لا شك أن الأب الذي يعاني من العصبية والتوتر ، فإنه ينقل هذه المظاهر إلى أطفاله ، لأن الطفل في حقيقة الأمر يلاحظ سلوك أبيه وينقل تصرفاته ، وبذلك فإنه يتعلم أساليب جديدة للاستثارة الانفعالية .
والأم الثائرة الحانقة تعلم أطفالها العصبية والتهور والرعونة ، بدلا من أن تعلمهم مجابهة الحياة بترو وهدوء دون انفعال وعصبيه مبالغ فيها ، والأم التسلطية تصبح مصدراَ محبطا للطفل فيقاومها كلما أمكن من ذلك ، بعكس الأم المرنة الهادئة التي يحبها الطفل ويثق بها ، وبالتالي يخضع لمشيئتها ، وينفذ مطالبها بكل اقتناع وهدوء ، ومعنى ذلك أن كل الانفعالات والأساليب السلوكية والعادات والاتجاهات سواء كانت مرضيه أو صحية ، سويه أو شاذة ، تتمركز حول الآباء باعتبارهم مصادر السلطة ، وحينما يكبر الطفل ينقل هذه الانفعالات والأساليب ، ويبدأ في تعميمها ، فالمعلمة تصبح البديل أو القرين لأمه ، وكذا المعلم يصبح القرين والبديل لأبيه ، لذلك لا غرو إذا كانت التربية ألحديثه تؤكد على تربيه الآباء قبل الأبناء وتربية المعلمين قبل تربية التلاميذ الصغار ،
وإذا كانت القسوة تؤدي على عصبية الطفل وتوتره في التدليل المبالغ فيه والإفراط ي الحماية يؤديان إلى عصبية الأطفال وانفعالاتهم المرضية وتوترهم الدائم لأن التدلي ينمي في شعور الطفل الأنانية ويجعله دائم التمركز حول ذاته فيتوتر إذا لم تجب رغباته لأنه يحس بوجدانه المريض ـ إن المجتمع يضطهده ـ والدليل من وجهة نظره انه لم تحقق رغباته ومطامحه .
ومن مظاهر عصبية الأطفال مص الإبهام أو الأصابع وهو ضرب من السادية الفمية التي يمارسها الطفل ، ويعتبره المحللون النفسيون من الظواهر الدالة على مغزى جنسي له علاقة بالكبت والاستعاضة عن رضع الثديين ، ومص الأصابع في الشهور الأولى عملية طبيعية ، وتقع الخطورة الحقيقة إذا استمرت إلى سن متقدم كسن العاشرة مثلا ، في هذه الحالة تعتبر عرض من أعراض الاضطراب النفسي والعصبي ، وعلاج هذه الحركة تكون بعلاج الحالة النفسية للطفل وكذلك الحالة الأسرية التي يعيش في كنفها الطفل ، ويتركز العلاج على علاقته بوالديه وإخوته في محاولة لإشباع الحاجات النفسية لديه كالشعور بأنه محبوب ومطمئن وانه يحظى بالتقدير والإيثار ، وشغل أوقات فراغه بأنشطة يدوية وذهنيه لكي يحول بينه وبين مص أصابعه .
كذلك قضم الأظافر لجوء الأطفال والبالغين إلى عض الأظافر النامية وأصابع اليدين وعض القلم وهذه نشاهدها كثيرا في الامتحانات وهي من العادات التي يتعذر إزالتها بسهوله ، وهي ظاهرة تدل على انفعال الغضب والشعور بالحرج وهو ظواهر وأعراض التوتر النفسي والعصبي نتيجة لعدم التكيف مع البيئة ، أو لعدم مواجهة بعض المواقف الحياة ونراها كثيرا أثناء الامتحانات ، ويفسرها بأنها وسيله سلبيه لاستنفاد التوتر النفسي العصبي ، والهروب من الواقع ، والعقاب والتوبيخ لا يجدي في علاج هذه الحالة ، فلا بد من إجراء التصحيحات اللازمة في علاقة الطفل مع والديه ومعلميه وكل من في البيئة لإشباع حاجاته النفسية ، ومحاوله إثبات ذاته بأسلوب توافقي ، مع الاهتمام بالأنشطة الترفيهية والزيارات ومشاهدة البرامج الهادفة .
وهناك حركات لا اراديه ناتجة عن عصبية الطفل تتخذ صفة العادة كهز الساق بطريقة مستمرة ورمش العين في تلاحق مستمر ، تحريك الأنف ذات اليمين وذات اليسار ، وتحريك جوانب الفم وتحريك الرقبة لليمين ولليسار وللخلف ، وكلها تتم بطريقة عصبيه تلقائية ومتتابعة ، وحينها تتأصل هذه الحركات فإنه لا يقدر على منعها مهما نبه أو زجر أو حتى عوقب ، فإن مثل هذه الحركات وسائل للتخلص من التوترات العصبية الناتجة عن اضطرابات نفسيه حادة ، وان محاولات التنبيه والتوبيخ والعقاب لا تفيد في شفائها بل تزيد تثبيتها .