تناقلت وسائل الإعلام في الأسبوع الماضي وبكل اهتمام خبر نقل ستة أشخاص إلى غرفة العناية المركزة في مستشفى نورويتش بارك في لندن بعد تناولهم عقار جديد مانع للإلتهاب تحت التجربة. والمصابون هم متطوعون أصحاء كانوا يشاركون في بحث علمي لتجربة عقار جديد لمنع الإلتهابات في لندن وفي مثل هذه الأبحاث يحصل بعض المتطوعين على العلاج الحقيقي وآخرون على العلاج الكاذب ويتم توزيعهم بطريقة عشوائية لاختبار وجود آثار جانبية للعقار الجديد. وحدث خلال هذا البحث أن أصيب المتطوعون الذين تناولوا العقار الجديد بحساسية شديدة وفشل حاد في عدد من اعضاء الجسم تطلب نقلهم بسرعة وفي حالة حرجة للعناية المركزة.
وقد ظهرت الأعراض خلال ساعات من تناول المتطوعين العقار الجديد. وتناول متطوعون العقار الكاذب ولم تظهر عندهم أي اعراض. وعادة ما يتقاضى المتطوعون مبالغ مالية مقابل مشاركتهم في مثل هذه الدراسات وفي هذه الدراسة كان المتطوعون يحصلون على 150 جنيهاً استرلينياً يوميا. وقد أثارت هذه الحادثة ضجة كبيرة وطالب البعض بمنع مثل هذه التجارب على البشر حتى لايحدث مالا يحمد عقباه. وأود أن اضيف هنا أن مثل هذه الحوادث نادرة جدا ولا أذكر حادثة مماثلة في السابق. وأود في هذا السياق أن أذكر للقارئ أن اي علاج جديد وقبل الحصول على تصريح باستخدامه لعلاج المرضى يمر بعدد من المراحل البحثية للتأكد من خلوه من الآثار الجانبية الخطيرة ومن فعاليته قبل طرحه في الأسواق. وهذا العقار الجديد الذي تتحدث عنه مازال في المرحلة الأولى من البحث. فكل عقار جديد يتم اختباره أولا على الحيوانات للتأكد من عدم حدوث أعراض جانبية خطيرة وعند نجاح العقار في الإختبارات الحيوانية يتم استصدار موافقة من الجهات الرسمية في البلد الذي يجري فيه البحث لاستخدامه على متطوعين أصحاء.

ويمر أي علاج جديد بأربع مراحل بحثية قد تستمر لعدة سنوات قد تصل إلى عقد من الزمان:

٭ المرحلة الأولى: ويتم فيها تجربة العلاج للمرة الأولى على البشر بعد اجتياز التجرب على الحيوانات. وتجرى الدراسة عادة على عدد قليل من الأصحاء من 20 - 80 شخصاً للتأكد من خلو العلاج من الآثار الجانبية.

٭ المرحلة الثانية: ويتم في هذه المرحلة استخدام العلاج على مرضى يهدف العقار الجديد إلى علاجهم. ويجرب العلاج في هذه المرحلة على 100 - 300 مريض لتحديد الفوائد العلاجية للعقار الجديد وتحديد الجرعة المناسبة استعدادا للمرحلة الثالثة وقد تستمر المرحلة الثانية لمدة سنتين.

٭ المرحلة الثالثة: وتعتبر هذه المرحلة الأساسية في تجربة أي عقار جديد. ويتم في هذه المرحلة تجربة العقار على عدد كبير من المرضى من 1000 - 3000 مريض لتحديد الآثار العلاجية والآثار الجانبية. وعند نجاح المراحل الثلاث السابقة يتم تسجيل العلاج رسميا كعلاج للاستخدام البشري.

٭ المرحلة الرابعة: وتتم هذه المرحلة حتى يتم تعريف الأطباء الممارسين بالعلاج الجديد.

وقد ذكرت ماسبق للقارئ حتى يطمئن بأن أي علاج يتم الترخيص له من الجهات الرسمية بالطرح في الصيدليات يكون قد مر بالكثير من الاختبارات للتأكد من خلوه من الآثار الجانبية وفعاليته في علاج المرضى. وماسبق يوضح تحذير الأطباء من استخدام العقاقير التي يتم تسويقها كأعشاب وأدوية طبيعية وخلطات مختلفة لأنها لم يتم اختبارها لأعلى الحيوانات ولا على البشر مما يفقدها المصداقية في مدى فعاليتها وكذلك عدم معرفة المعالجين بالآثار الجانبية المحتملة لهذه الأدوية ومدى تفاعلها مع العقاقير الأخرى.

ونختم هذاالموضوع بإجابة السؤال الذي بدأنا به وهو هل يصح تجربة الأدوية الجديدة على البشر؟ الإجابة نعم طالما أن العقار قد نجح في كل الاختبارات التي اجريت على الحيوانات وأن تتم التجربة طبقا لانظمة البحث الطبية العلمية المعروفة


منقول للفائدة