رد: حلقات تفسير سور القران
سورة آل عمران بسم الله الرحمن الرحيم الم ^ الله لا إله إلا هو ^ إنما فتح الميم في المشهور وكان حقها أن يوقف عليها لإلقاء حركة الهمزة عليها ليدل على أنها في حكم الثابت لأنها أسقطت للتخفيف لا للدرج فإن الميم في حكم الوقف كقولهم واحد اثنان بإلقاء حركة الهمزة على الدال لا لالتقاء الساكنين فإنه غير محذور في باب الوقف ولذلك لم تحرك الميم في لام وقرئ بكسرها على توهم التحريك لالتقاء الساكنين وقرأ أبو بكر بسكونها والابتداء بما بعدها على الأصل ^ الحي القيوم ^ روي أنه صلى الله عليه وسلم قال إن اسم الله الأعظم في ثلاث سور في البقرة الله لا إله إلا هو الحي القيوم وفي آل عمران الله لا إله إلا هو الحي القيوم وفي طه وعنت الوجوه للحي القيوم ^ نزل عليك الكتاب ^ القرآن نجوما
بالحق بالعدل أو بالصدق في أخباره أو بالحجج المحققة أنه من عند الله وهو في موضع الحال ^ مصدقا لما بين يديه ^ من الكتب ^ وأنزل التوراة والإنجيل ^ جملة على موسى وعيسى واشتقاقهما من الورى والنجل ووزنهما بتفعلة وافعيل تعسف لأنهما أعجميان ويؤيد ذلك أنه قرئ الأنجيل بفتح الهمزة وهو ليس من أبنية العربية وقرأ أبو عمرو وابن ذكوان والكسائي التوراة بالإمالة في جميع القرآن ونافع وحمزة بين اللفظين إلا قالون فإنه قرأ بالفتح كقراءة الباقين ^ من قبل ^ من قبل تنزيل القرآن ^ هدى للناس ^ على العموم إن قلنا إنا متعبدون بشرع من قبلنا وإلا فالمراد به قومهما ^ وأنزل الفرقان ^ يريد به جنس الكتب الإلهية فإنها فارقة بين الحق والباطل ذكر ذلك بعد ذكر الكتب الثلاثة ليعم ما عداها كأنه قال
وأنزل سائر ما يفرق به بين الحق والباطل أو الزبور أو القرآن وكرر ذكره بما هو نعت له مدحا وتعظيما وإظهارا لفضله من حيث إنه يشاركهما في كونه وحيا منزلا ويتميز بأنه معجز يفرق بين المحق والمبطل أو المعجزات ^ إن الذين كفروا بآيات الله ^ من كتبه المنزلة وغيرها ^ لهم عذاب شديد ^ بسبب كفرهم ^ والله عزيز ^ غالب لا يمنع من التعذيب ^ ذو انتقام ^ لا يقدر على مثله منتقم والنقمة عقوبة المجرم والفعل منه نقم بالفتح والكسر وهو وعيد جيء به بعد تقرير التوحيد والإشارة إلى ما هو العمدة في إثبات النبوة تعظيما للأمر وزجرا عن الإعراض عنه
رد: حلقات تفسير سور القران
^ إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ^ أي شيء كائن في العالم كليا كان أو جزئيا إيمانا أوكفرا فعبر عنه بالسماء والأرض إذ الحس لا يتجاوزهما وإنما قدم الأرض ترقيا من الأدنى إلى الأعلى ولأن المقصود بالذكر ما اقترف فيها وهو كالدليل على كونه حيا وقوله ^ هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ^ أي من الصور المختلفة كالدليل على القيومية والاستدلال على أنه عالم بإتقان فعله في خلق الجنين وتصويره وقرئ تصوركم أي صوركم لنفسه وعبادته ^ لا إله إلا هو ^ إذ لا يعلم غيره جملة ما يعلمه ولا يقدر على مثل ما يفعله ^ العزيز الحكيم ^ إشارة إلى كمال قدرته
وتناهي حكمته قيل هذا حجاج على من زعم أن عيسى كان ربا فإن وفد نجران لما حاجوا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت السورة من أولها إلى نيف وثمانين آية تقريرا لما احتج به عليهم وأجاب عن شبههم ^ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات ^ أحكمت عبارتها بأن حفظت من الإجمال والاحتمال ^ هن أم الكتاب ^ أصله يرد إليها غيرها والقياس أمهات فأفرد على تأويل كل واحدة أو على أن الكل بمنزلة آية واحدة ^ وأخر متشابهات ^ محتملات لا يتضح مقصودها لإجمال أو مخالفة ظاهر إلا بالفحص والنظر ليظهر فيها فضل العلماء ويزداد حرصهم على أن يجتهدوا في تدبرها وتحصيل العلوم المتوقف عليها استنباط المراد بها فينالوا بها وبإتعاب القرائح في استخراج معانيها والتوفيق بينها وبين المحكمات معالي الدرجات وأما قوله تعالى ^ الر كتاب أحكمت آياته ^ فمعناه أنها حفظت من فساد المعنى وركاكة اللفظ وقوله ^ كتابا متشابها ^ فمعناه أنه يشبه بعضه بعضا في
صحة المعنى وجزالة اللفظ وأخر جمع أخرى وإنما لم ينصرف لأنه وصف معدول عن الآخر ولا يلزم منه معرفته لأن معناه أن القياس أن يعرف ولم يعرف لا أنه في معنى المعرف أو عن أخر من
رد: حلقات تفسير سور القران
^ فأما الذين في قلوبهم زيغ ^ عدول عن الحق كالمبتدعة ^ فيتبعون ما تشابه منه ^ فيتعلقون بظاهره أو بتأويل باطل ^ ابتغاء الفتنة ^ طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم بالتشكيك والتلبيس ومناقضة المحكم بالمتشابه ^ وابتغاء تأويله ^ وطلب أن يؤولوه على ما يشتهونه ويحتمل أن يكون الداعي إلى الاتباع مجموع الطلبتين أو كل واحدة منهما على التعاقب والأول يناسب المعاند والثاني يلائم الجاهل^ وما يعلم تأويله ^ الذي يجب أن يحمل عليه ^ إلا الله والراسخون في العلم ^ أي الذين ثبتوا وتمكنوا فيه ومن وقف على ^ إلا الله ^ فسر المتشابه بما استأثر الله بعلمه كمدة بقاء الدنيا ووقت
قيام الساعة وخواص الأعداد كعدد الزبانية أو بمبادل القاطع على أن ظاهره غير مراد ولم يدل على ما هو المراد ^ يقولون آمنا به ^ استئناف موضح لحال الراسخين أو حال منهم أو خبر أن جعلته مبتدأ ^ كل من عند ربنا ^ أي كل من المتشابه والمحكم من عنده ^ وما يذكر إلا أولوا الألباب ^ مدح للراسخين بجودة الذهن وحسن النظر وإشارة إلى ما استعدوا به للاهتداء إلى تأويله وهو تجرد العقل عن غواشي الحس واتصال الآية بما
قبلها من حيث إنها تصوير الروح بالعلم وتربيته وما قبلها في تصوير الجسد وتسويته أو أنها جواب عن تشبث النصارى بنحو قوله تعالى ^ وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ^ كما أنه جواب عن قوله لا أب له غير الله فتعين أن يكون هو أباه تعالى مصور الأجنة كيف يشاء فيصور من نطفة أب ومن غيرها وبأنه صوره في الرحم والمصور لا يكون أب المصور ^ ربنا لا تزغ قلوبنا ^ من مقال الراسخين وقيل استئناف والمعنى لا تزغ قلوبنا عن نهج الحق إلى اتباع المتشابه بتأويل لا ترتضيه قال صلى الله عليه وسلم قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه على الحق وإن شاء أزاغه عنه وقيل لا تبلنا ببلايا تزيغ فيها قلوبنا ^ بعد إذ هديتنا ^ إلى الحق والإيمان بالقسمين من المحكم والمتشابه وبعد نصب على الظرف وإذ في موضع الجر بإضافته إليه وقيل إنه بمعنى إن ^ وهب لنا من لدنك رحمة ^ تزلفنا إليك ونفوز بها عندك أو توفيقا للثبات على الحق أو مغفرة للذنوب
رد: حلقات تفسير سور القران
^ إنك أنت الوهاب ^ لكل سؤال وفيه دليل على أن الهدى والضلال من الله وأنه متفضل بما ينعم على عباده لا يجب عليه شيء ^ ربنا إنك جامع الناس ليوم ^ لحساب يوم أو لجزائه ^ لا ريب فيه ^ في وقوع اليوم وما فيه من الحشر والجزاء نبهوا به على أن معظم غرضهم من الطلبتين ما يتعلق بالآخرة فإنها المقصد والمال ^ إن الله لا يخلف الميعاد ^ فإن الإلهية تنافيه وللإشعار به وتعظيم الموعود لون الخطاب واستدل به الوعيدية وأجيب بأن وعيد الفساق مشروط بعدم العفو لدلائل منفصلة كما هو مشروط بعدم التوبة وفاقا ^ إن الذين كفروا ^ عام في الكفرة وقيل المراد به وفد نجران أو اليهود أو مشركوا العرب ^ لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ^ أي من رحمته أو طاعته على معنى البدلية أو من عذابه ^ وأولئك هم وقود النار ^ حطبها وقرئ بالضم بمعنى أهل وقودها
^ كدأب آل فرعون ^ متصل بما قبله أي لن تغن عن أولئك أو توقد بهم كما توقد بأولئك أو استئناف مرفوع المحل تقديره دأب هؤلاء كدأبهم في الكفر والعذاب وهو مصدر دأب في العمل إذا كدح فيه فنقل إلى معنى الشأن ^ والذين من قبلهم ^ عطف على ^ آل فرعون ^ وقيل استئناف ^ كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم ^ حال بإضمار قد أو استئناف بتفسير حالهم أو خبر إن ابتدأت بالذين من قبلهم ^ والله شديد العقاب ^ تهويل للمؤاخذة وزيادة تخويف الكفرة ^ قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم ^ أي قل لمشركي مكة ستغلبون يعني يوم بدر وقيل لليهود فإنه صلى الله عليه وسلم جمعهم بعد بدر في سوق بني قينقاع فحذرهم أن ينزل بهم ما نزل بقريش فقالوا لا يغرنك أنك أصبت أغمارا لا علم لهم بالحرب لئن قاتلتنا لعلمت أنا نحن الناس فنزلت وقد صدق الله وعده لهم بقتل قريظة وإجلاء بني النضير وفتح خيبر وضرب الجزية على من عداهم وهو من دلائل النبوة وقرأ حمزة والكسائي بالياء فيهما على أن الأمر بأن يحكي لهم ما أخبره به من وعيدهم بلفظه ^ وبئس المهاد ^ تمام ما يقال لهم أو استئناف وتقدير بئس المهاد جهنم أو ما مهدوه لأنفسهم
رد: حلقات تفسير سور القران
^ قد كان لكم آية ^ الخطاب لقريش أو لليهود وقيل للمؤمنين ^ في فئتين التقتا ^ يوم بدر ^ فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم ^ يرى المشركون المؤمنين مثلي عدد المشركين وكان قريبا من ألف أو مثلي عدد المسلمين وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر وذلك كان بعد ما قللهم في أعينهم حتى اجترؤوا عليهم وتوجهوا إليهم قلما لاقوهم كثروا في أعينهم حتى غلبوا مددا من الله تعالى للمؤمنين أو يرى المؤمنون المشركين مثلي المؤمنين وكانوا ثلاثة أمثالهم ليثبتوا لهم ويتيقنوا بالنصر الذي وعدهم الله به في قوله ^ فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ^ ويؤيده قراءة نافع ويعقوب بالتاء وقرئ بهما على البناء للمفعول أي يريهم الله أو يريكم ذلك بقدرته وفئة بالجر على البدل من فئتين والنصب على الاختصاص أو الحال من فاعل التفتا ^ رأي العين ^
رؤية ظاهرة معاينة ^ والله يؤيد بنصره من يشاء ^ نصره كما أيد أهل بدر ^ إن في ذلك ^ أي التقليل والتكثير أو غلبة القليل عديم العدة في الكثير شاكي السلاح وكون الواقعة آية أيضا يحتملها ويحتمل وقوع الأمر على ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم ^ لعبرة لأولى الأبصار ^ أي لعظة لذوي البصائر وقيل لمن أبصرهم
رد: حلقات تفسير سور القران
^ زين للناس حب الشهوات ^ أي المشتهيات سماها شهوات مبالغة وإيماء على أنهم انهمكوا في محبتها حتى أحبوا شهوتها كقوله تعالى ^ أحببت حب الخير ^ والمزين هو الله تعالى لأنه الخالق للأفعال والدواعي ولعله زينة ابتلاء أو لأنه يكون وسيلة إلى السعادة الأخروية إذا كان على وجه يرتضيه الله تعالى أو لأنه من أسباب التعيش وبقاء النوع وقيل الشيطان فإن الآية في معرض الذم وفرق الجبائي بين المباح والمحرم من
^ النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ^ بيان للشهوات والقنطار المال الكثير وقيل مائة ألف دينار وقيل ملء مسك ثور واختلف في أنه فعلال أو فنعال والمقنطرة مأخوذة منه للتأكيد كقولهم بدرة مبدرة والمسومة المعلمة من السومة وهي العلامة أو المرعية من أسام الدابة وسومها أو المطهمة والأنعام الإبل والبقر والغنم ^ ذلك متاع الحياة الدنيا ^ إشارة إلى ما ذكر ^ والله عنده حسن المآب ^ أي المرجع وهو تحريض على استبدال ما عنده من اللذات الحقيقية الأبدية بالشهوات المخدجة الفانية قل أونبئكم بخير من ذلكم يريد به تقرير أن ثواب الله تعالى خير من مستلذات الدنيا ^ للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ^ استئناف لبيان ما هو خير ويجوز أن يتعلق اللام بخير ويرتفع جنات على ما هو جنات ويؤيده قراءة من جرها بدلا من خير ^ وأزواج مطهرة ^ مما يستقذر من النساء ^ ورضوان من الله ^ قرأ عاصم في رواية أبي بكر في جميع القرآن بضم الراء ما خلا الحرف الثاني في المائدة وهو قوله تعالى ^ رضوانه سبل السلام ^ بكسر الراء وهما لغتان ^ والله بصير بالعباد ^ أي بأعمالهم فيثيب المحسن ويعاقب المسيء أو بأحوال الذين اتقوا فلذلك أعد لهم جنات وقد نبه بهذه الآية على نعمه فأدناها متاع الحياة الدنيا وأعلاها رضوان الله تعالى لقوله تعالى ^ ورضوان من الله أكبر ^ وأوسطها الجنة ونعيمها
رد: حلقات تفسير سور القران
^ الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ^ صفة للمتقين أو للعباد أو مدح منصوب أو مرفوع وفي ترتيب السؤال على مجرد الإيمان دليل على أنه كاف في استحقاق المغفرة أو الاستعداد لها ^ الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ^ حصر لمقامات السالك على أحسن ترتيب فإن معاملته مع الله تعالى إما توسل وإما طلب والتوسل إما بالنفس وهو منعها عن الرذائل وحبسها على الفضائل والصبر يشملهما وإما بالبدن وهو إما قولي وهو الصدق وإما فعلي وهو القنوت الذي هو ملازمة الطاعة وإما بالمال وهو الإنفاق في سبل الخير وإما الطلب فبالاستغفار لأن المغفرة أعظم المطالب بل الجامع لها وتوسيط الواو بينهما للدلالة على استقلال كل واحد منهما وكمالهم فيها أو لتغاير الموصوفين بها وتخصيص الأسحار لأن الدعاء فيها أقرب إلى الإجابة لأن العبادة حينئذ أشق والنفس أصفى والروع أجمع للمجتهدين قيل إنهم كانوا يصلون إلى السحر ثم يستغفرون ويدعون
رد: حلقات تفسير سور القران
^ شهد الله أنه لا إله إلا هو ^ بين وحدانيته بنصب الدلائل الدالة عليها وإنزال الآيات الناطقة بها والملائكة بالإقرار وأولو العلم بالإيمان بها والاحتجاج عليها شبه ذلك في البيان والكشف بشهادة الشاهد ^ قائما بالقسط ^ مقيما للعدل في قسمه وحكمه وانتصابه على الحال من الله وإنما جاز إفراده بها ولم يجز جاء زيد وعمرو راكبا لعدم اللبس كقوله تعالى ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة أو من هو والعامل فيها معنى
الجملة أي تفرد قائما أو أحقه لأنها حال مؤكدة أو على المدح أو الصفة للمنفي وفيه ضعف للفصل وهو مندرج في المشهود به إذا جعلته صفة أو حالا من الضمير وقرئ القائم بالقسط على البدل عن هو أو الخبر لمحذوف ^ لا إله إلا هو ^ كرره للتأكيد ومزيد الاعتناء بمعرفة أدلة التوحيد والحكم به بعد إقامة الحجة وليبني عليه قوله ^ العزيز الحكيم ^ فيعلم أنه الموصوف بهما وقدم العزيز لتقديم العلم بقدرته على العلم بحكمته ورفعهما على البدل من الضمير أو الصفة لفاعل شهد وقد روي في فضلهما أنه صلى الله عليه وسلم قال يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله تعالى إن لعبدي هذا عندي عهدا وأنا أحق من وفى بالعهد ادخلوا عبدي الجنة وهي دليل على فضل علم أصول الدين وشرف أهله ^ إن الدين عند الله الإسلام ^ جملة مستأنفة مؤكدة للأولى أي لا دين مرضي عند الله سوى الإسلام وهو التوحيد والتدرع بالشرع الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وقرأ الكسائي بالفتح على أنه بدل من أنه بدل الكل أن فسر الإسلام بالإيمان أو بما يتضمنه وبدل اشتمال إن
فسر بالشريعة وقرئ أنه بالكسر وأن بالفتح على وقوع الفعل على الثاني واعتراض ما بينهما أو إجراء شهد مجرى قال تارة وعلم أخرى لتضمنه معناهما
رد: حلقات تفسير سور القران
^ وما اختلف الذين أوتوا الكتاب ^ من اليهود والنصارى أو من أرباب الكتب المتقدمة في دين الإسلام فقال قوم إنه حق وقال قوم إنه مخصوص بالعرب ونفاه آخرون مطلقا أو في التوحيد فثلثت النصارى ^ وقالت اليهود عزير ابن الله ^ وقيل هم قوم موسى اختلفوا بعده وقيل هم النصارى اختلفوا في أمر عيسى عليه السلام ^ إلا من بعد ما جاءهم العلم ^ أي بعد ما علموا حقيقة الأمر وتمكنوا من العلم بها بالآيات والحجج ^ بغيا بينهم ^ حسدا بينهم وطلبا للرئاسة لا لشبهة وخفاء في الأمر ^ ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ^ وعيد لمن كفر منهم
^ فإن حاجوك ^ في الدين أو جادلوك فيه بعد ما أقمت الحجج ^ فقل أسلمت وجهي لله ^ أخلصت نفسي وجملتي له لا أشرك فيها غيره وهو الدين القويم الذي قامت به الحجج ودعت إليه الآيات والرسل وإنما عبر بالوجه عن النفس لأنه أشرف الأعضاء الظاهرة ومظهر القوى والحواس ^ ومن اتبعن ^ عطف على التاء في أسلمت وحسن للفصل أو مفعول معه ^ وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ^ الذين لا كتاب لهم كمشركي العرب أأسلمتم كما أسلمت لما وضحت لكم الحجة أم أنتم بعد على كفركم ونظيره قوله ^ فهل أنتم منتهون ^ وفيه تعيير لهم بالبلادة أو المعاندة ^ فإن أسلموا فقد اهتدوا ^ فقد نفعوا أنفسهم بأن أخرجوها من الضلال ^ وإن تولوا فإنما عليك البلاغ ^ أي فلم يضروك إذ ما عليك إلا أن تبلغ وقد بلغت
رد: حلقات تفسير سور القران
^ والله بصير بالعباد ^ وعد ووعيد ^ إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم ^ هم أهل الكتاب الذين في عصره صلى الله عليه وسلم قتل أولهم الأنبياء ومتابعيهم وهم رضوا به وقصدوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ولكن الله عصمهم وقد سبق مثله في سورة البقرة وقرأ حمزة ويقاتلون الذين وقد منع سيبويه إدخال الفاء في خبر إن كليت ولعل ولذلك قيل الخبر ^ أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ^ كقولك زيد فافهم رجل صالح
والفرق أنه لا يغير معنى الابتداء بخلافهما ^ وما لهم من ناصرين ^ يدفع عنهم العذاب ^ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ^ أي التوراة أو جنس الكتب السماوية ومن للتبعيض أو للبيان وتنكير النصيب يحتمل التعظيم والتحقير ^ يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ^ الداعي محمد صلى الله عليه وسلم وكتاب الله القرآن أو التوراة لما روي أنه صلى الله عليه وسلم دخل مدراسهم فقال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد على أي دين أنت فقال على دين إبراهيم فقالا إن إبراهيم كان يهوديا فقال هلموا إلى التوراة فإنها بيننا وبينكم فأبيا فنزلت وقيل نزلت في الرجم وقرئ ليحكم على البناء للمفعول فيكون الاختلاف فيما بينهم وفيه دليل على أن الأدلة السمعية حجة في الأصول
رد: حلقات تفسير سور القران
^ ثم يتولى فريق منهم ^ استبعاد لتوليهم مع علمهم بأن الرجوع إليه واجب ^ وهم معرضون ^ وهم قوم عادتهم الإعراض والجملة حال من فريق وإنما ساغ لتخصصه بالصفة ذلك إشارة إلى التولي والإعراض ^ بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات ^ بسبب تسهيلهم أمر العقاب على أنفسهم لهذا الاعتقاد الزائغ والطمع الفارغ ^ وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون ^ من أن النار لن تمسهم إلا أياما قلائل أو أن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم أو أنه تعالى وعد يعقوب عليه السلام أن لا يعذب أولاده إلا تحلة القسم ^ فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ^ استعظام لما يحيق بهم في الآخرة وتكذيب لقولهم لن تمسنا النار إلا أياما معدودات روي أن أول راية ترفع يوم القيامة من رايات الكفار راية اليهود فيفضحهم الله تعالى على رؤوس الأشهاد ثم يأمر بهم إلى النار ^ ووفيت كل نفس ما كسبت ^ جزاء ما كسبت وفيه دليل على أن العبادة لا تحبط وأن المؤمن لا يخلد في النار لأن توفية إيمانه وعمله لا تكون في النار ولا قبل دخولها فإذن هي بعد الخلاص منها ^ وهم لا يظلمون ^ الضمير لكل نفس على المعنى لأنه في معنى كل إنسان
رد: حلقات تفسير سور القران
^ قل اللهم ^ الميم عوض عن يا ولذلك لا يجتمعان وهو من خصائص هذا الاسم كدخول يا عليه مع لام التعريف وقطع همزته وتاء القسم وقيل أصله يا الله أمنا بخير فخفف بحذف حرف النداء ومتعلقات الفعل وهمزته ^ مالك الملك ^ يتصرف فيما يمكن التصرف فيه تصرف الملاك فيما يملكون وهو نداء ثان عند سيبويه فإن الميم عنده تمنع الوصفية ^ تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ^ تعطي منه ما تشاء من تشاء
وتسترد فالملك الأول عام والآخران بعضان منه وقيل المراد بالملك النبوة ونزعها نقلها من قوم إلى قوم ^ وتعز من تشاء وتذل من تشاء ^ في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما بالنصر والإدبار والتوفيق والخذلان ^ بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ^ ذكر الخير وحده لأنه المقضي بالذات والشر مقضي بالعرض إذ لا يوجد شر جزئي ما لم يتضمن خيرا كليا أو لمراعاة الأدب في الخطاب أو لأن الكلام وقع فيه إذ روي أنه صلى الله عليه وسلم لما خط الخندق وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا وأخذوا يحفرون فظهر فيه صخرة عظيمة لم يعمل فيها المعاول فوجهوا سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فجاء صلى الله عليه وسلم فأخذ المعول منه فضربها ضربة صدعتها وبرق منها برق أضاء منه ما بين لابتيها لكأن بها مصباحا في جوف بيت مظلم فكبر وكبر معه المسلمون وقال أضاءت لي منها قصور الحيرة كأنها أنياب الكلاب ثم ضرب الثانية فقال أضاءت لي منها القصور الحمر من أرض الروم ثم ضرب الثالثة فقال أضاءت لي منها قصور صنعاء وأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة على كلها فابشروا فقال المنافقون ألا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكموأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق فنزلت فنبه على أن الشر أيضا بيده بقول ^ إنك على كل شيء قدير ^
رد: حلقات تفسير سور القران
^ تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ^ عقب ذلك ببيان قدرته على معاقبة الليل والنهار والموت والحياة وسعة فضله دلالة على أن من قدر على ذلك قدر على معاقبة الذل والعز وإيتاء الملك ونزعه والولوج الدخول في مضيق وإيلاج الليل والنهار إدخال أحدهما في الآخر بالتعقيب أو الزيادة والنقص وإخراج الحي من الميت وبالعكس إنشاء الحيوانات من موادها وإماتتها أو إنشاء الحيوان من النطفة والنطفة منه وقيل إخراج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر الميت بالتخفيف ^ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء ^ نهوا عن موالاتهم لقرابة وصداقة جاهلية ونحوهما حتى لا يكون حبهم وبغضهم إلا في الله أو عن الاستعانة بهم في الغزو وسائر الأمور الدينية ^ من دون المؤمنين ^ إشارة إلى أنهم الأحقاء بالموالاة وأن في موالاتهم مندوحة عن موالاة الكفرة ^ ومن يفعل ذلك ^ أي اتخاذهم أولياء ^ فليس من الله في شيء ^ أي من ولايته في شيء يصح أن يسمى ولاية فإن موالاة المتعاديين لا يجتمعان قال تود عدوي ثم تزعم أنني صديقك ليس النوك عنك بعازب
رد: حلقات تفسير سور القران
^ إلا أن تتقوا منهم تقاة ^ إلا أن تخافوا من جهتهم ما يجب اتقاؤه أو اتقاء والفعل معدى بمن لأنه في معنى تحذروا وتخافوا وقرأ يعقوب تقية منع عن موالاتهم ظاهرا وباطنا في الأوقات كلها إلا وقت المخافة فإن إظهار الموالاة حينئذ جائز كما قال عيسى عليه السلام كن وسطا وامش جانبا ^ ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ^ فلا تتعرضوا لسخطه بمخالفة أحكامه وموالاة أعدائه وهو تهديد عظيم مشعر بتناهي النهي في القبح وذكر النفس ليعلم أن المحذر منه عقاب يصدر منه تعالى فلا يؤبه دونه بما يحذر من الكفرة ^ قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ^ أي أنه يعلم ضمائركم من ولاية الكفار وغيرها إن تخفوها أو تبدوها ويعلم ما في السموات وما في الأرض فيعلم سركم وعلنكم ^ والله على كل شيء قدير ^ فيقدر على عقوبتكم إن لم تنتهوا ما نهيتم عنه والآية بيان لقوله تعالى ^ ويحذركم الله نفسه ^ وكأنه قال ويحذركم نفسه لإنها متصفة بعلم ذاتي محيط بالمعلومات كلها وقدرة ذاتية تعم المقدورات بأسرها فلا تجسروا على عصيانه إذ ما من معصية إلا وهو مطلع عليها قادر على العقاب بها ^ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ^ يوم منصوب بتود أي تتمنى كل نفس يوم تجد صحائف أعمالها أو
جزاء أعمالها من الخير والشر حاضرة لو أن بينها وبين ذلك اليوم وهو له أمدا بعيدا أو بمضمر نحو اذكر و تود حال من الضمير في عملت أو خبر لما عملت من سوء وتجد مقصور على ^ ما عملت من خير ^ ولا تكون ما شرطية لارتفاع تود وقرئ ودت وعلى هذا يصح أن تكون شرطية ولكن الحمل على الخبر أوقع معنى لأنه حكاية كائن وأوفق للقراءة المشهورة ^ ويحذركم الله نفسه ^ كرره للتأكيد والتذكير ^ والله رؤوف بالعباد ^ إشارة إلى أنه تعالى إنما نهاهم وحذرهم رأفة بهم ومراعاة لصلاحهم أو أنه لذو مغفرة وذو عقاب أليم فترجى رحمته ويخشى عذابه
رد: حلقات تفسير سور القران
^ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني ^ المحبة ميل النفس إلى الشيء لكمال أدركته فيه بحيث يحملها على ما يقربها إليه والعبد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس إلا لله وأن كل ما يراه كمالا من نفسه أو غيره فهو من الله وبالله وإلى الله لم يكن حبه إلا لله وفي الله وذلك
يقتضي إرادة طاعته والرغبة فيما يقربه إليه فلذلك فسرت المحبة بإرادة الطاعة وجعلت مستلزمة لاتباع الرسول في عبادته والحرص على مطاوعته ^ يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ^ جواب للأمر أي يرض عنكم ويكشف الحجب عن قلوبكم بالتجاوز عما فرط منكم فيقربكم من جناب عزه ويبوئكم في جوار قدسه عبر عن ذلك بالمحبة على طريق الاستعارة أو المقابلة ^ والله غفور رحيم ^ لمن تحبب إليه بطاعته واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم روي أنها نزلت لما قالت اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه وقيل نزلت في وفد نجران لما قالوا إنما نعبد المسيح حبا لله وقيل في أقوام زعموا على عهده صلى الله عليه وسلم أنهم يحبون الله فأمروا أن يجعلوا لقولهم تصديقا من العمل ^ قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا ^ يحتمل المضي والمضارعة بمعنى فإن تتولوا ^ فإن الله لا يحب الكافرين ^ لا يرضى عنهم ولا يثني عليهم وإنما لم
رد: حلقات تفسير سور القران
يقل لا يحبهم لقصد العموم والدلالة على أن التولي كفر وإنه من هذه الحيثية ينفي محبة الله وأن محبته مخصوصة بالمؤمنين
^ إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ^ بالرسالة والخصائص الروحانية والجسمانية ولذلك قووا على ما لم يقو عليه غيرهم لما أوجب طاعة الرسول وبين أنها الجالبة لمحبة الله عقب ذلك ببيان مناقبهم تحريضا عليها وبه استدل على فضلهم على الملائكة ^ وآل إبراهيم ^ إسماعيل وإسحق وأولادهما وقد دخل فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم ^ وآل عمران ^ موسى وهرون ابنا عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب أو عيسى وأمه مريم بنت عمران بن ماثان بن العازار بن أبي يوذ بن يوزن بن زربابل بن ساليان بن يوحنا بن أوشيا بن أمون بن منشكن بن حازقا بن أخاز بن يوثام بن عوزيا بن يورام بن ساقط بن ايشا بن راجعيم بن سليمان بن داود بن ايشي بن عوبد بن سلمون بن ياعز بن نحشون بن عمياد بن رام بن حصروم بن فارص بن يهوذا بن يعقوب عليه السلام وكان بين العمرانين ألف وثمانمائة سنة ^ ذرية بعضها من بعض ^ حال أو بدل من الآلين أو منهما ومن نوح أي إنهم ذرية واحدة متشعبة بعضها من بعض وقيل بعضها من بعض في الدين والذرية الولد يقع على الواحد والجمع فعلية من الذر أو فعولة من الذرء أبدلت همزتها ياء ثم قلبت الواو ياء وأدغمت ^ والله سميع عليم ^ بأقوال الناس وأعمالهم فيصطفي من كان مستقيم القول والعمل أو سميع بقول امرأة عمران عليم بنيتها ^ إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني ^ فينتصب به إذ على التنازع وقيل نصبه بإضمار اذكر وهذه حنة بنت فاقوذ جدة عيسى وكانت لعمران بن يصهر بنت
اسمها مريم أكبر من موسى وهرون فظن أن المراد زوجته ويرده كفالة زكريا فإنه كان معاصرا لابن ماثان وتزوج بنته ايشاع وكان يحيى وعيسى عليهما السلام ابني خالة من الأب روي أنها كانت عاقرا عجوزا فبينما هي في ظل شجرة إذ رأت طائرا يطعم فرخه فحنت إلى الولد وتمنته فقالت اللهم إن لك علي نذرا إن رزقتني ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس فيكون من خدمه فحملت بمريم وهلك عمران وكان هذا النذر مشروعا في عهدهم للغلمان فلعلها بنت الأمر على التقدير أو طلبت ذكرا محررا معتقا لخدمته لا أشغله بشيء أو مخلصا للعبادة ونصبه على الحال ^ فتقبل مني ^ ما نذرته ^ إنك أنت السميع العليم ^ لقولي ونيتي ^ فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى ^ الضمير لما في بطنها وتأنيثه لأنه كان أنثى وجاز انتصاب أنثى حالا عنه لأن تأنيثها علم منه فإن الحال وصاحبها بالذات واحدا
أو على تأويل مؤنث كالنفس والحبلة وإنما قالته تحسرا وتحزنا إلى ربها لأنها كانت ترجو أن تلد ذكرا ولذلك نذرت تحريره
رد: حلقات تفسير سور القران
^ والله أعلم بما وضعت ^ أي بالشيء الذي وضعت هو استئناف من الله تعالى تعظيما لموضوعها وتجهيلا لها بشأنها وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب وضعت على أنه من كلامها تسلية لنفسها أي ولعل الله سبحانه وتعالى فيه سرا أو الأنثى كانت خيرا وقريء وضعت على أنه خطاب الله تعالى لها ^ وليس الذكر كالأنثى ^ بيان لقوله ^ والله أعلم ^ أي وليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وهبت واللام فيهما للعهد ويجوز أن يكون من قولها بمعنى وليس الذكر والأنثى سيان فيما نذرت فتكون اللام للجنس ^ وإني سميتها مريم ^ عطف على ما قبلها من مقالها وما بينهما اعتراض وإنما ذكرت ذلك لربها تقربا إليه وطلبا لأن يعصمها ويصلحها حتى يكون فعلها مطابقا لاسمها فإن مريم في لغتهم بمعنى العابدة وفيه دليل على أن الاسم والمسمى والتسمية أمور متغايرة ^ وإني أعيذها بك ^ أجيرها بحفظك ^ وذريتها من الشيطان الرجيم ^ المطرود وأصل الرجم الرمي بالحجارة وعن النبي صلى الله عليه وسلم ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل من مسه إلا مريم وابنها ومعناه أن الشيطان
يطمع في إغواء كل مولود يتأثر منه إلا مريم وابنها فإن الله تعالى عصمهما ببركة هذه الاستعاذة فتقبلها ربها فرضي بها في النذر مكان الذكر بقبول حسن أي بوجه حسن يقبل به النذائر وهو إقامتها مقام الذكر أو تسلمها عقيب ولادتها قبل أن تكبر وتصلح للسدانة روي أن حنة لما ولدتها لفتها في خرقة وحملتها إلى المسجد ووضعتها عند الأحبار وقالت دونكم هذه النذيرة فتنافسوا فيها لأنها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم فإن بني ماثان كانت رؤوس بني إسرائيل وملوكهم فقال زكريا أنا أحق بها عندي خالتها فأبوا إلا القرعة وكانوا سبعة وعشرين فانطلقوا إلى نهر فألقوا فيه أقلامهم فطفا قلم زكريا ورسبت أقلامهم فتكفلها زكريا ويجوز أن يكون مصدرا على تقدير مضاف أي بذي قبول حسن وأن يكون تقبل بمعنى استقبل كتقضي وتعجل أي فأخذها في أول أمرها حين
ولدت بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا مجاز عن تربيتها بما يصلحها في جميع أحوالها وكفلها زكريا شدد الفاء حمزة والكسائي وعاصم وقصروا زكريا غير عاصم في رواية ابن عياش على أن الفاعل هو الله تعالى وزكريا مفعول أي جعله كافلا لها وضامنا لمصالحها وخفف الباقون ومدوا زكرياء مرفوعا كلما دخل عليها زكريا المحراب أي الغرفة التي بنيت لها أو المسجد أو أشرف مواضعه ومقدمها سمي به لأنه محل محاربة الشيطان كأنها وضعت في أشرف موضع من بيت المقدس وجد عندها رزقا جواب كلما وناصبه روي أنه كان لا يدخل عليها غيره وإذا خرج أغلق عليها سبعةأبواب وكان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وبالعكس قال يا مريم أنى لك هذا من أين لك هذا الرزق الآتي في غير أوانه والأبواب مغلقة عليك وهو دليل جواز الكرامة للأولياء جعل ذلك معجزة زكريا يدفعه اشتباه الأمر عليه قالت هو من عند الله فلا تستبعده قيل تكلمت صغيرة كعيسى عليه السلام ولم ترضع ثديا قط وكان رزقها ينزل عليها من الجنة إن الله يرزق من يشاء بغير حساب بغير تقدير لكثرته أو بغير استحقاق تفضلا به وهو يحتمل أن يكون من كلامهما وأن يكون من كلام الله تعالى روي أن فاطمة رضي الله تعالى عنها أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم رغيفين وبضعة لحم فرجع بها إليها
وقال هلمي يا بنية فكشفت عن الطبق فإذا هو مملوء خبزا ولحما فقال لها أنى لك هذا فقالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب فقال الحمد لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل ثم جمع عليا والحسن والحسين وجمع أهل بيته عليه حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو فأوسعت على جيرانها هنالك دعا زكريا ربه في ذلك المكان أو الوقت إذ يستعار هنا وثم وحيث للزمان لما رأى كرامة مريم ومنزلتها من الله تعالى قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة كما وهبتها لحنة العجوز العاقر وقيل لما رأى الفواكه في غير أوانها انتبه على جواز ولادة العاقر من الشيخ فسأل وقال هب لي من لدنك ذرية لأنه لم يكن على الوجوه المعتادة وبالأسباب المعهودة إنك سميع الدعاء مجيبه فنادته الملائكة أي من جنسهم كقولهم زيد يركب الخيل فإن المنادي كان جبريل وحده وقرأ حمزة والكسائي فناداه بالإمالة والتذكير وهو قائم يصلي في المحراب أي قائما في الصلاة و يصلي صفة قائم أو خبر أو حال آخر أو حال من الضمير في قائم أن الله يبشرك بيحيى أي بأن الله وقرأ نافع وابن عامر بالكسر على إرادة القول أو لأن النداء نوع منه وقرأ حمزة والكسائي يبشرك و يحيى اسم أعجمي وإن جعل عربيا فمنع صرفه للتعريف ووزن الفعل مصدقا بكلمة من الله أي بعيسى عليه السلام سمي بذلك لأنه وجد بأمره تعالى دون أب فشابه البدعيات التي هي
عالم الأمر أو بكتاب الله سمي كلمة كما قيل كلمة الحويدرة لقصيدته وسيدا يسود قومه ويفوقهم وكان فائقا للناس كلهم في أنه ما هم بمعصية قط وحصورا مبالغا في حبس النفس عن الشهوات والملاهي روي أنه مر في صباه بصبيان فدعوه إلى اللعب فقال ما للعب خلقت ونبيا من الصالحين ناشئا منهم أو كائنا من عداد من لم يأت كبيرة ولا صغيرة قال رب أنى يكون لي غلام استبعادا من حيث العادة أو استعظاما أو تعجيبا أو استفهاما عن كيفية حدوثه وقد بلغني الكبر أدركني كبر السن وأثر في وكان له تسع وتسعون ولامرأته ثمان وتسعون سنة وامرأتي عاقر لا تلد من العقر وهو القطع لأنها ذات عقر من الأولاد قال كذلك الله يفعل ما يشاء أي يفعل ما يشاء من العجائب مثل ذلك الفعل وهو إنشاء الولد من شيخ فان وعجوز عاقر أو كما أنت عليه وزوجك من الكبر والعقر يفعل ما يشاء من خلق الولد أو كذلك الله مبتدأ وخبر أي الله على مثل هذه
الصفة ويفعل ما يشاء بيان له أو كذلك خبر مبتدأ محذوف أي الأمر كذلك والله يفعل ما يشاء بيان له قال رب اجعل لي آية علامة أعرف بها الحبل لاستقبله بالبشاشة والشكر وتزيح مشقة الانتظار قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام أي لا تقدر على تكليم الناس ثلاثا وإنما حبس لسانه عن مكالمتهم خاصة ليخلص المدة لذكر الله تعالى وشكره قضاء لحق النعمة وكأنه قال آيتك أن يحبس لسانك إلا عن الشكر وأحسن الجواب ما اشتق من السؤال إلا رمزا إشارة بنحو يد أو رأس وأصله التحرك ومنه الراموز للبحر والاستثناء منقطع وقيل متصل والمراد بالكلام ما دل على الضمير وقرئ رمزا بفتحتين كخدم جمع رامز ورمزا كرسل جمع رموز على أنه حال منه ومن الناس بمعنى مترامزين كقوله متى ما تلقني فردين ترجف روانف أليتيك وتستطارا ^ ^ واذكر ربك كثيرا في أيام الحبسة وهو مؤكد لما قبله مبين للغرض منه وتقييد الأمر بالكثرة يدل على أنه لا يفيد التكرار وسبح بالعشي من الزوال إلى الغروب وقيل من العصر أو الغروب إلى ذهاب صدر الليل والإبكار من طلوع الفجر إلى الضحى وقرئ بفتح الهمزة جمع بكر كسحر وأسحار
رد: حلقات تفسير سور القران
^ ^ وإذا قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين كلموها شفاها كرامة لها ومن أنكر الكرامة زعم أن ذلك كانت معجزة لزكريا أو إرهاصا لنبوة عيسى عليه الصلاة والسلام فإن الإجماع على أنه سبحانه وتعالى لم يستنبئ امرأة لقوله تعالى وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا وقيل ألهموها والاصطفاء الأول تقبلها من أمها ولم يقبل قبلها أنثى وتفريغها للعبادة وإغناؤها برزق الجنة عن الكسب وتطهيرها عما يستقذر من النساء والثاني هدايتها وإرسال الملائكة إليها وتخصيصها بالكرامات السنية كالوالد من غير أب وتبرئتها مما قذفتها به اليهود بإنطاق الطفل وجعلها وابنها آية للعالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين أمرت بالصلاة في الجماعة بذكر أركانها مبالغة في المحافظة عليها وقدم السجود على الركوع إما لكونه كذلك في شريعتهم أو للتنبيه على أن الواو لا توجب الترتيب أو ليقترن اركعي بالراكعين للإيذان بأن من ليس في صلاتهم ركوع ليسوا مصلين وقيل المراد بالقنوت إدامة الطاعة كقوله تعالى
^ ^ أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما وبالسجود الصلاة كقوله تعالى وأدبار السجود وبالركوع الخشوع والإخبات ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك أي ما ذكرنا من القصص من الغيوب التي لم تعرفها إلا بالوحي وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أقداحهم للاقتراع وقيل اقترعوا بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة تبركا والمراد تقرير كونه وحيا على سبيل التهكم بمنكريه فإن طريق معرفة الوقائع المشاهدة والسماع وعدم السماع معلوم لا شبهة فيه عندهم فبقي أن يكون الإتهام باحتمال العيان ولا يظن به عاقل أيهم يكفل مريم متعلق بمحذوف دل عليه يلقون أقلامهم أي يلقونها ليعلموا أو يقولوا أيهم يكفل مريم
رد: حلقات تفسير سور القران
^ ^ وما كنت لديهم إذ يختصمون تنافسا في كفالتها إذ قالت الملائكة بدل من إذ قالت الأولى وما بينهما اعتراض أو من إذ يختصمون على أن وقوع الاختصام والبشارة في زمان متسع كقولك لقيته في سنة كذا يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم المسيح لقبه وهو من الألقاب المشرفة كالصديق وأصله بالعبرية مشيحا معناه المبارك وعيسى معرب ايشوع واشتقاقهما من المسح لأنهما مسح بالبركة أو بما طهره من الذنوب أو مسح الأرض ولم يقم في موضع أو مسحه جبريل ومن العيس وهو بياض يعلوه حمرة تكلف لا طائل تحته وابن مريم لما كان صفة تميز تمييز الأسماء نظمت في سلكها ولا ينافي تعدد الخبر وإفراد المبتدأ فإنه اسم جنس مضاف ويحتمل أن يراد به أن الذي يعرف به ويتميز عن غيره هذه الثلاثة فإن الاسم علامة المسمى والمميز له ممن سواه ويجوز أن يكون عيسى خبر مبتدأ محذوف وابن مريم صفته وإنما قيل ابن مريم والخطاب لها تنبيها على أنه يولد من غير أب إذ الأولاد تنسب إلى الآباء ولا تنسب إلى الأم إلا إذا فقد الأب وجيها في الدنيا والآخرة حال مقدرة من كلمة وهي وإن كانت نكرة لكنها موصوفة وتذكيره للمعنى والوجاهة في الدنيا النبوة وفي الآخرة الشفاعة ومن المقربين من الله وقيل إشارة إلى علو درجته في الجنة أو رفعه إلى السماء وصحبة الملائكة ويكلم الناس في المهد وكهلا أي يكلمهم حال كونه طفلا وكهلا كلام الأنبياء
من غير تفاوت والمهد مصدر سمي به ما يمهد للصبي في مضجعه وقيل إنه رفع شابا والمراد وكهلا بعد نزوله وذكر أحواله المختلفة المتنافية إرشادا إلى أنه بمعزل عن الألوهية ومن الصالحين حال ثالث من كلمة أو ضميرها الذي في يكلم قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر تعجب أو استبعاد عادي أو استفهام عن أنه يكون بتزوج أو غيره قال كذلك الله يخلق ما يشاء القائل جبريل أو الله تعالى وجبريل حكى لها قول الله تعالى إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون إشارة إلى أنه تعالى كما يقدر أن يخلق الأشياء مدرجا بأسباب ومواد يقدر أن يخلقها دفعة من غير ذلك ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل كلام مبتدأ ذكر تطييبا لقلبها وإزاحة لما همها من خوف اللوم لما علمت أنها تلد من غير زوج أو عطف على يبشرك أو وجيها و الكتاب الكتبة أو جنس الكتب المنزلة وخص الكتابان لفضلهما وقرأ نافع وعاصم ويعلمه بالياء
رد: حلقات تفسير سور القران
إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)
وسلامه علي سائر النبيين (1) [والمرسلين] (2)
{ إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) }
وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)
{ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (46) }
هذه بشارة من الملائكة لمريم ، عليها السلام ، بأن سيوجد منها ولد عظيم ، له شأن كبير. قال الله تعالى : { إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ } أي : بولد يكون وجوده بكلمة من الله ، أي : بقوله له : "كن" فيكون ، وهذا تفسير قوله : { مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ } [ آل عمران : 39 ] كما ذكره الجمهور على ما سبق بيانه { اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ } أي يكون مشهورًا بهذا في الدنيا ، يعرفه المؤمنون بذلك.
وسمي المسيح ، قال بعض السلف : لكثرة سياحته. وقيل : لأنه كان مسيح (1) القدمين : [أي] (2) لا أخْمَص لهما. وقيل : لأنه [كان] (3) إذا مسح أحدًا من ذوي العاهات برئ بإذن الله تعالى.
وقوله : { عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ } نسبة له إلى أمه ، حيث لا أب له { وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ } أي : له وجاهة ومكانة عند الله في الدنيا ، بما يوحيه الله إليه من الشريعة ، وينزل (4) عليه من الكتاب ، وغير ذلك مما منحه به ، وفي الدار الآخرة يشفع عند الله فيمن يأذن له فيه ، فيقبل منه ، أسوة بإخوانه (5) من أولي العزم ، صلوات الله عليهم.
وقوله : { وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا } أي : يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، في حال صغره ، معجزة وآية ، و[في] (6) حال كهوليته (7) حين يوحي الله إليه بذلك { وَمِنَ الصَّالِحِينَ } أي : في قوله وعمله ، له علم صحيح وعمل صالح.
قال محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيط ، عن محمد بن شرحبيل ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مَا تَكَلَّمَ مَوْلُود فِي صِغَرِهِ إلا عِيسَى وصَاحِبَ جُرَيْج" (8).
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو الصقر يحيى بن محمد بن قَزْعَة ، حدثنا الحسين - يعني المروزي - حدثنا جرير - يعني ابن حازم - عن محمد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لمَْ يَتَكَّلَمْ فِي المهدِ إلا ثَلاثَة ، عِيسى ، وصَبِيٌّ كَانَ فِي زَمَنِ جُرَيْج ، وصبيٌّ آخَرُ" (9).