إلى روح أبي13/10 /1431هـ
رَوْضة المعروفِ
يحيى بن إبراهيم حسن شعبي
معَ الهمِّ لي بحرٌ مـنَ الصبـرِ يزْخَـرُ=أَجُـوْزُ بـهِ الأرْزاءَ. واليومَ أَعْـثُـرُ!
فما لِـي ْأَرَى بَحْـرِيْ تَبَـدَّدَ وامَّحَـى؟!=وغَـاضَ أيـا ربَّـاه كيْـفَ التَّصَبـُّرُ!
وكيفَ سبيلُ العيشِ؟! مِنْ بعدِ مَنْ بنـى=سناهُ عُرَى رُوحي ومـا كنـتُ أُصْـدِرُ
فَوَيْحِي! سطا الموتُ الـزؤام ُ فأقفـرتْ=رياضُ الأَبِ الحانِي وسـادَ التَّصحُـرُ
وأضْحى البكـاءُ المُـرُّ مِنـِّي سَجِيـَّةً=هَتَكْـتُ اصْطِبـاري فالحنايـا تَسَعَّـرُ
أرى النَّاسَ مِنْ حَوْلِي يُواسُونَنِي ضُحىً=يُمَضُّـوْنَ وَقْتِـي والدَّياجِـي تُعَـمِّـرُ
بِهـا كُـلُّ أَسْبـابِ التَّذَكُّـرِ تَغْتَـلِـيْ=فَأُصْبِحُ كالمَمْسُوسِ دَائِـي التَّذَكُّـرُ
مَتَى عَنَّ ذِكْرُ الفَقْدِ يَجْتاحُنِـى الأَسـَى=أُحِسُّ بشـيءٍ فـي حَنايـايَ يَنْخَـرُ
وَشَيءٍ على وَجْهِيْ وَعَيْنَـيَّ ضَـارِبٍ=وَتَضْطَـرِبُ الأَنْفـاسُ لـمَّـا أُفَـكِّـرُ
ألا يا أبي ما لـي؟! فقـدْ كنـتُ راشـداً=كبيرًا ولكــنْ جُرْحُ فقـدكَ أكْــَبرُ
فَفِيْكَ المُصابُ اجْتاحَ عقليْ وَمُهْجَتِـي=وَأَمْحَـلَ وجْــدانـِي فَكُلِّيَ مُقْـفِـرُ
فَفِي بَيْتِكَ المَعْمُـورِ بالخيـرِ شَاشَـةٌ=كأنـَّكَ نَحْـوي الآنَ تَمْشِـي وَتَنْظُـرُ
فَأَهْرعُ - والآمـالُ رعــدٌ وبــارقٌ=إليهـا وللخيبـات نصـــرٌ مُظَفَّـرُ!
عَسِيْرٌ عَلَيَّ البَيْـنُ يغْتَالُنِـي الشَّجَـا=إذا ما سَمِعْـتُ النـَّاسَ للمـوتِ تَذْكُـرُ
أَسِيْرُ بِغُـلِّ الهـمِّ يَسْتَوْطِـنُ المَـدى=أَسَايَ وَيَفْرِي القَلْـبَ منِّـي التَّحَسُـرُ
ألا يـا أبـا الأحْـرارِ والحُـرُّ نـادرٌ=فَدَيْتُـكَ إذْ للحَـقِّ تَمْضِـي وَتَنْـصُـرُ
وَتكَـْرهُ خَوَّانـًا وَشَخْصـًا مُخـاتِـلاً=وفي رَوْضةِ المعروفِ تَنْهـى وَتَأْمُـرُ
إذا ما الحَمَـاسُ اخْتَـطَّ للغِـرِّ خُطَّـةً=تُجَانِـبُ شَـرْعَ اللهِ أُلْفِـيْـكَ تُنْـكِـرُ
أَلِفْتـُـكَ يا عَيْنـِـيْ بِعَيْنَــيَّ ساكناً=وَتُبـْدِي الحَيَـا مِنِّـي وِإِنِّـي َلأَصْغَرُ
فَكَيْفَ وَقَدْ غَادَرْتَ يَـا نُـوْرَ غَايَتِـي=لَـكَ الله ُأَقْدَامِـيْ بِـدَرْبِـي تَسَـمَّـرُ!
قَرَأْتـُـكَ تارِيْخـًا وَخِــلاً وَوَالِــداً=وَجَـارًا. إذِ الأيـامُ مِـسْـكٌ وَعَنْـبَـرُ
فَأَبْشِـرْ بِخَيْـرٍ مَرْكَـبُ البِـرِّ ماخِـرٌ=وَهَـلْ مرَكْبٌ كالِبـرِّ يَعْـدُوْ وَيَمْخَـرُ؟!
لَـكَ الحَمْـدُ يَـا رَبَّـاهُ حَمْـداً ظِلاَلُـهُ=سَحَائِــبُ مُـزْنٍ تُسْتَغـاثُ فَتُمْـطِـرُ
وَيـا رَبُّ فارْحَـمْ مُؤْمِـنـًا مُتَبَـتِّـلاً=لـــهُ في رياضِ الخيرِ حَرْثٌ وَأَنْهُـرُ
وَوَسِّعْ لَهُ في القَبْرِ وَاجْعَلْـهُ رَوْضَـةً=فَفِــي قَلْبِهِ رَوْضٌ مِـنَ الذِّكْرِ مُزْهِـرُ
وَفِي جَنَّـةِ الفِـرْدَوْسِ أَسْكِنـْهُ إِنَّــهُ=يُوَافِيـْـكَ جَمَّ الشَّــوْقِِ واَلْقَلْبُ أَخْضَـرُ