رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
قلت ما نفثات السحر إذا صدقت عزائمها بأوصل إلى القلوب من هذه النفثات ولا لسلاف ظلم الحبائب مع حلاوة التقبيل عذوبة هذه الرشفات
وعدوا من المرقص الغرامي في باب الانسجام قول ابن الخياط الدمشقي
( أغار إذا آنست في الحي أنه ... حذارا وخوفا أن تكون لحبه )
ومثله قول ظافر الحداد وقد عدوه من المرقص
( ونفر صبح الشيب ليل شبيبتي ... كذا عادني في الصبح مع من أحبه )
ومثله قول خالد الكاتب وعدوه له من المطرب
( رقدت ولم ترث للساهر ... وليل المحب بلا آخر )
ومثله قول راجح الحلي وعدوه من المرقص
( يا ليل طلت ولم ترق لمغرم ... لم يظلموا إذ لقبوك بكافر )
ومثله قول ابن تقي وهو معدود من المرقص
( باعدته عن أضلع تشتاقه ... كي لا ينام على فراش خافق )
ويعجبني في هذا الباب قول النجيب بن الدباغ وهو معدود من المرقص
( يا رب إن قدرته لمقبل ... غيري فللمسواك أو للأكؤس )
( ولئن قضيت لنا بصحبة ثالث ... يا رب فليك شمعة في المجلس )
( وإذا حكمت لنا بعين مراقب ... في الحب فلتك من عيون النرجس )
وعدوا من مرقصات الطريق الغرامية قول القائل
( أستغفر الله إلا من محبتكم ... فإنها حسناتي حين ألقاه )
( فإن يقولوا بأن العشق معصية ... فالعشق أحسن ما يعصى به الله )
ومن مطرب الانسجام الغرامي قول علية بنت المهدي
( وأحسن أيام الهوى يومك الذي ... تروع بالهجران فيه وبالعتب )
( إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضا ... فأين حلاوات الرسائل والكتب )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومثله من المطرب قول الحسين بن الضحاك
( له عبثات عند كل تحية ... بعينيه تستدعي الحليم إلى الوجد )
( رعى الله عصرا لم نبت فيه ليلة ... خليا ولكن من حبيب على وعد )
ومن الغايات في هذا الباب أعني الانسجام الغرامي ما كان يكثر من الترنم به أبو القاسم القشيري وهو
( لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... وشهدت حين نكرر التوديعا )
( أيقنت أن من الدموع محدثا ... وعلمت أن من الحديث دموعا )
ومثله قول خالد الكاتب
( بكى عاذلي من رحمتي فرحمته ... وكم مثله من مسعد ومعين )
( ورقت دموع العين حتى كأنها ... دموع دموعي لا دموع جفوني )
ويعجبني من هذا الباب قول إسحاق بن إبراهيم الموصلي
( على عصر أيام الصبابة والصبا ... ووصل الغواني والتذاذي بالشرب )
( سلام امرئ لم تبق منه بقية ... سوى نظر العينين أو شهوة القلب )
ومن غراميات القاضي الفاضل في باب الانسجام قوله
( ترى لحنيني أو حنين الحمائم ... جرت فحكت دمعي دموع الغمائم )
( وهل من ضلوع أو ربوع ترحلوا ... فكل أراها دارسات المعالم )
( لقد ضعفت ريح الصبا فوصلتها ... فمني لا منها هبوب السمائم )
( دعوا نفس المقروح يحمله الصبا ... وإن كان يهفو بالغصون النواعم )
( تأخرت في حمل السلام عليكم ... لدينا لما قد حملت من سمائم )
( فلا تسمعوا إلا حديثا لناظري ... يعاد بألفاظ الدموع السواجم )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومثله قوله
( يا طرف مالك ساهد في راقد ... يا قلب مالك راغب في زاهد )
( من يشتري عمري الرخيص جميعه ... من وصلك الغالي بيوم واحد )
( عاتبته فتوردت وجناته ... والقلب صخر لا يلين لقاصد )
( فنظرت من ذي في حرير ناعم ... وضربت من ذا في حديد بارد )
ويعجبني من غراميات البها زهير قوله
( عتبتكم عتب المحب حبيبه ... وقلت بإدلال فقولوا بإصغاء )
( لعلكم قد صدكم عن زيارتي ... مخافة أمواه لدمعي وأنواء )
( فلو صدق الحب الذي تدعونه ... وأخلصتم فيه مشيتم على الماء )
( وإن تك أنفاسي خشيتم لهيبها ... وهالتكم نيران وجد بأحشائي )
( فكونوا رفاعيين في الحب مرة ... وخوضوا لظى نار لشوقي حمراء )
وألطف منه وأسجم قوله
( تعيش أنت وتبقى ... أنا الذي مت عشقا )
( حاشاك يا نور عيني ... تلقي الذي أنا ألقى )
( ولم أجد بين موتي ... وبين هجرك فرقا )
( يا أنعم الناس بالا ... إلى متى فيك أشقى )
( سمعت عنك حديثا ... يا رب لا كان صدقا )
( وما عهدتك إلا ... من أكرم الناس خلقا )
( لك الحياة فإني ... أموت لا شك حقا )
( يا ألف مولاي مهلا ... يا ألف مولاي رفقا )
( قد كان ما كان مني ... والله خير وأبقى )
ومثله قوله
( أنت الحبيب الأول ... ولك الهوى المستقبل )
( عندي لك الود الذي ... هو ما عهدت وأكمل )
( القلب فيك مقيد ... والدمع منك مسلسل )
( يا من يهدد بالصدود ... نعم تقول وتفعل )
( قد صح عذرك في الهوى ... لكنني أتعلل )
( نفدت معاذيري التي ... ألقى بها من يسأل )
( حتام أكذب للورى ... وإلى متى أتحمل )
( قل للعذول لقد أطلت ... لمن تقول وتعذل )
( عاتبت من لا يرعوي ... وعذلت من لا يقبل )
( غضب العذول أخف من ... غضب الحبيب وأسهل )
ومن انسجاماته التي تكاد أن لا تكون موزونة
( إن شكا القلب هجركم ... مهد الحب عذركم )
( لو رأيتم محلكم ... من فؤادي لسركم )
( لو أمرتم بما عسى ... ما تعديت أمركم )
( قصروا مدة الجفا ... طول الله عمركم )
( شرفوني بزورة ... شرف الله قدركم )
( كنت أرجو بأنكم ... شهركم لي ودهركم )
( قد نسيتم وإنما ... أنا لم أنس ذكركم )
( وصبرتم وليتني ... كنت أعطيت صبركم )
( ورأيتم تجلدي ... في هواكم فسركم )
( لو وصلتم محبكم ... ما الذي كان ضركم )
ومن انسجاماته التي هي في غاية الظرف
( يا قلب بعض الناس هل ... للضيف عندك زاويه )
( إني ببابك قد وقفت ... عسى ترد جوابيه )
( يا ملبسي ثوب الضنا ... يهنأك ثوب العافيه )
( لم يبق مني في القميص ... سوى رسوم باليه )
( وحشاشة ما أبقت الأشواق ... منها باقيه ) ( يا من إليه المشتكى ... أنت العليم بحاليه )
( وإليك عني يا غرام ... فقد عرفت مكانيه )
( فكأنما لك قد قعدت ... على طريق القافيه )
( من لي بقلب اشتريه ... من القلوب القاسيه )
( مولاي يا قلبي العزيز ... ويا حياتي الغاليه )
( إني لأطلب حاجة ... ليست عليك بخافيه )
( أنعم علي بقبلة ... هبة وإلا عارية )
( وأعيدها لك لا عدمت ... بعينها وكما هيه )
( وإذا أردت زيادة ... خذها ونفسي راضيه )
ومثله قوله في هذا الروي
( قالوا كبرت عن الصبا ... وقطعت تلك الناحية )
( فدع الصبا لرجاله ... واخلع ثياب العاريه )
( ونعم كبرت وإنما ... تلك الشمائل باقيه )
( وتفوح من عطفي أنفاس ... الشباب كما هيه )
( ويميل بي نحو الصبا ... قلب رقيق الحاشيه )
( فيه من الطرب القديم ... بقية في الزاوية )
ومن غراميات الحاجري في هذا الباب
( لك أن تشوقني إلى الأوطان ... وعلي أن أبكي بدمع قان )
( إن الذي رحلوا غداة المنحنى ... ملؤوا القلوب لواعج الأشجان )
( فلا بعثن من النسيم إليهم ... ما حل بالأغصان والغزلان )
( نزلوا برامة قاطنين فلا تسل ... ما حل بالأغصان والغزلان
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
وقد تقدم قولي إن الشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري شيخ شيوخ حماه سقى الله من غيث الرحمة ثراه هو غيث هذا الانسجام وغريم هذا الغرام
فمن انسجاماته الغرامية الموعود بإيرادها قوله
( حديثي في المحبة ليس يشرح ... فدعني من حديث اللوم واسرح )
( فما لك مطمع ببراح قلبي ... عن الحب الذي أعيا وبرح )
( فكم من لائم أنحى إلى أن ... تأمل من هويت فما تنحنح )
( فيا لله ما أشهى وأبهى ... ويا لله ما أحلى وأملح )
( له طرف يقول الحرب أحرى ... ولي قلب يقول الصلح أصلح )
( سألت سواره المثري فنادى ... فقير وشاحه الله يفتح )
( وماس من القوام بغصن بان ... إذا أنشدت أغزالي ترنح )
( وحياني بألحاظ مراض ... صحيحات فأمرضني وصحح )
( أعاتبه فلا يصغي لعتبي ... ولا أسلو فاتركه وأربح )
ومن غايات انسجامه قوله
( كم شرحت من وجد ... كم سفحت من دمعه )
( كم بعثت من رسل ... دفعة على دفعه )
( بنتم وأعرضتم ... ما أمرها جرعه )
( هل عليكم باس ... في المقال بالرجعة )
( قد حججت مغناكم ... لا تحرموا المتعه )
( ترك سنتي فيكم ... سادتي من البدعه )
( هذه صباباتي ... والوصال في منعه )
( كيف لو تعلمتم ... غير هذه الصنعه ) ( يا مليك قلبي خذ ... ما يليه بالشفعه )
( واس بيننا أو لا ... ردنا إلى القرعه )
( لا تحل عني قلبي ... ليس فيه من نجعه )
( قد تركت أرداني ... من مدامعي نقعه )
( ما لناظري كحل ... غير هذه الطلعه )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومثله قوله
( خبروه تفصيل حالي جمله ... فعساه يرق لي ولعله )
( كم تنحنحت إذ تبدى حذارا ... من رقيبي وكم تكلفت سعله )
( ليس لي عن هدى هواه ضلال ... أكثر اللوم عاذلي أو أقله )
( ركبت في جبلتي نشوة العشق ... وصعب تغيير ما في الجبله )
( سادتي عادوا رضاكم وعودا ... عن جفاكم فما بقي في فضله )
( ذبت شوقا فعالجوني بقرب ... مت عشقا فحنطوني بقبله )
( وأشغلوني عن لائم ما أتاني ... برشاد أتته آفة غفله )
( قلت بالله خلني فتمادى ... وقليل من يترك الشر لله )
ومثله قوله
( صب أخذ الهوى زمامه ... قد صار جمالكم أمامه )
( في حسنكم البديع شغل ... عن علوة لي وعن إمامه )
( من لي بمحجب أراه ... بالفكر ولا أرى خيامه )
( أشدو بتغزلي لديه ... فيه فيحد لي خصامه )
( يزهو ويقول كان ماذا ... لو يترك جاهل كلامه )
( شبهت بطلعتي هلالا ... ما كنت رضيته قلامه )
( والغصن حسبته شبيها ... مني بتعطف وقامه )
( والظبي إذا رنت لحاظي ... لا كيد له ولا كرامه )
( أفديه بمهجتي وإني ... لا حسرة لي ولا ندامه )
( كم دعوة موعد لوصل ... قامت لحضورها القيامة )
( أخبرت بها العذول لكن ... ما قلت له كم الغرامه )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
مطر من الإبداع يهطل على أرض التميز فكآنت ثماره كلمآت جميله
متابعـــهwr
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومثله قوله
( لا تعاتبني فلا عتب علي ... خرج الأمر وعقلي من يدي )
( ليس للنصح قبول يرتجى ... عند شيخ هام وجدا بصبي )
( وأرى لومك يغريني به ... لا تزدني أو فزدني يا أخي )
( أنا في الحب إمام فإذا ... صرت من أبنائه فاخضع لدي )
( لا تسل غيري في شرع الهوى ... وخذ التنزيل فيه عن أبي )
( خلقي أني شحيح بهم ... وبروحي لهم حاتم طي )
( فاختصر في شرح أشواقي فإن ... رمت إسهابا فوكل مقلتي )
( سادتي فارقتكم فاستلبت ... بنوا كم راحتي من راحتي )
( فاجبروا قلبي بشيء منكم ... فلقد أوتيتم من كل شي )
( صادني منكم غرير أغيد ... فيه ما يشغل عن هند ومي )
( قلت قد أضنيت جسمي قال قد ... قلت كي تذهب روحي قال كي )
( قلت أفديك بنفسي قال مه ... ما إليك الأمر فيها بل إلي )
ومثله قوله من أبيات يخاطب العذول
( أراك بخيلا بعوني فهبني ... سكوتك عني إذا لم تعني )
( ذممت الهوى ورجوت السلو ... فأبكيت عيني وأضحكت سني )
( فإن عفت شربي من خمرتي ... فدعني ما بين كأسي ودني )
( وإياك عربدتي فاخشها ... فإني قد أخذ السكر مني )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ويعجبني من انسجامات ابن سنا الملك قوله
( دنوت وقد أبدى الكرى منه ما أبدى ... فقبلته في الثغر تسعين أو إحدى )
( وأبصرت في خديه ماء وخضرة ... فما أملح المرعى وما أعذب الوردا )
( تلهب ماء الخد أو سال جمره ... فيا ماء ما أذكى ويا جمر ما أندى )
( أقول لناه قد أشار بتركه ... لقد زدتني فيما أشرت به زهدا )
( فلم لا نهيت الثغر أن يعذب اللمى ... ولم لا أمرت الصبر أن يكتم النهدا )
( وأقسم ما عندي إليه صبابة ... وكيف وجور الشوق لم يبق لي عندا )
( وفي القلب نيران الخليل توقدت ... وما ذقت منها لا سلاما ولا بردا )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومثله قوله ويعجبني إلى الغاية
( نعم المشوق وأنعم المعشوق ... فالعيش كالخصر الرقيق رقيق )
( خصر أدير عليه معصم قبلة ... فكأن تقبيلي له تعنيق )
( ونعم لقد طرق الحبيب وماله ... إلا خدود العاشقين طريق )
( فرشوا الخدود طريقه فكأنما ... زفراتهم لقدومه تطريق )
( وافى وصبح جبينه متنفس ... وأتى وجيد رقيبه مخنوق )
( فصنعت فيه صناعة شعرية ... فالصدر يرحب والعناق يضيق )
ومثله قوله وهو في غاية الظرف
( لا أجازي حبيب قلبي بجرمه ... أنا أحنى عليه من قلب أمه )
( ضن عني بريقه فتحيلت ... إلى أن سرقته عند لثمه )
( وإلى اليوم من ثلاثين يوما ... لم تزل من فمي حلاوة طعمه )
( إن قلبي لصدره ورقادي ... ملك أجفانه وروحي لجسمه )
( يكسر الجفن بالفتور ومالي ... عمل وقت كسره غير ضمه )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومن غراميات الشاب الظريف شمس الدين محمد بن العفيف قوله في باب الانسجام
( عفا الله عن قوم عفا الصبر منهم ... فلو رمت ذكرى غيرهم خانني الفم )
( تجنوا كأن لا ود بيني وبينهم ... قديما وحتى ما كأنهم هم )
( وبالجزع أحباب إذا ما ذكرتهم ... شرقت بدمع في أواخره دم )
( ومشبوب ناري وجنة وجناية ... تعلمه ألحاظه كيف يظلم )
( ألم وما في الركب منا متيم ... وعاد وما في الركب إلا متيم )
( وليس الهوى إلا التفاتة طامح ... يروق لعينيه الجمال المنعم )
( خليلي ما للقلب هاجت شجونه ... وعاوده داء من الشوق مؤلم )
( أظن ديار الحي منا قريبة ... وإلا فمنها نفحة تتنسم )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومثله قوله
( لا تخف ما فعلت بك الأشواق ... واشرح هواك فكلنا عشاق )
( فعسى يعينك من شكوت له الهوى ... في حمله فالعاشقون رفاق )
( لا تجزعن فلست أول مغرم ... فتكت به الوجنات والأحداق )
( واصبر على هجر الحبيب فربما ... عاد الوصول وللهوى أخلاق )
( كم ليلة أسهرت أحداقي بها ... وجدا وللأفكار بي إحداق )
( يا رب قد بعد الذين أحبهم ... عني وقد ألف الفراق فراق )
( واسود حظي عندهم لما سرى ... فيه بنار صبابتي إحراق )
( عرب رأيت أصح ميثاق لهم ... أن لا يصح لديهم ميثاق )
ومثله قوله
( بتثني قوامك الممشوق ... وبأنوار وجهك المعشوق )
( وبمعنى للحسن مبتكر فيك ... وقلب كقلبي المحروق )
( جد بوصل أو زورة أو بوعد ... أو كلام أو وقفة في الطريق )
( أو بإرسالك السلام مع الريح ... وإلا فبالخيال الطروق )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ويعجبني في هذا المعنى على هذا الطريق قول بعض المواليا
( زر شهر في عام يا من قد غلا في السوم ... أو يوم في شهر أحلى من صدودك )
( وإن عز هذا وهذا يا عزيز القوم ... في الدهر ساعة وإن لم ترتض في النوم )
ومن ألطف انسجامات ابن العفيف قوله أيضا
( لي من هواك بعيده وقريبه ... ولك الجمال بديعه وغريبه )
( يا من أعيذ جماله بجلاله ... حذرا عليه من العيون تصيبه )
( إن لم تكن عيني فإنك نورها ... أو لم تكن قلبي فأنت حبيبه )
( هل حرمة أو رحمة لمتيم ... قد قل فيك نصيره ونصيبه )
( ألف القصائد في هواك تغزلا ... حتى كأن بك النسيب نسيبه )
( لم يبق لي سر أقول تذيعه ... عني ولا قلب أقول تذيبه )
( دع لي فؤادا بالغرام تشبه ... واستبق فودا بالصدود تشيبه )
( كم ليلة قضيتها متسهدا ... والدمع يجرح مقلتي مسكوبه )
( والنجم أقرب من لقاك مناله ... عندي وأبعد من رضاك مغيبه )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومثله قوله
( رشيق القامة النضره ... لقد أصميت بالنظره )
( وقد سودت حظي منك ... يا أبهى الورى غره )
( سواد الخال والمقله ... مع العارض والطره )
( قديم الهجر هل لفتى ... قديم في الهوى هجره )
( وكم تلقاه بالإيعاد ... والأبعاد والنفره )
( وكم يشكو ولا تطرح ... في قفته كسره )
( رأينا من جفا وجنى ... ولكن زدت في كره )
( فهل تمنح أو تسمح ... بالوصل ولو مره )
( فقد أصبحت لا أملك ... من صبري ولا ذره )
( وقد صيرني هجرك ... في كس أخت من أكره )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومن انسجاماته الرقيقة قوله
( حتام حظي لديك حرمان ... وكم كذا لوعه وهجران )
( أين ليال مضت ونحن بها ... أحبة في الهوى وجيران )
( وأين ود عهدت صحته ... وأين عهد وأين أيمان )
( قد رضي الدهر والعواذل والحساد ... عنا وأنت غضبان )
( فاسلم ولا تلتفت إلى مهج ... بها جوى قاتل وأشجان )
( ونم خليا وقل كذا وكذا ... من كل من أطلعت تلمسان )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومثله قوله
( أعز الله أنصار العيون ... وخلد ملك هاتيك الجفون )
( وضاعف بالفتور لها اقتدارا ... وإن تك أضعفت عقلي وديني )
( وأبقى دولة الأعطاف فينا ... وإن جارت على قلبي الطعين )
( واسبغ ظل ذاك الشعر منه ... على قد به هيف الغصون )
( وصان حجاب هاتيك الثنايا ... وإن ثنت الفؤاد إلى الشجون )
( حملت تسهدي والشيب هذا ... على رأسي وذاك على عيون )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومن غراميات ابن النبيه في باب الانسجام
( تعالى الله ما أحسن ... شقيقا حف بالسوسن )
( خدود لثمها يبري ... من الأسقام لو أمكن )
( فما تجني وحارسها ... بقفل الصدغ قد زرفن )
( غزال ضيق العينين ... ينسيني الرشا الأعين )
( له قلب وأعطاف ... فما أقسى وما ألين )
( ولم أر قبل مبسمه ... صغير الجوهر المثمن )
( أبث هواه من خوف ... لنجم الليل لما جن )
( وما ينفع كتماني ... ودمع العين قد أعلن )
( وقد أسكنته قلبي ... فسار وأحرق المسكن )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومما كتبه القاضي الفاضل بخطه وهو غاية في باب الانسجام الغرامي وكان كثيرا ما يترنم به قصيدة القاضي المهذب ابن الزبير ووجدت بخط الفاضل غير تامة وقد أثبت هنا منها ما وجد بخط الفاضل من غراميها واختصرت المديح وهو
( بالله يا ريح الشمال ... إذا اشتملت الروح بردا )
( وحملت من نشر الخزامي ... ما اغتدى للند ندا )
( ونسجت ما بين الغصون ... إذا اعتنقن هوى وودا )
( وهززت عند الصبح من ... أعطافها قدا فقدا )
( ونثرت فوق الماء من ... أجيادها للزهر عقدا )
( فملأت صفحة وجهه ... حتى اكتسى آسا ووردا )
( فكأنما ألفت فيه ... منهما صدغا وخدا )
( مري على برد عساه ... يزيد في مسراك بردا )
( نهر كنصل السيف تكسو ... متنه الأزهار غمدا )
( صقلته أنفاس النسيم ... بمرهن فليس يصدا )
( أحبابنا ما بالكم ... فينا من الأعداء أعدى )
( وحياة حبكم بتربة ... وصلكم ما خنت عهدا
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
وغاية الغايات في باب الانسجام الغرامي ما كتبه القاضي فتح الدين بن عبد الظاهر إلى والده القاضي محيي الدين وقد توجه صحبة الركاب الشريف الظاهري في مهم شريف فحصل له ضعف بدمشق المحروسة وهو
( إن شئت تبصرني وتبصر حالتي ... قابل إذا هب النسيم قبولا )
( تلقاه مثلي رقة ونحافة ... ولأجل قلبك لا أقول عليلا )
( فهو الرسول إليك مني ليتني ... كنت اتخذت مع الرسول سبيلا )
خطاب مثل هذا الولد لمثل هذا الوالد بقوله ولأجل قلبك لا أقول عليلا فيه ما يفتت الأكباد ويحرك الجماد
سبحان المانح إن من البيان لسحرا
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ومن غراميات والده القاضي محيي الدين في باب الانسجام
( لا آخذ الله بندك ... فكم وشى بي عندك )
( وقال عني بأني ... شبهت بالغصن قدك )
( وأنت تعظم عندي ... أن يمسي البدر عبدك )
( ولست والله أرضى ... أن يحكي الورد خدك )
( فقاتل الله طرفي ... فكم به نلت قصدك )
( ولا رعى الله قلبي ... فكم رعى لك عهدك )
( فمن ترى أنا حتى ... جعلت صدري وكدك )
( وما عشقتك وحدك ... بلى عشقتك وحدك )
( وكم أطعتك جهدي ... وكم تجنيت جهدك )
( وبعد هذا وهذا ... وذاك لا ذقت فقدك )
رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب
ويعجبني في هذا الباب رشاقة ناصر الدين بن النقيب بقوله
( سلك الشوق بقلبي ... بعدكم صعب المسالك )
( ورمى قلبي بنيران ... ولا نيران مالك )
( هذه بعض صفاتي ... طالع العبد بذلك )
وأظرف ما رأيت في باب الانسجام الغرامي المترجل ما أورده صاحب روضة الجليس ونزهة الأنيس
ذكر أنه كان بأفريقية رجل نبيه شاعر مفلق وكان يهوى غلاما من غلمانها جميلا فاشتد كلفه به وكان الغلام يتجنى عليه ويعرض عنه كثيرا فانفرد بنفسه ليلة جمع فيها بين سلاف الراح وسلاف الذكر فتزايد به الوجد وقام على الفور وقد غلب عليه السكر ومشى إلى أن انتهى إلى باب محبوبه ومعه قبس نار فوضعه عند باب الغلام فلما دارت النار بالباب بادر الناس بإطفائها واعتقلوه
فلما أصبحوا نهضوا به إلى القاضي فأعلموه بفعله
فقال له القاضي لأي شيء أحرقت باب هذا الغلام فقال مرتجلا
( لما تمادى على بعادي ... وأضرم النار في فؤادي )
( ولم أجد من هواه بدا ... ولا معينا على السهاد )
( حملت نفسي على وقوفي ... ببابه حملة الجواد )
( فطار من بعض نار قلبي ... أقل في الوصف من زناد )
( فأحرق الباب دون علمي ... ولم يكن ذاك من مرادي )
فرق القاضي لارتجاله الغرامي وتحمل عنه جناية الباب
وقد انتهت الغاية بنا إلى غراميات العارفين وابن الفارض هو قائد زمامها وقتيل غرامها