لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: النقد بين البناء والنقض

العرض المتطور

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية هادي

    المنتديات الإسلامية
    تاريخ التسجيل
    12 2005
    المشاركات
    5,810

    النقد بين البناء والنقض

    النقد بين البناء والنقض

    د. صالح بن حميد

    إنَّ نجاحَ الأمم وصلاحَ البشر يعود إلى جملةِ ما يقوم عليه الناسُ ويقدِّمونه من فعل الحق، وقولِ الصدق، وفشوّ العدلِ، فإن كانت ثروتُها من الحقّ والصدق والعدل كبيرةً سبقت سبقاً بعيداً، وإن كانت غيرَ ذلك سقطت في هوّةٍ لا قَرار لها من التهريج والخبط والادِّعاء والهزل، مما لا يغني فتيلاً ولا يهدي سبيلاً.إنَّ المجتمعَ الصالحَ لا يُبنى إلا بمحاربة الظنون، وطرحِ الرّيب، ورفض الشائعات. إنَّ الحقائقَ وحدَها هي التي يجب أن تظهرَ وتغلبَ وتسود.وقد يسّر الله لأبناء هذا العصر ما يسّر من اكتشافاتٍ واختراعات في وسائلِ الاتصال وتقنياته، من أنواع الهواتف، وشبكات المعلومات، وقنوات البثّ وغيرها من وسائل الاتصال والإعلام، من مسموعها ومقروئها ومشاهَدها.إنها وسائلُ خيرٍ لأهل الخير، توفِّر الأوقات، وتقصّر المسافات، وتصل بجميع الجهات والاتِّجاهات، تُستخدَم في الصالحات والنافعات، ومع كلِّ هذا الخير فقد أساء بعضُ الناس استعمالَها، فكانت شراً لأهل الشرِّ في جلب الشقاء، وزرع البغضاء، وإيغار الصّدور، وغرس الشحناء، ونشر الأكاذيب، وضياع الأوقات، وإشاعة الفتن بين طبقات الناس وفئاتها من حكامٍ ومحكومين، وعلماءَ وعامَّة، ورجالٍ ونساء، ولقد أنتجت بعضُ هذه الوسائل مواقعَ للناس يرتادونها، وأحاديثَ يتداولونها، وصفحاتٍ يتجاذبون فيها أحاديثَ ومعلومات، وشاشات وقنواتٍ ينْتدون فيها ويتحاورون.

    وإنَّ المتأملَّ فيها ليلحظ خللاً كبيراً، وقصوراً كثيراً من الهذر والضَّار واللَّغو الباطل (لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ ابْتَغَاء مَرْضَـاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء:114]. فما أعظمَ الخلاف في تلك المنتديات والقنوات، وما أكثرَ الشائعاتِ في تلك المواقعِ والصفحات، كم حصل من أمورٍ كان عاقبتُها خُسرًا، وقد يكون بعضُ الحقّ فيضيف إليه بعضُ الناس من الأكاذيب والأوهام وسوء التأويل ما يضيع معه الحقّ ويسوء به الظن. تتبّعٌ للعثرات، وتضخيم للهفوات، وحيفٌ في القول، وجفاء عن العدل، فالزلَّة عندهم تَدفن وافرَ الفضائل وكثيرَ الحقّ.

    إنَّ الملاحَظ في هذا الشأن أن أناساً يُطلقون العنانَ لأخيِلَتهم في تلفيق التُّهم وتفسير الأحداث وتأويل الألفاظ، لا يحسون حرجًا في إدارة أحاديثَ مفتراةٍ على ألسنة خصومهم وأصدقائهم على حدٍّ سواء، يتندّرون ويسخرون، وكم أدّى التلهِّي بمثل هذا إلى عداوات وأضرار وفتن وأحزان، بل إلى مصارعِ السوء.

    إن الحريَّ بأصحاب القلوب الوجلة من أصحاب المواقع والصفحات في شبكات المعلومات وزوَّارها، وبأصحاب القنوات والإذاعات في ندواتها وبرامجها ومشاهديها، وبأصحاب الهواتف في رسائلها ومهاتفاتِها، ورجالِ الصحافة في كتّابها ومحلّليها، حريّ بنا وبهم جميعاً حفظنا الله وإياهم من كل سوء ومكروه، حريّ بالجميع تذكّرُ قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((رأيت الليلةَ رجلين أتياني، قالا لي: الذي رأيتَه يُشقّ شدقُه يكذب الكذبة، فتُحمل عنه حتى تبلغ الآفاقَ، فيُصنع به هكذا إلى يوم القيامة)) وكم يُدرِك أبناءُ هذا الوقت من معاني الآفاق وسعتها ما لم يتجلَّ تفسيرُه إلا في هذا الوقت.

    ثم ناهيكم برجلِ الإعلام الذي ينشُر على الألوف، بل الملايين خبراً باطلاً، والسياسي الذي يعطي الناسَ صوراً مقلوبةً أو مزيّفة في قضايا الأمة ومشكلاتِها ومسائلها، وصاحبِ الهوى من ذوي الرأي والفكر الذي يحسن تسويقَ التّهم بأساليبَ مباشرةٍ وغير مباشرة، وكلَّما اتسع نطاق الضرر إثر كِذبةٍ رائجة، أو إشاعة سارية، أو تحليل أفَّاك.. كان الوِزر أعظمَ، والخطرُ على الأمة ورجالها أشدَّ.
    إنَّ وسائلَ الاتصال هذه تجسّد صورةَ المستخدم، وتظهر حسنَ الأدب وضدَّه، ورقةَ النفس وغلظَها، وسلامةَ القلب وظلامَته، وقوةَ الإيمان وضعفَه.

    المصدر " ملحق الرسالة بجريدة المدينة بتاريخ 8/8/1427هـ


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية المختار
    تاريخ التسجيل
    09 2005
    الدولة
    الرياض
    العمر
    45
    المشاركات
    1,372

    مشاركة: النقد بين البناء والنقض

    شكرا لك يالراقي

    على الكلام الراقي

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية هادي

    المنتديات الإسلامية
    تاريخ التسجيل
    12 2005
    المشاركات
    5,810

    مشاركة: النقد بين البناء والنقض

    أخي المختار بارك الله فيك وجزاك الله خيــــــــــــــرا


    والأرقى والأجمل هو كلامك الجميل فلك الشكر الجزيل


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •