بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى : (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ)..
قد يخطر على بالنا أن معنى كلمة (تحمل عليه) أي تضع الأحمال فوقه.. وهذا خطأ..
والصحيح أن معنى العبارة (تحمل عليه) في الآية أي تطرده وتزجره..
شبه الله سبحانه وتعالى من عرف آياته حق المعرفة ثم انسلخ منها إلى الملذات المحرمة في الحياة بالكلب الذي يلهث في كل الأحوال.. سواءً تطرده أو تتركه فهو يلهث..
كذلك من انسلخ من آيات الله تجده حريصاً على الدنيا إن وعظته لا يتعظ وإن تركته ضل.. فهو ضال في كلا الحالتين.. وهو كالكلب إن طردته وزجرته لهث وإن تركته لهث..
وللمزيد من المعرفة..
من تفسير السعدي هذا تفسير قوله تعالى :
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)..
- يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا} أي: علمناه كتاب اللّه ، فصار العالم الكبير والحبر النحرير.
- {فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} أي: انسلخ من الاتصاف الحقيقي بالعلم بآيات اللّه ، فإن العلم بذلك يصير صاحبه متصفاً بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، ويرقى إلى أعلى الدرجات وأرفع المقامات ، فترك هذا كتاب اللّه وراء ظهره ، ونبذ الأخلاق التي يأمر بها الكتاب ، وخلعها كما يخلع اللباس ، فلما انسلخ منها أتبعه الشيطان أي: تسلط عليه حين خرج من الحصن الحصين ، وصار إلى أسفل سافلين ، فأزه إلى المعاصي أزا.
- {فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} بعد أن كان من الراشدين المرشدين. وهذا لأن اللّه تعالى خذله ووكله إلى نفسه.
- فلهذا قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} بأن نوفقه للعمل بها ، فيرتفع في الدنيا والآخرة، فيتحصن من أعدائه.
{وَلَكِنَّهُ} فعل ما يقتضي الخذلان ، فَأَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ أي: إلى الشهوات السفلية والمقاصد الدنيوية.
- {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} ترك طاعة مولاه.
- {فَمَثَلُهُ} في شدة حرصه على الدنيا وانقطاع قلبه إليها {كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} أي: لا يزال لاهثا في كل حال ، وهذا لا يزال حريصاً ، حرصاً قاطعاً قلبه ، لا يسد فاقته شيء من الدنيا.
- {ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} بعد أن ساقها اللّه إليهم ، فلم ينقادوا لها ، بل كذبوا بها وردوها ، لهوانهم على اللّه واتباعهم لأهوائهم بغير هدى من اللّه.
- {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} في ضرب الأمثال وفي العبر والآيات ، فإذا تفكروا علموا ، وإذا علموا عملوا.
** والله أعلى وأعلم **
** بتصرف من عدة مصادر **