لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الإرادة وإرادة اللا إرادة

العرض المتطور

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية نايف أزيبي
    إداري سـابـق
    تاريخ التسجيل
    04 2005
    الدولة
    ميلبورن - استراليا
    المشاركات
    3,146

    الإرادة وإرادة اللا إرادة

    العرب بين الإرادة وإرادة اللا إرادة

    وليد سامي أبو الخير




    ما أشسع البون بين موقف الفلسطيني الشهم عبد الرحيم طلوزة والد الطفلين الشهيدين اللذين قصفا بغير قصد من قبل حزب الله وموقف عدد هائل من مثقفي الوطن العربي الذين نددوا بعملية حزب الله لا لشيء إلا أنها أثرت على الاقتصاد اللبناني خاصة وعلى الاقتصاد العربي عامة ، والأعجب من ذلك يوم أن يطالعنا محلل اقتصادي سعودي يندد بالعملية أنها أثرت على سوق الأسهم الخليجي ! فعلا فوهة عميقة تلك القابعة بين مثقف عربي ـ كرضوان السيد وفهد العرابي وتركي الحمد والأخير كان أول نادب للحظ العاثر وكتب في صفحة الحياة راثياً فن بيروت وجماليات بيروت ـ وبين رجل الشارع البسيط الذي يفدي بنفسه وأولاده بحثاً عن كرامة بيروت وكرامة الإنسان العربي قاطبة !

    ما أغربه من مشهد حين نفاجأ ضمن برنامج حواري بمثقف من خارج لبنان وفلسطين يطالب الأخيرين بضرورة التهدئة والحوار بل والاعتراف بعدم القدرة على المواجهة في حين أن من كابد عناء القصف والتشريد ظل يطالب الأول بتدشين خطاب مقاومة وممانعة ليس أكثر من ذلك ، ولعل اللقاء التلفزيوني الذي جمع بين كل من عزمي بشارة ومحمود القناطي من جهة وفهد العرابي وبعض المداخلين من جهة أخرى قد جسد صورة المأساة التي أعني ، وجلّي عن حقيقة الحسابات القطرية التي باتت هي الحاضرة بالدرجة الأولى في الموقف الإنتلجنسي العربي ، في تجل واضح لغياب الحساسية الواقعية البراغماتية والانطلاق من مواقف نائية عن النظر الاستراتيجي البعيد أو بالأصح هي مواقف لا تعي دروس التاريخ النضالي .

    يجب أن نثبت هنا حقيقة تاريخية مفادها أن الكيان الصهيوني لم يتنازل قط عن حق عربي إلا لصالح قوة قتالية عربية شعبية لا لصالح دولة أو منظمة سلمية ، وهو الدرس الرائع الذي قدمته المقاومة اللبنانية عام 2000 م ، فالمقاومة التي وصمتها الدول العربية من قبل بالمجنونة وتصمها اليوم بالمتهورة غير الشرعية هي نفسها التي أجبرت إسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية دون قيد أو شرط أو مفاوضات بل وبدون ترتيبات أمنية مسبقة ، في حادثة فريدة من نوعها على كافة صعد الصراع العربي الإسرائيلي ، وقد يحتج البعض علينا بانسحاب إسرائيل من سيناء عام ( 1979م ) بموجب اتفاقية كامب دافيد ولنا أن نرد عليه بكل بساطة أن ذلكم الانسحاب كان ثمنه مجزيا جدا إذ تم تجريد سيناء من السلاح ومن ثم إخراج مصر من دائرة الصراع بالكلية حتى أصبحت اليوم لا تقوى إلا على الشجب والاستنكار هذا إن لم نقل أنها قد غدت تستحيي منه ، ومثله أيضا الانسحاب الإسرائيلي الأول من بعض الضفة الغربية وغزة فهو في حقيقة الأمر لم يكن انسحابا البتة بل هو إعادة انتشار تحت حماية أمنية فلسطينية ، الثمن الذي يعد باهظا جدا وخدمة جليلة قدمها الفلسطينيون لصالح إسرائيل أبان ذاك بزجهم المناضلين من شعبهم وسحب الأسلحة منهم ، بعكس ما كان عليه الحال في الانسحاب الأخير الذي لم يكن مشروطا أبدا هروبا من عمليات المقاومين لا غيرهم .

    وهنا مكمن العظة والدرس أنه لا حق بدون مقاومة ، نعم لا حق بدون مقاومة ، وأي حق يراد استرجاعه بدون دماء فهو حق يقابله تنازل بغيض يكلف استرجاعه سفك دم مصون وهدرا هو أشد وطأة من الهدر الأول ، إن ما يسجله تاريخنا الصراعاتي على الأقل أن المقاومة بلا شك باهظة الثمن ولا يقدر عليها إلا أقوام زهدوا في دنيا الذل وجدّوا المسير يحدوهم العزم نحو دنيا الكرامة ، أولئك الذين يحملون على عواتقهم دوما مهمة تكذيب فرضية أن ميزان القوى يفوق ميزان الإرادات ، وبالأمس القريب كان لبنان قد خرج لتوّه من حرب أهلية طاحنة أتت على نسيجه الاجتماعي بالكلية وأزهقت الأرواح حتى بين أبناء الطائفة الواحدة كالذي جرى بين حزب الله وحركة أمل ، الأمر الذي جعله منهك القوى خائر العزيمة ضعيف الاقتصاد والجيش والإرادة أيضاً ومع كل ذلك فلقد قدم هذا الشعب درساً لا ينسى في حربه مع الكيان الصهيوني ، ومن رحم مأساته خرجت المقاومة وليس من رحم آخر ، هكذا يقول التاريخ ، تاريخ كل صراعات الكرامة إن الشعوب حين تؤمن بمعركة ما فهي حتما ستنتصر لأن إرادة المقاومة هي الأقوى وبمراحل عليا من إرادة الاحتلال ، الذي يؤكد صدق ما نقول إن المقاومتين الإسلاميتين في فلسطين ولبنان هي ليست مقاومة جيش نظامي كلا ، وإنما هي مؤلفة من عناصر تحارب عند الحاجة واللزوم ، ودون ذلك فهي تمارس حياتها الاعتيادية ، على العكس من قوة الاحتلال التي فوق أنها تسخر طاقات أفرادها بالكلية لصالح الرغبات التوسعية فهي مع ذلك تقيم في حساباتها اصطفاف جيوش احتياطية جاهزة تماما لخوض حرب حال طلبها ، وهذا ما يقودنا إلى القول إن الكيان الصهيوني مع اعترافنا بالفقر الميكانيكي أمامه إلا أنه لا يقوى البتة على هزم الإرادة العربية حالة وجودها ، وأشدد على قولي ( حالة وجودها ) ولكم أن تتأملوا في خضم هذه الأحداث الجارية حالياً أي الجانبين أرفع روحاً ومعنى ؟ وليس لأحد أن يقول مادام أن الإرادة تصنع ما لا يصنعه العتاد فما بال المقاومين إذن لا يخوضونها حرباً شاملة ؟ ذاك أن الاشتباكات المتوسطة المدى لها أهمية كبيرة في الصراع المصيري الذي نخوضه ضد العدو الإسرائيلي ، ومزيتها أن مفتاحها بيد المقاومين لا بيد غيرهم ، بمعنى أنها لا تتأثر بشكل مباشر بالبعد الدولي وقراراته الجائرة ضدنا لصالح إسرائيل ، هذا البعد الذي قد يتعاظم أثره في حالة نشوب حروب شاملة تفتقر إلى الدعم الدولي ـ كالذي حدث في حرب 48 - وهو ما ليس في صالح العرب اليوم بل هو في جله متمركز حول المطامع الصهيونية في المنطقة ، ومادام أن الحال كذلك فليس ثمة مهرب عدا اللجوء إلى مثل تلك الحركات الشعبية المقاومة ومن ثم تجسير الفوهة بين عالمها وعالم الفكر اللاوقعي المأزوم ، ولكم طرب قلبي وأنا أقرأ للمفكر الكبير محمد الجابري في حواره مع حسن حنفي تحت عنوان يقول فيه : " صدقني لا حل إلا بالمزيد من المقاومة " ، لقد مثّل حنفي بدوره العديد من مفكري العرب الذين يرددون دونما ملل أو كلل ذكر أحداث تاريخية ماضية كانت مثالا للتعايش بين اليهود والمسلمين كتلك التي جرت في الأندلس ، ونسوا أو تناسوا أن التاريخ حمّال أوجه وأنه لا يعيد نفسه أبدا وأنهم بقياسهم ذاك يعيشون في طوباوية وردية غير واقعية ، وهذا ما أسفر عنه اللثام المفكر الجابري في حواره الرائع ذاك .

    لا ريب أن عمل المقاومة لابد أن يسبقه بالضرورة فكر تحرري ينشد الكرامة وينير معالم الطريق إلى الهدف الكبير الذي هو في محصلته النهائية يمكننا من نيل استحقاقنا في حق تقرير مصيرنا ، إن الثورة في الجزائر كان لها منطلقها الفكري الواضح الذي استوجب فيما بعد مسيرة نضالية قل نظيرها لكنها لم تستمر لأن البعد الفكري لها قد انحرف وربما ظل الأصيل ينضب هنيهة بعد أخرى ، والصين اليوم تشهد ثورة ثقافية كبرى هي في أبسط تمظهراتها تعبير عن أهمية الفكر والدفق العقلي ، وإذ نقول هذا فإننا لنأسف كل الأسف أن نجد عتاولة الفكر العربي هم عتاولة التنديد بالعمل المقاوم وبأربابه المناضلين ، وإن كان ثمة من يغني على وتر حزين يرثي بيروت الجمال وبيروت الفن ويختار بإرادته اللا إرادة فإننا لا نكون مثله وننسى بيروت الرجال الشجعان وبيروت الإرادة ، بيروت التضحية والنضال ، بيروت التي لم يعرف عنها المثقف العربي والإعلام المرذول سوى ما داعب الوجدان ، بيد أن الإعلام الرسالي اليوم مع ندرته سيذكرنا جيدا وسيقض مضاجع الخاملين ببسالة بيروت الكرامة .. بيروت الحرية



  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية هادي

    المنتديات الإسلامية
    تاريخ التسجيل
    12 2005
    المشاركات
    5,810

    مشاركة: الإرادة وإرادة اللا إرادة

    أخي نايف نسأل الله الكريم العظيم أن يلطف بنا وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلاويرزقنا اجتنابه


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •