د. مشبب العسيري
استشاري الأورام والعلاج بالإشعاع في مدينة الملك فهد الطبية
/
دائما رفيقة دربي وصديقتي تحدثني عنه هو خالها
كنت اابع كثيرا هذا الدكتور الرائع
/
له قصه جميله مع الشاب احمد
ساسردها لكم كما سردها الدكتور
قصة احمد مع السرطان احمد شاب من جيزان يبلغ ٢١ عاما عندما اصابه سرطان شرس في العظم المحيط بالعين اليسرى كان ذلك عام ١٤٢٢ للهجرة
كان احمد يتميز بابتسامة آسره وصوت عذب مع سماحة عجيبه وبساطة لاتتكرر وهذه صفات في اهل جيزان تغلب عليهم .
. اجريت لاحمد عملية جراحية كبيره استئصل فيها جزء كبير من الورم ولكن حجمه كان كبيرا بحيث يستحيل استئصاله دون مضاعفات خطيره
احيل احمد لقسم الاورام لتلقي العلاج الاشعاعي والكيميائي واشرف عليه زميلنا الاستاذ الدكتور مجدي قنديل وشاركته في متابعة حالة احمد
اصبح احمد صديقا لي فهو يدخل عيادتي ومكتبي كما دخل قلبي واستأنس بصوته الهامس ويشرق يومي بابتسامته العذبه ولكن شراسة المرض كانت فاصلا
نشط الورم ولم يستجب للعلاج وغزا العين فعميت وتقرر اعادة العملية الجراحيه وكانت هذه المرة لاستئصال العين
قرر الاطباء استئصال العين وما جاورها من الانسجه ووافق احمد على هذا الاجراء وشارك في العملية اربعة استشاريين
كان احمد يتندر على نفسه بأنه يشبه موشي ديان ذا النظارة وحيدة العدسه ومازال احمد ينشر ابتساماته الاسره ورحه الطيبه في القسم
وبعد عدة اسابيع بعد العمليه انتكست حالة احمد مرة اخرى وبدأ السرطان في النشاط مرة اخرى وعند ذلك اتضحت الرؤية بصعوبة العلاج وابلغ احمد بذلك ..لم تزد اخبار استفحال المرض احمد الا رضى ولم تغب تلك الابتسامة عن وجهه النحيل ورغم انه بعين واحده الا انه كان جميلا وهو يحرك الشاش فوق العين
كان احمد تلك الايام في الثالثة والعشرين تقريبا واجتمعنا لدراسة حالته ومدى صعوبتها وتقرر ان يسافر لمركز متخصص في امريكا وهو مستشفى العيون
كنا نعلم يقينا ان الحالة صعبة جراحيا ولكننا وضعنا عدة عوامل امامنا منها صغر سنه وصعوبة الحاله وعدم وجود البدائل وسافر احمد الى امريكا للعلاج
في تلك الفترة اصبحت مشرفا على حالة احمد وكنت اتواصل معه باستمرار لمتابعة سير علاجه في الولايات المتحده والاطمئنان عليه ولم افاجأ بقراره
قرر الاطباء في مستشفى العيون في امريكا اجراء عملية ضخمه لاحمد يتم فيها استئصال نصف الوجه الاعلى ورسموا لأحمد صورته بالكمبيوتر بعد العمليه
وهنا قرر احمد العوده الى بلاد السلام وعدم اجراء العمليه وقال اللي يجي من الله حياه الله وعاد احمد بعد فترة قصيرة من رحلته العلاجيه في امريكا
لم يعد احمد للرياض التي انطلق منها ولكنه هذه المرة عاد الى جده لابسا احرامه وانطلق الى مهبط الوحي ومبعث الحبيب المصطفى مكة المكرمه
كحل احمد عينه الوحيده بمنظر الكعية المشرفه ومشى مع الطائفين وعكف ..التحويل للعلاج للخارج يتم عن طريق الهيئة الطبيه العليا التي تدرس الحاله بناء على توصية الطبيب الاستشاري بالعلاج في الخارج
ع العاكفين وصلى الصلوات الخمس مع المصلين واتخذ من الحرم الشريف سكنا ومسجدا ..
لا ألوم أحمد في البقاء في الحرم الشريف فهناك يتضاءل حب الدنيا وتتضاءل حاجات الجسد وتحتقر الاعمال بجانب اعمال الكهول المنغمسين في العباده
التحويل للعلاج للخارج يتم عن طريق الهيئة الطبيه العليا التي تدرس الحاله بناء على توصية الطبيب الاستشاري بالعلاج في الخارج
مكث احمد في ظلال الكعبة الشريفه شهرا كاملا متفرغا للصلاة والعبادة والطواف بالبيت العتيق والشرب من الماء المبارك والتأمل والأمل
وكنت افرح اذا اتصل بي وسمعت صوته الشجي واسأله الدعاء لي راجيا انه مستجاب الدعوه فهو شاب بسيط صابر وراض عن خالقه مسافر بعيد عن قريته بجيزان ..
وفاجأني احمد بقراره الزواج وطاردتني عشرات الاسئله هل سيعيش ليتزوج من هي التي ستقبل به فمرضه يظهر جليا على وجهه وهو بعين واحده ..
وطبيا فلا يوجد أمل في شفاءه الا بمعجزة من الشافي المعافي سبحانه وكيف سيصرف احمد على زواجه وعروسه كل هذه الاسئلة بقيت تطاردني واهرب منها ..
لم يكن احمد ينتظر اجاباتي التي لم اقلها له وها نحن في عام ١٤٢٤ على ما أذكر وراجعني احمد واعطاني بطاقة دعوه لحضور زواجه باحد قصور الدمام
بعد يوم عمل طويل جاء موعد زواج احمد وطلبت من صديقي الدكتور عصام مرشد وصديقي الدكتور جمال النفيعي الرفقه لمشاركة احمد فرحته
ركبنا السيارة من الرياض بعد العصر وانطلقنا نحو الشرق وكلنا نعرف احمد تمام المعرفه انه مريضنا منذ سنتين ونحبه جميعا ونشفق عليه
كنا نتحدث عن احمد طيلة الطريق وننتبرع بالتفكير عن مستقبله ولم نكن ندرك ان احمد كان اسعد شخص في العالم ذلك اليوم
وصلنا للدمام بعد صلاة العشاء وبحثنا عن القصر ووجدناه بعد بحث طويل لاننا نجهل الدمام وعندما اقتربنا من القصر احسسنا بالفرح يملأ المكان
احسست ان القصر يهتز بمن فيه كانت اعداد المدعوين مذهله الشارع ممتلء بالسيارات والقصر يغص بمن فيه والساحات المحيطه به ممتلئه بالاطفال
دخلنا في هذا الحشد نبحث عن العريس لا أحد يعرفنا الا احمد وتسللنا ونحن نبحث عن موطئ قدم وسط هذه الجموع وكيف لنا نجد عريس الليله
كانت الفرحه تملأ المكان واهالي جيزان يجيدون الفرح ومن الواضح انهم جاءوا من اجل احمد وفجأة سمعت صوته مرحبا بي وبالزملاء ياالله حيهم يا الله ..
رأيت احمد لابسا بشتا ابيض وغترة مماثله ولكن صفاء وجهه وبياض ابتسامته اجمل من المشلح والغتره كان مبتسما ومتألقا وجميلا تملؤه الفرحة والسعاده
وبالطبع احمد بعين واحده اما الاخرى فكان تجويفها مغطى بلاصق على حجم العين ذا لون برتقالي مائل للصفار ولا تسألني عن اجواء الفرح والسعاده
لم يعكر الجو الا مشاعري المكبوته واحساسي بالفقد لاحمد وهو شعور مزعج يزورنا كثيرا عندما تبدأ رحلة النهايه لأحد مرضانا او من نتجهز لوداعه
مشاعري الداخلية كانت اقوى من فرحة احمد فتسللت خارجا وانا امسح دموعي بعيدا وسط الجموع هانااكتب عن احمد بعد هذه السنين وكاني اشاهد الجموع حولي
خرجنا بعد ان تناولنا العشاء وقد كان احمد يرافقنا وكأننا ضيوفه الوحيدين لقد اسعدنا كثيرا سعادته بنا ولهذا فاسعد الناس من يدخل السرور عليهم
ستبع باذن الله
ساوافيكم بقصة احمد
نقلا عن تغريدات الدكتور عبر التويتر