القاهرة: هاني زايد
أثار الحكم الذي أصدرته محكمة الأسرة في مدينة الزقازيق بتعيين "أمل سليمان عفيفي سليم"- البالغة من العمر 32 عاما والحاصلة على درجة الماجستير في القانون- بوظيفة مأذون بمحافظة الشرقية جدلا في الشارع المصري. خاصة وأنه منح المرأة صلاحية عقد الزواج لأول مرة "في تاريخ مصر والعالم الإسلامي". حيث كانت أمل سليمان المرأة الوحيدة التي تتقدم لشغل الوظيفة التي نافسها عليها عشرة رجال. والغريب أن تعيين أمل كأول مأذونة شرعية في مصر سيفتح الطريق لانتقال عدوى تعيينها من الوجه البحري إلى الوجه القبلي، حيث إن هناك عدداً من السيدات الصعيديات يرغبن بالفعل في أن يتم تعيينهن كمأذونات شرعيات، ومن بين هؤلاء المحامية" عبير حسين"- بنت منطقة كفر الشوام بمحافظة أسوان والتي لم يفارقها حلم أن تكون أول مأذونة في مصر وعندما ضاع هذا الحلم على يد أمل عادت عبير لتحلم بأن تكون أول مأذونة في صعيد مصر، وهو الحلم الذي لم يفارقها منذ وفاة زوجها وهي في العشرين من عمرها وإصرارها على عدم الزواج بعده والاكتفاء بتربية ابنتها منه واستكمال دراستها إلي أن تخرجت في كلية الحقوق. ومما يدعم موقف عبير أنها حصلت في السادس من ديسمبر من عام 2004على فتوى من دار الإفتاء تجيز تقدم المرأة لوظيفة مأذون، ومنذ هذا الحين وهي تنتظر حكم المحكمة في جلستها النهائية والمحدد لها في مارس القادم. وبعيداً عن فرحة أمل ومعركة عبير فقد أدى حكم المحكمة إلى فرحة كبيرة وسط الأوساط النسائية في مصر، بينما أدى الحكم في الوقت ذاته إلى تحفظ عدد لا بأس به من الرجال الذين تقبلوا الحكم على مضض.
تقول الإعلامية بثينة كامل" المرأة يمكن أن تعمل في أي مجال.. المرأة عملت كقاضية وكإذاعية وكطبيبة والمهم في النهاية معيار الكفاءة". وأضافت " في مجال عملي كإعلامية كنت أقوم بتقديم برامج عن بدو سيناء، وقتها كان البدو يرفضون السماح للمذيعين الرجال بدخول بيوتهم ولكنهم كانوا يسمحون لي بذلك لأنني امرأة، وهو ما ينفي تلك الشعارات التي نضعها من حين لآخر حول قبول المجتمع للدور الذي تقوم به المرأة، فالمجتمع تقبل عمل المرأة كطبيبة بل وأصبح أميل للتعامل مع المرأة في العديد من التخصصات الطبية، والمجتمع تقبل المرأة كقاضية وكعمدة وكإعلامية وكرئيسة لمجلس إدارة، وسوف يتقبل عملها كمأذونة شرعية ما دامت تمتلك القدرة والكفاءة والمهارة والوعي بما يمكنها من أداء مهام عملها.. وما أريد أن أقوله هو أن عمل المرأة في وظيفة المأذون الشرعي يمكن أن يسمح لها بحل كثير من المشكلات خاصة أن دور المأذون ليس قاصراً على عقد القران وإنما يمتد لما هو أبعد حيث إنه يشمل التدخل لإصلاح العلاقة بين الزوجين، ويمكن أن تكون دراية السيدة التي تعمل كمأذونة شرعية بالطبيعة السيكولوجية للمرأة وسيلة من بين وسائل إصلاح العلاقة بين الزوجين". وتضيف بثينة كامل أن خبرتها في مجالها العملي سواء من خلال تقديمها لبرنامج" مصر التي لا نعرفها" أو برنامج" اعترافات ليلية" تؤكد لها أن الناس في مصر يحترمون المرأة وعملها.. وتضيف بثينة كامل قائلة" لا بد أن تتاح الفرصة لكل الفتيات للعمل في كافة المجالات, بل إن حلم عمري أن تتاح الفرصة لنماذج أخرى في المجتمع، حيث أحلم بأن تكون هناك نسبة لذوي الاحتياجات الخاصة حتى يتم تمثيلهم من خلالها في مجالس الإدارات على اعتبار أنهم هم الأدرى بما تحتاجه هذه الفئة لأن التنوع أمر مفيد جداً لتطور أي مجتمع".
أما الصحفية ناهد صلاح- المهتمة بشؤون المرأة- فإنها لا تمانع أبداً في تولي المرأة منصب المأذون الشرعي.. وتضيف ناهد قائلة" موافقة طبعاً..ليه لأ.. هل مكتوب على المرأة أن تظل طوال مجالات العمل بفكر المجتمع الذكوري؟! من حق المرأة أن تشارك في كافة مجالات العمل الحياتية ولابد أن تجمع المرأة المصرية بين دورها في العمل المنزلي وعلى مستوى العمل.. والمهم أن لا يكون هناك مانع ديني يقف عائقاً أمامها.. وما دام ليس هناك مانع ديني فلماذا لا تكون المرأة مأذونة شرعية وطيارة خاصة وأن المجتمع المصري تطور كثيراً منذ أن تم تعيين المحامية تهاني الجبالي في عام أول قاضية في مصر وتبع ذلك تعيين عشرات القاضيات. كما أن المرأة في مصر تقلدت مناصب وزارية منذ عشرات السنين. بل وهناك سيدات تم تعيينهن في مناصب العمد.. وأكدن جدارتهن بتولي هذه المناصب.. والحكمة في النهاية تتوقف على مدى قدرة المرأة على القيام بمهام عملها بشرط عدم وجود مانع ديني".
أما أيمن أحمد السيد عيد- طالب ثانوي- فيعلق على قرار تعيين امرأة في وظيفة مأذون شرعي قائلاً" أكيد هناك شيء خطأ، كيف يمكن أن نضمن عدم تعارض الطبيعة الفسيولوجية للمرأة مع ما تتطلبه مهام العمل كمأذون شرعي، كما أن شهادة المرأة بنصف رجل فكيف يمكنها أن تصبح الشاهدة الأولى على توقيع عقد لزفاف، بصراحة ما حدث هو جزء من موضة العصر الذي نعيشه حالياً، ثم إن المأذون يجب أن يمسك بيد الوكيل والعريس فكيف يمكن أن تقوم سيدة بتوقيع العقد!!".. وبسؤاله حول رد فعله في حالة ما إذا تم تعيين سيدة كمأذون شرعي في بلدته" بنها" يعلق أيمن قائلاً" طبعاً لن أوافق على توقيع عقد قراني على يد سيدة، بصراحة هذا أمر لا يمكن التعامل معه بحيادية وسأجدني مضطراً لكتابة عقد قراني خارج بلدتي حتى لو كلفني الأمر إنفاق مزيد من الأموال". وبسؤاله حول مدى إمكانية قبوله الزواج من سيدة تشغل وظيفة مأذون يعلق أيمن قائلاً" طبعاً أوافق خاصة وأنها يمكنها أن تحصل على 100 جنيه عن كل 1000 جنيه من قيمة مؤخر الصداق وهو ما يعني أنها يمكنها أن تجمع أموالا طائلة، والأكثر من ذلك أن مهنتها ستجعلها شخصية مميزة".