أصناف النبات، التي تسر ناظرها، وتعجب مبصرها، وتقر عين رامقها، لأكل بني آدم، وأكل بهائمهم ومنافعهم، وخص من تلك المنافع بالذكر، الجنات المشتملة على الفواكه اللذيذة، من العنب والرمان والأترج والتفاح، وغير ذلك، من أصناف الفواكه، ومن النخيل الباسقات، أي: الطوال، التي يطول نفعها، وترتفع إلى السماء، حتى تبلغ مبلغًا، لا يبلغه كثير من الأشجار، فتخرج من الطلع النضيد، في قنوانها، ما هو رزق للعباد، قوتًا وأدمًا وفاكهة، يأكلون منه ويدخرون، هم ومواشيهم وكذلك ما يخرج الله بالمطر، وما هو أثره من الأنهار، التي على وجه الأرض، والتي تحتها من حب الحصيد، أي: من الزرع المحصود، من بر وشعير، وذرة، وأرز، ودخن وغيره.
فإن في النظر في هذه الأشياء { تَبْصِرَةً } يتبصر بها، من عمى الجهل، { وَذِكْرَى } يتذكر بها، ما ينفع في الدين والدنيا، ويتذكر بها ما أخبر الله به، وأخبرت به رسله، وليس ذلك لكل أحد، بل { لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ } إلى الله أي: مقبل عليه بالحب والخوف والرجاء، وإجابة داعيه، وأما المكذب والمعرض، فما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون.
وحاصل هذا، أن ما فيها من الخلق الباهر، والشدة والقوة، دليل على كمال قدرة الله تعالى، وما فيها من الحسن والإتقان، وبديع الصنعة، وبديع الخلقة دليل على أن الله أحكم الحاكمين، وأنه بكل شيء عليم، وما فيها من المنافع والمصالح للعباد، دليل على رحمة الله، التي وسعت كل شيء، وجوده، الذي عم كل حي، وما فيها من عظم الخلقة، وبديع النظام، دليل على أن الله تعالى، هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، ولم يكن له كفوًا أحد، وأنه الذي لا تنبغي العبادة، والذل [والحب] إلا له تعالى.
وما فيها من إحياء الأرض بعد موتها، دليل على إحياء الله الموتى، ليجازيهم بأعمالهم، ولهذا قال: { وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ }
ولما ذكرهم بهذه الآيات السماوية والأرضية، خوفهم أخذات الأمم، وألا يستمروا على ما هم عليه من التكذيب، فيصيبهم ما أصاب إخوانهم من المكذبين، فقال:
{ 12-15 } { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ * أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ }
أي: كذب الذين من قبلهم من الأمم، رسلهم الكرام، وأنبياءهم العظام، كـ "نوح" كذبه قومه، [وثمود كذبوا صالحًا] وعاد، كذبوا "هودًا " وإخوان لوط كذبوا "لوطًا " وأصحاب الأيكة كذبوا "شعيبًا " وقوم تبع، وتبع كل ملك ملك اليمن في الزمان السابق قبل الإسلام فقوم تبع كذبوا الرسول، الذي أرسله الله إليهم، ولم يخبرنا الله من هو ذلك الرسول، وأي تبع من التبابعة، لأنه -والله أعلم- كان مشهورًا عند العرب لكونهم من العرب العرباء، الذين لا تخفى ماجرياتهم على العرب خصوصًا مثل هذه الحادثة العظيمة.
فهؤلاء كلهم كذبوا الرسل، الذين أرسلهم الله إليهم، فحق عليهم وعيد الله وعقوبته، ولستم أيها المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم، خيرًا منهم، ولا رسلهم أكرم على الله من رسولكم، فاحذروا جرمهم، لئلا يصيبكم ما أصابهم.
ثم استدل تعالى بالخلق الأول -وهو المنشأ الأول - على الخلق الآخر، وهو النشأة الآخرة.
فكما أنه الذي أوجدهم بعد العدم، كذلك يعيدهم بعد موتهم وصيرورتهم إلى [الرفات] والرمم، فقال: { أَفَعَيِينَا } أي: أفعجزنا وضعفت قدرتنا { بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ } ؟ ليس الأمر كذلك، فلم نعجز ونعي عن ذلك، وليسوا في شك من ذلك، وإنما هم في لبس من خلق جديد هذا الذي شكوا فيه، والتبس عليهم أمره، مع أنه لا محل للبس فيه، لأن الإعادة، أهون من الابتداء كما قال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ }
رد: الحلقة الثالثة عشر : بين يدي سوره ( ق)
{ 16-18 } { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }
يخبر تعالى، أنه المتفرد بخلق جنس الإنسان، ذكورهم وإناثهم، وأنه يعلم أحواله، وما يسره، ويوسوس في صدره وأنه أقرب إليه من حبل الوريد، الذي هو أقرب شيء إلى الإنسان، وهوالعرق المكتنف لثغرة النحر، وهذا مما يدعو الإنسان إلى مراقبة خالقه، المطلع على ضميره وباطنه، القريب منه في جميع أحواله، فيستحي منه أن يراه، حيث نهاه، أو يفقده، حيث أمره، وكذلك ينبغي له أن يجعل الملائكة الكرام الكاتبين منه على بال، فيجلهم ويوقرهم، ويحذر أن يفعل أو يقول ما يكتب عنه، مما لا يرضي رب العالمين، ولهذا قال: { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ } أي: يتلقيان عن العبد أعماله كلها، واحد { عَنِ الْيَمِينِ } يكتب الحسنات { و } الآخر { عن الشِّمَالِ } يكتب السيئات، وكل منهما { قَعِيدٌ } بذلك متهيئ لعمله الذي أعد له، ملازم له
{ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ } خير أو شر { إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } أي: مراقب له، حاضر لحاله، كما قال تعالى: { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ }
{ 19-22 } { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ }
أي { وَجَاءَتْ } هذا الغافل المكذب بآيات الله { سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } الذي لا مرد له ولا مناص، { ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } أي: تتأخر وتنكص عنه.
{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ } أي: اليوم الذي يلحق الظالمين ما أوعدهم الله به من العقاب، والمؤمنين ما وعدهم به من الثواب.
{ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ } يسوقها إلى موقف القيامة، فلا يمكنها أن تتأخر عنه، { وَشَهِيدٌ } يشهد عليها بأعمالها، خيرها وشرها، وهذا يدل على اعتناء الله بالعباد، وحفظه لأعمالهم، ومجازاته لهم بالعدل، فهذا الأمر، مما يجب أن يجعله العبد منه على بال، ولكن أكثر الناس غافلون، ولهذا قال: { لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا } أي: يقال للمعرض المكذب يوم القيامة هذا الكلام، توبيخًا، ولومًا وتعنيفًا أي: لقد كنت مكذبًا بهذا، تاركًا للعمل له فالآن { كشفنا عَنْكَ غِطَاءَكَ } الذي غطى قلبك، فكثر نومك، واستمر إعراضك، { فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } ينظر ما يزعجه ويروعه، من أنواع العذاب والنكال.
أو هذا خطاب من الله للعبد، فإنه في الدنيا، في غفلة عما خلق له، ولكنه يوم القيامة، ينتبه ويزول عنه وسنه، ولكنه في وقت لا يمكنه أن يتدارك الفارط، ولا يستدرك الفائت، وهذا كله تخويف من الله للعباد، وترهيب، بذكر ما يكون على المكذبين، في ذلك اليوم العظيم.