الحل
ماهو التفكير :
يعرف البعض التفكير بأنه استخدام الوظائف النفسية لحل مشكلة من المشكلات ، فتصاخ لها الحلول في أحكام ،ثم يحاكمها العقل للفوز في الحل النهائي 0
جميعنا يفكر عندما تواجهه مشكلة معينة ، ونفكر في حياتنا وجميع شؤوننا ولا نقدم على عمل ما دون تفكير 00 فهل التفكير خاص بنا نحن بني البشر ، أم تشاركنا فيه سائر المخلوقات ؟ 0
وهل ذكر التفكير في القرآن الكريم ؟ 0 لنرى00
التفكير في القرآن الكريم
لقد حث الله سبحانه وتعالى الإنسان على التفكير في الكون ، والنظر في الظواهر الكونية المختلفة وتأمل بديع صنعه ومحكم نظامه 0 كما حثه على تحصيل العلم ومعرفة سنن الله وقوانينه في جميع ميادين العلوم المختلفة ، ونحن نجد هذه الدعوة إلى الملاحظة والتفكير والبحث والتحصيل العلمي في أكثر من موضع في القرآن الكريم 0
قال تعالى : ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ) العنكبوت : 20
وقال تعالى : ( قل انظروا ما ذا في السموات والأرض ) يونس : 101
وقال تعالى : ( أولـم يـنظروا في مـلكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء ) الأعراف : 185
ففي هذه الآيات وأمثالها دعوة صريحة إلى النظر والملاحظة والتفكير والبحث العلمي 0 ويتضح حرص القرآن الكريم على دعوة الناس إلى التفكير من ورود كثير من الآيات التي تتضمن مثل هذه العبارات ( أفلا يعقلون ) ، ( أفلا يتفكرون )
0 وقد بين القرآن أهمية التفكير في حياة الإنسان ، ورفع من قيمة الإنسان الذي يستخدم عقله وتفكيره 0 وقد حط القرآن من شأن من لا يستخدم عقله وتفكيره بأنه جعله أدنى درجة من الحيوان 0 قال تعالى : ( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ) الأنفال : 22
مـا هو التفكير وما وظيفتـه ؟
التفكير هو ربط عدد من الأحكام فيما بينها بحيث يتوقف آخرها على البقية توقف ضرورة أو
رجحان أو احتمال بحسب نوع التفكير 0 ووظيفة التفكير الأولى هي أنه وسيلتنا إلى البرهان ، يضاف إلى ذلك أنه مرحلة تمهيدية في الكشف عن المجهول ، ولكن الكشف لا يتم إلا عن طريق تلك الومضات الخاطفة التي تؤاتي بعض العقول والتي تسمى حدسا أو إلهاما 0
أنـواع التفكير :
يميز المناطقة في التفكير بين ثلاثة أنواع وهي :
1ـ الاستنباط :
قد يستخدم الإنسان التفكير الاستنباطي كوسيلة للحصول على المعلومات 0 وفي الاستنباط يرى الإنسان أن ما يصدق على الكل يصدق أيضا على الجزء 0 ولذا فهو يحاول أن يبرهن على أن ذلك الجزء يقع منطقيا في إطار الكل ، ويستخدم لهذا الغرض وسيلة تعرف بالقياس 0
ويستخدم القياس لاختبار صدق نتيجة أو حقيقة معينة 0 وهو عبارة عن استدلال يشتمل على ثلاث قضايا 0 يطلق على القضيتين الأوليين المقدمتان ، حيث أنهما تمهدان للوصول إلى النتيجة وهي القضية الأخيرة 0 وهناك قياس حملي وهذا مثال له :
كل البشر فانون ( مقدمة كبرى )
الإمبراطور بشر ( مقدمة صغرى )
إذن الإمبراطور فان ( نتيجـة )
وهناك أنواع أخرى للقياس وهي القياس الفرضي ، والقياس التبادلي ، والقياس المنفصل 0
والتفكير الاستنباطي من أهم طرق الحصول على المعرفة وقد ظل قرونا طويلة ولا يزال حتى اليوم
الاستقـراء :
في الاستقراء ينتقل العقل من ملاحظات معينة محدودة إلى حكم عام أو قانون 0 ويستعمل أكثر ما يستعمل في العلوم التجريبية 0 ومثاله ملاحظة حجم الغاز بالنسبة للضغط الواقع عليه مع تغيير كمية الضغط من تجربة إلى تجربة وتسجيل الحجم في كل حالة 0 وفي النهاية تستخرج العلاقة الرياضية بين الحجم والضغط فتكون هي القانون ، ومنطوقة في مثالنا هذا هو أن الحجم والضغط يتناسبان تناسبا عكسيا 0
التمثيل :
وفيه يثبت العقل صفة في شيء لشيء آخر لاشتراكهما في صفة أخرى 0 مثاله : ( س ، ص ) يشتركان في الصفة ( أ ) ولكن ( س ) يتصف بالصفة ( ب ) أيضا ، وإثبات (ب ) صفة لـ ( ص ) هو التمثيل 0 ومن الأمثلة المشهورة الحكم على المريخ بأن به أحياء لتشابه جوه بجو الأرض 0 وهذا النوع من التفكير يؤدي إلى نتيجة محتملة الصدق في بعض الأحيان ، فاسدة في أحيان أخرى 0
خطوات التفكير في حل المشكلات
يمكن أن نلخص خطوات التفكير في حل المشكلات فيما يلي :ـ
أولا ـ الشعور بوجود مشكلة 0
ثانيا ـ جمع بيانات حول موضوع المشكلة 0
ثالثا ـ وضع الفروض 0
رابعا ـ تقويم الفروض 0
خامسا ـ التحقق من صحة الفرض 0
أخطـاء التفكير
إن التفكير معرض للخطأ ، فقد يعترض التفكير بعض العوائق فتحرفه عن طريقه السوي ، وتحول بينه وبين الوصول إلى الحقيقة 0 وإذا تراكم على الإنسان كثير من عوائق التفكير أصيب تفكيره بالجمود وأصبح غير قادر على تقبل الآراء والأفكار الجديدة ، وإذا وصل الإنسان إلى هذه الحالة فقد التفكير قيمته العظيمة في حياته 0 ووصف القرآن هذه الحالة من جمود التفكير ( بالطبع على القلوب ) أو ( بالختم عليها )
قال تعالى : ( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون ) النحل : 108
وقال تعالى : ( كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ) الروم : 59
أهم العوامل التي تعيق التفكير و تؤدي إلى جموده :
أ ـ التمسك بالأفكار القديمة 0
ب ـ عدم كفاية البيانات 0
ج ـ التحيز الانفعالي والعاطفي 0
لغات التفكير :
يمكننا أن نقول أن للتفكير لغات عديدة, ويمكن للإنسان أن يستخدمها إذا أراد أن يولد لديه العديد من الأفكار الإبداعية. كما أنه يحسن بالمرء إذا تعطلت عنده لغة عن توليد أفكار جديدة أن يجرب استخدام لغة أخرى فلعله يجد بغيته فيها. ومن هذه اللغات التفكيرية سبع لغات, وهي كما يلي:
1ـ اللغة البصرية "visually":
والتي يتم فيها استخدام: الصور, الرسومات, المخططات, الرسوم التوضيحية, الرسوم البيانية, المجسمات, المنظر ثنائي الأبعاد أو ثلاثي الأبعاد, وغيرها.
2ـ اللغة الحرفية أو اللفظية "verbally":
والتي يتم فيها استخدام: الكلمات, الوصف, الكتابة, الكلام, التعليمات, القوائم, وغيرها.
3ـ اللغة العددية أو الرقمية "Numerically":
والتي يتم فيها استخدام: الأعداد, الجمع, الطرح, الضرب, القسمة, المعادلات, الجبر, وغيرها.
4ـ اللغة المنطقية "Logically":
والتي يتم فيها استخدام: التحليل, الأسباب, الأحكام, الدليل, الاختبار, الاستقراء (تتبع الجزئيات للتوصل منها إلى حكم كلي), الاستنتاج, وغيرها.
5ـ اللغة المتعاقبة أو المتسلسلة أو المتتالية أو المتتابعة "Sequentially":
والتي يتم فيها استخدام: الوقت, الأحداث, الفترات, التطورات, وغيرها.
6ـ اللغة العاطفية "Emotionally":
والتي يتم فيها استخدام: الأحاسيس, المشاعر, الوجدان, الآراء, الجانب الإنساني, الآمال, الجانب النفسي, الأهواء, الانفعالات, وغيرها.
7ـ اللغة الفكرية "Conceptually":
والتي يتم فيها استخدام: النظريات, الفلسفات, الاستعارة, المجاز, الرموز, التشبيه, وغيرها.
بعد ذكر اللغات السبع يحسن بنا أن نضرب مثالاً على كيفية استخدام اللغات التفكيرية في توليد الأفكار, فلو أردنا (مثلاً) أن نقدم خدمة متميزة للعميل فيمكننا أن نولد أفكاراً جديدة عن طريق استخدام اللغات التفكيرية وذلك كما يلي:
1 ـ باستخدام اللغة البصرية يمكننا الحصول على الأفكار التالية:
أ ـ رسم مخطط توضيحي لمكان العمل يوضح الأقسام والإدارات المختلفة لتسهيل حركة العميل داخل المؤسسة.
ب ـ تعليق العديد من الصور الجميلة والمجسمات الفنية في مكان تواجد العميل.
ج ـ وغيرها.
2ـ باستخدام اللغة الحرفية يمكننا الحصول على الأفكار التالية:
أ ـ كتابة كلمات ترحيبية للعميل.
ب ـ كتابة التعليمات الإرشادية للعميل.
ج ـ وضع آلية تسجيل لتسجيل ملاحظات واقتراحات وشكاوى العملاء.
د ـ وغيرها.
3ـ باستخدام اللغة العددية أو الرقمية يمكننا الحصول على الأفكار التالية:
أ ـ العمل على تقليل عدد الشكاوى من "100" شكوى في الشهر إلى "10" شكاوى.
ب ـ جمع الأقسام الأربعة التي يتنقل بينها العميل في قسم واحد يختص بتلبية احتياجات العملاء.
ج ـ غيرها.
4ـ باستخدام اللغة المنطقية يمكننا الحصول على الأفكار التالية:
أ ـ ما هي الأسباب التي تجعل العملاء يرغبون في التعامل مع المنافسين؟
ب ـ عمل اختبار أو استبيان للتعرف على رغبات العملاء وملاحظاتهم.
ج ـ غيرها.
5 ـ باستخدام اللغة المتتالية يمكننا الحصول على الأفكار التالية:
أ ـ تحديد جائزة شهرية للعملاء تتناسب وأبرز حدث في هذا الشهر.
ب ـ عمل تطوير واحد متميز في كل شهر (يمكن تسميته خدمة الشهر).
ج ـ وغيرها.
6 ـ باستخدام اللغة العاطفية يمكننا الحصول على الأفكار التالية:
أ ـ التعرف على مشاعر العميل تجاه كل خدمة تقدمها له المؤسسة.
ب ـ تحديد الكلمات والحركات والخدمات التي تبهج العميل.
ج ـ وغيرها.
(7)باستخدام اللغة الفكرية يمكننا الحصول على الأفكار التالية:
أـ لو شبهنا العميل بالملك, ترى ما هو الأسلوب الذي ينبغي أن نعامل به الملك, ومن تم نعامل به العميل؟
ب ـ ما هي فلسفة المؤسسة تجاه العميل وخدمته؟
ج ـ وغيرها 0
كيف نتعلم مهارات التفكير ونعلمها لغيرنا؟
هل يمكن أن نتعلم كيف نفكر؟
نعم يمكن ذلك وبكل بساطة، وينبغي ألا نضيع الوقت والجهد في سبيل الاقتناع بهذا الأمر، فلم يعد هذا مما يحتاج إلى كثير إقناع بعدما أثبت جدواه عملىًا. ومع ذلك فلا يزال كثيرون يرون أن التفكير فطري ويمارسه الإنسان بشكل تلقائي من دون تعلم، فما حاجتنا إلى تعلم التفكير وتعلم مهاراته؟ والإجابة عن حاجتنا إلى تعلم التفكير تتلخص فيما يلي:
* أننا نواجه كمًا هائلاً من المعلومات التي تتدفق علينا كل يوم، وإذا لم نستوعبها بطريقة منظمة تقوم على أساس التفكير فلن نتمكن من هذه المعلومات مطلقًا.
* كون التفكير فطريًا لا يغني عن اكتساب مهاراته، لأننا نقوم بعمليات تلقائية كثيرة، ومع ذلك فنحن بحاجة إلى تعلمها. كما أن الفطرة لم تعد بمنأى عن التغيير والتحريف في أمور الغرائز، فلا نستغرب من وجود برامج لتعليم الأمومة مثلاً.
* أن التفكير ليس عملية بسيطة كما يتصور الكثيرون، بل هو عملية معقدة متعددة الجوانب والخطوات، وتدفعها الدوافع وتقف في طريقها العقبات.
* للتفكير مهاراته، وأي مهارة في الدنيا تحتاج إلى تعلمها بالممارسة والتمرين والاصطبار عليها والتحسين المستمر في أدائها، كما أن التفكير يستخدم عدة أعضاء فلابد من إجادة تشغيل هذه الأعضاء كالحواس والدماغ.
* أن التفكير يُسهل اكتساب المهارات الأخرى ويعمل على ترسيخها في النفس
تنمية مهارات التفكير
حتى تنطلق عملية التفكير لابد من وجود الدوافع، والحوافز المشجعة على القيام بالأعمال، والدعم المادي والمعنوي من الآخرين، كما لابد من إتاحة الفرصة لاستثمار ما اكتسبه الفرد من مهارات بالممارسة والتطبيق في مناح مختلفة. وبالنظر إلى تعريف التفكير فإنه يمكن حصر المهارات المتعلقة بالتفكير في الأشياء الرئيسة التالية وهي: مهارات الإعداد النفسي والتربوي، ومهارات الإدراك الحسي، ومهارات الواقع والمعلومات والخبرة، ومهارات عقبات التفكير وأخطائه.
مهارات الإعداد النفسي:
* إثارة الرغبة في الموضوع، وتُعرف بحب الاستطلاع وإثارة التساؤلات والتعمق.
* الثقة بالنفس وقدرتها على التفكير والوصول إلى النتائج.
* العزم والتصميم، ويتمثلان في: السعي لهدف، وتحديد الوجهة وطريقة العمل والمتابعة الدؤوبة الذاتية لذلك، والحرص على النتائج المفيدة.
* المرونة والانفتاح الذهني وحب التغيير: الإقرار بالجهل إن لزم، والاستماع إلى وجهة نظر الآخرين «فتأخذ بها أو ترفضها»، واستشارة الآخرين، والاستعداد للعدول عن وجهة نظرك ولتغيير الهدف والأسلوب إن لزم الأمر، والتريث في استخلاص النتائج.
* الانسجام الفكري، ويتمثل في تجنب التناقص والغموض، وسهولة التواصل مع الآخرين بأفكار مقنعة وواضحة ومفهومة.
مهارات الإدراك الحسي والذاكرة:
* توجيه الحواس حسب الهدف والخلفية العلمية أو الفكرية. وهذا يعني التمرس على توجيه الانتباه.
* الاستماع الواعي والملاحظة الدقيقة وربط ذلك مع الخبرة الذاتية، أي تمحيص الإحساسات والتأكد من خلوها من الوهم والتخيلات.
* توسيع نطاق الإدراك الحسي بالنظر إلى عدة اتجاهات ومن عدة زوايا.
* تخزين المعلومات وتذكرها بطريقة منظمة واستكشافية، وإثارة التساؤلات، واستكشاف الأنماط، واستخدام الأمارات الدالة والأشياء المميزة، واللجوء إلى القواعد التي تسهل تذكر الأشياء، ومناقشة الآخرين والتحدث معهم علهم يثيرون فيك ما يؤدي إلى التذكر.
مهارات الواقع والمعلومات:
* إعادة ترتيب المعلومات المتوفرة: التركيب، التصنيف، اتباع المنهج الملائم.
* جمع المعلومات واستخراجها من مصادرها، والسؤال عنها، والبحث التجريبي.
* تمثيل المعلومات بصورة ملائمة، في جدول أو رسم بياني أو مخطط أو صورة.
* استكشاف الأنماط والعلاقات فيما بين المعلومات، من: ترتيب، وتعاقب، وسبب ومسبب، ونموذج مثل: تشبيه، مجاز.
* اكتشاف المعاني، والاشتقاق، والتلخيص، والتخيل للكشف عن المضمون.
معوقات التفكير وأخطاؤه
هذه الأمور يمكن أن تحول دون التفكير أو أن تحرفه عن مساره، لذا ينبغي التنبه لها وتجنبها والتغلب عليها. ولتنمية ذلك في نفوس الدارسين فإنه ينبغي أن يتوصلوا إلى ذلك بأنفسهم عن طريق التساؤلات المتبادلة بينهم وبين المدرسين. وعن طريق التفكر فيما حصل بعد كل تجربة، يمكن حصر المعوقات والأخطاء في ثلاثة أمور وهي: الإدراك الحسي، والمعلومات والحالة النفسية لدى الشخص المفكر.
تتمثل معوقات الإدراك الحسي في عدم القدرة على رؤية الوضع، مثل رؤية العوارض دون المشكلة الحقيقية، وفي رؤية جانب واحد من الموضوع وترك الجوانب الأخرى مثل رؤية حل واحد لا غير، وفي اعتبار جانب من الزمن فقط كالماضي، وينطبق على ذلك كثير من الفروض المسلمة وهي في حقيقة الأمر ليست كذلك. فقد وجد أن الأنماط الفكرية السائدة في الدماغ تؤثر في طريقة التفكير ما يؤدي إلى صرف الانتباه عن الوضع الصحيح، لذا لابد من تدريب الانتباه على ذلك.
أما معوقات وأخطاء المعلومات فتتمثل في نقص المعلومات، واستخدام معلومات خاطئة، أو وجود معلومات زائدة عن الحاجة تؤدي إلى الإرباك.
في حين تتمثل معوقات الوضع النفسي في فقدان الرغبة في العمل والدراسة، وعدم الاستماع للآخرين والأخذ بآرائهم، وعند أخذ الأمور على علاتها أو كمسلمات، وعند فقدان الثقة بالنفس والعزم والتصميم والانفتاح الذهني.
ولابد من إضافة أثر البيئة، أي ما يحيط بالطالب من تأثير على طريقة تفكيره من توفير الجو الملائم للتفكير، علاوة على أن التفكير مرتبط بالبيئة الاجتماعية والثقافية والجسدية وبالمثيرات من حوله، فالجو العائلي والمجتمع مثل المدرسة لها تأثير بالغ قد يكون مشجعًا وقد يكون مدمرًا.
التنفيذ
التفكير عملية نشطة وفاعلة ولكن تنمية مهارات التفكير بطيئة وتحتاج إلى الصبر والمصابرة، وينبغي الحرص على أن تجري بطريقة متكاملة تسهل اكتساب المعرفة والمهارات الأخرى، ويفضل أن يكون ذلك عن طريق العمل الجماعي، وذلك بتنظيم الدارسين في مجموعات صغيرة، وإعطائهم الفرصة لإجراء التجارب بأنفسهم ليكتسبوا الثقة والجرأة، وبتدريبهم على حل المشاكل بأنفسهم وعلى ممارسة أدوار إدارية وقيادية، ثم التنويع في المشاريع المعطاة لهم بحيث تتراوح بين ما هو متوفر فيه المعلومات وآخر يحتاج إلى معلومات وآخر يحتاج إلى طريقة العمل وهكذا.
إن مثل هذه الأعمال تقوي النفس وتؤهلها للعمل الجاد وتحمل المسؤولية، فالعمل الجماعي يتطلب أن يُسهم كل واحد برأيه في استخلاص النتائج، وأن يستمع للآخرين وأن يتجنب الوقوع في الأخطاء أمام زملائه، كما يرفع من مستوى الكسالى ويحثهم على التقدم. كما أن المشاريع والتجارب تعني وجود أهداف لابد من تحقيقها، ولابد من إنجاز العمل في وقت محدد، وأنهم لابد أن يحصلوا على الدرجة المناسبة. كما يساهم الطلاب في اتخاذ القرارات وحل المشاكل وفي تقييم أداء بعضهم بعضًا ثم الاستفادة من ذلك في حياتهم العملية.
كذلك لابد من تأكيد دور المدرسين أو المشرفين، والمتمثل في تسهيل عمل الطلاب بالحرص على توجيههم الوجهة الصحيحة، ومراقبة أعمالهم ومتابعتها للحصول على نتائج سليمة. كما يترتب عليه إثارة روح التساؤل فيهم وتشجيعهم على ذلك، وأن يعمل هو بنفسه على استكشاف الخلفية التي لديهم عن طريق الأسئلة، وذلك ليتمكن من البناء عليها. وهذا يعني التفاعل المستمر ما بين الطالب والمدرس، لاسيما عن طريق التغذية المرتدة، كما يمثل المدرس دور المستشار حين الضرورة ويعمل أساسًا عمل المدرب لا عمل المدرس الذي يصب المعلومات فقط، ولتحقيق ذلك لابد أن تتوفر لديه روح التدريب، والإشراف والتوجيه وحب العمل، بالإضافة إلى الخلفية المناسبة لذلك.
النـجـاح والبـرمجـة السلبية :
الإسلام يعتبر الإنسان هو محور الكون ، وعندما ينجح الإنسان كفرد؛ فإنه يشكل جزءًا لنجاح المجموع كأمّة، وبالتالي بناء الحضارة 0 فالأمة مجموعة أفراد ، والحضارة إنتاج أمة 0 فكل إنسان لديه إمكانية النجاح، ولكن نجاحه يعتمد على قدرته على تفجير مواهبه 0 مخطئٌ من يتصور أن النجاح يأتيه على طبق من ذهب، وإلاّ لساد الناسُ كلهم، فالدنيا قد خلقت على كدرٍ، والبعض يريدها خلواً من الأكدار ! فكيف تنجح؟
1ـ الثقة بالنفس:
فهي من المقومات الرئيسة لكل من ينشد النجاح،فلا نجاح بدون ثقة الإنسان بذاته 0
فضعف الثقة بالنفس هو إصدار حكم بإلغاء قدرات الإنسان ومواهبه، وبالتالي الفشل المحتم!0
2ـ الإرادة القوية :
فالإنسان يعيش صراعاً من أجل البقاء ، ولن ينتصر في هذا الصراع إلاّ من تسلح بإرادة قوية، ومن استسهل الصعاب أدرك المنى 0 أما ضعيف الإرادة فلا بد وأن يهزم في معركة الحياة 0
3ـ الطموح الدائم: حيث يزرع في الإنسان المثابرة والجد والاجتهاد، كما يحفزه على التفكير الجاد، والتخطيط الدقيق 0
4ـ الحيوية والنشاط المتواصل: وهو عبارة عن الجهد المستمر الذي يبذله الشخص لإنجاز أعماله وتحقيق أهدافه في الحياة 0
5ـ التوكل على الله وحسن الظن به:
قال تعالى : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } 0
قواعد النجاح سبع , وهي :
1ـ تحديد الهدف في الحياة 0
2ـ تعرف الإنسان على شخصيته 0
3ـ عدم التفريط في الوقت 0
4ـ الاستفادة من تجارب الآخرين 0
5ـ البعد عن الإسراف 0
6ـ مقاومة التعب 0
7ـ التأكيد على أن يكون الإنسان متفائلاً 0
البرمجة السلبية :
من أهم العوامل التي أثرت على سعادة الإنسان حتى أصبح تعيساً هي البرمجة السلبية التي تعرض لها منذ طفولته من قبل مؤثرات كثيرة ، منها:
1ـ الأُسْرَة :
فلأسرتك دور كبير في تشكيل سعادتك؛ فمعظم العادات السلبية أو الإيجابية يكتسبها الطفل من والديه والمحيطين به في المنزل ، فقد يكتسب الطفل الخوف , أو القلق, أو التشاؤم من والديه, أو أحدهما 0
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كل مَوْلُودٍ َيُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْيُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ، هَل ْتُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ) 0
2ـ المدرسة :
فلو رجعت بذاكرتك إلى أيام الدراسة ؛ فستذكر مثلاً بعض العبارات التي ألقاها عليك بعض مدرسيك , وأثرت في نفسيتك تأثيراً عظيماً 0 كقولهم :أنت مشاكس ، أنت غبي ، أنت ساذج ، وعلى الجانب الآخر ستجد أساتذة قد أخذوا بيدك , وأعطوك جرعات تشجيع؛ زادت من ثقتك بنفسك, وغيرت من نظرتك لذاتك 0 فللمدرسة دور كبير في تشكيل سعادتك إذاً 0
3ـ الأصدقاء:
للأصدقاء دور كبير في تشكيل سعادتك؛ فأنت تتأثر بهم كما تؤثر فيهم وفي الأثر يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) رواه أحمد, والترمذي, وأبو داود, عن أبي هريرة رضي الله عنه 0
فكثير من المدخنين ؛ كانت أول سيجارة يدخنها من يد صديق ، وهذا الأمر يسري على جميع العادات السلبية والإيجابية الأخرى 0 لذا فالأصدقاء أيضاً شاركوا في تشكيل سعادتك 0
4ـ وسائل الإعلام:
لا يخفى على أحد أثر وسائل الإعلام في طريقة تفكير وسلوك وعادات الشعوب ، ولعل ما نراه من عادات دخيلة على مجتمعاتنا أكبر دليل على ذلك، فرأينا الطفل ذا التسعة أعوام يتغنى بالحبيب ، ويتأوه من ألم الفراق! قد تشمئز النفس من فكرة سلبية تعرض ، ولكن مع التكرار تصبح لدى البعض أمراً عادياً 00 لم لا وقد تمت برمجة عقولهم بتكرار عرضها؟!0
5ـ المصدر الأخير وذو الأثر الكبير هو: أنت نفسك :
لقد برمجت نفسك برمجة ذاتية نابعة منك عن وعي , أو بدون وعي على عادات سلبية أو إيجابية 0 فمن الممكن لهذه البرمجة الذاتية أن تجعل منك إنساناً سعيداً، تغمره مشاعر التفاؤل والحماس؛ يحقق أحلامه وأمانيه، أو إنساناً تعيساً وحيداً بائساً يائساً من الحياة 0 وفي ذلك يقول أحد المتخصصين : " إن ما تضعه في ذهنك سواء كان سلبياً أو إيجابياً ستجنيه في النهاية " 0
لذا تذكر هذه النصيحة:
راقب أفكارك ؛ لأنها سوف تصبح أفعالاً ! 0
راقب أفعالك ؛ لأنها ستصبح عادات ! 0
راقب عاداتك ؛ لأنها ستصبح طباعاً ! 0
راقب طباعك ؛ لأنها ستحدد مصيرك ! والأمر بيد الله ، فقط هذه أسباب...
أحدهم يقول: إنه يذهب إلى عمله مع شخصين:
أحدهما يتحدث دائماً عن مشكلة المواقف وصعوبتها, وعادة ما يمكث أكثر من نصف ساعة يبحث عن موقف 0 والآخر يتحدث عن توفر المواقف مع كثرة الناس , وغالباً ما يجد الموقف دون عناء 0
الاسترخاء :إن الحماسة المؤدية للعمل لا تتقاطع مع الأعصاب الباردة والعمل المستمر انتحار بطيء 0
1ـ امنح نفسك قسطاً من المتعة، وهدوء البال، والحيوية والاسترخاء، لاسيما في أوقات خلوتك بنفسك 0
2ـ فكّر دوماً بالأمور الإيجابية في حياتك ، وتلك الأشياء التي تمتلكها وليست لدى غيرك 0
3ـ لا توتر نفسك بمشكلات الدراسة أو العمل، واعتبرها جزءًا من الحياة0
4ـ لا تلتفت أبداً إلى الطعنات التي من الخلف ومضايقات الآخرين ، وتقبل دوماً الأمور على ما هي ؛ لأن شيئاً لن يتغيّر ، فأنت لن تستطيع أن تربي الآخرين أو تغيّر سلوكهم 0
5ـ إذا كان جدول أعمالك مزدحماً لا تقلق نفسك ، وتصاب بالتوتر، ففي النهاية أنت لن تنجز إلا ما يتسع له الوقت0
6ـ من الأفضل أن تنفذها بنفسية جيدة؛ لتشعر بنوع من السعادة والرضا.
7ـ كن متفائلاً 0
8ـ تعلّم كيف تسلم ببعض الأشياء التي جُبلت على ما هي عليه، فليس هناك أسلوب حياة أو عمل أو أسرة تخلو من المشاكل 0
9ـ لا تنظر إلى تجاربك الفاشلة نظرة حزن أو تشاؤم 0
10ـ اجعل الفشل دافعاً ووسيلةً لاستمرارك للوصول إلى النجاح، فالأشخاص الذين يأسرون أنفسهم في تجاربهم الفاشلة لا يمكن أن يكونوا سعداء أبداً، وتذكّر الحكمة الصينية التي تقول: "القرار السليم يأتي بعد الخبرة التي تأتي من القرار السيئ" 0
11ـ عندما تقابل صديقاً مقرّباً قُلْ له نكتة بريئة ، أو اطلب منه أن يقول لك ذلك ، فالابتسام والضحك يولّد بداخلنا نوعاً من السعادة والبهجة 0
12ـ لا تجعل المستقبل مصدر قلق لك ؛ لأن ذلك سيسلبك السعادة بالأيام التي تعيشها 0
13ـ كن جريئاً في قراراتك دون تهوّر أو اندفاع، وكما تقول الحكمة : "الحياة هي المغامرة ذات المخاطر, أو هي لا شيء على الإطلاق" 0
14ـ لا تلتفت لصغائر الأمور اليومية ؛ فهي لا تحتل الجزء الأكبر من تفكيرك، ولا تدعك تستمتع بمباهج الحياة 0
15ـ اجعل أحد مصادر سعادتك القيام بشؤون والديك وإسعادهما، ومساعدة المحتاجين ، أو رسم البسمة على وجه طفل، أو هرم من شيوخ المسلمين 0
16ـ أخيراً وأولاً ، اعمل على تقوية صلتك بالله عز وجل ، وليكن إيمانك بالقدر باعثاً على راحتك النفسية ، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، و أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا، عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : كنت خلفَ النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال : ( يا غلامُ إني أُعَلِّمُك كلمات : احفظِ الله يحفظك، احفظِ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفّت الصحف) 0
وفي رواية: ( احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفْك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك،واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً ) 0
وفي رواية: ( يا فتى ألا أهب لك ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أنه قد جف القلـــــم بما هو كائن، واعلــــــم بأن الخلائـــق لو أرادوك بشيء لم يردك الله به لم يقدروا عليه، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) 0