وصف الربيع
لأبي تمام
رقتْ حواشي الدهرُ فهيَ تمرمرُ= وغَدَا الثَّرَى في حَلْيِهِ يَتكسَّرُ
مَطَرٌ يَذُوبُ الصَّحْوُ منه وبَعْدَه =صَحْوٌ يَكادُ مِنَ الغَضَارة يُمْطِرُ
غَيْثَانِ فالأَنْوَاءُ غَيْثٌ ظاهِرٌ =لكَ وجههُ والصحوُ غيثٌ مضمرٌ
يا صاحِبَيَّ تَقصَّيا نَظرَيْكُمَا =تريا وجوهَ الأرضِ كيفَ تصورُ
تريا نهاراً مشمساً قد شابهُ =زهرُ الربا فكأنما هو مقمرُ
مِن كل زَاهِرَة ٍ تَرقْرَقُ بالنَّدَى= فكأنها عينٌ عليهِ تحدرُ
تَبْدُو وَيحجُبُها الجَمِيمُ كأنَّها =عَذْرَاءُ تَبْدُو تارَة ً وتَخَفَّرُ
حتَّى غَدَتْ وَهَدَاتُها ونِجَادُها= فِئتيْنِ في خِلَعِ الرَّبيع تَبَخْتَرُ
مُصْفَرَّة ً مُحْمَرَّة ً فكأنَّها= عُصَبٌ تَيَمَنُّ في الوَغَا وتَمَضَّرُ
منْ فاقعِ غضَّ النباتِ كأنهُ =دُرٌّ يُشَقَّقُ قَبْلُ ثُمَّ يُزَعْفَرُ
أو ساطعِ في حمرة ٍ فكأنَّ ما =يدنو إليهِ منَ الهواءِ معصفرُ
صنعُ الذي لولا بدائعٌ صنعهِ =ماعَادَ أصْفَرَ، بَعْدَ إِذْ هُوَ أَخْضَرُ