رد: هيباتيا .
ـ
أكتئبُ كثيراً حين أفكر أنّي أوشكتُ أن أكُون عدداً زائداً في هذا الوطن , وأُمسِكُ بملفي الأخضر وأعلق شهاداتي وأختصر مسيرة عمري على جدار واحد , وأشير إلى إنجازاتي بأسى بالغ , وأصير بعدها امرأة كأي امرأة أخرى تتزوج وتُنجب وتربّي وتفني عمرها من أجل الآخرين ويكون شغلها الأهم ماذا يأكلون وأين يذهبون ومتى يعودون !
أكتئب أكثر حين أفكر بالروتين الذي ستمضي عليه بقية حياتي , هل فعلاً تبعات كوني امرأة أن أتخلى عن حياتي وطموحي وأفكاري التي ناضلت ربع قرن من أجلها ! هل فعلاً مطلوبُ مني الآن في هذه المرحلة أن أروّض نفسي لأنّ الرجل الشرقي لا يُحب المرأة العنيدة سليطة اللسان ! هل فعلاً لن أنام على موسيقا "حسنو" وأردد على نفسي حين يعزّ النوم أشعار عنترة والمتنبي وبقية الأصدقاء ! وأفيق على صوت الأذان , وأسهر ليلى مع الست , وأقرأ وأعيش في كل حدث أقرأه , وأتنقل من عزف إلى عزف , ومن أغنية إلى أخرى , وأتعلم الفلامنكو !
الحياة غير عادلة أبداً!على الأقل اتجاه امرأة بسيطة مثلي لا تُريد من هذه الدنيا سوا القليل من العدل , القليل من الحب , القليل من الإنسانية , الكثير من الحرية ! أحلامي بسيطة وصغيرة , أريد أن أحيا بقية عمري كما انقضى لا أريد أن أتغير ولا أريد أن أكبر ولا أريد أي مسؤوليات اتجاه هذا الكون , أريد أن أكون مسؤولة عن نفسي فقط ! أريد أن يمضي العمر ولا أخاف من القيود! أريدُ أن أكبر براحتي ولا أسمع عبارة " ماذا يقول الناس " ! أريد أن أغني للحياة وأراقصها وأعيشها كما أشتهيها , وحيدةً . لا أريد أن أضع يدي على قلبي كلما مرّ العمر , وأطفأتُ شمعة , وكلما وصل خبر أنّ زميلة لي أنجبت مولودها الثاني أو الثالث !