تأثيرات حرب العملات خليجياً نتيجة السياسة النقدية الأميركية والانخفاض الاسمي للدولار

زيادة الرواتب تنعكس على القوه الشرائية وتحد من معدلات التضخم

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
زيادة الرواتب ستنعكس على القوه الشرائية للمواطنين وسيكبح التضخم
الرياض - فهد الثنيان
أشعلت معدلات التضخم إشكاليات كبيرة برزت آثارها على الاقتصاد السعودي في ظل عدم رغبة الدولة في تعديل أسعار الصرف في الوقت الحالي ما يزيد المطالب بزيادة معدلات الرواتب للمواطنين كأحد الحلول الفاعلة لهذه المشكلة وبالتالي انعكاس ذلك على القوة الشرائية، ما سيخفف من معدلات التضخم على المواطنين.
يأتي ذلك بعد أن ظهرت مخاوف جديدة تتعلق بتأثير محتمل على دول مجلس التعاون الخليجي في سياق حروب العملات العالمية نتيجة السياسة النقدية الأميركية والانخفاض الاسمي لقيمة الدولار وما قد ينجم عنها، ما قد ينسحب على أسعار النفط وحركة التجارة ومعدل التضخم العام والتدفقات الرأسمالية إلى اقتصادات المنطقة، ويحتمل أن تؤثر هذه العوامل وخاصة التضخم على الاقتصاديات الخليجية لدرجة قد تستوجب تحركا من واضعي السياسات في المنطقة.
وأشار تقرير اقتصادي إلى أنه في سياق حروب العملات، قد يتم اللجوء لدول المنطقة للعب دور بناء في معالجة اختلالات التوازن العالمية، التي تعتبر الأساس في التوترات العالمية بين العملات، وسادت هذه الاختلالات والفوائض في الحسابات الجارية على التجارة العالمية والعلاقات الاقتصادية أخيرا، وتحظى بموقع بارز في جدول أعمال الدول الصناعية العشرين.
وأضاف التقرير "مما لا شك فيه أن أداء الدولار خلال النصف الثاني من 2010 وخلال التحضير لبرنامج التسهيل الكمي قد ألقى الضوء على دور أسعار الصرف الثابتة في الأوضاع الاقتصادية لمنطقة مجلس التعاون، وذلك لأن معظم عملات مجلس التعاون الخليجي مربوطة بالدولار الأميركي (باستثناء الكويت التي تربط دينارها بسلة غير معلنة من العملات يعتقد أن حصة الدولار فيها تراوح بين 70 في المائة إلى 80 في المائة)، وبالتالي سيؤدي الانخفاض الاسمي في قيمة الدولار إلى انخفاض أسعار صرف العملات الخليجية.
وتابع كمثال على ذلك، اتبع أداء الريال السعودي مسار الدولار الأميركي مقابل العملات الأجنبية الرئيسية على مدى الأشهر الستة الماضية، حيث تراجع بنسبة 8.2 في المائة مقابل اليورو، و5.7 في المائة مقابل الجنيه الاسترليني، و9.1 في المائة مقابل الين (يحتسب على أساس متوسط الأسعار الفورية لكل شهر).
وبين التقرير الذي أصدره بنك الكويت الوطني أنه إذا ما نظرنا إلى مؤشر سعر الصرف الاسمي الموزون بحسب التعاملات التجارية للريال في الأشهر الثلاثة التي سبقت سبتمبر 2010م نجد أن العملة السعودية قد تراجعت بأكثر من 3 في المائة.
من جهته قال ل "الرياض" المحلل الاقتصادي خالد الجوهر تعليقا على التقرير أن أسئلة كثيرة بدأت تثار مؤخراً حول مدى نجاعة سياسة تثبيت سعر صرف الريال مقابل الدولار الأمريكي خاصة في ضوء التغيرات الأخيرة مثل ارتفاع أسعار السلع الغذائية التي رفعت نسبة التضخم، والاختلاف الواضح في الوضع الاقتصادي الأمريكي عنه في المملكة، وتباين متطلبات السياسة النقدية وسعر الفائدة بين الدولتين وغيرها من الظروف والمعطيات التي تضع سياسة التثبيت محل نقاش، وبالرغم من كل ذلك لا بد أن نعترف أن هناك معطيات أخرى بالمقابل تدفع إلى المضي بسياسة التثبيت منها أن أغلب صادرات المملكة هي من النفط والمشتقات البترولية، وهي مركزة إلى دول تعتمد الدولار الأمريكي كعملة تسعير أهمها الولايات المتحدة والصين والهند، لذلك تكون قيمة الصادرات أكثر استقراراً عند تثبيت سعر صرف الريال مع الدولار.
وأفاد أن هناك مصالح عليا للدولة بنيت على مدى عقود من العلاقات الراسخة والمستقرة التي يمثل الجانب الاقتصادي أحد أركانها وليس الكل.
وقد أكد المسؤلين الاقتصاديين للدولة نجاح هذه السياسة على مدى العقود الماضية، وأن المصالح الكلية للملكة تميل لصالح الاستمرار بسياسة التثبيت مقابل الدولار، كما أن السياسة النقدية للمملكة استطاعت التصرف بمرونة كبيرة وبما يخدم الاقتصاد المحلي دون الحاجة لاتباع خطوات "الفدرال ريزيرف" الأمريكي بحذافيرها، ما جعل مبرر فك الارتباط من هذه الناحية غير مبرر.
وأبان الجوهر أن الاقتصادات الأوروبية لا زالت تمر في مراحل صعبة وتواجه تحديات كبيرة تتعلق بمتانة الوضع المالي والاقتصادي لكثير من الدول المنضمة إليه، وقد لمسنا خلال الفترة الماضية تذبذب كبير لسعر صرف اليورو قياساً بتذبذب أسعار العديد من السلع والمعادن النفيسة ما يؤكد سياسة المملكة للمضي بسياسة تثبيت سعر صرف الريال مقابل الدولار الأمريكي.
من جهته قال الاقتصادي الدكتور بندر العبدالكريم أن الانخفاض المستمر للدولار سيزيد من معدلات التضخم بالمملكة وانخفاض القوة الشرائية، إضافة إلى انخفاض قيمة الاستثمارات السعودية داخل المملكة وخارجها المقيمة بالدولار، متوقعا قيام الدولة بعمل العديد من الخطوات لمعالجة التضخم الداخلي الناشئ عن الإنفاق الحكومي الكبير خلال السنوات الأخيرة.
وقال إن أبرز السياسات الخارجية لكبح التضخم المحلي هو تعديل أسعار الصرف مما يظهر عدم رغبة الدولة في اتخاذ مثل هذا الإجراء في الوقت الحالي ويبقى الحل بيد الدولة عن طريق زيادة معدلات الرواتب لموظفي الدولة وبالتالي انعكاس ذلك على القوة الشرائية ما سيخفف من معدلات التضخم على المواطنين.
وأشار إلى أن دعم المواد الغذائية الأساسية من قبل الدولة وإيجاد حلول عملية لمشاكل الإسكان الذي يستنزف بين 30 و40% من دخل المواطن السعودي سيساهم في التقليل من تأثيرات التضخم في المواطن السعودي جراء هبوط الدولار أو التأثر بحروب العملات العالمية.