السلام عليكم "
قصةٌ كتبتها منذ فترة قصيره "
بها بعض الهفوات الإملائية لكنها معبره !
أتمنى أن تجدوا الشيء الجميل فيها
أستيقظت باكرا على غير العادة ..
كان يوماً جميلاً .. كانت السماء مليئة بالغيوم ..
شعرت انها سوف تمطر .. ولكني قد وضعت مظلتي في شنطتي تحسبا لوقوع المطر ..
كل شيء جاهز .. وحان وقت ذهابي للمدرسة التي كانت في القرية المجاروة لنا على بعد اميال ..
كالعادة اولاد اختي سوف يذهبان معي .. نوف وزاهر ..
تبسموا لي.. كنت أكبُرهم بسنتين فقط ..
بدأنا بالسير للمدرسه .. كانت السماء تمطر شيئا يسيرا ..
شعرت برغبه في التغيب عن المدرسه والذهاب لمشاهدة الرعاه في الجوار ..
شدني صوت نوف تردد جملة من كتابها تريد ان تحفظها ..
شعرت ان لها مستقبلا مشرقا .. لاادري لماذا ولكني شعرت ..
وصلنا للمدرسة كنت ادرس في الصف الثالث ونوف وزاهر في الصف الاول ..
كانا توأمان .. مسحت على راسيهما وذهبت لفصلي استعدادا لطبور الصباحي ..
دخلت الفصل .. لفت انتباهي طالب جديد في الفصل .. كان يتكلم ويمازح الطلاب وكأنه صديق قديم لهم ..
سلم علي ملوحا بيده .. تبسمت له ولم اطل النظر في وجهه ..
شعرت باحساس غريب في داخلي ..
شعرت اني اكرهه كرها لايوصف ..
لا ادري لماذا ولكني كرهته ..
كلامه وضحكاته كانت مغلفة بالمكر والخداع .. رغم حداثة عمره لكنه يفتقد البراءه ..
بادرني بسؤاله عن اسمي .. فاخبرته انه يحيى ..
لم اطل الكلام ..
وقفت وسدرت وخرجت للطبور الصباحي ..
وقف هشام متعجب لما راه مني ..
انتهى اليوم الدراسي .. خرجت وكالعادة اولاد اختي في انتظاري ..
استغربت .. زاهر كان يبكي !!
سألته مابك .. قال مدرسي ضربني !!!
قلت ولما ؟؟
قال لم اجب بالشكل الصحيح على السؤال ..
احتضنته ومشيت واخبرته اني قد انضربت ضربا مبرحا عندما كنت في صفه ..
فجأه سمعت ضحكة ساخبة من خلفي ..
نظرت بطرف عني ! يالهي انه هشام !!
كان يسكن في قريتي ..
حاولت الاسراع كي اتجنب اصطحابة في الطريق..
لكني لم استطيع بسبب زاهر ونوف ..
ادركني هشام !
بدأ بالكلام .. سألني عن المدرسين وعن تعاملهم ..
كنت ارد باختصار شديد ..
شعرت انني اسير في صحارى ..
كانت ساعات ولم تكن دقائق..
لاادري لماذا كلامه يقطر بالكذب والتصنع !!
لاادري لماذا كان يمدح نفسه!!
طفل ابن تسع سنوات يحمل كل هذا الغموض ..
شعرت اني اشتعل في داخلي .. بدأت اوبخ فواز عن هفواته ..
لكن هشام بدأ بنصح فواز وبدأ يقص عليه ايام دراسته في الصف الاول الابتدائي ..
ياإلهي .. كيف اطيق هذا ّ!!!
قطعت كلام هشام وسألت فواز هل لديه واجب !!
لاول مره اسأله عن الواجب ! ..
...
رجعت للبيت وكان الغداء على السفرة.. لكني شعرت انني لااريده ..
ذهبت وارتميت على فراشي ونمت ..
صحوة على اذان المؤذن .. صليت العصر وخرجت للملعب .. شعرت اني لااريد اللعب ..
فجاه يد غليضه قد وضعت على كتفي ..
لا اتريد اللعب ؟ سألني هشام
لا .. اشعر بالتعب .. اجبته ..
اريد ان اتحداك .. قالها بغرور !
حركت راسي .. مرة اخرى ..
وقفت ورجعت للبيت .. لم استاذن من هشام ..
شعرت اني بدأت اكرهه كما نكره اليهود !! ربما اكثر ..
رجعت للبيت.. راجعت بعض المسائل في الرياضيات الى الساعه التاسعة ..
شعرت ان النوم قد نال مني ..
نمت وصحوة مبكرا ..
خرجت مع اولاد اختي للمدرسة ..
يحيى .. صوتا من بعيد !!
نظرت للخلف .. تبسمت في يأس ..
شعرت انه لانجاه من هشام !
بدأ بالتحدث كعادته .. شعرت ان ضغط الدم عندي بدأ بالارتفاع !
تسألت في نفسي كيف اهله يطيقون كلامه !!
دخلنا للفصل ..
فجأه هشام طلب من سعد ان يأخذ مكانه !
سعد كان يجلس بجواري دائما ..
ولد هادئ ومؤدب كثيرا ..
شعرت ان صاعقة قد ضربت دماغي ..
ماذا يريد هذا الولد !!
خرجت من الفصل .. حتى يشعر انه تجاوز حده ..
بدأت بالتفكير العميق اثناء الطبور .. كيف الخلاص من هشام !!
كيف سوف اعيش مع هذا الولد !! شعرت اني في مصيبه لاتطاق ..
فجأه شعرت اني لابد ان اجد حلا ..
لكن كييييييف !!!
جائتني فكرة شيطانيه ..
قلت لابد ان اتخلص منه !!
يومين فقط وتريد الخلاص منه !! حدثتني نفسي ..
شعرت اني مجنون لو فكرة هكذا ..
لكن ماالحل ..؟؟
كانت بجانبي عمود السقفيه .. استندت عليه..
فجاه احد المدرسين ضربني على كتفي بطلف ..
قف كأصحابك .. لست في الشارع ..
تبسمت له .. ووقفت كبقية الطلاب ..
انتهى الطبور ورجعنا للفصل ..
هشام كان يقطن بجانبي .. جلست في توتر شديد ..
لاادري لماذا اكرهه .. هل كان يبادلني نفس الشعور.!
طوال اليوم كان يشغلني عن الدرس ..
وفي طريق العوده كان ملازمُني ..
لم اكن لطفيا معه .. ولم يكن مهتما لما يراه مني !!
رجعت للبيت .. حاولت ان اذاكر فلم استطيع !!
قررت .. ان اتخلص منه . بأي وسيله كانت ..
كان هناك سم للحشرات تسخدمه امي ..
فكرت ان اخذ منه لكنني ترددت ..
أمجنون انت !!! سم الفأران تعطيه لهذا الولد .. حدثتني نفسي ..
نمت بدون ان اكل وجبة الغداء
صحوت قرابة العصر .. غسلت وجهي وارتديت ملابسي وخرجت ..
ذهبت لصدلية في احدى القرى البعيده .. طلبت منه سما حادا للكلاب ..
قال لابد من وصفة طبية من طبيب بيطري ..
اخبرته انني لااعرف طبيبا بيطريا .. قال في قرية التي تبعد مسافة اربع قرى يوجد طبيب .. قلت له ارحم حالي المسافة بعيده .. وانا اسكن على بعد ثلاث قرى من هنا فكيف تريدني ان اذهب !!
قال هذا النظام ياولد .. ولا استطيع صرف الدواء لك ..
شعرت بالاسى وخيبة الامل ..
فكرت ان اجد حلا اسهل من ذلك ..
فكرت ان ادفعه في احدى الأبار في القرية ..
فكرة ان ادفعه في الوادي عندما ينزل السيل ..
فكرة وفكرة ولم اجد حلا اشعر انه سهل لكي اتخذه ..
رجعت للبيت قرابة العشاء ..
لم ااذاكر ولم اذق طعاما غير قطعة خبز بالزبده في الصباح ..
نمت بدون تردد كنت منهكا من المشوار ..
صحوة في الصباح .. زاهر كان مريضا .. ذهبت معي اخته نوف ..
كالعادة كانت تذاكر في الطريق .. كل يوم على هذا الحال ..
لم اجد هشام .. شعرت بالسعادة .. وصلت للمدرسة ..
انتهى الطبور .. هشام لم يحضر ..
كان يوما سعيدا جدا
....
دارت الايام وكنت اتحين الفرص كي انفذ جريمتي ..!
تمنيت لو يهطل مطراً غزيراً حتى يسيل الوادي .. وادفع هشام
تمنيت لو ان البئر المجاور لايوجد عليه عامل ..
تمنيت لو ان بجانبنا جبل شاهق كي ارمي هشام من فوقه ..
بدأت انشغل بالتفكير بهشام اكثر من دراستي ..
اصبحت اجلب كل يوم نوعا من النمل في علبة صغيره واضعه على ظهر هشام اذا انشغل بالكتابة .. كنا بأخر الصف ودائما لايلاحظ احد ذلك ..
كان يتألم من قرص النمل وكنت اتلذذ بذلك !!
يوما فيوم والكره يكبر وينمو بداخلي !
بعد عدة اشهر في طريق العودة .. كالعادة هشام يتكلم معي بكلامه المعتاد ..
كنت اغلي في داخلي من كلامه .. لكني لم اجد ردا مناسبا لكي اقوله ..
فجأه دفعني هشام بقوة .. ارتميت على جانب الطريق ..
صرخة زاهر ونوف كانت مدوية ..
ماذا ارى !!
هشام ملبد بالدماء وقد فاضت روحه ..
نزل صاحب الباص .. كان يرتجف بعد ان صدم هشام ..
لم استطع ان اتحرك .. هشام قد ماااات
مات هشام بعد ان انقض حياتي ..
مات ذلك الشاب بعد ان قضيت تلك الشهور في ترصد لاذيته ..
لم استطيع البكاء ولا الحراك ..
جاء الكثير من سكان القرية ..
اخذوا هشام لمستشفى المدينة الذي يبعد مسافة ساعة ,,
لكنهم وجدوا انه قد فارق الحياة ..
احضروه اليوم الثاني ودفنوه ..
كانت نظرات الناس موجةٌ لي ولم انظر اليهم خجلا من المصيبة..
شعرت بالاسى والندم على ماقترفته .. ولم يدري احد عني ذلك ..
صحيح لم يكن حزنا مريرا ولكني حزنت !
دارت الايام والشهور .. وفي احدى الايام مررت بجانب بيت هشام ..
شاهدة امراة قد تجاوزت الخمسين تحمل حزمة من العلف تريد ان تطعم الماعز التي في الحضيرة ... امراة اخرى سلمت عليها .. كيف حالك ياأم هشام ..
عرفت ان هشام كان ابنها الاكبر .. بدأت ام هشام بالكلام والتحدث مع المرأه ..
اخبرتها ان هشام كان يطعم الماعز ويسقيه كل يوم قبل الدوام .. وبعد الرجوع من المدرسة
اخبرتها ان هشام كان يذهب لتسوق .. والان لم يعد غير ابوه المسن الذي يعاني من الامراض ..!
اخبرتها ان لها اربع بنات فقط في البيت .. وكان هشام اوسطهم سنا ..
.. دموعي اصبحت تجري واصبحت اجهش بالبكاء ..
احتقرت نفسي و تمنيت لو انا الباص قد صدمني ولم يصدم هشام ..
رجعت للبيت ورتميت على فراشي وبكيت بكاءاً مرا ..
ذهبت للمدرسة في اليوم الثاني .. رأيت العلبة التي كنت احضر فيها النمل ..
بكيت بمراره .. قتل هشام مرة ولكن شعرت انه قتلني مرات ..
تجنبت الناس واصبحت وحيدا .. كل يوم اذهب لشاهد ام هشام تطعم الماعز واانا اجهش بالبكاء .. كان موقفا مريرا .. كان قلبي يتقطع الما وحسرة ..
اصبحت ابكي كل يوم قبل ان انام وحينما اصحوا ..
يوم من الايام خرجت بعد العصر اردت ان امشي ... بالصدفة مررت بالقرية التي بها الصيدلية .. مررت بجانب الصيدليه .. ناداني الصيدلاني ..
قال اين الوصفه .. هل قتلت ذلك الكلب ؟؟
لم اطيق الكلام ركضت ودموعي كانت تركض معي ..
ركضت حتى انتهى بي الطريق لوادي .. كان الوادي يسيل .. كان سيلاً سيراً ..
نزلت بين السيل .. تذكرت اني فكرت يوما ان ادفع هشام في هذا السيل .. نظرت الى السماء وصرخت .. لم ادري ماذا كانت اقول ..
رجعت للبيت .. بدأت السماء بالهطول .. كنت امشي ببطء بين المطر .. كانت تمطر بشدة لكني اصبحت لااشعر بشيء .. لم اعد اهتم لصحتي ولا لدراستي ..
وصلت بيتنا ودخلت .. كانت نوف في بيتنا .. عطتني تقرير دراجاتها الشهرية .. كانت كاملة ولم تنقص شيء .. احتضنتها وبدأت بالبكاء .. كنت لاادري هل بكاء فرح لتفوقها ام تذكرا لايام هشام عندما كنا نذهب سويا ..
وقفت وذهب لاحدى النوافذ .. كان المطر مازال يهطل بغزارة .. تمنيت ان المطر يستمر حتى اغرق وتغرق القرية.. تمنيت ان هشام لم يأتي لهذه القرية .. شعرت انها اماني كاذبة .. شعرت ان الحياة توقفت .. لاادري ماذا افعل.. كيف سأسامح نفسي وكيف سيسامحني هشام ..!!! اخرجت راسي في المطر وتركت المطر تصفع وجهي.. شعرت بيدا ناعمة قد لمست ظهري .. التفت واذا بنوف تبتسم وتقول .. ستبتسم لك الحياة يوما..! لم استطيع ان اتمالك .. سقطت واحتضنت نوف وبكيت .. ولم افكر كيف صاغت العبارة بقدرما تأثرت بها ..
هكذا هي الحياة !
من نسج الخيال
يحيى فقيهي " الشاب الخلوق "