يا ليلَ لـبنــان.. يا نافورَة َالعَسَـل ِ
مُرٌّ فـَمي.. مُرَّة ٌ ، مَذبوحَة ٌجُمَلي
ثـَكلى ، عراقيـَّة ٌ..مَطعونـَة ٌلـُغـَتي
دَمُ الحسين ِبها يَجري ، وَجُرحُ علي
فاغفِرْ فلستُ أعي مِن فـَرْطِ نَزفِ دَمي
رَسـائلي أبطأتْ ، أم أبطأتْ رُسُـلي!
*
مِن قبل ِعامَين ِ..لولا قـَيدُ أجنِحَتي
لـَكنتِ زَحلة َلي حِـلـِّي وَمُرتـَحَـلي
عُذرا ًسَعيدَ بنَ عَقل ٍ..يا أبي وأخي
يا زَهوَ لبنانَ..يا شـَبـَّابَة َالأزَل ِ
يا أعذ َبَ الماءِ في لبنانَ أجمَعِها
تجري اليَنابيعُ مِن شـَلاّلِكَ الخَضِل ِ
عـُذرا ًلأنـَّكَ يا أعـلى ذ َوائـِبـِهـا
نادَيتـَني يَومَها ، لكنْ بلا أمَل ِ
كنـَّا كِلانا رَهينـَي مَحبـِسَيْ مَرَض ٍ
وَشَوطِ عُمر ٍجَرى فينا على عَجَل ِ
وَهـا أنا اليومَ أحدو رَكبَ قافلـَة ٍ
تـَسعى بجيش ٍمن الأعوام ِلا الإبل ِ
تأرجَحَتْ بي على وَهْن ٍهَوادِجُهـا
سَكرى مِن الشـَّوق ِوالإحساس ِبالخجَل ِ
لأنـَّني ، يَومَها ، أحسـَستُ يا أبَـتي
أنـِّي عَصَيتُ نِداءَ الشـِّعر ِفي الرَّجُل ِ
والـيومَ .. ها أنـَذا آتٍ يُعـَثــِّرُني
خوفي مِن انـَّكَ قد لا تـَحتـَوي زَلـَلي!
*
يا ليلَ لبنان..يُغريني ، ويُربكـُني
مَرأى نجومِكَ آلافـا ًمِن المُقـَل ِ
تـَرنو إلى خـُطواتي كيفَ أنقـُلـُها
وكيفَ أرقى بها في شـَعفـَةِ الجَبَل ِ
كأنْ لـِصَمتـِكَ أرواحٌ ، وأفئـِدَة ٌ
جَميعُها في ظلام ِاللـَّيل ِتـُوميءُ لي
وَفي دَمي، رُغمَ سَبعيني، مُكابَرَة ٌ
وَبي حَنيـنُ دَم ِالسـَّبعـين لـِلـبـَلـَل ِ
فـَيا أعَزَّ الذ ُّرا..ما دُمتِ مُلهـِمَتي
كوني قـَصيدي، وكوني بَعدَها زَجَلي
إنْ شِئتِ أن تـُسدِلي ما بَينـَنا حُجُبا ً
فـَطـَوِّقيني ، ولكنْ..خَفـِّفي سُدُلي
لقد أتـَيتـُكِ هَيمانَ الخُطى ، فـَرِحا ً
أنـِّي سأ ُفلـِتُ مِن زَحلا إلى زُحَل ِ!
فأدرِكيني لـَعَلَّ الحُلمَ يَصْدُقـُني
فـَنـَلتـَقي بينَ هذي الأعـيُن ِالنـُّجُل ِ!
*
يا جَنـَّة َالأرز..يا بَوَّابـَة َالأزَل ِ
يا آيـَة َالفـِكر ِ،والإبداع ِ،والغَزَل ِ
يا أ ُمَّ مَعلوف..كلُّ الزَّهو ِأنَّ لنا
شَوطا ًمن الحُبِّ يَستعصي على المَلـَل ِ
وأنـَّنا ، أ ُمَّ فوزي ، ما يزالُ بنـا
خَفـْقُ النـُّسور ِجَناحَيها إلى القـُلـَل ِ
قولي لِفوزي ، وقد أسرى الحَديدُ بهِ
بينَ الكواكبِ يَسعى سَعيَ مُحتـَفِل ِ
أيُّ الجَناحَين ِأهدى لِلسـَّماءِ سُرىً
ذاكَ الحَديدُ ،على تـَصخابـِهِ الجَلـَل ِ
أم رَفـَّة ٌقـلبـُهُ المَعـمودُ رَفَّ بـِهـا
راحَتْ تـَطيرُ بهِ في هـَيلـَمان ِوَلي؟!
حتى لقـد تـَلمِسُ الأفلاكَ رِعشـَتـُها
والنـَّجمُ مُنذ َهـِلٌ يَرنو لـِمُنذ َهـِل ِ!
كذاكَ نحنُ نـُعاصي..سِربَ أجنِحَةٍ
تـَسعى إلى اللهِ سَعيَ الرَّاغِبِ الوَجِل ِ
كأنـَّنـا ، فـَرْط َما نـَبري قـَوادِمَنا
نـُشابـِكُ الرِّيحَ بالأقواس ِوالأسـَل ِ
وما ادَّعى مُدَّعـيـنا أنـَّهُ بَطـَلٌ
لكنْ يَموتُ على أسطورَةِ البَطـَل ِ!
*
لبنـانُ .. حَسبيَ أنـِّي كانَ لي قـَلـَمٌ
يَسري بـِحُبـِّكِ قنديلا ً، ولم يَزَل ِ
مِن يوم ِكانَ هَجيرُالصَّيفِ يَحملـُني
لـِبَردِ عالـيه..أغـشـاهُ على جَفـَل ِ
أ ُراقبُ الغـَيمَ يَجري تحتَ نافِذتي
والـلـَّيلُ يُوقـِدُ آلافـا ًمن الشـُّعـَل ِ
حتى كأنَّ النـُّجومَ الزُّهرَ مِن وَهَج ٍ
وَقـُربِ ضَوءٍ ، مَصابيحٌ على الجبَل ِ!
وَلـِلـذ ُّرا ، ونـَديفُ الـثـَّلج ِيَغمُرُها
زَهوُ العـرائس ِقد بُرقـِعنَ بالكِلـَل ِ!
لـِيَوم ِصارَ هَجيرُ الـنارِ فيكِ دَما ً
لـَهُ بـِروحيَ جُرحٌ جـِدُّ مُنهـَمِل ِ
بينَ الهَجيرَين ِيا زَحلا نـَذ َرتُ دَمي
إنْ في العراق ِ،وإنْ في هذهِ الظـِّلـَل ِ
كأنـَّني بينَ ضَوءَيْ نـَجمةٍ وَدََم ٍ
في مَوطني كلـِّهِ ، أسعى إلى أجَلي!
*
أندى السـَّلام ِعلى لبنان..إنَّ لنا
في حُبِّ لبنان تأريخا ًمن الرَّفـَل
من الهَوى،والغِوى،والرِّكض ِفي الجَبَل ِ
خلفَ اليَنابيع ِ..بينَ الفـَيْض ِوالوَشَل ِ
نـُطـَرطِشُ الماءَ كالأطفال ِمن فرَح ٍ
ونـَقفزُ الصَّخرَ كالغزلان ِمن جَذ َل ِ
غـَضَّا ًأتـَيتـُكِ في العشرينَ من عُمُري
وجئتـُكِ اليومَ شـَيخا ًجـِدَّ مُكتـَهـِل ِ
فأورِقي ، فـَرَذاذ ُ العـُمرِ أجمَعـِهِ
يَنـِثُّ فوقـَكِ آلافــا ًمن الـقـُبــَل ِ!