تراتيل .. عزف منفرد

[Fifi Maria]

بعثرة روح


واقفة على عتبات الذكريات المتناثرة

أقلب بقايا صور يلفها الحزن

لعلي ألمح طيفك الذي هجرني

عبثا احاول تذكر وجهك القاسية ملامحه

حين تركتني خلفك في ذاك الزقاق المظلم

تصفع وجهي سخرية الألم

عبثا احاول يا لونا اندثرت معالمه

جمع آثارك اللامتناهية في مدني السوداء

تتقاذفني أصواتك المقبلة عبر نسمات الليل

لتنبئني بحلول فجر حزين آخر

تختفي أطياف القمر و الدمع يحاصرني

أناجي أحضانه لتضمني كما كنت تفعل ذات مساء

و توهمني بالحب الأبدي كأنما لن نفترق

لكننا اليوم تلاشينا ، تناثرت أحلامنا
و لا زلت احاول تذكر ملامحك بعد الوداع

عبثا يا قلب ، لا تنتظر من بالأمس قد عصف

بأحلامك ، اطرد آخر أنفاسه و امض وحيدا كما كنت

لحن حب حزينا تعبث به قسوة السنين

[Fifi Maria]

صدفة


صدفة ... هكذا كان اللقاء

لا موعد مسبق ... لا مكان محدد


فقط دوران حول الذات ... شهيق و زفير عميقان

بحجم السماء الملوّنة بخربشات السّحاب المبعثر

لفائف من بقايا مقاعد أهملها المارّون

صدفة .. و ها نسمات الخريف تعود من جديد

لتلقي حزنها الشديد على ملامح الأوراق

الملقاة عبثا هنا و هناك كأنّما تنتظر من يحتضنها

ليلغي بعضا من سخرية الوحدة و الشجن

لا زالت الحيرة تأكل وجه الزمن المهترئ

من صدمات الغياب و حرقة الرحيل

و لا زالت الصدفة تقف خلف جداره باسمة

تلوّح بيدها لتجمع شتات الضائعين من البشر

نعم لم يكن الموعد مسجّلا من قبل في دفاتر

اللقيا ... لكنّها شاءت و شاء أن يكونا في اللحظة ذاتها

يتبادلان جزءا من ذكريات الأيام التائهة في عيونهما

يرسمان على لوحة القلب وجوها ضاحكة في ألم لامتناهي

محاولين إخفاء الوجع الذي حملته يوما ريح الاغتراب

نظرا لبعضهما و دام الصمت طويلا .. لم يشأ أيّ منهما

بالإفصاح عن ذهوله ... تركا الصدفة تكمل

عزف لحنها على وتر روحيهما لتبدأ حكاية

أمل جديدة ستقتلها الصدفة مرّة اخرى

دون أن تمنحهما فرصة للرجوع كما فعلا يوما

[Fifi Maria]

امرأة و جسد


لم أكن قبل اليوم أدرك تلك النظرات

لم أفهم حينها أنك اخترتني جسدا تلفّه كقطعة سيجار فاخر سيدي

ثم ترمي به على عتبات الطريق ليتناوله المارّة بأرجلهم سحقا تحت النعال


عفوا ..... لست تلك التراجيديا التي ترسمها أناملك برفق

على صفحات الجدران لتوهم من حولها بجمالية المكان ... رغم قسوتها

لست بقايا دموع تنهمر من عينيك كلما أتقنت دورك ببراعة على مسرح

الحياة الموشّح بستائر الخيبة ....


عفوا سيدي لست دميتك التي تشدها إليك بخيوط من سخرية القدر

ليصدّق الجميع أن الصدفة هي غطاء القدر حين يأبى أن يعرفه أحد


مهلك .... فلم أعد هاتيك الطفلة الساذجة التي تركض خلف أطياف

الفراش عند كل صباح لعلّها تصل أفق السماء لتعانق حلمها .......

حيث تسبح الغيوم في بياض كأنه الثلج يلقي رداءه على وجه الأرض

سيدي ذاك الجسد قد أنهكته لمساتك الخبيثة ...

لم أعد أطيق أسرك الذي عشقته يوما تحت عنوان : الحب الموهوم

فلتبحث عن وطن غيري و لتلق حبائلك على عصافير تكابد نهاية الطريق


كم أمقتك و كم أمقت كوني مجرد قصة قصيرة نسجتها من حروف المكر

[Fifi Maria]

نبيذ العشق

أهواك .... كطفلة تلهو .. كغيمة حبلى

كقطعة ثلج تذوب في حضن كفيك

حين تعانق صباحات أيار الباردة

أعشقك ....

كصبيّة في عز الربيع تجمع

أزاهير الفلا لتصنع منه عقدا يزيّن عنقك

كعصفور ينتفض شوقا إلى حبيبته

أحبك

كعشقي لتشرين ... كأغنية لفيروز تداعب

ملمس أوراق الخريف حين تلثم وجه الثرى

أرقب إشراقة بسمتك على محياي كمن

يعانق خيوط الشمس بعد ليل طويل

أهواك

يا رجلا رسم في أفقي ألحان الطفولة

يا سحرا نثر في دروبي أمل الحياة

يا نكهة كل الفصول أهواك .. يا فاكهة الروح

أعشقك كما لم أفعل في تاريخي قبل اليوم

يا مذاق العشق ... يا نبيذ أوردتي يا عطر أنفاسي

أحبك أحبك

يا مدني التائهة يا أشرعتي المنسدلة

ارتشفي كأس اللهفة على عتبات قلبه

و اسقني بعضا من حناياه السابحة

في لجج من حبي المجنون

أهواك يا أملي .. يا حاضري و غدي

يا فراشة العمر و ضحكة العيد ، يا قبلة العشق

يا ملهمي

علّمني كيف لا أشتاقك علمني كيف لا

أغرق في أحزاني حين تغيب

كن هنا يا من أهوى و أعشق و أحب

كن بالقرب .... لتشهد سماء نيسان

ميلاد ربيعنا العذري .... أحبك

[Fifi Maria]

براءة



أماه أحن إلى عهد الطفولة

تعتصرني بقايا الشوق إلى زمن البراءة و الابتسامة و السرور

هناك حيث كنت ألهو طفلة كفراش الربيع

ما همّني غير الأزاهير أعانق عبيرها كل مساء

و الشمس تختفي خجلا و ابتسامتي تحتضن خيوط المغيب .....

و اليوم ، اليوم اختفت هاتيك الصور

لم يبق في ذاكرتي غير ورود ذابلة سرقت

فرحتها يد العابثين ...........

اليوم يا أمّي تعتلي وجهي الصغير الهموم

ترتسم في أفقي ملامح الشجن أطياف من دموع الألم

رحلت فراشات الربيع ، أزاهير الفلا هجرت موطنها

و اليوم يا أمي قد أزف الرحيل

لا تسأليني متى الرجوع فلست أدرك هل

تحيا بعد ذبولها الورود ؟؟؟؟؟؟؟؟

هم مزّقوا دفاتري ، رسائل الهوى ، هجروا شوارع مدينتي

أطفأوا قناديلها التي كانت تضيئ الدّنا بحبي البريء

فأوصدي أبواب بيتنا الصغير و انتظري

ربما يجود عليك الزمان بطفلة كانت تحيا هنا

بين الشمس و تباشير الأفق البعيد

كانت يوما تسمى : براءة

[Fifi Maria]

حب طفولي


أحببتك

هويت روحك كما تهوى الطفلة لعبتها

سافرت في أرجاء فؤادك كطائر حب

يهوى الرحيل مغردا ألحان الشوق

ليس الهوى يا رفيقي كلمات ينطقها العشاق العابثون

في مدن الحب


إنه يا جنوني نبض قلبك يعانق أوردتي العطشى

روحك التي تسحرني كلما ناظرت صورك

المسافرة في حنايا فؤادي

و لا زلت تلك الطفلة تغمرها الضحكات في حضورك

ألهو بجوارك في خجل و أسترق النظر إليك

و تهمس يا حبيب الروح همساتك الحبلى بعبق الشوق

فتدوخني أنفاسك الثملات و تأسرني لمساتك

فتتناثر من حولي رائحة الياسمين


لأهيم كما فراش الربيع في عالم أحضانك


أطبق أجفاني ، و أرسم بسمتك على شفاهي

فتغار منها اللمسات و يشدني الشوق أكثر

فأرتمي بين ذراعيك أعانق لوعتك

كأنما تلك الطفلة الصغيرة يا رفيقي لم تكبر يوما

أحبك

[Fifi Maria]

حبيبي و البحر




جلست هناك حيث ينام البحر في هدوء

أرقبه كأنما طفل أسلم روحه للحلم

و فجأة زارني طيف الحبيب ، لاح على صفحة المياه الساكنه

يناظرني باسم المحيّا

خفق القلب و الروح انتشت


ها هو قد اقترب ليجالسني ، جلسنا ...... يخيم علينا الصمت


كنا نرقب نسمات الهواء و هي تداعب وجه البحر برفق


ليرقص هو رفقة الأمواج مبتهجا


لم يدم صمتنا طويلا ، ها هي العيون تتتحدث لغة الحب

و هاتيك الشفاه تنبي عن حرّ الاشتياق ولوعة الفراق

سامرني طيف الحبيب و البحر لا يزال هادئا

يرقبنا هو الآخر في سرور ............


آه كم كانت اللقيا ساحرة في ذاك المساء

لكن عبثا حاولت استبقاءه من جديد

فها هو الغروب حلّ ليسرق منا تلك اللحظات

حاملا معه طيف الحبيب مودعا ، و البسمة لم تفارق محيّاه

هكذا يراودني طيفه كلما امتزجت روحي بنداءات البحر

و هكذا انا أهواه و لست أتوب عن هواه .............

[Fifi Maria]

حديث القمر


أسامر القمر في غيابك

أحدثه عنك .. و عن روعة حبنا و تناظرني النجمات

و تبتسمن لي كأنما تهمسن في هدوء


اخبرينا المزيد عن حبيبك ....


هل تدرك كم أنا مجنونة بك الآن ... أحادث كل الكون عنك


حتى النسيم في صباحاتي بات يذكر اسمك و العصافير


تغنيك لحنا و تغزلك على أوتار النايات الراحلة عبر أيّار ...


تغار منك الهمسات ... و تغازلك روحي في صمت حين

أخشى منها عليك ، و يخاطبني الليل في ضحكة طفولية


تنسجني خيوط حب تناجي فؤادك لتحمل إليك ترنيمة المساء


ممتزجة بعبق أنفاسي المشتاقة ....


و لا زلت أسامر القمر إلى حين قدومك فمتى يحلّ صباح جديد

[Fifi Maria]

وردة الرحيل


قبل اليوم لم أكن ألق بالا لتلك الرسائل التي كنت

تتركها في كل مرة على طاولة الورد حيث زرعنا

ميلاد حبنا لأول مرة

و اليوم بعد ان حلّ بنا طيف الفراق و تركتني خلفك
أتجرع كأس الوجع كأنما ريح تشرين تعبث بأنفاسي

فتلقي بها كفنا أسودا خامرته لذة الموت فانتشى ثملا

نعم اليوم فقط بتّ أدرك كم هو قاس طعم الوحدة

و كم هو مؤلم الرحيل في ممرات الشوق دون رفيق

مسحة من بكاء الحيارى تلفني ... موسيقى الشجن تراود قلبي

تراقص بقايا من طيفك المترامي هنا و هناك و في كل الأشياء من حولي

حين تركت لي تلك الوردة الحمراء على وسادتي

معتقة برائحة أنفاسك و أنت تلثمها و تضمها

كطفل يحتاج قطعة من حنان تخفف عنه وحشة الهجر

لم أفهم أنك كنت تقولها صريحة وداعا ، أودعتك برفقة الأحزان

لم تكن هدية منك بل طعنة في القلب ، صفعة من سخرية الأيام

ليتك رحلت في صمت ... لربّما لا زلت اليوم

أبتسم و أنا اناظر العشاق في عيدهم يحضنون الورد في رفق

ذبلت أوراق دفاتري ..... اختفت ضحكاتي .. و امتثل

الحزن في ممراتي رفيقا يضمني كلما خطرت على البال ذكراك

[Fifi Maria]

نداء الروح


كان هنا لكنّه لمّا يزل هاهنا

رحل ، سافر ليحمل معه قلبي إلى حيث اللارجعة


هجر المدينة تاركا خلفه بقايا قلب نازف و روح يائسة


غادر، و غادرت بعده كل طيور الكناري

مخلّفة أعشاشا بلا ألحان و أفنانا بلا زهر

يعانق وحدتها

ابتعد ، و ابتعدت معه أشعّة الشّمس التي أضاءت

يوما أرجاء هذا المكان


هل تراه عاش يوما هاهنا أم تراه الوهم يمازحني

لست أدري ...

ألا من يخبّرني و يمحو عني حيرتي

ألا من يعيد للربيع ابتسامات الزهور

و مضيت أبحث عن مكانه في حنايا الروح

و مضت برفقتي ألحان الشجن و نغمات الأسى

لتهمس لي في خفوت معلنة سقوط آخر مدينة في قلبي :

كان هنا ، لكنّه لمّا يزل هاهنا