يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - وأسكننا وإياه فسيح جناته : (( إن في الدنياجنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة )) ، وهذه الجنّة هي التي يفتقدها كل أسير للمعاصي من شبهات ، إنها السعادة القلبية والراحة النفسية التي يجدها المؤمن في قلبه وتظهر على وجهه ، وتتضح من أعمال جوارحه ، وتزيد هذه السعادة كلّما أقبل المؤمن بصدق وإخلاص على ربه ، لقد وجد هذه السعادة الحقة شيخ الإسلام ابن تيمية الذي جاهد في الله حق جهاده ، وابتلي فصبر ، لقد دخل السجن عدّة مرّات ، في مصر ، وفي دمشق ، ولم يكن السجن ليروعه أو يخيفه ، بل كان شيئا" محببا" إلى نفسه ، فهو الذي يقول :
مايصنع أعدائي بي ؟
أنا جنّتي وبستاني في صدري ...
أين رحت فهي معي لا تفارقني...
أناحبسي خلوة ...وقتلي شهادة ...وإخراجي من بلدي سياحة .
وهوالذي يقول : فتح الله عليّ في هذا الحصن من معاني القرآن ، ومن أصول العلم بأشياء مات كثير من العلماء يتمنّونها ، وندمت على تضييع أكثرأوقاتي في غير معاني القرآن )) .
وهو الذي يقول لمّا أدخلوه القلعة سجينا"وأغلقوا عليه بابها: [[ فضرب بينهم بسور له باب باطنه في الرحمة وظاهره من قبله العذاب ]] .( اقتباس ) .
وكان في حبسه يقول ( لو بذلت ملأ هذه القلعة ذهبا" ماعدل عندي شكر هذه النعمة ، أوقال ماجزيتهم على ماتسببوا لي من الخير )) .كيف لايجد ابن تيمية السعادة ، وهو الذي ختم القرآن في السجن ثمانين ختمة ؛ فانقلبت محنة السجن إلى منحة ربّانية .
وهو الذي يقول : (( المحبوس من حبس قلبه عن ربه ، والمأسور من أسره هواه .
وكان إذا صلّى الصبح جلس في مكانه يذكر الله - تعالى - حتى يتعالى النهار )) .ويقول : (( هذه غدوتي لولم أفعلها سقطت قواي )) .هذا غيض من فيض من سيرة ابن تيمية - رحمه الله - ، ومن أراد الاستزادة فليراجع كتبه وكتب تلميذه ابن القيم - رحمه الله -.
إن لم تكونوا مثلهم فتشبهوا * * * إن التشبه بالكرام فلاح