أنتَ القتيــــــلُ !
عمر بن الفارض ينسب بمحبوبه , ويبدي خضوعه في الحب .
قلبي يحدثني بأنكَ مُتلِفي = روحي فِدَاكَ عرفتَ أم لم تعرفِ
لم أقضِ حق هواكَ إن كنتَ الذي = لم أقضِ فيه أسىً ومثلي من يَفي
ما لي سوى روحي وباذِلُ نفسِهِ = في حُبِ من يهواهُ ليسَ بِمُسرِفِ
فَلئن رضيتَ بها فقد أسعَفْتَنِي = يا خيبةَ المَسعَى إذا لم تُسعِفِ
عطفاً على رَمَقي وما أَبقَيتَ لي = من جسميَ المُضنَى وقَلبي المُدنَفِ
يا أَهل وُدِّي أَنْتُمُ أملي وَمنْ = ناداكمُ : يا أهل وُدِّي قد كُفِي
عودوا لما كُنتم عليه من الوَفَى = قِدْماً فإني ذلك الخِلُ الوَفِي
وحَيَاتِكُمْ وحَيَاتِكُمْ قَسماً وفِي = عُمري بغير حَيَاتِكُمْ لم أَحْلِفِ
لو أن روحي في يدي وَوَهَبْتُهَا = لِمُبَشِّرِي بقُدُومِكُم لم أُنْصِفِ
لا تحسبوني في الهوى متصنعاً = كَلَفِي بكُم خُلُقٌ بِغَيرِ تَكَلُّفِ
ولقد أقُول لِمنْ تَحَرَّشَ بِالهَوى = عَرَّضْتَ نفسَكَ لِلبَلا فاستهْدِفِ
أنتَ القَتيْلُ بأَيِّ مَن أَحبَبتَهُ = فاختَر لنفسِكَ في الهَوَى مَنْ تَصطَفِي
لا غَرْوَ إِنْ شَحَّتْ بِغَمْضِ جُفُونِهَا = عَينِي وسَحَّت بالدُّمُوعِ الذُّرَّفِ
إنْ لَم يَكُن وصلٌ لَدَيْكَ فَعِدْ بِهِ = أَملي ومَاطِلْ إنْ وَعَدْتَ ولا تَفِ
فالمَطْلُ مِنْكَ لديَّ إن عزَّ الوَفَا = يَحلو كوَصلٍ من حبيبٍ مُسْعِفِ
قُلْ للعَذُولِ أَطَلْتَ لَومِي طَامِعاً= ليسَ الملامُ عنِ الهَوَى مُسْتَوقِفي
دعْ عنكَ تَعنيفي وذُقْ طعم الهوى = فإذا عشِقتَ فَبَعْدَ ذلك عَنِّفِ
بَرَحَ الخَفاءُ بِحُبِ من لَوْ في الدُّجَى = سَفَرَ اللِّثامَ لَقُلتُ يا بَدْرُ اخْتَفِ
وإن اكتَفَى غيري بطَيفِ خيالهِ = فأنا الذي بِوصالهِ لا أكتَفِي
وهواهُ وهو أَلِيَّتي , وَكَفى بهِ = قَسَماً أكادُ أُجِلهُ كَالمُصحَفِ
وَقفاً عَليهِ مَحبَتِي ولِمحنَتِي = بأَقلِ من تَلَفِي به لا أَشْتَفِي
لو قَالَ تِيهاَ قِف على جمرِ الغَضَا = لوَقَفْتُ مُمتثلاً ولم أتَوَقَّفِ
أو كانَ مَن يرضَى بخَدِّي مَوطِئاً = لوَضعْتهُ أَرضاً ولم أستَنْكِفِ
لا تُنكِروا شَغَفِي بِمَا يَرضَى وإنْ = هُوَ بِالوِصَالِ عَليَّ لم يَتَعَطَفِ
مِنِّي لهُ ذُلُّ الخضوعِ ومنهُ لي = عَزُّ المُنُوعِ وقُوَّةُ المُستَضْعَفِ
ألِفَ الصُّدُودَ ولِي فُؤادٌ لَم يزَلْ = مُذ كنتُ غيرَ ودَادِه لَم يَأْلفِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ