أرهقني الرحيل
يرهقني الغياب و كثرة الرحيل
يجتاحني ليل الكآبة كرداء أسود
برد عنيف يعبث بأوصالي كأنما أيار يأبى وداعي
دمع على مرأى العين يراقص وجنتيّ الخائفتين
أنين غارق في جنبات الروح يحتلّني
و لا زلت أنت كعادتك تمارس لعبة الاختباء
كأن ذاك الطفل بداخلك لم يكبر يوما
تصفعني الأقدار باختباء جديد
و تختفي ملامحك و أبقى أنا وحيدة تعصف بي أوهام الموت
تتقاذفني همسات صوتك الخافت على ضوء الشموع الباكية
و على عتبات مشهد كأنه مراسيم وفاة
ألملم صورك التي لا زالت الذاكرة تعجّ بها
أبتسم حينا و أبكي حينا بجنون
أضمّها إلي لأشعر بأنك ما زلت هنا بالقرب
فتنطفئ الشموع معلنة عن حقيقة الرحيل
و لا زلت غائبا خلف ستارة الأيام الموحشة
ها هو المكان الذي كنا نقاسمه بعضا من أحاديثنا الليلية يحتضر
و أوشكت رائحة الياسمين التي تعشقها هي الأخرى على الفناء
نعم لم يبق في الأرجاء غير رائحة الألم
و بعض من تفاصيل مغرقة في عزلتها
بات الكون غريبا حين اختفيت
لم يعد السكر حلوا كما كنت تحبه مع قهوة الصباح
أضحى حزينا لحن الطيور ، و ذبل الياسمين
رحل نيسان دون أن نلتقي و حلّ الخريف
خريف عمر طويل تتساقط فيه ذكرياتنا يوما بعد يوم
اندثرت ابتسامتي و لازمني داء الفراق
بات شبح الموت قريبا مني في غيابك
فمتى ستشرق شمس الحياة يا رفيقي