شخصيات في سطور ( الإدريسي )
أبو عبد الله محمد بن محمد ابن عبد الله بن إدريس الصقلي أو الشريف الإدريسي عالم عربي ينتهي نسبه إلى الحسن بن علي وفاطمة الزهراء بنت محمد بن عبد الله، ومن هنا جاء لقبه بالشريف لنسبه لرسول الله صلى الله عليه وسلّم .
أحد كبار الجغرافيين في التاريخ ومؤسسين علم الجغرافيا، كما أنه كتب في التاريخ ، والأدب ، والشعر ، والنبات ودرس الفلسفة ، والطب ، والنجوم ،في قرطبة.
ولد في مدينة سبتة في المغرب الأقصى عام 493 هـ (1100 ميلادية) و مات عام 560 هـ (1166م) . تعلم في البيلق و طاف البلاد فزار الحجاز و مصر . وصل سواحل فرنسا و إنكلترا . سافر إلى القسطنطينية وسواحل آسيا الصغرى . عاش فترة في صقلية ونزل فيها ضيفا على ملكها روجر الثاني ، تركها في أواخر أيامه ، ليعود إلى بلدته سبتة حيث توفي .
استخدمت مصوراته و خرائطه في سائر كشوف عصر النهضة الأوربية . حيث لجأ إلى تحديد اتجاهات الأنهار والمرتفعات والبحيرات ، وضمنها أيضًا معلومات عن المدن الرئيسية بالإضافة إلى حدود الدول.
أعماله
اختار الإدريسي الانتقال إلى صقلية بعد سقوط الحكومة الإسلامية ، لأن الملك النورماني في ذلك الوقت "روجر الثاني" كان محباً للمعرفة . شرح الإدريسي لروجر موقع الأرض في الفضاء مستخدمًا في ذلك البيضة لتمثيل الأرض ، شبه الإدريسي الأرض بصفار البيضة المحاط ببياضها تماما كما تهيم الأرض في السماء محاطة بالمجرَّات .
أمر الملك الصقلي روجر الثاني له بالمال لينقش عمله خارطة العالم والمعروف باسم " لوح الترسيم " على دائرة من الفضة. في إحدى المرات قدم وصفًا عن وضع السودان ، وعن حالة مدن مثل " المواقع بدقة متناهية تماماً ، كما هي على أرض الواقع ، مع أنها كانت فقط من خلال الاستماع إلى بعض القصص والكلمات . استخدم الإدريسي خطوط العرض أو الخطوط الأفقية على الخريطة والكرة الأرضية التي صنعها ، استخدمت خطوط الطول من قبله إلا أن الإدريسي أعاد تدقيقها لشرح اختلاف الفصول بين الدول . دُمِّرت تلك الكرة خلال اضطرابات مدنية في صقلية بعد وفاة الملك " روجر الثاني " .
حدد الادريسي مصدر نهر النيل ، ففي موقع معين وضع نقطة تقاطع نهر النيل تحت خط الاستواء ، وهذا هو موقعه الصحيح . قبل دخول مصر تلتقي روافد نهر النيل في الخرطوم عاصمة السودان ، يتشكَّل نهر النيل من نهرين هما النيل الأبيض والنيل الأزرق ، يجري هذان النهران عبر أراضي السودان ويلتقيان في الخرطوم التي تقع تحت خط الاستواء . إن تحديد موقع نهر النيل يُلغي نظرية بطليموس أن مصدر نهر النيل هو تلة في القمر.
[]مؤلفاته
ألف الإدريسي كتابه المشهور (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) والمسمى أيضاً (كتاب رجار) أو (الكتاب الرجاري) وذلك لأن الملك رجار ملك صقلية هو الذي طلب منه تأليفه كما طلب منه صنع كرة من الفضة منقوش عليها صورة الأقاليم السبعة، ويقال أن الدائرة الفضية تحطمت في ثورة كانت في صقلية، بعد الفراغ منها بمدة قصيرة، وأما الكتاب فقد غدا من أشهر الآثار الجغرافية العربية، أفاد منه الأوروبيون معلومات جمة عن بلاد المشرق، كما أفاد منه الشرقيون، فأخذ عنه الفريقان ونقلوا خرائطه، وترجموا بعض أقسامه إلى مختلف لغاتهم.
في السنة التي وضع فيها الإدريسي كتابه المعروف، توفي الملك رجار فخلفه غليام أو غليوم الأول، وظل الإدريسي على مركزه في البلاط، فألف للملك كتاباً آخر في الجغرافيا سمّاه (روض الأنس ونزهة النفس) أو (كتاب الممالك والمسالك)، لم يعرف منه إلا مختصر مخطوط موجود في مكتبة حكيم أوغلو علي باشا باسطنبول. وذكر للإدريسي كذلك كتاب في المفردات سماه (الجامع لصفات أشتات النبات)، كما ذكر له كتاب آخر بعنوان (انس المهج وروض الفرج).
ينظرالأوروبيون إلى ما يسمى بالعصور الوسطى من ناحية الأهمية التاريخية باعتبارها مرحلة لا قيمة لها، هذا إن لم تكن سلبية. بل إنهم يدعون هذه الحقبة من الزمان أيضاً "العصور المظلمة". ومثلما يوحي هذا الاسم، غالباً ما يمر الباحثون مرور الكرام عليها حين يتعلق الأمر بدراسة التطورات المهمة التي شهدتها. إلى حد كبير يمكن تبرير وجهة النظر هذه، غير أن العصور الوسطى لم تكن حقبة من الظلام المطبق كلها.
حين كانت القارة العجوز تعاني في معظمها من الركود الفكري، كانت الأراضي الواقعة إلى الجنوب منها مسرحاً لحركة بحثية علمية ومنهجية نشطة جداً. ولعل من الأمثلة التي تستحق الذكر على ذلك هي صقلية النورماندية (جزء من إيطاليا حالياً) التي استفادت كثيراً من الحضور العربي المباشر فيها ذلك الوقت. فقبل أن يستولي النورمانديون على صقلية، كان العرب هناك يعملون بجد كبير على تطوير المعارف العلمية الإغريقية والفارسية. وقد أدرك النورمانديون أهمية هذه الجهود العلمية وأبدو دعمهم العلني لها. وفي مثل هذا الجو، أصبحت مدينة باليرمو في صقلية مركزاً مهماً للتطور الفكري والفني. وفيها وجد الإدريسي، وهو العالم العربي الذي لعب دوراً مهماً في تحقيق هذا التطور، الدعم المطلوب لإنجازاته في ذلك الزمن الذي عرف بالعصور المظلمة.
[]الإدريسي: سيرة مصغرة
كانت حياة الإدريسي نموذجاً نمطياً لحياة العلماء العرب في العصور الوسطى. فقد كان حسن التعليم وكثير الترحال. ولد أبو عبدالله عبدالله محمد بن محمد بن الشريف الإدريسي قرابة العام 1100 في مدينة سبتة المغربية (خاضعة للسيطرة الإسبانية حالياً). بعض المصادر التي تحدثت عن حياة الإدريسي ترجع نسبه عبر سلسلة من الوجهاء والأمراء إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام. كما أن الإدريسي هو سليل خلفاء الدولة الحموية التي لم تعمر طويلاً ( 1016 – 1058) التي حكمت جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية وشمال أفريقيا. كما أن خلفاء الدولة الحموية هذه ينتسبون إلى قبيلة الأدارسة العربية في المغرب (789-985) والتي أخذ الإدريسي اسمه منها. ويقال أن قبيلة الأدارسة تنتسب إلى الحسن ابن علي حفيد النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
سبتة في المغرب، مسقط رأس الإدريسي، هي المدينة التي انسحب الحمويون إليها بعد أن خسروا ملقة في إسبانيا عام 1057. ومن سبتة كان الإدريسي ينطلق في أسفاره في كل أرجاء المنطقة حيث تعرف على أدق تفاصيل شمال أفريقيا وشبه الجزيرة الأيبيرية. ولاحقاً سافر الإدريسي إلى قرطبة للدراسة قبل أن يمضي بعض السنوات من عمره في الجزائر والمغرب. ومع توسيعه لبحوثه رأى أن من الضروري له أن يوسع أسفاره حيث وصل إلى البرتغال وشمال إسبانيا وفرنسا وانكلترا.
[]صقلية من الحكم العربي إلى النورماندي
من الجدير بالذكر أن صقلية كانت خاضعة لحكم العرب قبل استيلاء النورمانديين عليها. ولهذا فقد كان من السهل انتشار أعمال العرب المسلمين براً إلى المنطقة الأوروبية عموماً نحو الشمال والغرب. وخلال الحكم العربي للجزيرة أنتج العلماء المسلمون أفكاراً واكتشافات علمية جديدة في أوروبا التي كانت تعاني من الركود الفكري العام. غير أن الغزاة النورمانديون تمكنوا من التقدم جنوباً إلى صقلية في القرن الحادي عشر في الفترة بين 1065-1071 مروراً بمناطق شاسعة في أوروبا انطلاقاً من انكلترا.
كما أن من الجدير بالذكر أن الغزاة النورمانديين تعاملوا بتقدير كبير مع الإنجازات العلمية والفنية والثقافية العربية كما لم يعملوا على إيقاف عمل العرب في هذه الميادين. فهم لم يحفظوا إنجازات المسلمين فحسب بل أنهم سمحوا للعلماء المسلمين بمتابعة عملهم ودعموهم في إنجازها أيضاً. وكان هذا يعود في الوجه الأكبر منه إلى الرؤية التي تحلى بها الملك روجر الثاني (1097-1154) حاكم صقلية في ذلك الوقت. كان روجر الثاني داعماً قوياً للبحث العلمي والإنجازات الفنية. وكان على وجه الخصوص شغوفاً بعلم الجغرافيا واكتشف أن معارف العرب في هذا المجال لا تقدر بثمن.
ولهذا فقد جمع مكتبة ضخمة من المخطوطات والخرائط الجغرافيا العربية وأحاط نفسه بالخبراء في هذا المجال. وعلى ما يبدو فإن الموقع الجغرافي لمدينة باليرمو في صقلية قد جعل من السهل على روجر الثاني أن يفعل ذلك. لقد كانت صقلية معبراً للتجار والبحارة والعلماء والحجاج والغزاة من مختلف الأنحاء وفي شتى الاتجاهات في ذلك الزمن.
حينها قرر روجر الثاني أن ينجز خريطة للعالم وكتاباً يصف جغرافيا الأرض. وتقول بعض المصادر التاريخية أن عائلة الإدريسي، الحمويين، كانت أصحاب حضور قوي في صقلية العربية وساهمت في ذيوع صيت معارفه العلمية. وحين سمع روجر الثاني بأمر الإدريسي، أعجب بما سمع عنه ودعاه للالتحاق به في صقلية. وعرض الملك على الإدريسي دعمه لإنجاز خريطته الشهيرة والكتاب المصاحب لها. وفي الدعوة قال له الملك: "إنك ابن عائلة من الخلفاء. ولهذا السبب، حين تكون بين المسلمين فإن ملوكهم سيسعون وراء قتلك، أما إذا ما كنت معي فسأضمن لك سلامتك الشخصية."
[]الإدريسي في صقلية النورماندية
سواء كان لهذه الكلمات أي أثر في إقناع الإدريسي أم لا، فقد قبل دعوة الملك بسرور لأنه نفسه كان متحمساً جداً لهذا المشروع العلمي. وبالفعل وجد الإدريسي في الملك روجر الراعي المثالي لعمله. بعض أترابه العرب والمسلمين لم يعجبهم قراره بالعمل في بلاط ملك نصراني، غير أنه كان على قناعة بأن نتائج عمله العلمي يجب أن تفيد كل الأديان. وهكذا سافر إلى صقلية عام 1145، على الرغم من أن أول زيارة له إلى الجزيرة كانت قبلها بخمس أو ست سنوات وكان المشروع الذي ينتظره هو توفير كل المعلومات المعروفة عن المواقع الدقيقة للمدن (بما في ذلك ذكر خط إحداثيات العرض والطول) و مواقع المناطق المناخية المتباينة إضافة إلى المسافات بين الأماكن المأهولة بالسكان لمساعدة المسافرين والملاحين.
ولمساعدة الإدريسي في هذا المشروع الضخم، وفر الملك روجر الثاني له كل الأدوات والموارد التي طلبها. كما أنه، وبمساعدة الإدريسي نفسه، جمع فريقاً من الناس لإرسالهم إلى أصقاع العالم البعيدة من أجل أن يجمعوا معلومات عيانية تعتمد على تقصياتهم المباشرة، وحين عودتهم كان هؤلاء يقدمون التقارير والمخطوطات التي أعدوها في مهماتهم للإدريسي.
[]إنجازات الإدريسي في صقلية
كانت الإنجازات الأكثر أهمية التي نجمت عن أعمال الإدريسي في صقلية وتعاونه مع الملك النورماندي ثلاثة وهي: خريطة كروية فضية للأرض وخريطة أخرى للعالم تقسم كوكب الأرض إلى سبع مناطق مناخية وكتاب يقدم فيه شروحاً مفصلة عن الكرة الأرضية التي صنعها. كان عنوان الكتاب هو "نزهة المشتاق في اختراق الأفاق". واعترافاً بجهد الملك روجر الثاني يشار إلى هذا الكتاب أيضاً باسم "كتاب روجر" أو "الكتاب الروجري". ومع كل ما فيه من خرائط ومواد علمية وإشارات إلى الأعمال الجغرافية الإغريقية والعربية، احتاج الكتاب 15 عاماً حتى اكتمال إنجازه أوائل عام 1154. وقد توفي الملك روجر الثاني بوقت قصير بعدها.
يعتبر نزهة المشتاق أضخم وأفضل مشروع جغرافي أنتجته أوروبا في العصور الوسيطة. وقد اكتسب أهمية خاصة لأوصافه التي قدمها عن منطقة البحر المتوسط وشبه جزيرة البلقان. كما أثار الإدريسي في كتابه هذا القضية الجدلية الكبيرة في عصره حيث أكد أن الأرض كروية. ورد على الاعتراضات التي وجهت إلى نظريته هذه بالقول: البعض يحتج بالقول أن السوائل (البحار) لا يمكن أن تتماسك مع محيط مدور، غير أن الحقيقة هي أنها يمكن أن تتماسك حيث تحتويها حالة من التوازن المتواصل.
وما يؤسف له هو أن كرة الإدريسي الفضية قد ضاعت مع الوقت ولا نعرف عنها إلا من المخطوطات التي ذكرتها. أما فيما يتعلق بخرائطه التي وضعها للعالم فإن النسخ الأقدم عنها فهي خريطة الجزيرة العربية التي نشرها باحث ألماني في القرن الماضي (1931) واستمدها من أطلس يعود إلى تلك الحقبة. ثم نشرت نسخة معدلة عنها بعدها بعشرين عاماً في العراق عام (1951).
[]وجوه أخرى
إلى جانب الجغرافيا، كان الإدريسي مهتماً أيضاً بالطب والمنهج الطبي. فقد وضع جهوده العلمية في هذا المجال في كتاب أسماه "كتاب الأدوية المفردة" الذي وصف فيه الأدوية وخواصها مستخدماً اثني عشرة لغة. لكن العالم في العموم يتذكر الإدريسي لإنجازاته الجغرافية في العصور الوسطى. ولا يعرف الكثير عن السنوات الأخيرة من حياته. ربما يكون وقع ضحية الاكتئاب حين عرف بأن كوكبه الفضي قد سُرق خلال شغب قام به رعاع نورمانديون عام 1161. وتوفي الإدريسي بعدها بخمس سنوات في صقلية عام 1166. غير أن تركته وأثره العلميين عاشا طويلاً بعدها. فقد كان الإدريسي أشهر جغرافي عربي ومسلم عرفه الأوروبيون وربما كان هذا يعود في وجه منه إلى وجوده في صقلية واتصال الجزيرة الدائم مع البحارة والتجار القادمين من إقليم المتوسط وسواحل الأطلسي وبحور الشمال.
شخصيات في سطور ( محمد بن سيرين )
بن سيرين هو أبوبكر محمد بن سيرين البصري التابعي الكبير، والإمام القدير في التفسير، والحديث، والفقه، وتعبير الرؤيا، والمقدم في الزهد والورع وبر الوالدين، توفي 110 للهجرة بعد الحسن البصري بمائة يوم، وكان عمره نيفاً وثمانين سنة.
كان ابن سيرين قصيراً، عظيم البطن، به صمم، كثير الضحك والمزاح، عالماً بالحساب، والفرائض، والقضاء، ذا وفرة، يفرق شَعْره ويخضب بالحناء، يصوم يوماً ويفطر يوماً.
وقد اشتهر ابن سيرين بتعبير الرؤى والأحلام بما شكل مدرسة في علم تفسير الأحلام، وهو علم من العلوم الشرعية والفراسات الربانية، من أبرز مؤلفات ابن سيرين كتاب تفسير الأحلام.
مــولده ونشــأته
ولد "محمد بن سيرين" رحمه الله في خلافة [عثمان بن عفان] . كان أبوه (سيرين) مملوكًا لانس بن مالك الصحابي، وكان من نصيبه بعد معركة عين التمر وهي بلدة غربي الكوفة افتتحها خالد بن الوليد في خلافة أبو بكر الصديق ، فأعتقه أنس. قال أنس بن سيرين : ولد أخي محمد لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه وأمه اسمها (صفية) وكانت أمة لابي بكر الصديق فأعتقها أيضًا. عرف أبوه وأمه بالصلاح وحُسن السيرة.
طلبه للــعلم
نشأ "محمد بن سيرين" في بيت تحوطه التقوى والورع واتصل بمجموعة كبيرة من الصحابة م مثل: زيد بن ثابت ، عمران بن الحصين ، انس بن مالك, أبو هريرة ، عبد الله بن الزبير ، عبد الله بن عباس ، عبد الله بن عمر أقبل "محمد بن سيرين" على هؤلاء الصحب الكرام ينهل من علمهم وفقههم وروايتهم لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم. قال هشام بن حسان : أدرك محمد ثلاثين صحابياَ .
ومن تلاميذه / قتادة ، وأيوب ، و يونس بن عبيد ، و ابن عون ، و خالد الحذّاء ، وهشام بن حسان ، و عوف الأعرابي ، و قرة بن خالد ، ومهدي بن ميمون ، و جرير بن حازم ، و أبو زياد محمد بن سليم ، و يزيد بن إبراهيم التستري ، و عقبة بن عبد الله الأصم و غيرهم خلق كثير .
شهـرته
اشتهر محمد بن سيرين وذاع صيته وعلت شهرته في البلاد وعُرف بالعلم والورع وقد كانت له مواقف مشهورة مع ولاة بني أمية صدع فيها بكلمة الحق وأخلص النصح لله ولرسوله؛ منها: سأله مرة عمر بن هبيرة والي بني أمية على (العراقين): كيف تركت أهل مصرك يا أبا بكر (كنية ابن سيرين)؟! فقال محمد بن سيرين: تركتهم والظلم فيهم فاش وأنت عنهم لاهٍ. فغمزه ابن أخيه بمنكبه، فالتفت إليه قائلا: إنك لست الذي تُسأل عنهم وإنما أنا الذي أسأل وإنها لشهادة (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) فأجزل ابن هبيرة له العطاء فلم يقبل، فعاتبه ابن أخيه قائلا: ما يمنعك أن تقبل هبة الأمير؟ فقال: إنما أعطاني لخير ظنه بي، فإن كنت من أهل الخير كما ظن، فما ينبغي لي أن أقبل، وإن لم أكن كما ظن، فأحرى بي ألا استبيح قبول ذلك.
ورعـــه
ومن ورع محمد بن سيرين رحمه الله أنه سمع أحد الناس يسب الحجاج بن يوسف بعد وفاته فقال له:" صه يا ابن أخي، فإن الحجاج مضى إلى ربه، وإنك حين تقدم على الله عز وجل ستجد أن أحقر ذنب ارتكبته في الدنيا أشد على نفسك من أعظم ذنب اجترحه الحجاج، فلكل منكما يومئذ شأن يغنيه، واعلم يا ابن أخي أن الله عز وجل سوف يقتص من الحجاج لمن ظلمهم كما سيقتص للحجاج ممن يظلمونه، فلا تشغلن نفسك بعد اليوم بسب أحد" . منح الله ابن سيرين سمتًا صالحًا وقبولا في قلوب الناس، فكان الناس إذا رأوه في السوق وهم غارقون في غفلتهم انتبهوا وذكروا الله وهللوا وكبَّروا. وكانت له تجارة وله بيع وشراء في السوق فإذا رجع إلى بيته بالليل أخذ في القيام يتلو القرآن ويبكي. وكان في تجارته ورعًا لدرجة أنه ذات مرة اشترى زيتًا بأربعين ألفًا مؤجلة، فلما فتح أحد زقاق الزيت وجد فيه فأرًا ميتًا متفسخًا فقال في نفسه: إن الزيت كله كان في المعصرة في مكان واحد وإن النجاسة ليست خاصة بهذا الزق دون سواه، وإن رددته للبائع بالعيب فربما باعه للناس. فأراق الزيت كله.
ثناء العلمـــاء عليه
قال مورق العجلي: " ما رأيت رجلا أفقه في ورعه، ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين" .
قال بن عون : كان محمد يأتي بالحديث على حروفه وقال أيضاً : ما رأيت مثل محمد بن سيرين وقال حماد بن زيد ، عن عثمان البتى ، قال : لم يكن أحد بالبصرة أعلم بالقضاء من ابن سيرين . وعن حماد أيضاً عن عاصم ، سمعت مورقاً العجلي يقول : ما رأيت أحدا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين . قال ابن عون ثلاثة لم تر عيناي مثلهم : ابن سيرين بالعراق ، والقاسم بن محمد بالحجاز ، ورجاء بن حيوة بالشام ، كأنهم التقوا فتواضوا . قال أبو عوانة : رأيت محمد بن سيرين في السوق فما رآه أحد إلا ذكر الله . قال محمد بن جرير الطبري : كان ابن سيرين فقيهاً ، عالماً ، ورعاً ، أديباً ، كثير الحديث ، صدوقاً ، شهد له أهل العلم و الفضل بذلك ، وهو حجة .
((احتياطه في الحديث و الفتيا وبعض أموره ))
قال مهدي بن ميمون : رأيت محمد بن سيرين يحدث بأحاديث الناس ، وينشد الشعر ، ويضحك حتى يميل ، فإذا جاء بالحديث من المسند كلح و تقبض . قال أشعث : كان ابن سيرين إذا سئل عن الحلال و الحرام ، تغير لونه حتى نقول : كأنه ليس بالذي كان . قال ابن شبرمة : دخلت على محمد ابن سيرين بواسط فلم أر أجبن من فتوى منه ، ولا أجرأ على الرؤيا منه . قال هشام : ما رأيت أحداً عند السلطان أصلب من ابن سيرين . وكان ابن سيرين قد حبس في السجن على دين أصابه و قد حبسه مالك بن المنذر ، وقدر روى عبد الحميد بن عبد الله أن السجّان قال لإبن سيرين : إذا كان الليل فأذهب إلى أهلك فإذا أصبحت فتعال . قال لا والله ، لا أكون لك عوناً على خيانة السلطان .
عن ابن عون قال : أن محمد كان إذا كان عند أمه لو رآه رجل لا يعرفه ظن أن به مرضاً من خفض كلامه عندها .
وفـــاته
قال بن عون : كانت وصية محمد بن سيرين لأهله و بنيه : أن يتقوا الله و يصلحوا ذات بينهم و أن يطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين و أوصاهم بما أوصى به (( إبراهيم بنيه و يعقوب يا بنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنت مسلمون )) و أوصاهم ألا يدعوا أن يكونوا إخوان الأنصار و مواليهم في الدين ، فإن العفاف و الصدق خير و أبقى و أكرم من الزنى و الكذب قال غير واحد : مات محمد بعد الحسن البصري بمائة يوم ، سنة عشر و مئة . توفي محمد بن سيرين بعد أن عمَّر حتى بلغ السابعة والسبعين عامًا، رحمه الله.
: شخصيات في سطور ( هارون الرشيد )
هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. و يلقب بهارون الرشيد ولد (حوالي 763م - 24 مارس 809م) وهو الخليفة العباسي الخامس، وهو أشهر الخلفاء العباسيين. حكم بين 786 و 809 م. ووالدته الخيزران بنت عطاء . وهو أكثر من تعرض تاريخه للتشويه والتزوير من خلفاء الإسلام، مع أنه من أكثر خلفاء الدولة العباسية جهادا وغزوا وأهتماما بالعلم والعلماء، و بالرغم من هذا أشاعوا عنه الأكاذيب وأنه لاهم له سوى الجواري والخمر والسكر، ونسجوا في ذلك القصص الخرافية ومن هنا كان إنصاف هذا الخليفة واجبا على كل مؤرخ مسلم. وكتب التاريخ مليئة بمواقف رائعة للرشيد في نصرة الحق وحب النصيحة وتقريب العلماء لا ينكرها إلا جاحد أو مزور، ويكفيه أنه عرف بالخليفة الذي يحج عاما ويغزو عاما.
نشأته
ولد هارون في 148 هجرياً، وكان مولده في مدينة الري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خراسان. نشأ الرشيد في بيت ملك، وأُعد ليتولى المناصب القيادية في الخلافة، وعهد به أبوه الخليفة أبو عبد الله محمد المهدي إلى من يقوم على أمره تهذيبًا وتعليمًا وتثقيفًا، حتى إذا اشتد عوده واستقام أمره، ألقى به أبوه في ميادين الجهاد، وجعل حوله القادة الأكفاء، يتأسى بهم، ويتعلم من تجاربهم وخبراتهم، فخرج في عام 165 هـ اي 781م على رأس حملة عسكرية ضد الروم، وعاد محملاً بأكاليل النصر، فكوفئ على ذلك بأن اختاره أبوه وليًا ثانيًا للعهد بعد أخيه أبو محمد موسى الهادي
توليه الخلافة
تمت البيعة للرشيد بالخلافة في (14 من شهر ربيع الأول 170هـ= 14 من سبتمبر 786م)، بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف كثيرا تمتد من وسط آسيا حتى المحيط الأطلنطي، معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحازمة يفرض سلطانها الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الإتصال شاقة، ومتابعة الأمور مجهدة.
أعماله
بتولي الرشيد الحكم بدأ عصر زاهر كان واسطة العقد في تاريخ الدولة العباسية التي دامت أكثر من خمسة قرون، ارتقت فيه العلوم، وسمت الفنون والآداب، وعمَّ الرخاء ربوع الدولةالإسلامية. ويزداد إعجابك بالرشيد حين تعلم أنه أمسك بزمام هذه الدولة وهو في نحو الخامسة والعشرين من عمره، فأخذ بيدها إلى ما أبهر الناس من مجدها وقوتها وازدهار حضارتها.
كما استعمل الرشيد الرقة عاصمة له بين عامي 796 و808 .
وأنشأ بمايعرف ببيت الحكمة وزودها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من مختلف بقاع الأرض. وكانت تضم غرفًا عديدة تمتد بينها أروقة طويلة، وخُصصت بعضها للكتب، وبعضها للمحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين والمترجمين والمجلدين. وغدت بغداد قبلة طلاب العلم من جميع البلاد، يرحلون إليها حيث كبار الفقهاء والمحدثين والقراء واللغويين، وكانت المساجد الجامعة تحتضن دروسهم وحلقاتهم العلمية التي كان كثير منها أشبه بالمدارس العليا، من حيث غزارة العلم، ودقة التخصص، وحرية الرأى والمناقشة، وثراء الجدل والحوار. كما جذبت المدينة الأطباء والمهندسين وسائر الصناع. وكان الرشيد نفسه يميل إلى أهل الأدب والفقه والعلم، حتى ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الهند والصين وأوروبا رسلها إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته.
الرشيد والبرامكة
أحاط الرشيد نفسه بكبار القادة والرجال من ذوي القدرة والكفاءة وخاصةً من البرامكة أمثال يحيى بن خالد البرمكي حتى حدث نزاع بين الخليفة الرشيد والبرامكة ونتج عن ذلك أن الرشيد حبس البرامكة وعلى رأسهم كبيرهم وأميرهم يحي بن خالد البرمكي.
الرشيد محارباً
كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه ضد الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريبا .واضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت إيريني ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة 181هـ، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي خلف إيريني في سنة 186هـ ، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ (أي بمعنى القلعة القوية)، وأقامت نفسها مقام البَيْدق (أي بمعنى الجندي الضعيف)، فحملت إليك من أموالها، ما كنت حقيقًا بحمل أضعافه إليها، ولكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".
فلما قرأ هارون هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر رسالة الإمبراطور: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".
وخرج هارون بنفسه في 183 هـ، حتى وصل هرقلة واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الرشيد كما كانت تفعل إيريني من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام 188هـ وهزمه هزيمة منكرة، وقتل من جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه.
الرشيد و شارلمان
أراد شارلمان أن يقلل من خطر هجوم بيزنطية عليه فوضع خطة لعقد اتفاق ودي مع هارون الرشيد، وقد أيد هارون ما نشأ بينهما من حسن التفاهم بأن أرسل إليه عدداً من الفيلة ومفاتيح الأماكن المقدسة في بيت المقدس. وردّ الإمبراطور الشرقي على ذلك بأن شجع أمير قرطبة على عدم الولاء لبغداد، وانتهى الأمر في عام 812 حين اعترف إمبراطور الروم بشارلمان إمبراطوراً نظير اعترافه بأن البندقية وإيطاليا الجنوبية من أملاك بيزنطية, ومن المواقف الطريفة التى حدثت بين الرشيد وشارلمان انه ارسل اليه ساعة مائية دقاقة وتحسب الثوانى بدقة عالية ففكر شارلمان هو وكبار القصر في هذا فظنوا انها سحرا وظنوا ان الرشيد يريد ان يدبر لهم مكيدة فضحك الرشيد عندما سمع هذا الكلام وهذا خير دليل على تقدم العرب على العالم وتأخر أوروبا علميا وثقافيا في هذا الوقت.
وفي معرض تقديم المستشرقة الألمانية زغريد هونكة في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب لشارلمان ذكرت أنه حالف هارون الرشيد على خلفاء الأندلس الأمويين.
الرشيد كما يراه علماء الإسلام والمؤرخون
تعرضت صورة هارون الرشيد لكثير من التشويه من قبل من يختلفون معه في الفكر والمنهج ومنها الروايات الموضوعة التي رواها الأصفهاني في كتابه الأغاني والتي لا أصل لها وغيرها من المؤلفات المدسوسة والتي لاتعتمد على مصدر علمي أو أساس تبنى عليه ولنرجع إلى ماقاله أئمة الإسلام والمؤرخين المعتمدين في سيرة هذا الإمام الجليل. قال السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء:
وكان من أمير الخلفاء واجل ملوك الدنيا وكان كثير الغزو والحج كما قال فيه أبو المعالي الكلابي:
فمن يطلب لقاءك أويـرده فبالحرمين أو أقصى الثغور
ففي أرض العدو على طمر وفي أرض الترفه فوق كور
وقال أيضا: وكان أبيض طويلاً جميلا مليحاً فصيحاً له نظر في العلم والأدب. وكان يحب العلم وأهله ويعظم حرمات الإسلام ويبغض المراء في الدين والكلام في معارضة النص.
وقال الذهبي في ترجمته للرشيد ضمن كتابه سير أعلام النبلاء:
وكان من أنبل الخلفاء وأحشم الملوك ذا حج وجهاد وغزو وشجاعة ورأي وأمه أم ولد اسمها خيزران.
وكان أبيض طويلاً جميلاً وسيما إلى السمن ذا فصاحة وعلم وبصر بأعباء الخلافة وله نظر جيد في الأدب والفقه قد وخطه الشيب أغزاه أبوه بلاد الروم وهو حدث في خلافته كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات ويتصدق بألف وكان يحب العلماء ويعظم حرمات الدين ويبغض الجدال والكلام ويبكي على نفسه ولهوه وذنوبه لا سيما إذا وعظ وكان يحب المديح ويجيز الشعراء ويقول الشعر. قال أبو معاوية الضرير: ما ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي الرشيد إلا قال: صلى الله على سيدي ورويت له حديثه وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيى ثم أقتل فبكى حتى انتحب. حج غير مرة وله فتوحات ومواقف مشهودة ومنها فتح مدينة هرقلة ومات غازياً بخراسان
== الرشيد وعصر التطور العلمي ==هذا هو
تطورت الأمة الإسلامية في عهد الرشيد أيما تطور وبرع المسلمون في عهده في كافة الفنون وفي ميادين الطب والهندسة, مومن العجائب ومارواه السيوطي والذهبي من أن هارون الرشيد كان يفكر في عمل قناة السويس الموجودة حاليا قبل أكثر من ألف عام وانتهى عن ذلك تحسبا لغزوات الروم ودخولهم الحجاز قال الذهبي: وقال المسعودي في مروجه: رام الرشيد أن يوصل ما بين بحر الروم وبحر القلزم مما يلي الفر ما فقال له يحيى البرمكي: كان يختطف الروم الناس من الحرم وتدخل مراكبهم إلى الحجاز ((وهي قناة السويس حاليا))
وفاة الرشيد
كان الرشيد على غير ما تصوره بعض كتب الأدب، دينا محافظًا على تكاليف الإسلام، وصفه مؤرخوه أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا، وينفق على الفقراء من ماله الخاص، ولا يتخلف عن الحج إلا إذا كان مشغولاً بالغزو والجهاد، وكان إذا حج صحبه الفقهاء والمحدثون. وكان اذا دخل عليه الشاعر أبا العتاهيه ونصحه بكى بكاءا شديدا وأغمي عليه.
وظل عهده مزاوجة بين جهاد وحج، حتى إذا جاء عام 192 هـ، فخرج إلى خراسان لإخماد بعض الفتن والثورات التي أشتعلت ضد الدولة، فلما بلغ مدينة طوس أشتدت به العلة، وتُوفي في 3 من جمادى الآخر 193هـ،الموافق 4 من إبريل 809م، بعد أن قضى في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة، وتعتبر هذه الفترة العصر الذهبي للدولة العباسية. ويقال عنه أنه بنى قبره قبل موته بفترة وكان يداوم على زيارة هذا القبر وكان يدعو الله ويبكى ويقول: ( يا من لا يزول ملكه أرحم من زال ملكه).
من أقواله الشهيرة
وقف أمام السحاب ذات مرة وقال لها: ( ياغمامة أمطرى حيثما شئت فخراجك عائد إلي )،(أي بمعنى زكاتك راجعة لبيت المال عندي). وهذا دلالة على سعة الدولة العباسية وبلوغها أوج عظمتها في عصره.
: شخصيات في سطور( أحمد بن كثير الفرغاني )
أحمد بن كثير الفرغاني
وهوأبو العباس أحمد بن محمد بن كثير الفرغاني. عالِم رياضياتي وفلكي عربي مسلم، توفي بعد سنة 247هـ/861م، وولد في مدينة فرغانة ثم انتقل إلى بغداد وعاش فيها أيام الخليفة العباسي المأمون في القرن التاسع الميلادي. ويعرف عند الأوربيين باسم Alfraganus، ومن مؤلفاته كتاب جوامع علم النجوم والحركات السماوية وكتاب في الاسطرلاب وكتاب الجمع والتفريق.
ويُعَدُّ من أعظم الفلكيين الذين عملوا مع المأمون وخلفائه. ويقول سارطون عنه : >كان مازال على قيد الحياة في 861م. وهو من معاصري الخوارزمي وبني موسى وسند بن علي.
إسهاماته العلمية
كان الفرغاني عالِماً في الفلك وأحكام النجوم ومهندساً. ومن إسهاماته أنه حدد قطر الأرض بـ 6500 ميل، كما قدر أقطار الكواكب السيارة. يقول ألدو مييلي : >والمقاييس التي ذكرها أبو العباس الفرغاني لمسافات الكواكب وحجمها عمل بها كثيرون، دون تغيير تقريباً، حتى الفلكي كوبرنيكوس. وبذلك فقد كان لهذا العالِم الفلكي المسلم تأثير كبير في نهضة علم الفلك في أوروبا. وفي سنة 861م، كلفهُ الخليفة المتوكل على الله بالإشراف على بناء مقياس منسوب مياه نهر النيل في الفسطاط، فأشرف عليه وأنجز بناءه وكتب أسمه عليه.
مؤلفاته
لقد ترك الفرغاني عدداً من المؤلفات القيمة، ومن أشهرها : كتاب جوامع علم النجوم والحركات السماوية. وقد ترجمهُ جيرار الكريموني إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر للميلاد كما ترجم إلى العبرية وكان له تأثير كبير على علم الفلك في أوروبا قبل ريجيومونتانوس Regiomontanus الرياضي الفلكي الذي برز في القرن الخامس عشر الميلادي. وقد طبعت ونشرت ترجمات هذا الكتاب عدة مرات خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين.