حياك الله أخي الغالي ( السحر الحلال )
أسعد دائما وابدا بتواجدك
طرحت معلومات عن شاعرنا ( حسين بن أحمد النجمي )
واتمنى مساعدتك في طرح معلومات عن شعراء المنطقة
وأنا على ثقة بقدرتك على ذلك لطلاعك ومتابعتك
عرض للطباعة
حياك الله أخي الغالي ( السحر الحلال )
أسعد دائما وابدا بتواجدك
طرحت معلومات عن شاعرنا ( حسين بن أحمد النجمي )
واتمنى مساعدتك في طرح معلومات عن شعراء المنطقة
وأنا على ثقة بقدرتك على ذلك لطلاعك ومتابعتك
موضوع جميل لقد أعجبني فأحببت أن أشارك فيه
الشاعر أبو فراس الحمداني
أبو فراس الحمداني (320- 357 ) هو الحارث بن سعيد بن حمدان، فارس أسرة بني حمدان وشاعرهم، ولد في الموصل ونشأ يتيما لأن ناصر الدولة صاحب الموصل، وهو أخ سيف الدولة كان قتل سعيدا والد أبي فراس، فكفله علي (سيف الدولة) الذي كان زوج أخته.
رأى سيف الدولة في أبي فراس دلائل النجابة والفروسية فجعله صاحب منبج، وأوكل إليه أمر الثغور في نواحيها لصد الروم أو هجمات الأعراب، فأبدى شجاعة فائقة وإقداما عظيما.
وفي سنة 348 أسرت الروم أبا فراس، ففداه سيف الدولة سنة 355. ويقال إنه أسر مرتين إحداهما سنة 348 والثانية سنة 351، وفي الثانية ذهبوا به إلى القسطنطينية فأقام ينتظر فداء سيف الدولة له بمال وفير أو مبادلة بأسير عظيم فطال ذلك حتى سنة 355. وبعد فداء أبي فراس ولاه سيف الدولة "حمص"، ولم يلبث أن توفي الأمير سنة 356 وتولى ابنه أبو المعالي تحت وصاية الوزير قرغويه، ولكن أمر السلطة دعا القريبين إلى الاقتتال قرب حمس، وانتهى الأمر بمصرع أبي فراس، وقبره معروف في قرية "صدد" قرب حمص.
كانت نشأة أبي فراس وطفولته في ظل والدته التي حدبت على رعايته، وتحت عطف زوج أخته سيف الدولة وتتلمذ على اللغوي الشهير ابن خالويه وغيره، كما شاهد أرباب القلم يفدون على بلاط سيف الدولة، واحتك بهم، ونبغ في الشعر، فتغزل ووصف المعارك، وله في الأسر قصائد كثيرة مشهورة عرفت بـ"الروميات" تعتبر من أرق شعره وأجمله.
سخر أبو فراس شعره ليتحدث عن مشاعره وأحاسيسه، فقد كان وجدانيا يصف ما يقع تحت بصره من حوادث ووقائع، وما يعتلج في صدره من آلام وآمال، ولأبي فراس مكانة عند مؤلفي الأدب، فقد قيل فيه: "بُدئ الشعر بملك وختم بملك، يعني امرؤ القيس وأبا فراس".
يقول شاعرنا الكبير ابي فراس الحمداني في قصيدته المشهورة
(( اراك عصي الدمع ))
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى نهي عليك ولا أمر
بلى ،أنا مشتاق وعندي لوعة
ولكن مثلي لا يذاع له سر
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى
وأذللت دمعا من خلائقه الكبر
تكاد تضيء النار بين جوانحي
إذا هي أذكتها الصبابة والفكر
معللتي بالوصل والموت دونه
إذا بت ظمآنا فلا نزل القطر
حفظت وضيعت المودة بيننا
وأحسن من بعض الوفاء الغدر
وما هذه الأيام إلا صحائف
لأحرفها ، من كف كاتبها ، بشر
بنفسي من الغادين في الحي غادة
هواي لها ذنب ، وبهجتها عذر
تروغ إلى الواشين في ، وإن لي
لأذنابها عن كل واشية وقر
بدوت وأهلي حاضرون ، لأنني
أرى أن دارا لست من أهلها قفر
وحاربت قومي في هواك ، وإنهم
وإياي ، لولا حبك ، الماء والخمر
فإن يك ما قال الوشاة ولم يكن
فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفر
وفيت وفي بعض الوفاء مذلة
لإنسانة في الحي شيمتها الغدر
وقور ، وريعان الصبا يستفزها
فتأرن أحيانا كما أرن المهر
تسائلني : من انت ؟ وهي عليمة
وهل بفتى مثلي على حاله نكر
فقلت لها : لو شئت لم تتعنتي
ولم تسألي عني ، وعندك بي الخبر
فقالت : لقد أزرى بك الدهر بعدنا
فقلت : معاذ الله ، بل انت لا الدهر
وما كان للأحزان لولاك مسلك
الى القلب ، لكن الهوى للبلى جسر
وتهلك بين الهزل والجد مهجة
إذا ما عداها البين عذبها الهجر
فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق
وأن يدي مما علقت به صفر
وقلبت أمري لا أرى لي راحة
اذا البين أنساني الح بي الهجر
فعدت إلى الزمان وحكمها
لها الذنب لا تجزي به ولي العذر
فلا تنكريني يا ابنة العم ، انه
ليعرف من انكرته البدو والحضر
ولا تنكريني ، إنني غير منكر
إذا زلت الأقدام ، واستنزل الذعر
وإني لجرار لكل كتيبة
معودة أن لا يخل بها النصر
وإني لنزال بكل مخوفة
كثير الى نزالها النظر الشزر
فاظمأ حتى ترتوي البيض والقنا
وأسغب حتى يشبع الذئب والنسر
ولا أصبح الحي الخلوف بغارة
ولا الجيش ، ما لم تأته قبلي النذر
ويا رب دار لم تخفني منيعة
طلعت عليها بالردى أنا والفجر
وحي رددت الخيل حتى ملكته
هزيما ، وردتني البراقع والخمر
وساحبة الأذيال نحوي لقيتها
فلم يلقها جافي اللقاء ولا وعر
وهبت لها ما حازه الجيش كله
ورحت ولم يكشف لأبياتها ستر
ولا راح يطغيني بأثوابه الغنى
ولا بات يثنيني عن الكرم الفقر
وما حاجتي بالمال أبغي وفوره
إذا لم أصن عرضي فلا وفر الوفر
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى
ولا فرسي مهر ولا ربه غمر
ولكن إذا حم القضاء على امرئ
فليس له بر يقيه ولا بحر
وقال أصيحابي : الفرار أو الردى؟
فقلت : هما أمران احلاهما مر
ولكنني أمضي لما لا يعيبني
وحسبك من أمرين خيرهما الأسر
يقولون لي بعت السلامة بالردى
فقلت : أما والله ، ما نالني خسر
وهل يتجافى الموت عني ساعة
إذا ما تجافى عني الأسر والضر ؟
هو الموت فاختر ما علا لك ذكره
فلم يمت الانسان ما حيي الذكر
ولا خير في دفع الردى بمذلة
كما ردها يوما بسوءته عمرو
يمنون أن خلو ثيابي ، وإنما
علي ثياب من دمائهمو حمر
وقائم سيف فيهمو اندق نصله
وأعقاب رمح فيه قد حطم الصدر
سيذكرني قومي إذا جد جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
فإن عشت ، فالطعن الذي يعرفونه
وتلك القنا والبيض والضمر الشقر
وإن مت فالإنسان لا بد ميت
وإن طالت الأيام وانفسح العمر
ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به
وما كان يغلو التبر لو نفق الصفر
ونحن اناس لا توسط بيننا
لنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون علينا في المعالي نفوسنا
ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر
أعز بني الدنيا وأعلي ذوي العلا
وأكرم من فوق التراب ولا فخر
شكراً ايها الشفق ولي عودة إذا سمحت لي الظروف مع شاعر آخر
أخي الفاضل ( جردي ) تحية عطرة
أشكر لك حضورك وتفاعلك مع الموضوع
كم أنا سعيد بمشاركتك لأن هذا ما نبحث عنه من خلال التفاعل والمشاركة
وإضافة الجديد للموضوع .
اختيارك موفق ورائع وجاء على نفس الفكرة
مرحبا بك في كل وقت وفي انتظار المزيد من مشاركاتك
أتمنى أن ارى الجميع يحذون حذوك
تحياتي وتقديري
واحـر قلــــباه ممــن قلبــه شبــم=ومن بجسمـي وحـالي عنده سقـم
مـــا لـي أكتم حبا قد برى جسدي=وتدعي حب سيف الدولة الأمم
إن كــــان يجمعــنا حب لغرتــه=فليت أنا بقدر الحــــب نقتســـم
قد زرته و سيوف الهند مغمـــدة=وقد نظرت إليه و السيـوف دم
فكان أحسن خلــــق الله كلهـــم=وكـان أحسن مافي الأحسن الشيم
فوت العــدو الذي يممـــته ظفر=في طــيه أسف في طـــيه نعــــم
قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت=لك المهابــــــة مالا تصنع البهم
ألزمت نفسك شيــــئا ليس يلزمها=أن لا يواريـهم بحر و لا علم
أكلــما رمت جــيشا فانثنى هربا=تصرفت بك في آثاره الهمــم
عليك هــــزمهم في كل معتـرك=و ما عليــك بهم عار إذا انهزموا
أما ترى ظفرا حلوا سوى ظفر=تصافحت فيه بيض الهند و اللمم
يا أعدل الناس إلا في معــاملتي=فيك الخصام و أنت الخصم والحكم
أعيذها نظـــرات منك صادقـــة=أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
وما انتفاع أخي الدنيا بناظـــره=إذا استـــوت عنده الأنوار و الظلم
سيعلـم الجمع ممن ضم مجلسنا=بأننــي خير من تسعى به قـــــدم
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبــي=وأسمعـت كلماتي من به صمــم
أنام ملء جفوني عن شواردها=ويسهر الخلق جراها و يختصم
و جـــاهل مده في جهله ضحكي=حتى أتتــــه يــد فراســة و فم
إذا رأيـــت نيوب الليــث بارزة=فلا تظنـــن أن الليــث يبتســم
و مهجـة مهجتي من هم صاحبها=أدركتـــه بجواد ظهره حـــرم
رجلاه في الركض رجل و اليدان يد=وفعلـــه ماتريد الكف والقدم
ومرهف سرت بين الجحفليـــن به=حتى ضربت و موج الموت يلتطم
الخيل والليل والبيــداء تعرفنــــي=والسيف والرمح والقرطاس و القلم
صحبـت في الفلوات الوحش منفردا=حتى تعجـــب مني القور و الأكــم
يــــا من يعز عليـــنا أن نفارقهـــم=وجداننـا كل شيء بعدكم عــدم
مــا كان أخلقــنا منكم بتكـــرمة=لـو ان أمــركم من أمرنـا أمــم
إن كــان سركـم ما قال حاسدنا=فما لجـــرح إذا أرضاكـــم ألــم
و بينــنا لو رعيتم ذاك معرفــة=إن المعـارف في أهل النهـى ذمم
كم تطلبـــون لنا عيبـا فيعجزكم=و يكره الله ما تأتون والكــرم
ما أبعد العيب و النقصان عن شرفي=أنا الثـــريا و ذان الشيب و الهرم
ليـت الغمام الذي عندي صواعقه=يزيلهـن إلى من عنـده الديــم
أرى النوى تقتضينني كل مرحلة=لا تستقـل بها الوخادة الرسـم
لئن تركـن ضميرا عن ميامننا=ليحدثن لمـن ودعتهــم نـدم
إذا ترحلت عن قـوم و قد قـدروا=أن لا تفارقهم فالـراحلون هــم
شــر البلاد مكان لا صــديق بــه=و شر ما يكسب الإنسان ما يصم
و شـر ما قنصته راحتي قنص=شبه البزاة سواء فيه و الرخم
بأي لفظ تقـول الشعــر زعنفة=تجـوز عندك لا عــرب ولا عجم
هذا عـتابـك إلا أنـه مقـة=قـد ضمـن الدر إلا أنه كلم
أبو الطيِّب المتنبي
أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها،
وله مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية. فيوصف بأنه نادرة زمانه،
وأعجوبة عصره، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. وهو شاعرحكيم،
وأحد مفاخر الأدب العربي. و تدور معظم قصائده حول مدح الملوك. ترك تراثاً عظيماً من الشعر،
يضم 326 قصيدة، تمثل عنواناً لسيرة حياته، صور فيها الحياة في القرن الرابع الهجري
أوضح تصوير. قال الشعر صبياً. فنظم أول اشعاره و عمره 9 سنوات . اشتهر بحدة الذكاء
واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية باكراً.
أبو الطيب المتنبي ،،
صاحب كبرياء وشجاع طموح محب للمغامرات. في شعره اعتزاز بالعروبة،
وتشاؤم وافتخار بنفسه، أفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك،
إذ جاء بصياغة قوية محكمة. إنه شاعر مبدع عملاق غزير الإنتاج يعد بحق مفخرة للأدب العربي،
فهو صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وجد الطريق أمامه أثناء تنقله مهيئاً لموهبته الشعرية الفائقة لدى الأمراء والحكام،
إذ تدور معظم قصائده حول مدحهم. لكن شعره لا يقوم على التكلف والصنعة،
لتفجر أحاسيسه وامتلاكه ناصية اللغة والبيان، مما أضفى عليه لوناً من الجمال والعذوبة.
تعريف به و بنشأته و تعليمه :
أبو الطيب، أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي الكندي. ولد في الكوفة عام 303 هـ
في حي كندة فنسب إليه فقيل: الكندي.
نشأ المتنبي بمدينة الكوفة، وقد كان أبوه فقيراً إلا أنه حرص على تعليمه وتثقيفه،
وكانت مدينة الكوفة تزخر بالعلماء والأدباء، فتردد المتنبي على حلقات العلم،
واستمع إلى رواة الشعر والأخبار، وكان ذكياً وهبه الله حافظة قوية ساعدته
على حفظ أشعار العرب وأخبارها، مما كان له أكبر الأثر في شعره.
وقد ذهب إلى البادية وأقام بين الأعراب، وأخذ عنهم اللغة العربية الصافية والأخلاق الأصيلة،
فنشأ أعرابي الطبع معتزا بنفسه وقومه العرب، مما انعكس بعد ذلك على شعره وحياته.
ونبغ المتنبي في الشعر وهو صغير، فتنقل بين بوادي العراق والشام يمدح زعماء القبائل.
وقد أدى نبوغه المبكر وقوة شعره وما يكشف عنه هذا الشعر من طموح وأطماع إلى اتهامِه
بادعاء النبوة عام 333 هـ، فسجنه والي حمص من قبل الِإخشيديين، وضيق عليه الخناق،
فكتب المتنبي قصائدًا كثيرة إلى الوالي يستعطفه من غير ذلة، وينفي عن نفسه ادعاء النبوة، فأطلقه الوالي.
وقد قيل: إن المتنبي قد ادعى النبوة فعلاً، وهذا زعم باطل، وإنما رماه حساده بهذه الدعوى،
وتأولوا أبياته لتتفق مع زعمهم، كقوله:
أنا في أُمةٍ تداركها اللـ ـهُ ... غَرِيْبٌ كَصَالِحٍ في ثَمُودِ
وقوله:
ما مُقامي بأرض نَخْلَة إلاَ ... كمقام المسيح بين اليهود
أما تلقيبه بالمتنبي
فقد أطلقه عليه بعض المعجبين بشعره رمزاً لعبقريته الشعرية،
وأنه أتى في أشعاره بما لم يسبقه إليه غيره.
واصل المتنبي تنقله بين مدن الشام وبواديه حتى اتصل بأبي العشائر الحمداني
والي إنطاكية من قبل سيف الدولة الحمداني، ومدحه بقصائد جميلة، فقدمه
أبو العشائر إلى سيف الدولة. وهنا بدأت مرحلة جديدة من مراحل حياة المتنبي،
حيث انتقل إلى حلب عاصمة سيف الدولة عام 337 هـ، ولازم سيف الدولة في سلمه وحربه،
وفي حله وترحاله، وأصبح أكبر شعرائه وموضع الحفاوة والاحترام منه، قال فيه
أعظم قصائده وهي القصائد المشهورة بالسيفيات (نسبة إلى سيف الدولة).
وبلغ المتنبي في هذه المرحلة قمة عطائه الشعري وإبداعه الفني،
واستمر في كنف سيف الدولة تسع سنوات، لكن الحساد والمنافسين للمتنبي من الشعراء
الذين أخمل ذكرهم والأدباء الذين كثف جهلهم تألبوا عليه، وتولى كبر ذلك أبو فراس الحمداني
الشاعر المشهور وابن عم سيف الدولة، وابن خالويه اللغوي النحوي ومؤدب سيف الدولة،
وأخذوا يكيدون له عند سيف الدولة حتى أعرض عنه، فقال المتنبي مُعَرضاً بذلك
وأنه ينوى مغادرة حلب:
يا مَنْ يَعُزُّ علــيـنا أن نُفَارِقَهُم ... وِجْدَانُنَا كل شـيء بعدكم عَدَمُ
إن كان سَرَّكُمُ ما قـال حَاسِدُنا ... فما لِجُرْحٍ إذا أرضـاكُــمُ أَلَمُ
وبيننا- لو رَعَيْتُم ذاك- مَــعْرفَة ... إن المعارف في أهـل النـهى ذِمَم
كم تَطْلِبُونَ لنا عَيْبَا فَيُــعْجِزكُم ... ويكره الله ما تأتــون والـكَرَمُ
ما أبعدَ العَيبَ والنُقْصَانَ عن شَرَفِي ... أنا الثريا وَذَانِ الشًــيْبُ والهَرَمُ
وبعدها رحل المتنبي عن حلب عام 346 هـ قاصداً كافورا الإخشيدي حاكم مصر.
وفي مصر كان المتنبي يطمع في أن يجد عند كافور ما يعوضه عن فراق سيف الدولة،
لكن كافوراً كان داهية يحسب لطموح المتنبي وأطماعه ألف حساب، فأغدق عليه المال،
لكنه كان يراقبه ويُحْكم عليه الطوق. وكان المتنبي يطمح في أن يوليه كافور أمارة تكون
خطوة في طريق تحقيق أحلامه في الحكم، لكن كافورا لم يوله شيئا، فأصبح المتنبي
يمدحه بقصائد تحتمل المدح والذم. ثم قرر الهرب من مصر فغادرها ليلة عيد الأضحى
عام 350 هـ وهجا كافورًا هجاء مقذعًا، وذهب إلى الكوفة ومنها إلى بغداد عام 351هـ.
ولكنه لم يمدح أحدا فيها، مما جعل الوزير المهلبي وزير معز الدولة بن بويه الذي كان
يطمع في أن يمدحه المتنبي يغرى شعراء بغداد وأدباءها بمهاجمته
والانتقاص من قدره وشعره , لكنه تركهم وغادر بغداد إلى أرّجان قاصدا زيارة
ابن العميد ومدحه، ثم سافر إلى شيراز ومدح عضد الدولة البويهى، ثم قرر أن يعود
إلى الكوفة مسقط رأسه، لكن أعراباً من بني ضبة بقيادة فاتك الأسدي اعترضوا
طريقه لأنه كان قد هجا ضبة بشعر مقذع ، فدار قتال شديد بينهم وبين المتنبّي وابنه وغلامه ،
وأراد المتنبي أن يفر ولكن غلامه قال له: كيف تفر من المعركة. وأنت القائل:
الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فصمد في المعركة حتى قتل عام 354 هـ .
شعره:
يعتبر المتنيي أكبر شعراء العربية، وقد ذاع شعره في الآفاق لما فيه من الحكمة
والتجارب الصادقة، مع قدرة عجيبة على التعبير، حتى قال عن شعره مخاطبا سيف ا لدولة:
و ما الدهر إلا من رواة قصائدي ... إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
أجزني إذا أنشدت شــعرا فإنما ... بشــعري أتاك المادحون مرددا
و دع كل صوت غير صوتي فإنني ... أنا الطائـر المحكي والآخر الصدى
وهناك عوامل كثيرة أدت إلى تفوق المتنبي في الشعر، منها: نشأته العربية الأعرابية،
وذكاؤه المفرط، وحفظه لعيون الشعر العربي، ثم نفسه الأبية، وطموحه الذي لا يبارى،
ثم ما اكتسبه في حياته من تجارب، وما تقلب فيه من أحوال وأهوال.
وقد استطاع أن يجمع بين عمق المعاني وبين سلاسة الشعر وجمال التركيب،
فجاءت الحكمة في شعره وقد لبست ثوب الشعر فحفظها الناس
ورددتها الأجيال العربية على مر العصور.
وفي بعض شعره مبالغة غير مقبولة وشيء من الشذوذ اللغوي،
لكن ذلك لا ينقص من قدره وإن حاول أعداؤه وحساده تضخيم عيوب شعره وإبرازها.
أغراض شعره:
قال المتنبي في الشعر أغراض كثيرة، لكن
الفخر
يأتي في مقدمة أغراضه
فقد بلغ فيه الذروة بل غالى بنفسه وأسرف في المغالاة حتى خرج عن حدود العقل
يقول:
أنا الذي نظر الأعمـى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صَمَم
أنام مِلْءَ جفوني عن شـواردها ... ويسهر القومُ جرَّاها ويَخْتَصِم
ويلاحظ أن فخر المتنبي بارز في أغلب قصائده، فتجده أثناء المديح يرفع نفسه
إلى مستوى الممدوح إن لم يتقدم عليه، وكذلك في الرثاء كما في رثائه لجدته إذ يقول:
ولو لم تكوني بنت أكرم والد ... لكان أباك الضخمََ كونك لي أما
المديح:
أغلب شعر المتنبي في المديح، فقد عاش متنقلا بين أمراء الدولة الإسلامية يمدحهم
وينال من عطائهم لكنه لم يكن ليذل نفسه بل كان يرى أنه من الملوك وإن كان لسانه
من الشعراء.
وفُؤادي مــن الملوك وإنْ ... كان لساني يرى من الشعراء
هو يكثر في المديح من الحديث عن شجاعة الممدوح وكرمه وأصالته.
وأعظم مدائحه ما قاله في سيف الدولة الحمداني، ولا غرابة في ذلك.
فقد كان الحمداني بطلاً شجاعًاَ كريماً أصيلاً، فأعجب المتنبي به ورأى
فيه صورة نفسه، فكان مديحه له نابعاً من الأعماق متصفا بالصدق والإخلاص.
قال يمدح سيف الدولة ويهنئه بالعيد:
لكل امرئ من دهـــره ما تعــودا ... وعادات سيف الدولة الطَّعْـن في العدا
هو البحر غُصْ فيه إذا كـــان راكدا... علـى الدُّرِّ و احذره إذا كـان مُزْبَدا
وصُولٌ إلى المســتصعبات بِـــخَيْلِه ... فلو كان قَرْنُ الشـمس ماءً لأَوْرَدَا
لذلك سَمَّى ابن الدُّمُسـْتثقِ يــومـه ... مَمَاتًا وســــماه الدُمُسْتُقُ مَوْلِدا
سريْتُ إلى جَيْحَان مــن أرض آمـد ... ثلاثا لـقد أدْنــاك رَكْضٌ وأبْعَدا
فَوَلَّى وأعطاك ابنـــه وجيـوشَه ... جميعا ولم يـعـط الجمــيع ليُحْمَدا
عَرَضْتَ له دون الحيــاة وطَـــرْفِه ... وأبْصَر سَــيْفَ الله منــك مُجَرَّدا
وما طلبتْ زُرْقُ الأســــنة غَيْرَه ... ولكنَّ قســطنــطين كان له الفِدَا
فأصبح يَجْتَابُ المُسُـــوحَ مخافـة ... وقد كان يجتـاب الدِّلاَصَ المُسَــرَّدَا
ويمشى به العُكّــازُ في الدَّيْر تائبا ... وما كـان يَرْضَـى مَشْيَ أَشْقَرَ أجرَدَا
وما تاب حتى غــادر الكَرُّ وَجْهَــهُ ... جَرِيْحاً وخَلَى جَفْنَهُ النقْعُ أَرْمَـــدَا
هنيئاً لك العيد الــذي أنـت عِيْــدُه... وَعِيْدٌ لمــن سَــمَّى وضحَّى وعَيَّدَا
رأيتك مَحْضَ الِحلْمِ في مَحْض قُدْرَةٍ ... ولو شِـئْتَ كــان الحِلْمُ منك المُهَنَّدَا
وما قَتَلَ الأحرار كالعَفْــوِ عنـهُمُ ... ومَنْ لــك بـالحُرِّ الذي يحفظ اليدا
إذا أنت أكرمت الكريم مَلَــكْتَـــهُ ... وإنْ أنت أكــرمــت اللَئيْمَ تَمَرًدَا
وَوَضْع الندى في مَوْضِع السيف بالعلا ... مضِرٌّ كوضع السـيف في موضع الندى
ولكــن تَفُوقُ النـــاسَ رأياً وحِكْمَةً ... كما فُقْتَهُمْ حالاً ونفســـاً ومَحْتِدَا.
الهجاء
لقد أخطأ كافور في عدم وفائه بوعده للمتنبي وتوليته حكم صيدا،
أو أيّ ولاية، وكان بإمكانه أن يتفادى النقمة الكبرى، بل الفضيحة الخالدة
على مر العصور وكرّ الدهور .
فالقصيدة لا تشبه هجاء حسان بن ثابت لقريش،
ولا هجاء جرير للفرزدق أو الأخطل، ولا الكميت لبني أمية،
ولا هجاء جميع الشعراء لحكامهم أو لخصومهم ، وإنما هي نسيج وَحْدِه؛
خالدة على مر الزمن، لم تنقص الأيام والسنون حرارتها، لم تطفئ لهبها ولم تخمد سعيرها.
ولا شكَّ أنّ سر نجاحها وروعتها في المقام الأول : صدق عاطفة صاحبها،
وشدة ثورته، بل غليان مرجله النفسي إلى درجة الانفجار؛ وحقاً كان ذلك الانفجار
يقول:
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ... بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ ... فَلَيتَ دونَكَ بيدًا دونَها بيدُ
لَولا العُلا لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها ... وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ
وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً ... أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ
ما كُنتُ أَحسَبُني أبقى إِلى زَمَنٍ ... يُسيءُ بي فيهِ كَلبٌ وَهوَ مَحمودُ
وَلا تَوَهَّمتُ أَنَّ الناسَ قَد فُقِدوا ... وَأَنَّ مِثلَ أَبي البَيضاءِ مَوجودُ
أَولى اللِئامِ كُوَيفيرٌ بِمَعذِرَةٍ ... في كُلِّ لُؤمٍ وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ
الرثاء:
الرثاء قليل في شعره، وأشهره ما قاله في رثاء جدته، ومنه قوله:
لكان أباك الضخم كـونك لي أما
ولا قابلا إلا لخالقــــه حُكْما
وما تَبْتَغِي؟ ما أبتغي جَلَّّ أن يُسْمَى!
بها أنَفٌ أن تَسْكُنَ اللـحمَ والعَظْمَا
وكذلك قصيدته في رثاء خولة أخت سيف الدولة:
مَغَانِي الشِّعْب طِيْبَاً في المغاني ... بمنزلة الربيع من الزمــان
ولكنً الفتَى العَرَبيَّ فيــها ... غَريْبُ الوجه واليد واللسان
مَلاَعِبُ جِنَّةٍ لو سارَ فيــها ... سليمان لســـار بترجمان
الحكمـة:
شعر المتنبي منبع من منابع الحكمة، وقد استمد حكمه من تجاربه في الحياة وكذلك من ثقافته العميقة.
وقد قال الشعر في أغراض أخرى كالغزل والهجاء.
نماذج من شعره
- قال يصف الحمى التي أصابته بمصر:
وزائرتي كأنَّ بــها حَيَاءً ... فليـس تَزُورُ إلاَّ في الظــلام
بَذَلْتُ لها المطارِفَ والحَشَايا ... فعافَتْهَا وبــاتـت في عِظَامي
يَضِيق الجلْدُ عن نَفَسـي وعنها ... فَتُوسِعُهُ بأنـواع السَّـــقَام
إذا ما فارقَتْنِي غَسَّــــلتْنِي ... كأنا عَاكِفَـانِ علــى حرام
كأن الصُبْـحَ يَطْرُدُهَا فَتَجْري ... مَدَامِعُهَا بأربعة سـِـجَام
أراقبُ وَقْتَهَا مــن غَيْرِ شَوْقٍ ... مُراقَبَة المَشُـوق المُسْـــتَهَام
وَيَصْدُقُ وعدهـا والصدق شر ... إذا ألقاكَ في الكرَب العظــامَ
أَبِنْتَ الدهر عنـدي كلُّ بنتٍ ... فكيف وَصَلْتِ أنت من الزِّحام؟
جَرَحْتِ مُجَرَّحَاً لم يَبْقَ فيه ... مَكان للسيوف ولا الســهام
* * * * * * *
يقول لِيَ الطبيبُ أكلتَ شيئاً ... وداؤكَ في شَـرَابِك والطعام
وما في طِبِّــــهِ أني جوَادٌ ... أَضَرَّ بجســنه طُولُ الجِمَام
تَعَوَّد أن يُغَبِّرَ في الســـرايا ... وَيَدْخُلَ مــن قَتَام في قتام
* * * * * * *
فإن أُمْرَضْ فما مَرِضَ اصطِبَاري ... وإن أُحْمَمْ فما حُمَّ اعتــزامي
وإن أَسْلَمْ فما أبقى ولكــن ... سَمِمْتُ من الحِمَام إلى الحِمَـام
- من حكم المتنبي:
تُرِيديَن لُقْيانَ المعالي رَخِيْــصَةً ... ولا بُدَّ دون الشهْدِ من إبَرِ النحْلِ
* * * * * * *
وإذا كانت النفـــوسُ كِباراً ... تَعِبَتْ في مُرادهـــا الأجْسَامُ
* * * * * * *
ما كلُ ما يتمنَّى المـرءُ يُدْرِكُهُ ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
* * * * * * *
ومن يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مــريض ... يجد مـــراً بــه الماءَ الزلالا
* * * * * * *
ومن يُهُنْ يســهل الهَوانُ عليه ... ما لِجُرْحٍ بِمَيِّـــتٍ إيــلامُ
* * * * * * *
ذو العقل يَشْقَى في النعيم بِعَقْلِهِ ... وأخو الجهالة في الشــقاوة يَنْعَمُ
* * * * * * *
إذا أنت أكرمـــت الكريم مَلَكْتَهُ ... وإن أنت أكرمـــت اللئيم تَمَرَّدا
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مُضِرٌّ كوضع السيف في موضع الندى ..
يقول ابن رشيق صاحب كتاب (العمدة) بعد أن استعرض حال الشعر والشعراء قبل المتنبي:
(ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس).
( شاعر الأندلس)
إبن زيدون
وُلِدَ ابن زيدون في قرطبة سنة 1003م (394هـ) واسمه أحمد بن عبد الله بن زيدون أبوه فقيه من سلالة بني مخزوم القرشيين، وجدُّه لأمه صاحب الأحكام الوزير أبو بكر محمد ابن محمد بن إبراهيم، وكلمة صاحب الأحكام تعني أنه اشتغل بالفقه والقضاء.
تعلَّم ابن زيدون في جامعة قرطبة التي كانت أهم جامعات الأندلس يَفِدُ إليها طلاب العلم من الممالك الإسلامية والنصرانية على السواء.. ولمع بين أقرانه كشاعر.. وكان الشعر بداية تعرُّفه بفراشة ذلك العصر ولادة بنت المستكفي الخليفة الأموي الضعيف المعروف "بالتخلف والركاكة، مشتهرًا بالشرب والبطالة، سقيم السر والعلانية، أسير الشهوة، عاهر الخلوة" كما يقول عنه أبو حيان التوحيدي.
كانت ولادة جميلة مثقفة شاعرة مغنية، لها مجلس بقرطبة يضم أشهر مثقفي وشعراء هذا العصر، أحبها ابن زيدون حبًّا ملك عليه حياته، وأحبته هي أيضًا، وعاش معها في السعادة أيامًا، ثم هجرته لسبب تافه اختلف فيه المؤرخون بغناء إحدى جواريها في حضورها فأغضبها منه ذلك.. ولكي تغيظه وجدت عاشقًا جديدًا هو الوزير أبو عامر بن عبدوس.. وحاول ابن زيدون إبعادها عن ابن عبدوس واستعادة الأيام الجميلة الماضية، لكنها رفضت، واتهمه ابن عبدوس بأنه ضالع في مؤامرة سياسية لقلب نظام الحكم وزُجَّ به في السجن.. وكتب ابن زيدون قصائد كثيرة يستعطف فيها "أبا الحزم جهور" حاكم قرطبة، كما كتب قصائد أخرى لأبي الوليد بن أبي الحزم ليتوسط لدى أبيه، وكان أبو الوليد يحب ابن زيدون، لكن وساطته لم تنفع، فهرب ابن زيدون من السجن، واختبأ في إحدى ضواحي قرطبة وظل يرسل المراسيل إلى الوليد وأبيه حتى تمَّ العفو عنه، فلزم أبا الوليد حتى تُوُفِّيَ أبو الحزم وخلفه أبو الوليد الذي ارتفع بابن زيدون إلى مرتبة الوزارة.
أثناء ذلك كله لم يَنْسَ ابن زيدون حبه الكبير لولادة التي أهملته تمامًا، فجعله أبو الوليد سفيرًا له لدى ملوك الطوائف حتى يتسلى عن حبه بالأسفار وينساه، لكن السفر زاد من حب ابن زيدون لولادة وشوقه إليها، فعاد إلى قرطبة.. وما لبث أن اتهم مرة أخرى بالاشتراك في محاولة قلب نظام الحكم على أبي الوليد بن جهور الذي غضب عليه، فارتحل ابن زيدون عن قرطبة وذهب إلى بلاط المعتضد بن عباد في أشبيلية، وهناك لقي تكريمًا لم يسبق له مثيل، ثم زادت مكانته وارتفعت في عهد المعتمد بن المعتضد، ودان له السرور وأصبحت حياته كلها أفراحًا لا يشوبها سوى حساده في بلاط المعتمد أمثال "ابن عمار" و "ابن مرتين" اللذين كانا سببًا في هلاكه في الخامس عشر من رجب سنة 463 هجرية؛ إذ ثارت العامة في أشبيلية على اليهود فاقترحا على المعتمد إرسال ابن زيدون لتهدئة الموقف، واضطر ابن زيدون لتنفيذ أمر المعتمد رغم مرضه وكبر سنه، مما أجهده وزاد المرض عليه فدهمه الموت.
ظل ابن زيدون حتى آخر يوم في حياته شاعرًا عاشقًا، فبالشعر عشق، وبالشعر خرج من السجن، وبالشعر نال حظوظه من الحياة.. ولم ينس أبدًا ذكرى ولادة وأيامه الجميلة معها.. وقد كانت حياته المتقلبة، وحبه الكبير لولادة بالإضافة إلى أعماله الشعرية والنثرية المتميزة موضوعات لدراسات وإبداعات كثيرة لعل أشهرها مسرحية الشاعر المصري فاروق جويدة "الوزير العاشق" التي قام ببطولتها عبد الله غيث وسميحة أيوب.
ومن أهم أعمال ابن زيدون الباقية للآن غير أشعار "الرسالة الجدية" التي استعطف فيها ابن جهور ليخرجه من السجن، و"الرسالة الهزلية" التي كتبها على لسان ولادة ذمًّا في ابن عبدوس حبيبها الجديد، وهي الرسالة التي زادت الهوة بينه وبين ولادة وعجلت بابن عبدوس ليزج بالشاعر في السجن.. وقد بقيت هاتان الرسالتان علامة على الموهبة الكبيرة والثقافة المتنوعة التي تميز بها ابن زيدون في أعماله الشعرية والنثرية على السواء.
نـونية ابن زيدون
أَضْحَى التَّنَائِـي بَدِيْـلاً مِـنْ تَدانِيْنـا
وَنَـابَ عَـنْ طِيْـبِ لُقْيَانَـا تَجَافِيْنَـا
ألا وقد حانَ صُبـح البَيْـنِ صَبَّحنـا
حِيـنٌ فقـام بنـا للحِيـن ناعِيـنـا
مَـن مُبلـغ المُبْلِسينـا بانتزاحِـهـم
حُزنًا مـع الدهـر لا يَبلـى ويُبلينـا
أن الزمان الـذي مـا زال يُضحكنـا
أنسًـا بقربهـم قـد عـاد يُبكيـنـا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا
بـأن نَغُـصَّ فقـال الدهـر آميـنـا
فانحـلَّ مـا كـان معقـودًا بأنفسنـا
وانبتَّ مـا كـان موصـولاً بأيدينـا
لـم نعتقـد بعدكـم إلا الوفـاءَ لكـم
رأيًـا ولـم نتقلـد غـيـرَه ديـنـا
ما حقنا أن تُقـروا عيـنَ ذي حسـد
بنـا، ولا أن تسـروا كاشحًـا فينـا
كنا نرى اليـأس تُسلينـا عوارضُـه
وقـد يئسنـا فمـا لليـأس يُغرينـا
بِنتـم وبنـا فمـا ابتلـت جوانحُنـا
شوقًـا إليكـم ولا جـفـت مآقيـنـا
نكـاد حيـن تُناجيـكـم ضمائـرُنـا
يَقضي علينا الأسـى لـولا تأسِّينـا
حالـت لفقـدكـم أيامـنـا فَـغَـدَتْ
سُـودًا وكانـت بكـم بيضًـا ليالينـا
إذ جانب العيـش طَلْـقٌ مـن تألُّفنـا
وموردُ اللهو صـافٍ مـن تصافينـا
وإذ هَصَرْنا غُصون الوصـل دانيـة
قطوفُهـا فجنينـا منـه مـا شِيـنـا
ليسقِ عهدكـم عهـد السـرور فمـا
كنـتـم لأرواحـنـا إلا رياحـيـنـا
لا تحسبـوا نَأْيكـم عـنـا يُغيِّـرنـا
أن طالمـا غيَّـر النـأي المحبيـنـا
والله مـا طلبـت أهـواؤنـا بــدلاً
منكـم ولا انصرفـت عنكـم أمانينـا
يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق به
من كان صِرفَ الهوى والود يَسقينـا
واسـأل هنـاك هـل عنَّـي تذكرنـا
إلفًـا، تـذكـره أمـسـى يُعنِّيـنـا
ويـا نسيـمَ الصِّبـا بلـغ تحيتـنـا
من لو على البعد حيًّـا كـان يُحيينـا
فهل أرى الدهـر يَقصينـا مُساعَفـةً
منـه ولـم يكـن غِبًّـا تقاضيـنـا
ربيـب مـلـك كــأن الله أنـشـأه
مسكًا وقـدَّر إنشـاء الـورى طينـا
أو صاغـه ورِقًـا محضًـا وتَوَّجَـه
مِن ناصع التبـر إبداعًـا وتحسينـا
إذا تَـــأَوَّد آدتـــه رفـاهـيَـة
تُومُ العُقُـود وأَدْمَتـه البُـرى لِينـا
كانت له الشمسُ ظِئْـرًا فـي أَكِلَّتِـه
بـل مـا تَجَلَّـى لهـا إلا أحاييـنـا
كأنمـا أثبتـت فـي صحـن وجنتـه
زُهْـرُ الكواكـب تعويـذًا وتزييـنـا
ما ضَرَّ أن لم نكـن أكفـاءَه شرفًـا
وفـي المـودة كـافٍ مـن تَكَافينـا
يا روضـةً طالمـا أجْنَـتْ لَوَاحِظَنـا
وردًا أجلاه الصبـا غَضًّـا ونَسْرينـا
ويـا حـيـاةً تَمَلَّيْـنـا بزهرتـهـا
مُنًـى ضُرُوبًـا ولــذَّاتٍ أفانِيـنـا
ويا نعيمًـا خَطَرْنـا مـن غَضَارتـه
في وَشْي نُعمى سَحَبْنـا ذَيْلَـه حِينـا
لسنـا نُسَمِّيـك إجــلالاً وتَكْـرِمَـة
وقـدرك المعتلـى عـن ذاك يُغنينـا
إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ فـي صفـةٍ
فحسبنا الوصـف إيضاحًـا وتَبيينـا
يـا جنـةَ الخلـد أُبدلنـا بسَلْسِلهـا
والكوثـر العـذب زَقُّومًـا وغِسلينـا
كأننـا لـم نَبِـت والوصـل ثالثـنـا
والسعد قد غَضَّ من أجفـان واشينـا
سِرَّانِ فـي خاطـرِ الظَّلْمـاء يَكتُمُنـا
حتى يكـاد لسـان الصبـح يُفشينـا
لا غَرْو فِي أن ذكرنا الحزن حِينَ نَهَتْ
عنه النُّهَى وتَركْنـا الصبـر ناسِينـا
إذا قرأنا الأسى يومَ النَّـوى سُـوَرًا
مكتوبـة وأخذنـا الصبـر تَلْقِيـنـا
أمَّـا هـواكِ فلـم نعـدل بمنهـلـه
شِرْبًـا وإن كـان يروينـا فيُظمينـا
لم نَجْفُ أفـق جمـال أنـت كوكبـه
ساليـن عنـه ولـم نهجـره قالينـا
ولا اختيـارًا تجنبنـاه عـن كَـثَـبٍ
لكـن عدتنـا علـى كـره عوادينـا
نأسـى عليـك إذا حُثَّـت مُشَعْشَعـةً
فينـا الشَّمُـول وغنَّـانـا مُغَنِّيـنـا
لا أَكْؤُسُ الراحِ تُبدى مـن شمائلنـا
سِيمَـا ارتيـاحٍ ولا الأوتـارُ تُلهينـا
دُومِي على العهد، ما دُمْنا، مُحَافِظـةً
فالحُرُّ مَـنْ دان إنصافًـا كمـا دِينَـا
فما اسْتَعَضْنا خليـلاً مِنـك يَحْبسنـا
ولا استفدنـا حبيبًـا عنـك يُثْنيـنـا
ولو صَبَا نَحْوَنا مـن عُلْـوِ مَطْلَعِـه
بدرُ الدُّجَى لم يكن حاشـاكِ يُصْبِينـا
أَوْلِي وفـاءً وإن لـم تَبْذُلِـي صِلَـةً
فالطيـفُ يُقْنِعُنـا والذِّكْـرُ يَكْفِيـنـا
وفي الجوابِ متاعٌ لـو شفعـتِ بـه
بِيْضَ الأيادي التي ما زلْـتِ تُولِينـا
عليـكِ مِنـي سـلامُ اللهِ مـا بَقِيَـتْ
صَبَابـةٌ منـكِ نُخْفِيـهـا فَتُخفيـنـا
أختي الفاضلة ( لهفة ) تحية عطرة
اشكر لك حضورك الرائع والراقي
كما اشكر لك مشاركتك في الموضوع بهذه المعلومات عن الشاعر ( ابو الطيب المتنبي )
أتمنى ان ارى تواجدك هنا مرات ومرات .
خالص الشكر والتقدير
هلا وغلا ( بنفسج )
ما اسعدني وانا ارى هذا التواصل والمشاركة في الموضوع
فلك خالص الشكر والتقدير
اختيار موفق مع ( ابن زيدون )
لا تحرمينا تواجدك هنا .
تحياتي وتقديري
فاروق جويدة (10 فبراير 1945) شاعر و لغوي مصري. ولد في محافظة كفر الشيخ، وعاش طفولته في محافظة البحيرة، تخرج من كلية الآداب قسم الصحافة عام 1968، وبدأ حياته العملية محررا بالقسم الاقتصادي بجريدة الأهرام ، ثم سكرتيرا لتحرير الأهرام، وهو حاليا رئيس القسم الثقافي بالأهرام.
نظم كثيرا من ألوان الشعر ابتداء بالقصيدة العمودية وانتهاء بالمسرح الشعري .
قدم للمكتبة العربية 20 كتابا من بينها 13 مجموعة شعرية حملت تجربة لها خصوصيتها، وقدم للمسرح الشعري 3 مسرحيات حققت نجاحا كبيرا في عدد من المهرجانات المسرحية هي: الوزير العاشق و دماء على ستار الكعبة و الخديوي .
ترجمت بعض قصائده ومسرحياته إلى عدة لغات عالمية منها اللغة الإنجليزية و اللغة الفرنسية و اللغة الصينية و اللغة اليوغوسلافية ، وتناول أعماله الإبداعية عدد من الرسائل الجامعية في الجامعات المصرية والعربية.
غنت له الفنانة سميرة سعيد قصيدة بعنوان (( يقولون عني كثيرآ ))
كما غنى له المطرب العراقي كاظم الساهر قصيدة "لو اننا لم نفترق"
من قصائده :
تعالي أحبك قبل الرحيل فما عاد في العمر إلا القليل
أتينا الحياة بحلمٍ بريءٍ فعربد فينا زمانٌ بخيل
*** ***
حلمنا بأرضٍ تلم الحيارى وتأوي الطيوروتسقي النخيل
رأينا الربيع بقايا رمادٍ ولاحت لنا الشمس ذكرى أصيل
حلمنا بنهرٍ عشقناهُ خمراً رأيناه يوماً دماءً تسيل
فإن أجدب العمرُ في راحتيَّ فحبك عندي ظلالٌ ونيل
وما زلتِ كالسيف في كبريائي يكبلُ حلمي عرينٌ ذليل
وما زلت أعرف أين الأماني وإن كان دربُ الأماني طويل
*** ***
تعالي ففي العمرِ حلمٌ عنيدٌ فما زلتُ أحلمُ بالمستحيل
تعالي فما زالَ في الصبحِ ضوءٌ وفي الليل يضحكٌ بدرٌ جميل
أحُبك والعمرُ حلمٌ نقيٌّأحبك واليأسُ قيدُ ثقيل
وتبقين وحدكِ صبحاً بعيني إذا تاه دربي فأنتِ الدليل
*** ***
إذا كنتُ قد عشتُ حلمي ضياعاً وبعثرتُ كالضوءِ عمري القليل
فإني خُلقتُ بحلم كبير وهل بالدموع سنروي الغليل ؟
وماذا تبقّى على مقلتينا ؟ شحوبُ الليالي وضوء هزيل
تعالي لنوقد في الليل ناراً ونصرخ في الصمتِ في المستحيل
تعالي لننسج حلماً جديداً نسميه للناس حلم الرحيل
http://www.youtube.com/watch?v=KYEuxRo9Hzw
يقولون عني كثيرا كثيرا
وأنت الحقيقة لو يعلمون
لأنك عندي زمان قديم
أفراح عمر وذكرى جنون
وسافرت أبحث في كل وجه
فألقاك ضوءا بكل العيون
يهون مع البعد جرح الأماني
ولكن حبك لا.. لا يهون
* * *
أحبك بيتا تواريت فيه
وقد ضقت يوما بقهر السنين
تناثرت بعدك في كل بيت
خداع الأماني وزيف الحنين
كهوف من الزيف ضمت فؤادي
وآه من الزيف لو تعلمين
* * *
لماذا رجعت زمانا توارى
وخلف فينا الأسى والعذاب
بقاياي في كل بيت تنادي
قصاصات عمري على كل باب
فأصبحت أحمل قلبا عجوزا
قليل الأماني كثير العتاب
* * *
لماذا رجعت وقد صرت لحنا
يطوف على الأرض بين السحاب؟
لماذا رجعت وقد صرت ذكرى
ودنيا من النور تؤوي الحيارى
وأرضا تلاشى عليها المكان؟
لماذا رجعت وقد صرت لحنا
ونهرا من الطهر ينساب فينا
يطهر فينا خطايا الزمان؟
فهل تقبلين قيود الزمان؟
وهل تقبلين كهوف المكان؟
أحبك عمرا نقي الضمير
إذا ضلل الزيف وجه الحياة
* * *
أحبك فجرا عنيد الضياء
إذا ما تهاوت قلاع النجاة
ولو دمر الزيف عشق القلوب
لما عاش في القلب عشق سواه
دعيني مع الزيف وحدي وسيفي
وتبقين أنت المنار البعيد
وتبقين رغم زحام الهموم
طهارة أمسي وبيتي الوحيد
أعود إليك إذا ضاق صدري
وأسقاني الدهر ما لا أريد
أطوف بعمري على كل بيت
أبيع الليالي بسعر زهيد
لقد عشت أشدو الهوى للحيارى
و بين ضلوعي يئن الحنين
وقد استكين لقهر الحياة
ولكن حبك لا يستكين
يقولون عني كثيرا كثيرا
وأنت الحقيقة لو تعلمين
http://www.youtube.com/watch?v=Ecth-...eature=related
وبعثت تعتب يا أبي..!
وغضبت مني بعدما
تاهت خطاي.. عن الحسين
أنا يا أبي في الدرب مصلوب اليدين
وزوابع الأيام تحملني و لا أدري.. لأين
والناس تعبر فوق أشلائي
ودمعي.. بين.. بين
وبعثت تعتب يا أبي
لم لا تجئ لكي ترى
كيف الضمير يموت في قلب الرجل؟
كيف الأمان يضيع أو يفنى الأمل؟
لم لا تجئ لكي ترى
أن الطريق يضيق حزنا بالبشر؟
أن الظلام اليوم يغتال القمر؟
أن الربيع يجئ.. من غير الزهر؟
لم لا تجئ لكي ترى..
الأرض تأكل زرعها؟
و الأم تقتل طفلها؟
أترى تصدق يا أبي
أن السماء الآن.. تذبح بدرها؟!
و الأرض يا أبتاه تأكل.. نفسها..
* * *
وغضبت يا أبتاه مني بعدما
تاهت خطاي عن الحسين..
أتراه عاش زماننا
أتراه ذاق.. كؤوسنا؟
هل كان في أيامه دجل.. و إذلال.. وقهر؟
هل كان في أيامه دنس يضيق.. بكل طهر؟
فبيوتنا صارت مقابر للبشر
في كل مقبرة إله
يعطي.. و يمنع ما يشاء
ما أكثر العباد.. في زمن الشقاء
أبتاه لا تعتب علي..
يوما ستلقاني أصلي في الحسين
سترى دموع الحزن تحملها بقايا.. مقلتين..
فأنا أحن إلى الحسين..
ويشدني قلبي إليه فلا أرى.. قدمي تسير
القلب يا أبتاه أصبح كالضرير
أنا حائر في الدرب.. لا أدري المصير!!
* * *
أنا في المدينة يا أبي مثل السحاب..
يوما تداعبني الحياة بسحرها..
يوما.. يمزقني العذاب
ورأيت أحلام السنين كأنها
وهم جحود.. أو سراب
وعرفت أن العمر حلم زائف
فغدا يصير.. إلى التراب
زمن حزين يا أبي زمن الذئاب
* * *
أبتاه لا تغضب إذا
ما قلت شيئا.. من عتاب
أبتاه قد علمتني حب التراب
كيف الحياة أعيشها رغم الصعاب
كيف الشباب يشدني نحو السحاب
حاسبت نفسي عمرها
حتى يئست من الحساب
وضميري المسكين مات من العذاب
أبتاه..
ما زال في قلبي عتاب
لم لم تعلمني الحياة مع الذئاب؟!
فاروق جويدة - موقع أدب
مرحبا بك اختي ( نيسان )
نور الموضوع بوجودك
واسعدتنا كثيرا طلتك البهية
اختيار موفق وتعريف بشاعر لم يسمع عنه الكثير
خالص الشكر والتقدير
استضيف الشاعرة سعاد الصباح
قصيدة اعتذار من ديوان( أمنية)
يا منى القلب, من القلب اعتذارا
إن طغى الشوق بجنبي وثارا
فهامي بك ما كان اختيارا
أنت من تجعل ليلاتي نهارا
أنت من تملأ أيامي اخضرارا
أنت من تسعد أحلامي العذارى
أيها الطير الذي رف وطارا
وأنا أبني له في القلب دارا
كيف أمسى حبنا نوراً ونارا؟.
أنا أهواك.. وأهواك.. جهارا
وأغني بك زهواً وافتخارا
أيها التائه كبراً واقتدارا
أيها الشاهق كالشمس مدارا
قل.. ولا تشفق, ولا تخشى اعتبارا
أترى تذكر أيامي الحيارى
كلما شط بك الدهر مزارا
فإذا طاف بك الشوق غرارا
فتذكر أنني ذبت اصطبارا
وترفق بأماني السكارى
لا تدع طيفك عني يتوارى
لا تدعني أسأل الغيب مرارا
وأنا أعتصر الدمع اعتصارا
أنا كم أفنى وكم أحيا انتظارا
بل دع الشوق لروحينا شعارا
والرسالات لقبينا حوارا
إنما بالحب تخضل الصحارى
فهو عارٌ أن نرى في الحب عارا
الاخ كيوبيد
كم اسعدني تصحيحك و اسعدتني قرائتك جدا
سقطت سهوا في بحر الكلمات
لك الود والتقدير سيدي
يارا
محمود سامي البارودي
نبذة تعريفية عن الشاعر:
ولد محمود سامي البارودي في حي باب الخلق بالقاهرة .</b></i>
- بعد أن أتم دراسته الإبتدائية عام 1851 إلتحق بالمرحلة التجهيزية من
" المدرسة الحربية المفروزة " وانتظم فيها يدرس فنون الحرب ،
وعلوم الدين واللغة والحساب والجبر .
- تخرج في " المدرسة المفروزة "
ولم يستطع إستكمال دراسته العليا ، والتحق بالجيش السلطاني .
- عمل بعد ذلك بوزارة الخارجية وذهب إلى الأستانة عام
1857 وأعانته إجادته للغة التركية ومعرفته اللغة الفارسية على الإلتحاق
" بقلم كتابة السر بنظارة الخارجية التركية "
وظل هناك نحو سبع سنوات (1857-1863 ) .
- بعد عودته إلى مصر في فبراير عام 1863 عينه الخديوي إسماعيل " معيناً "
لأحمد خيري باشا على إدارة المكاتبات بين مصر والآستانة .
- ضاق البارودي بروتين العمل الديواني ونزعت نفسه إلى تحقيق آماله
في حياة الفروسية والجهاد ، فنجح في يوليو عام 1863 في الإنتقال إلى الجيش حيث
عمل برتبة " البكباشي " العسكرية وأُلحقَ بآلاي الحرس الخديوي
وعين قائداً لكتيبتين من فرسانه ، وأثبت كفاءة عالية في عمله .
- تجلت مواهبه الشعرية في سن مبكرة بعد أن استوعب التراث العربي
وقرأ روائع الشعر العربي والفارسي والتركي ، فكان ذلك من عوامل
التجديد في شعره الأصيل .
- اشترك الفارس الشاعر في إخماد ثورة جزيرة كريد عام
1865 واستمر في تلك المهمة لمدة عامين أثبت فيهما شجاعة عالية وبطولة نادرة .
- كان أحد أبطال ثورة عام 1881 الشهيرة ضد الخديوي توفيق
بالاشتراك مع أحمد عرابي ، وقد أسندت إليه رئاسة الوزارة الوطنية في فبراير عام 1882 .
- بعد سلسلة من أعمال الكفاح والنضال ضد فساد الحكم وضد الإحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882 قررت السلطات الحاكمة نفيه مع زعماء الثورة العرابية في ديسمبر عام 1882 إلى جزيرة سرنديب .
ظل في المنفى أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه ، فسجّل كل ذلك في شعره النابع من ألمه وحنينه .
- بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره فتقرر عودته إلى وطنه مصر للعلاج ، فعاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر عام 1899 وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وأنشد " أنشودة العودة " التي قال في مستهلها :
أبابلُ رأي العين أم هذه مصرُ فإني أرى فيها عيوناً هي السحرُ
- توفي البارودي في 12 ديسمبر عام 1904 بعد سلسلة من الكفاح والنضال من أجل إستقلال مصر وحريتها وعزتها .
- يعتبر البارودي رائد الشعر العربي الحديث الذي جدّد في القصيدة العربية شكلاً ومضموناً ، ولقب بإسم " فارس السيف والقلم " .
أعد يا دهر
*********
أَعِـدْ يَـا دَهْـرُ أَيَّـامَ الشَّـبَابِ</b></i>
وَأَيْـنَ مِنَ الصِّـبَا دَرْكُ الطِّـلابِ
زَمَـانٌ كُلَّمـا لاحَـتْ بِفِكْـرِي
مَخَايِلُهُ بَكَيْـتُ لِفَـرْطِ مـا بِـي
مَضَى عَنِّي وَغَـادَرَ بِـي وَلُوعـاً
تَوَلَّـدَ مِنْـهُ حُـزْنِـي وَاكْتِئَابِـي
وَكَيْفَ تَلَذُّ بَعْدَ الشَّيْـبِ نَفْسِـي
وَفِي اللَّذَّاتِ إِنْ سَنَحَـتْ عَذَابِـي
أَصُدُّ عَنِ النَّعِيـمِ صُـدُودَ عَجْـزٍ
وَأُظْهِـرُ سَلْـوَةً وَالْقَلْـبُ صَابِـي
وَمَا فِي الدَّهْرِ خَيْـرٌ مِـنْ حَيَـاةٍ
يَكُـونُ قِـوَامُهـا رَوْحَ الشَّـبَابِ
فَـيَـا للهِ كَـمْ لِـي مِـنْ لَيَـالٍ
بِـهِ سَـلَـفَـتْ وَأَيَّـامٍ عِـذَابِ
إِذِ النَّـعْـمَـاءُ وَارِفَـةٌ عَلَيْـنَـا
وَمَرْعَى اللَّهْـوِ مُخْضَـرُّ الْجَنَـابِ
نَطِيـرُ مَـعَ السُّـرُورِ إِذَا انْتَشَيْنَـا
بِأَجْنِحَـةِ الْخَلاعَـةِ وَالتَّصَـابِـي
فَـغُـدْوَتُنَـا وَرَوْحَتُنَـا سَـوَاءٌ
لعَـابٌ فِي لعَـابٍ فِـي لعَـابِ
وَرُبَّـتَ رَوْضَـةٍ مِلْـنـا إِلَيْـهَا
وَقَرْنُ الشَّمْـسِ تِبْـرِيُّ الإِهَـابِ
نَمَتْ أَدْوَاحُها وسَمَـتْ فَكَانَـتْ
عَلَى السَّاحـاتِ أَمْثَـالَ الْقِبـابِ
فَزَهْـرُ غُصُونِهَـا طَلْـقُ الْمُحَـيَّا
وَجَدْوَلُ مائِهـا عَـذْبُ الرُّضـابِ
كَـأَنَّ غُصُونَهـا غِيـدٌ تَهَـادَى
مِنَ الزَّهْـرِ الْمُنَمَّـقِ فِـي ثِيَـابِ
سَقَتْهَا السُّحْـبُ رَيِّقَـها فَمَالَـتْ
كَمَا مَالَ النَّزِيـفُ مِـنَ الشَّـرَابِ
فَسَبَّـحَ طَيْرُهـا شُكْـراً وَأَثْنَـتْ
بِأَلْسِنَةِ النَّبـاتِ عَلَـى السَّحَـابِ
وَيَـوْمٍ ناعِـمِ الطَّـرَفَيْـنِ نَـادٍ
عَلِيـلِ الْجَـوِّ هَلْهَـالِ الرَّبَـابِ
سَبَقْتُ بِهِ الشُّـرُوقَ إِلَى التَّصَابِـي
بُكُـوراً قَبْـلَ تَنْعـابِ الغُـرابِ
وسُقْتُ مَعَ الْغُـواةِ كُمَيْـتَ لَهْـوٍ
جَمُوحاً لا تَلِيـنُ عَلَـى الْجِـذَابِ
إِذَا أَلْجَمْـتَـها بِالْـمَـاءِ قَـرَّتْ
وَدَارَ بِجِيـدِهـا لَبَـبُ الْحَبـابِ
مُـوَرَّدَةً إِذَا اتَّـقَـدَتْ بِـكَـفٍّ
جَلَتْـها لِلأَشِعَّـةِ فِـي خِضَـابِ
هُوَ العَصْـرُ الَّـذِي دَارَتْ عَلَيْنَـا
بِـهِ اللَّـذَّاتُ واضِعَـةَ النِّقَـابِ
نُجَـاهِـرُ بِالْغَـرَامِ وَلا نُبَـالِـي
وَنَنْطِـقُ بِالصَـوابِ وَلا نُحَابِـي
فَيَا لَكَ مِنْ زَمـانٍ عِشْـتُ فِيـهِ
نَدِيمَ الـرَّاحِ وَالْهيـفِ الكِعـابِ
إِذَا ذَكَـرَتْـهُ نَفْسِـي أَبْصَـرَتْـهُ
كَأَنِّي مِنْـهُ أَنْظُـرُ فِـي كِتـابِ
تَحَـوَّلَ ظِلُّـهُ عَـنِّـي وَأَذْكَـى
بِقَلْبِـي لَوْعَـةً مِثـلَ الشِّهَـابِ
كَـذَاكَ الدَّهْـرُ مَـلاَّقٌ خَلُـوبٌ
يَغُـرُّ أَخَـا الطَّمَاعَـةِ بِالْكِـذَابِ
فَلا تَرْكَـنْ إِلَيْـهِ فَكُـلُّ شَـيْءٍ
تَـرَاهُ بِـهِ يَـؤُولُ إِلَـى ذَهـابِ
وَعِشْ فَرْداً فَمَا فِي النَّـاسِ خِـلٌّ
يَسُـرُّكَ فِـي بِعَـادٍ وَاقْـتِـرَابِ
حَلَبْـتُ الـدَّهْـرَ أَشْطُـرَهُ مَلِيَّـاً
وَذُقْتُ الْعَيْشَ مِـنْ أَرْيٍ وَصـابِ
فَمَا أَبْصَـرْتُ فِي الإِخْـوَانِ نَدْبَـاً
يَجِـلُّ عَـنِ الْمَلامَـةِ وَالْعِتَـابِ
وَلَكِـنَّـا نُعَـاشِـرُ مَـنْ لَقِينَـا
عَلَى حُكْـمِ الْمُـرُوءَةِ وَالتَغَابِـي
أفتانة العينين
*******
أَفَتَّانَةَ الْعَينَيْنِ كُفِّي عَنِ الْقَلْبِ</b></i>
وَصُونِي حِمَاهُ فَهُوَ مَنْزِلَةُ الْحُبِّ
ولا تُسْلِمِي عَيْنَيَّ للسُّهْدِ والْبُكَا
فَإِنَّهُمَا مَجْرَى هَواكِ إِلَى قَلْبِي
وَإِنِّي لَراضٍ مِنْ هَواكِ بِنَظْرَةٍ
وَحَسْبِي بِها إِنْ أَنْتِ لَمْ تَبْخَلِي حَسْبِي
إِذا كَانَ ذَنْبِي أَنَّ قَلْبِي مُعَلَّقٌ
بِحُبِّكِ يَا لَيْلَى فَلا تَغْفِرِي ذَنْبِي
في رثاء أمه
*********
هوى كانَ لي أنْ ألبسَ المجدَ معلما</b></i>
فلما ملكتُ السبقَ عفتُ التقدما
وَمَنْ عَرفَ الدُّنْيَا رَأَى مَا يَسُرُّه
منَ العيشِ هماً يتركُ الشهدَ علقما
وَ أيُّ نعيمٍ في حياة ٍ وراءها
مَصَائِبُ لَوْ حَلَّتْ بِنجْمٍ لأَظْلَمَا
إذا كانَ عقبى كلَّ حيًّ منية ٌ
فَسِيَّانِ مَنْ حَلَّ الْوِهَادَ، وَمَنْ سَمَا
وَ منْ عجبٍ أنا نرى الحقَّ جهرة ٌ
وَنَلْهُو، كَأَنَّا لاَ نُحَاذِرُ مَنْدَمَا
يودُّ الفتى في كلَّ يومٍ لبانة ً
فإنْ نالها أنحى لأخرى ، وصمما
طماعة ُ نفسٍ توردُ المرءَ مشرعاً
منَ البؤسِ لا يعدوهُ أوْ يتحطما
أَرَى كُلَّ حَيٍّ غَافِلاً عَنْ مَصِيرِهِ
وَلَوْ رَامَ عِرْفَانَ الْحَقِيقَة ِ لانْتَمَى
فَأَيْنَ الأُلَى شَادُوا، وَبَادُوا؟ أَلَمْ نَكُنْ
نحلُّ كما حلوا ، وَ نرحلُ مثلما ؟
مَضَوْا، وَعَفَتْ آثارُهُمْ غَيْرَ ذُكْرَة ٍ
تُشِيدُ لَنَا مِنْهُمْ حَدِيثاً مُرَجَّمَا
سلِ الأورقَ الغريدَ في عذباتهِ
أَنَاحَ عَلَى أَشْجَانِهِ، أَمْ تَرَنَّمَا؟
تَرَجَّحَ فِي مَهْدٍ مِنَ الأَيْكِ، لا يَنِي
يميلُ عليهِ مائلاً وَ مقوا
ينوحُ على َ فقدِ الهديلِ ، وَ لمْ يكنْ
رآهْ ، فيا للهِ ! كيفَ تهكما ؟
وَشَتَّانَ مَنْ يَبْكِي عَلَى غَيْرِ عِرْفَة
جزافاً ، وَ منْ يبكي لعهدٍ تجرما
لَعَمْرِي لَقَدْ غَالَ الرَّدَى مَنْ أُحِبُّهُ
وَ كانَ بودي أنْ أموتَ وَ يسلما
وَ أيُّ حياة ٍ بعدَ أمًّ فقدتها
كَمَا يفْقِدُ الْمَرْءُ الزُّلاَلَ عَلَى الظَّمَا
تَوَلَّتْ، فَوَلَّى الصَّبْرُ عَنِّي، وَعَادَنِي
غرامٌ عليها ، شفَّ جسمي ، وأسقما
وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ ذُكْرَة ٌ تَبْعَثُ الأَسى
وَطَيْفٌ يُوَافِيني إِذَا الطَّرْفُ هَوَّمَا
وَ كانتْ لعيني قرة ً ، وَ لمهجتي
سروراً ، فخابَ الطرفُ وَ القلبُ منهما
فَلَوْلاَ اعْتِقَادِي بِالْقَضَاءِ وَحُكْمِهِ
لقطعتُ نفسي لهفة ً وَ تندما
فيا خبراً شفَّ الفؤادَ ؛ فأوشكتْ
سويدَاؤهُ أنْ تستحيلَ ، فتسجما
إِلَيْكَ؛ فَقَدْ ثَلَّمْتَ عَرْشاً مُمنَّعاً
وَ فللتَ صمصاماً ، وَ ذللتَ ضيغما
أشادَ بهِ الناعي ، وَ كنتُ محارباً
فألقيتُ منْ كفى الحسامَ المصمما
وَطَارَتْ بِقَلْبِي لَوْعَة ٌ لَوْ أَطَعْتُهَا
لأَوْشَكَ رُكْنُ الْمَجْدِ أَنْ يَتَهَدَّمَا
وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي، لأَنْثَنِي
عنِ الحربِ محمودَ اللقاءِ مكرما
فَلَمَّا اسْتَرَدَّ الْجُنْدَ صِبْغٌ مِنَ الدُّجَى
وَعَادَ كِلاَ الْجَيْشَيْنِ يَرْتَادُ مَجْثِمَا
صَرَفْتُ عِنَانِي رَاجِعاً، وَمَدَامِعِي
على َ الخدَّ يفضحنَ الضميرَ المكتما
فَيَا أُمَّتَا؛ زَالَ الْعَزَاءُ، وَأَقْبَلَتْ
مَصَائِبُ تَنْهَى الْقَلْبَ أَنْ يَتَلَوَّمَا
وَكُنْتُ أَرَى الصَّبْرَ الْجَمِيلَ مَثُوبَة ً
فَصِرْتُ أَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَأْثَمَا
وَ كيفَ تلذُّ العيشَ نفسٌ تدرعتْ
منَ الحزنِ ثوباً بالدموعِ منمنما ؟
تألمتُ فقدانَ الأحبة ِ جازعاً
وَ منْ شفهُ فقدُ الحبيبِ تألما
وَ قدْ كنتُ أخشى أنْ أراكِ سقيمة ً
فكيفَ وَ قدْ أصبحتِ في التربِ أعظما ؟
بَلَغْتِ مَدَى تِسْعِينَ فِي خَيْرِ نِعْمَة ٍ
وَ منْ صحبَ الأيامَ دهراً تهدما
إِذَا زَادَ عُمْرُ الْمَرْءِ قَلَّ نَصِيبُهُ
منَ العيش وَ النقصانُ آفة ُ من نما
فيا ليتنا كنا تراباً ، وَ لمْ نكنْ
خلقنا ، وَ لمْ نقدمْ إلى الدهرِ مقدما
أَبَى طَبْعُ هَذَا الدَّهْرِ أَنْ يَتَكَرَّمَا
وَكَيْفَ يَدِي مَنْ كَانَ بِالْبُخْلِ مُغْرَمَا؟
أَصَابَ لَدَيْنَا غِرَّة ً؛ فَأَصَابَنَا
وَأَبْصَرَ فِينَا ذِلَّة ً؛ فَتَحَكَّمَا
وَ كيفَ يصونُ الدهرُ مهجة َ عاقلٍ
وَ قدْ أهلكَ الحيينِ : عاداً ، وَ جرهما
هوَ الأزلمُ الخداعُ ، يحفرُ إنْ رعى
وَيَغْدِرُ إِنْ أَوْفَى ، وَيُصْمِي إِذَا رَمَى
فَكَمْ خَانَ عَهْداً، واسْتَبَاحَ أَمَانَة ً
وَ أخلفَ وعداً ، وَ استحلَّ محرما
فإنْ تكنِ الأيامُ أخنتْ بصرفها
عَلَيَّ، فَأَيُّ النَّاسِ يَبْقَى مُسَلَّمَا؟
وَ إني لأدري أنَّ عاقبة َ الأسى
ـ وإِنْ طَالَ ـ لاَ يُرْوِي غَلِيلاً تَضَرَّمَا
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَرَى الصَّبْرَ سُبَّة ً
عَلَيْهَا، وَتَرْضَى بِالتَّلَهُّفِ مَغْنَمَا
وَكَيْفَ أَرَانِي نَاسِياً عَهْدَ خُلَّة ٍ
ألفتُ هواها : ناشئاً ، وَ محكما
وَلَوْلاَ أَلِيمُ الْخَطْبِ لَمْ أَمْرِ مُقْلَة ً
بِدَمْعٍ، وَلَمْ أَفْغَرْ بِقَافِيَة ً فَمَا
فيا ربة َ القبرِ الكريمِ بما حوى
وَقَتْكِ الرَّدَى نَفْسِي وَأَيْنَ؟ وَقَلَّمَا
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ فِدْيَة َ رَاحِلٍ
تَخَرَّمَهُ الْمِقْدَارُ فِيمَنْ تَخَرَّمَا؟
سقتكِ يدُ الرضوانِ كأسَ كرامة ٍ
منَ الكوثرِ الفياضِ معسولة َ اللمى
وَ لاَ زالَ ريحانُ التحية ِ ناضراً
عليكِ ، وَ هفافُ الرضا متنسما
لِيَبْكِ عَلَيْكِ الْقَلْبُ، لاَ الْعَينُ؛ إِنَّنِي
أرى القلبَ أوفى بالعهودِ وَ أكرما
فواللهِ لاَ أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ
وَمَا حَنَّ طَيْرٌ بِالأَرَاكِ مُهَيْنِمَا
عَلَيْكَ سَلاَمٌ لاَ لِقَاءَة َ بَعْدَهُ
إِلَى الْحَشْرِ إِذْ يَلْقى الأَخِيرُ الْمُقَدَّمَا
"
{ شاعر المقاومه الفلسطينيه }
محمود درويش
وأحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة و الوطن المسلوب .محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات ، ولد عام 1942 في قرية البروة ، وفي عام 1948 لجأ إلى لبنان وهو في السابعة من عمره وبقي هناك عام واحد ، عاد بعدها متسللا إلى فلسطين وبقي في قرية دير الأسد شمال بلدة مجد كروم في الجليل لفترة قصيرة، استقر بعدها في قرية الجديدة شمال غرب قريته الأم البروة.
أكمل تعليمه الإبتدائي بعد عودته من لبنان في مدرسة دير الأسد وهي قريه عربية فلسطينية تقع في الجليل الأعلى متخفيا ، فقد كان يخشى أن يتعرض للنفي من جديد إذا كشف اليهود أمر تسلله ، وعاش تلك الفترة محروماً من الجنسية ، أما تعليمه الثانوي فتلقاه في قرية كفر ياسيف .
انضم محمود درويش إلى الحزب الشيوعي في فلسطين ، وبعد إنهائه تعليمه الثانوي ، كانت حياته عبارة عن كتابة للشعر والمقالات في الجرائد مثل "الإتحاد" والمجلات مثل "الجديد" التي أصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها ، وكلاهما تابعتان للحزب الشيوعي ، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر .
لم يسلم من مضايقات الإحتلال ، حيث أُعتقل أكثر من مرّة منذ العام 1961 بتهم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية ، حتى عام 1972 حيث نزح إلى مصر وانتقل بعدها إلى لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وقد استقال محمود درويش من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجاً على اتفاق أوسلو.
شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحرر في مجلة الكرمل ، وأقام في باريس قبل عودته إلى وطنه حيث أنه دخل إلى إسرائيل بتصريح لزيارة أمه ، وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء في وطنه ، وقد سمح له بذلك.
و يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث و إدخال الرمزية فيه . في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى ..
من اشعار محمود درويش:
رساله من المنفى
تحية.. وقبلة
وليسَ عندي ما أقولُ بعدْ
من أين أبتدي؟ وأين أنتهي؟..
ودورة الزمان دون حد
وكل ما في غربتي
زوّادة، فيها رغيف يابس، ووجد
ودفتر يحمل عني بعض ما حملت
بصقت في صفحاته ما ضاق بي من حقد
من أين أبتدي؟
وكل ما قيل وما يقال بعد غد
لا ينتهي بضمة.. أو لمسة من يد
لا يرجع الغريب للديار
لا ينزل الأمطار
لا ينبت الريش على
جناح طير ضائع.. منهد
من أين أبتدي؟
تحية.. وقبلة.. وبعد..
أقول للمذياع: قل لها أنا بخير
أقول للعصفور:
إن صادفتها يا طير
لا تنسني، وقل بخير
أنا بخير
أنا بخير
ما زال في عيني بصر!
ما زال في السماء قمر!
وثوبي العتيق حتى الآن، ما اندثر
تمزقت أطرافه
لكنني رتقته.. ولم يزل بخير
وصرت شابًّا جاوز العشرين
تصوريني.. صرت في العشرين
وصرت كالشباب يا أماه
أواجه الحياة
وأحمل العبء كما الرجال يحملون
وأشتغل
في مطعم.. وأغسل الصحون.
وأصنع القهوة للزبون
وألصق البسمات فوق وجهي الحزين
ليفرح الزبون
أنا بخير
قد صرت في العشرين
وصرت كالشباب يا أماه
أدخن التبغ، وأتكئ على الجدار
أقول للحلوة: آه
كما يقول الآخرون
"يا إخوتي، ما أطيب البنات،
تصوروا كم مُرّة هي الحياة
بدونهن.. مُرّة هي الحياة"
وقال صاحبي: "هل عندكم رغيف؟
يا إخوتي ما قيمة الإنسان
إن نام كل ليلة.. جوعان؟"
أنا بخير
أنا بخير
عندي رغيف أسمر
وسلة صغيرة من الخضار
سمعت في المذياع
تحية المشردين.. للمشردين
قال الجميع: كلنا بخير
لا أحد حزين..
فكيف حال والدي؟
ألم يزل كعهده يحب ذكر الله
والأبناء.. والتراب.. الزيتون؟
وكيف حال إخوتي
هل أصبحوا موظفين؟
سمعت يومًا والدي يقول:
سيصبحون كلهم معلمين..
سمعته يقول:
"أجوع حتى أشتري لهم كتابًا"
لا أحد في قريتي يفك حرفًا في خطاب
وكيف حال أختنا..
هل كبرت.. وجاءها خطاب؟
وكيف حال جدتي
ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب؟
تدعو لنا..
بالخير.. الشباب.. والثواب!
وكيف حال بيتنا
والعتبة الملساء.. والوجاق.. الأبواب؟
سمعت في المذياع
رسائل المشردين..
للمشردين جمعهم بخير!
لكنني حزين..
تكاد أن تأكلني الظنون
لم يحمل المذياع عنكم خبرًا..
ولو حزين
ولو حزين
الليل يا أماه ذئب جائع سفاح
يطارد الغريب أينما مضى..
ويفتح الآفاق للأشباح
وغابة الصفصاف لم تزل تعانق الرياح
ماذا جنينا نحن يا أماه؟
حتى نموت مرتين
فمرة نموت في الحياة
ومرة نموت عند الموت!
هل تعلمين ما الذي يملؤني بكاء؟
هبي مرضت ليلة.. وهدّ جسمي الداء!
هل يذكر المساء
مهاجرًا أتى هنا.. ولم يَعُد إلى الوطن؟
هل يذكر المساء
مهاجرًا مات بلا كفن؟
يا غابة الصفصاف! هل ستذكرين
أن الذي رموه تحت ظلك الحزين
كأي شيء ميت إنسان؟
هل تذكرين أنني إنسان
وتحفظين جثتي من سطوة الغربان؟
أماه يا أماه.
لمن كتبت هذه الأوراق
أي بريد ذاهب يحملها؟
سدت طريق البر والبحار والآفاق..
وأنت يا أماه.
ووالدي، وإخوتي، والأهل، والرفاق..
لعلكم أحياء
لعلكم أموات
لعلكم مثلي بلا عنوان
ما قية الإنسان
بلا وطن
بلا علم
ودونما عنوان
ما قيمة الإنسان؟
*****
بطاقه هويه
سجلّ
انا عبدوني
و في جيبتي مليون الف
و سياراتي ثمانية
و التاسعة اشتريها هذا الصيف
سجل
انا عبدوني
و اسمي على وجهي مسّطر
و سياراتي الثمانيةلا اعلم لها مصدر
و لا مورد على ورق يذكر
اتجاوز دائما الخط الاحمر
فهل تغضب؟
سجل انا عبدوني
انا بين الناس لقب
اعيش في بلاد كل ما فيها
يصفق للذهب
اموالي
قبل قرع اي باب
تشرعه لي بلا تعب
ابي..من اسرة فلان
لا يهم ما النسب
و جدي كان بائعا
لا يفقه الكتب
يعلمني كيف اجمع اموالا دون تعب
و قصري يشمخ عاليا
من اجود الحجارة تعلوه القبب
فهل يهمك يا هذا ؟
ان كنت مجرد لقب؟
سجل
انا عبدوني
لوني الشعر ليموني
و لون العين..زيتوني
و ميزاتي
على شعري الوان خفية
و يدي ناعمة كالحرير
تداعب من يلامسها
و عنواني
انا من عمان الغربية
شوارعها كلها ضياء
و كل سياراتها في فخامة تمخر
فهل تغضب؟؟
سجل
انا عبدوني
سلبت اموال غيري
و اراض لي لا املكها
انا و جميع اقراني
و لم اترك لأحد و لا حتى احفادي
شيئأ يكون به فخور
فهل تهمني حكومتكم؟
اذن
سجل بالصفحة الاولى
انا لا يقلقني انسان
ولا اعمل حسابا لاحد
لكني..اذا قررت
اختلس من اي بنك
حذار ...حذار من اقرضي
و من هربي
************
الى امي
أحن .. الى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي ..
و تكبر في الطفولة
يوماً على صدر أمي
وأعشق عمري لأني
اذا مت
أخجل من دمع أمي !
خذيني ، اذا عدت يوماً
وشاحاً لهديك
وغطي عظامي بعشب
تعمد من طهر كعبك
وشدي وثاقي ..
بخصلة شعر ..
بخيط يلوح في ذيل ثوبك ..
ضعيني ، اذا ما رجعت
وقوداً بتنور نارك
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمت ، فردي مجوم الطفولة
حتى أشارك
صغار العصافير
درب الرجوع ..
لعش انتظارك .. !
*****
تحديّ
تحدي
شدوا وثاقي
وامنعوا عني الدفاتر
والسجائر
وضعوا التراب على فمي
فالشعر دم القلب..
ملح الخبز..
ماء العين
يكتب بالأظافر
والمحجر والخناجر
سأقولها
في غرفة التوقيف
في الحمام..
في الإسطبل..
تحت القيد..
فى عنف السلاسل:
مليون عصفور
على أغصان قلبي
يخلق اللحن المقاتل
*****
أبد الصبار
إلى اين تأخُذُني يا أَبي ؟
إلى جِهَةِ الريحِ يا وَلَدي …
... وَهُما يَخْرجانِ مِنَ السَهْل ، حَيْثُ
أَقام جنودُ بونابرتَ تلاَّ لِرَصْدِ
الظلال على سور عَكََّا القديم -
يقولُ أَبٌ لابِنِه : لا تَخَفْ . لا
تخف من أَزيز الرصاص ! التصِقْ
بالتراب لتنجو ! سننجو ونعلو على
جَبَلٍ في الشمال ، ونرجعُ حين
يعود الجنودُ إلى أهلهم في البعيد .
ومن يسكُنُ البَيْتَ من بعدنا
يا أَبي ؟
سيبقى على حاله مثلما كان
يا ولدي !
تَحَسَّسَ مفتاحَهُ مثلما يتحسَّسُ
أَعضاءه ، واطمأنَّ . و قال لَهُ
وهما يعبران سياجاً من الشوكِ :
يا ابني تذكَّرْ! هنا صَلَبَ الانجليزُ
أَباك على شَوْك صُبَّارة ليلتين ،
ولم يعترف أَبداً . سوف تكبر يا
ابني ، وتروي لمن يرثون بنادقهم
سيرة الدم فوق الحديد ....
- لماذا تركتَ الحصان و حيداً ؟
- لكي يُؤنسَ البيتَ ، يا ولدي ،
فالبيوتُ تموت إذا غاب سٌكَّانٌها ...
تفتحُ الأبديَّةُ أَبوابها ، من بعيد ،
لسيَّارة الليل . تعوي ذئابُ
البراري على قَمَرٍ خائفٍ . و يقولُ
أَب لابنه : كُنْ قوياً كجدِّك!
وأَصعَدْ معي تلَّة السنديان الأخيرةَ
يا ابني ، تذكَّرْ : هنا وقع الانكشاريُّ
عن بَغْلَةِ الحرب ، فاصمُدْ معي
لنعودْ .
- متى با أَبي ؟
- غداً . ربما بعد يومين با ابني !
وكان غَدُ طائشُ يمضغ الريح
خلفهما في ليالي الشتاء الطويلةْ .
وكان جنودُ يُهُوشُعَ بن نونَ يبنون
قَلْعَتَهُمْ من حجارة بيتهما . وهما
يلهثان على درب ( قانا ) : هنا
مرَّ سيَّدُنا ذاتَ يومٍ . هنا
جَعَل الماءَ خمراً. وقال كلاماً
كثيراً عن الحبَ ، يا ابني تذكّر
غداً . وتذكّرْ قلاعاَ صليبيَّةً
قَضَمَتْها حشائش نيسان بعد
رحيل الجنود ....
*****
الصمود
لو يذكر الزيتون غارسهُ
لصار الزيت دمعا!
يا حكمة الأجدادِ
لو من لحمنا نعطيك درعا!
لكن سهل الريح،
لا يعطي عبيد الريح زرعا!
إنا سنقلع بالرموشِ
الشوك والأحزان.. قلعا!
وإلام نحمل عارنا وصليبنا!
والكون يسعى..
سنظل في الزيتون خضرته،
وحول الأرض درعا!!
إنا نحب الورد،
لكنا نحب القمح أكثرْ
ونحب عطر الورد،
لكن السنابل منه أطهرْ
بالصدر المسمر
هاتوا السياج من الصدور..
من الصدور ؛ فكيف يكسرْ؟؟
اقبض على عنق السنابلِ
مثلما عانقت خنجرْ!
الأرض ، والفلاح ، والإصرار،
قال لي كيف تقهر..
هذي الأقاليم الثلاثة،
كيف تقهر؟
*****
رباعيات
وطني لم يعطني حبي لك
غير أخشاب صليبي
وطني يا وطني ما أجملك
خذ عيوني خذ فؤادي خذ حبيبي
في توابيت أحبائي أغني
لأراجيح أحبائي الصغار
دم جدي عائد لي فانتظرني
آخر الليل نهار
شهوة السكين لن يفهمها عطر الزنابق
و حبيبي لا ينام
سأغني و ليكن منبر أشعاري مشانق
و على الناس سلام
أجمل الأشعار ما يحفظه عن ظهر قلب
كل قاريء
فإذا لم يشرب الناس أناشيدك شرب
قل أنا وحدي خاطيء
ربما أذكر فرسانا و ليلى بدوية
و رعاة يحلبون النوق في مغرب شمس
يا بلادي ما تمنيت العصور الجاهلية
فغدي أفضل من يومي و أمسي
الممر الشائك المنسي ما زال ممرا
و ستأتيه الخطى في ذات عام
عندما يكبر أحفاد الذي عمر دهرا
يقلع الصخر و أنياب الظلام
من ثقوب السجن لاقيت عيون البرتقال
و عناق البحر و الأفق الرحيب
فإذا اشتد سواد الحزن في إحدى الليالي
أتعزى بجمال الليل في شعر حبيبي
حبنا أن يضغط الكف على الكف و نمشي
و إذا جعنا تقاسمنا الرغيف
في ليالي البرد أحميك برمشي
و بأشعار على الشمس تطوف
أجمل الأشياء أن نشرب شايا في المساء
و عن الأطفال نحكي
و غد لا نلتقي فيه خفاء
و من الأفراح نبكي
لا أريد الموت ما دامت على الأرض قصائد
و عيون لا تنام
فإذا جاء و لن يأتي بإذن لن أعاند
بل سأرجوه لكي أرثي الختام
لم أجد أين أنام
لا سرير أرتمي في ضفتيه
مومس مرت و قالت دون أن تلقي السلام
سيدي إن شئت عشرين جنيه.
أستضيف الشاعر يحيى توفيق حسن
بقصيدته في مدح النبي الأكرم(ص)
عز الـورود.. وطـال فيـك أوام
وأرقـت وحـدي والأنـام نـيـام
ورد الجميع ومن سنـاك تـزودوا
وطردت عن نبع السنـى وأقامـوا
ومنعت حتى أن أحـوم ولـم أكـد
وتقطعت نفسـي عليـك وحامـوا
قصدوك وامتدحواودونـي اغلقـت
أبواب مدحـك فالحـروف عقـام
أدنـوا فأذكرمـا جنيـت فأنثنـي
خجـلا تضيـق بحملـي الأقـدام
أمن الحضيض أريد لمسا للـذرى
جـل المقـام فـلا يطـال مقـام
وزري يكبلني ويخرسنـي الأسـى
فيموت في طـرف اللسـان كـلام
يممت نحوك يـا حبيـب الله فـي
شـوق تقـض مضاجعـي الآثـام
أرجوالوصول فليل عمـري غابـة
أشــواكــهــا الأوزار والآلام
يا من ولـدت فأشرقـت بربوعنـا
نفحات نـورك وانجلـى الإظـلام
أأعود ظمئآنـا وغيـري يرتـوي
أيرد عـن حـوض النبـي هيـام
كيف الدخول إلى رحاب المصطفى
والنفس حيـرى والذنـوب جسـام
أو كلمـا حاولـت إلـمـام بــه
أزف البـلاء فيصعـب الإلـمـام
ماذا أقـول وألـف ألـف قصيـدة
عصمـاء قبلـي سطـرت أقـلام
مدحوك ما بلغـوا برغـم ولائهـم
أسـوار مجـدك فالـدنـو لـمـام
ودنـوت مذهـولا أسـيـرا لاأرى
حيـران يلجـم شعـري الإحجـام
وتمزقـت نفسـي كطفـل حائـر
قـد عاقـه عمـن يحـب زحـام
حتى وقفـت أمـام قبـرك باكيـا
فتـدفـق الإحـسـاس والإلـهـام
وتوالت الصور المضيئة كالـرؤى
وطـوى الفـؤاد سكينـة وسـلام
يا ملءروحي وهج حبك في دمـي
قبس يضـيء سريرتـي وزمـام
أنت الحبيب وأنت مـن أروى لنـا
حتـى أضـاء قلوبنـا الإســلام
حوربت لم تخضع ولم تخشى العدى
من يحمه الرحمـن كيـف يضـام
وملأت هذا الكون نـورا فأختفـت
صور الظـلام وقوضـت أصنـام
الحزن يملأ يا حبيـب جوارحـي
فالمسلمون عـن الطريـق تعامـوا
والـذل خيـم فالنفـوس كئيـبـة
وعلـى الكبـار تطـاول الأقـزام
الحزن أصبـح خبزنـا فمساؤنـا
شجـن وطعـم صباحنـا أسقـام
واليـأس ألقـى ظلـه بنفوسـنـا
فكـأن وجـه النيـريـن ظــلام
أنى اتجهت ففي العيـون غشـاوة
وعلى القلوب مـن الظـلام ركـام
الكـرب أرقنـا وسـهـد ليلـنـا
من مهـده الأشـواك كيـف ينـام
يا طيبة الخيـرات ذل المسلمـون
ولا مجيـر وضيـعـت أحــلام
يغضون ان سلب الغريب ديارهـم
وعلى القريب شذى التراب حـرام
باتـوا أسـارى حيـرة وتمـزقـا
فكأنهـم بيـن الــورى أغـنـام
ناموا فنـام الـذل فـوق جفونهـم
لاغـرو ضـاع الحـزم والإقـدام
يا هادي الثقلين هـل مـن دعـوة
تدعـى بهـا يستيـقـظ الـنـوام