بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
نحن نحب دائماً أن نعكس لمن حولنا كل جميل... ونحرص كل الحرص على ستر كل قبيح... فإذا رجعنا إلى أهلينا أو خلونا بأنفسنا، أبت تلك المساوئ إلا أن تحرر نفسها، لذلك كانت حكمة الجليل الحكيم أن أرسل جبريل –عليه السلام- إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- في تلك الصورة البهية... شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر... فكان هذا المنظر وأسلوبه في تعليم الناس سبباً لاجتذاب أسماعهم وقلوبهم، فيسأل وهم يرتقبون الإجابة، فيسأله عن الإحسان، فيقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)).
نعم، هذا هو الإحسان، تعبد الله كأنك تراه، ولو عبدناه حقاً كأننا نراه لاستقامت ظواهرنا وبواطننا ولا استحيينا أن تمر بنفوسنا خاطرة ناشزة أو فكرة فاسدة.
كيف لا، وخيره إلينا نازل، ويزيدنا، وشرنا إليه صاعد، ويسترنا.
يعاملنا معاملة المحب المشفق فيمهلنا، ويتقبل منا ويرزقنا ولا يحرمنا، ونحن عمي البصائر، نتفنن في تجميل الظاهر ولا يهمنا خراب الباطن.
أعبد الله كأنك تراه، أما ترى أنك إذا أحسن إليك أحد من خلقه في شيء من متاع الدنيا، أو تودد إليك بخلق نبيل ومعاملة طيبة، فإنك تحبه وتلين له في كلامك وتحرص -كل الحرص- أن يرى منك كل حسن وتحجب عنه كل قبيح!.
فكيف بالله -وله المثل الأعلى- وهو خلقك وكساك وآواك ومن كل ما سألته أعطاك؟! أليس الأولى أن نرضيه جل في علاه.
ألا نعاتب أنفسنا حينما نسلك مسلك من قال الله فيهم: (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله).
إلهي لا تعذبني فإني *** مقر بالذي قد كان مني
يظن الناس بي خيراً وإني *** لشر الناس إن لم تعف عني