أقبلت في براءة الطفولة
تسألني :- ماذا تفعل ؟
قلت لها :- أكتب .
قالت:- ماذا تكتب ، ولمن ؟
فأنت حينما تقدم لزيارتنا
دائماً ما أراك وحيداً إلا من هذه الأوراق ..
حيرتني تلك التساؤلات الغريبة من طفلة لم يتجاوز
عمرها التاسعة..
فقلت لها:- هو تعبير لا يخلوا من الواقع ممزوجٌ ببعض الخيال.
قالت:- لم أفهم ما هو الواقع ، وما هو الخيال؟
قلت لها:- هذه أمور يطول الحديث فيها
فدعينا منها الآن.
شعرت أني تضايقت قليلاً من حديثها
وكأنها قد قطعت خلوتي.
وحبل أفكاري لما أنا فيه..
أرادت أن تعبر عن هذا الشعور
فلم تستطع ، وإن كنت قد
أبصرته في ملامح وجهها البريء
فأخذت أمسح بيدي
على رأسها مردداً :-لا عليك سيأتي الوقت الذي تدركين
فيه هذا الأشياء
ولولا أنني مشغولٌ في الكتابة
عن موضوع هام لشرحت لك ..
فهدأت قليلاً ،و أطمئنت ذاتها
هذا ما لاح لي بعد كلماتي الأخيرة..
ثم انصرفت ، وكالعادة عدت لخلوتي
وموضوعي الذي أكتب عنه
وما لحظات إلا وقد أقبلت
ولكنها هذه المرة لم تكن خالية اليدين
كانت تحمل في يديها قلماً ، وورقة ..
فقلت لها:- ماذا تريدين بهذه الأشياء ؟
فأجابت:- أريد أن أكتب..
فقلت :- عن أي شيء تريدين أن تكتبي يا صغيرتي؟
قالت:- لا أعلم أي شيء ..
المهم أريد أن أكتب كما تكتب ..
فضحكت قليلاً ، وتعجبت من جراءة هذه الطفلة
فقلت لها :- حسناً بما أنك مصرة على مشاركتي الكتابة
فما رأيك أن نكتب سوياً ..
قالت:- كما تحب يا خال..
فأخذت ورقتها ، وبدأت :-
بسم الله الرحمن الرحيم.
وقلت لها:- ما رأيك أن نكتب أحداث قصتنا هذه
ونرويها للناس حسب ما جاء فيها
وما يكون من مداخلاتك أثناء الكتابة.
فأومأت بالقبول..
فقلت:- أقبلت في براءة الطفولة تسألني
وتبسمت طهارة الوجود.
تُناجي الروح رسالة عالمها البريء..
آثرت أثير أن تُقلني مواطن حُسنها ، وتُهاديني نرجسيات جنانِها.
فقاطعتني :- أنا ، فقلت :- أجل أنت ، والآن دعيني أكمل.
آثرت أثير أن تُقلني مواطن حُسنها
وتُهاديني نرجسيات جنانها
أمل الحياة لغدٍ مُشرقٍ جميل..
طفلةٌ حملت على أعتاقها سعادة
قلبي المكلوم ، ونجحت
في إدراكها صفاء مكنوز ذاتِها..
ما أنبل ، وأجلَّ ، وأعظم الطفولة..
ونظرتها ، فابتسمت ، ثم طلبت مني أن أكمل.
فقلت:- طهارة التعامل ، والنظرة الخجولة.
فقالت:- لم يتبقى سوى ثلاثة أسطر ..
فأكملت قائلاً:- لم يبقى غير ثلاثة أسطر على دعوتها
فقاطعتني هذه أنا قلتها ، فقلت :- أجل.
ألم أعدك بأن يكون من ضمنها مداخلاتك الجميلة.
والآن دعيني أكملها..
لم يبقى غير ثلاثةِ أسطرٍ على دعوتها
وصف معالم الحكاية
لتحملها درب رواية لجارتها الصغيرة..
فصفقت طويلاً ، فقلت :- لماذا هذا التصفيق الحار
كادت أن تفقدني عقلي قلت في ذاتي :- أيعقل أنها لمست
الإعجاب في كلمة منها ، أو جملة ، فطاب لها التشجيع
فأجابت:- لقد أكملتها يا خال..
ففهمت لماذا كانت تشجعني بحرارة..
ثم طلبت مني الورقة أن أعطيها إياها..
فقلت:- وماذا تريدين بها.
قالت:- أريد أن أحملها غداً إلى صديقتي
بنت الجيران ، وأريها ، وأقول لها :- أنظري
ماذا كتب خالي عني..
فقلت :- سبحان الله
وأثنيت قولي:- كما تحبين ، ولكن على شرط
قالت:- ما هو؟
قلت :- اقتربي مني لأهمس لك به في أذنك ..
وحينما اقتربت قبلتها ، وقلت لها:- هذا شرطي
والآن أذهبي إلى النوم لتلتقي غداً بإذن الله بصديقتك الصغيرة..
هذه قصتي مع أثير ، والتي كانت تتعامل بفهمها الخاص
مع مقتضياتها ، وحيثياتها..
ولأني وعدتها بنشرها عبر الشبكة كانت هنا..
وكل المُنى قبولها أحبتنا الكرام..
<< أبووسام >>
6 / 4 / 1429هـ
جدة