لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

صفحة 1 من 5 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 96

الموضوع: " مملكة البنقال " بقلم الكاتب محمد بن عبد العزيز الداود

العرض المتطور

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    " مملكة البنقال " بقلم الكاتب محمد بن عبد العزيز الداود

    الفصل الأول

    أطلت الشمس باستحياء مبددةً ظلام الليل، محاولةً اختراق ركام السحب الكثيفة، باعثةً الضياء في المدينة الغارقة في الظلام، والمبتلة بفعل الأمطار؛ وعلى ضوء النهار الوليد أسرعت سيارة تشق عباب طريق الملك فهد الممتد وسط مدينة الرياض، والرذاذ يتطاير خلفها، وصاحبها يزيد من سرعتها، وهو يرقب بخوف المرآة الخلفية، ويتابع بقلق سيارتين سوداوين، أُطفئت أنوارها .. واتخذت طريقها بسرعة .. نحوه!

    أخذ يبحث عن أقرب مخرج من هذا الطريق السريع، عندما لمح لوحة عريضة (طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز "التحلية")، ودون أن يخفف من سرعته دخل طريق الخدمة، وعندما وصل إلى الطريق خفف سرعته مستخدمًا فرملة اليد، وانعطف بقوة وسيارته تعلن احتجاجها بهدير محركها القوي الذي كان يدور بأقصى سرعة، كاد أن يفقد توازن السيارة مع هذا الانعطاف الانتحاري وانزلاق السيارة على الأرض المبتلة، وبعد أن أعاد المكابح إلى وضعها الطبيعي ضغط على دواسة الوقود بكل قوة، ولم يعر الإشارة الضوئية الحمراء الاهتمام اللازم، وهو يرمق المرآة الخلفية بنظرة متوترة، ويتساءل في داخله، هل رآه من يتبعه!

    لم يطل التفكير، فانعطف إلى اليمين مرة أخرى داخلاً شارعًا فرعيًا، وبدأ يتنقل بين الشوارع الضيّقة وهو محافظ على سرعته الخطرة، ومتجهًا نحو الجنوب، إلى أن أقبل على شارع الأمير سلطان بن عبدالعزيز (الثلاثين)، وقصد إحدى العمارات مقتحمًا مواقفها السفلية، ومحطمًا الحاجز الحديدي بكل قوة.

    أوقف سيارته، ونزل منها بسرعة ملتقطًا حقيبة جلدية سوداء اللون، وأغلق الباب بعد أن تأكد من تأمين كافة الأبواب، وفتح صندوق السيارة، والتفت حوله بسرعة، وعندما لم يجد أحدًا، خلع ثوبه ورماه في الصندوق، وأخرج لباسًا رياضيًا أخضر اللون ولبسه بسرعة، ولبس نظارة سوداء، واعتمر فوق رأسه قبعة بيضاء اللون، وأغلق الصندوق، بعد أن رمى فيها كل ملابسه القديمة، ثم التقط حقيبته الجلدية وأسرع يركض نحو المخرج.

    ***

    في شارع الثلاثين، كانت هناك سيارة أجره انهمك صاحبها في إصلاح إطارها الخلفي، وبدون تردد تقدم نحو صاحب سيارة الأجرة قائلاً:
    - مرحبا ... هل أساعدك في تصليح ساعتك؟!
    رفع صاحب الأجرة عينيه نحوه، وهز رأسه قائلاً:
    - ولكن الوقت مازال مبكرًا.
    - لا بأس .. فالشمس تغرب هنا متأخرة!

    بعد تبادل هذه الكلمات العجيبة، التي لم تكن سوى كلمة السر، فتح صاحب الأجرة باب سيارته الخلفي، وأشار إليه قائلا:
    - تفضل بالركوب يا سيّد (ماجد).

    انطلقت سيارة الأجرة براكبها الوحيد تجوب شوارع الرياض المبتلة، إلى أن توقفت أمام منزل قديم، في مكان مهجور، نزل (ماجد) من السيارة، ودفع للسائق مبلغًا من المال، والسائق يبدي امتعاضه من المبلغ القليل.

    وقف (ماجد) يرمق السيارة وهي تغادر المنطقة مسرعة، حتى اختفت وراء الأفق، تلفت حوله بحذر، وعندما اطمأن إلى خلو المنطقة من أي تواجد بشري، تقدم ناحية الباب القديم، وتجاهل الجرس ، ورفع يده وقرع الباب لثلاث مرات متوالية، وتوقف هنيهة، ثم عاد وقرعه مرة واحدة.
    بدا المنزل مهجورًا ولا أثر للحياة فيه، ولكن سرعان ما بدأت أصوات فتح الأقفال تتعالى من الداخل، وانفتح الباب ببطء ليكشف عن مدخل متهالك بأرضية أسمنتية وعرة، وجدران مطلية بالجص الأبيض، تحمل بين جوانبها آثار خلفتها عشرات السنين، دلف (ماجد) إلى الداخل بهدوء، والتفت ينظر إلى من يقف خلف الباب، حيث كان هناك شاب في أوائل العشرين من عمره، يعالج أقفال الباب في مهارة، وبعد أن انتهى، التفت نحوه ومد يده قائلاً والسعادة تطل من عينيه:
    - السيّد (ماجد) .. أنا (سلمان) ... إنه لشرف عظيم أن ألتقي بك شخصيًا، أرجوك تفضل معي فالقائد ينتظر وصولك.

    تقدم (سلمان) يقوده إلى غرفة جانبيه، التي بدأت مغايرة تمامًا للمظهر الخارجي للمنزل، فعندما دخلها أحس (ماجد) بأنه قد انتقل إلى مكان آخر، فالإضاءة الساطعة، والديكور الخشبي الحديث، والغرفة الأنيقة التي تناثرت فيها الشاشات والأجهزة غريبة الشكل، بدت مغايرة للمكان كله.

    خلف مكتب كبير، وضع عليه عدة شاشات متصلة بجهاز حاسب آلي عملاق، نهض رجل خط الشيب عارضيه، وبخطوات واسعة تقدم نحو (ماجد)، ومد يده قائلاً:
    - (ماجد) .. قد لا تعلم مدى سعادتي لرؤيتك، خصوصًا بعد كل ما مر بك!

    التقط (ماجد) يده بلهفة، وشد القبضة عليها، وهو يتأمل قسامة وجه (القائد) ويسترجع كل ما يعرفه عنه، فبالرغم من أن هذا هو لقاءه الأول به، إلا أنه قد حفظ كل العمليات التي قام بها القائد، ابتداءً من بطولاته في حرب الخليج، ومرورًا بالعمليات الخاصة التي قام بها شخصيًا.
    - بل أنا من يكاد يطير فرحًا بلقائك أيها القائد.
    قال ذلك (ماجد) وهو يطلق يد (القائد) الذي أشار له بالجلوس.

    .
    .
    .
    و للحديث بقيّة ..

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية أبو نورة
    نبـ صامطة ـض
    نبض لمع في سماء الإشراف
    تاريخ التسجيل
    09 2004
    المشاركات
    3,442

    رد: " مملكة البنقال "

    ننتظر بقية الحديث بشوق ولهفة
    من سمع او شاف فعله
    يدري ليه احنا نجله
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    من مثله اللي يرتكي لثقل المحاميل ويشيله
    من مثله اللي تسبق الافعال في الاحسان قيله
    من غيره اللي اقعد الكرسي للمواطن يشتكيله
    من غيره اللي شال همّ الناس في صبحه وليله
    رحمك الله يابو متعب

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال "

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو نورة مشاهدة المشاركة
    ننتظر بقية الحديث بشوق ولهفة
    كم يشرفني متابعتكم

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية همس الروح
    *******
    قلم من ذهب
    تاريخ التسجيل
    09 2007
    المشاركات
    5,442

    رد: " مملكة البنقال "

    الهامس هجرا

    سانقله للمكان الانسب

    متابعه لك سيدي

    ودي وتقديري

    يارا

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال "

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يــارا تـامر مشاهدة المشاركة
    الهامس هجرا

    سانقله للمكان الانسب

    متابعه لك سيدي

    ودي وتقديري

    يارا
    لك ذلك..
    تشرفني متابعتك

  6. #6
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال "

    تتمة الفصل الأول


    جلس (ماجد) على أحد الكراسي الوثيرة المتحلّقة على طاولة اجتماع صغيرة في ركن الغرفة، وجلس القائد أمامه، وقال وهو يمد له بملف ضخم:
    - أعرف أنك منهك بعد أحداث صباح اليوم، لذلك سأختصر عليك الوقت، وسأدخل مباشرة في صلب الموضوع، ففي الأسبوع الماضي تم اكتشاف جثة مواطن رُميت في (نهر الحاير) جنوب الرياض، وبعد رفعها وتحليل المعمل الجنائي لها، تبين أن سبب الوفاة هو ضربة بآلة حادة في مؤخرة الرأس، لم تكن هناك مقاومة، ولا أي أدلة على التعذيب، وقبل هذه الحادثة لعلك تذكر الطفلة الصغيرة التي خطفت من أمام أحد المحلات في الشهر الماضي، والتي كانت في تغرق في غيبوبة عميقة، وغيرها من القضايا التي بدأت تظهر على السطح وتُنشر ملابساتها في الصحف والمجلات، والتي يزخر بها هذا الملف، والملفات الأخرى التي بدأت تملأ الأرفف.

    قطب (ماجد) حاجبيه، وهو يسمع كلام (القائد) محاولاً ألاّ يفوت أي شيء، وبعد أن أنهى (القائد) حديثه، تطلع إليه بعينين حائرتين وقال:
    - معذرة يا سيادة القائد، ولكن ما دورنا في كل هذا؟ أليست مثل هذه العمليات من اختصاص الشرطة والمباحث الجنائية؟
    - بالضبط يا (ماجد)، الأمر هو كما قلت، ولكني لا أتحدث عن التحقيق في هذه الجريمة أو مثيلاتها، التي يزخر بها الملف الذي بين يديك، وإنما أتحدث عن أمر أكبر من هذا بكثير، أريدك أن تقرأ هذا الملف بعناية، وغدًا صباحًا سنجتمع مع فريق خاص جدًا، وسنتباحث الأمر سويًا.

    نهض (القائد) من مقعده معلنًا بذلك انتهاء المقابلة، فنهض (ماجد) حاملاً الملف الضخم وحقيبته الجلدية، وصافحه القائد قائلاً:
    - إذًا موعدنا في تمام التاسعة صباحًا، سوف يوصلك (سلمان) إلى مكتبك لدينا، وستكون جميع مواد المكتبة تحت تصرفك طيلة الوقت، وإن أردت أي شيء لا تتردد في الاتصال بي.

    خرج (ماجد) من غرفة القائد، فوجد (سلمان) الشاب الذي استقبله في انتظاره، وقال له:
    - من فضلك اتبعني، سأقودك إلى مكتبك.

    انطلق (سلمان) بخطوات واسعة يقوده عبر ممرات حديثة، إلى أن توقف أمام مصعد في أحد الأركان، تعجب (ماجد) من وجود مصعد في هذا المبنى المتهالك، فهذا المبنى حسب ما يتذكر ذو طابق وحيد، فلم الحاجة إلى مصعد، كتم تساؤلاته، وهو ينصت إلى شرح (سلمان) عن المبنى، ففي هذا الطابق توجد غرفة المراقبة، التي قابل فيها القائد، وغرفة الاجتماعات، والمكتبة المرئية، وبعض الغرف الجانبية!

    أعلن المصعد عن قدومه بصوت ضعيف، وعندما ابتلعهما بداخله، قطب (ماجد) حاجبيه وهو يتأمل أزراره، التي كانت تشير بوضوح إلى قدرته على التنقل بين خمسة طوابق! هل يعقل أنه فقد قدرته الشهيرة على الملاحظة، وفاتته الطوابق الخمسة!، أم أن هناك في الأمر سر لا يعلمه؟
    التفت نحو (سلمان) الذي كان متوقعًا مثل هذا التعجب، فعاجله قائلاً:
    - بدل أن نلفت الانتباه بطوابق علوية، جعلناها في الأسفل!

    لم يتمالك (ماجد) سوى أن يبتسم، والمصعد ينزلق بهما في صمت، إلى أن توقف وانكشف الباب بهدوء ولوحته الإلكترونية تعلن عن (-3)، امتد الممر أمامها بإضاءة ضعيفة، تقدم (سلمان) نحو الممر، و(ماجد) يرمق الأبواب التي تناثرت على جانبيه إلى أن توقف أمام باب جانبي حمل الرقم (315) وكتب عليه بخط أنيق (ماجد صالح عبدالرحمن – العمليات الخاصة)

    فتح (سلمان) الباب، وأضاء الأنوار، ودعا (ماجد) إلى الدخول وهو يقول:
    - تفضل ... هذا هو مكتبك، واعذرنا على التقصير في إعداده، فلقد وصلنا خبر قدومك متأخرًا.

    دلف (ماجد) إلى الداخل، وهو يتأمل الغرفة غير المعدة جيدًا في تعبير (سلمان)، كانت الغرفة فسيحة، في أحد أركانها قبع مكتب كبير، صفت عليه عدة أجهزة متنوعة، فهناك حاسب آلي حديث، وجهازي هاتف، وطابعة ليزرية ملونة، بالإضافة إلى جهاز فاكس وماسح ضوئي، وعدة أجهزة لم يتبين كنهها بعد.

    تنحنح (سلمان)، وواصل حديثه بعد أن ترك له فترة للتأمل:
    - سأكون في الطابق الأرضي، بإمكانك الاتصال بي هاتفيًا، دليل الأرقام ستجده في الدرج العلوي، بالمناسبة لقد طلب مني القائد أن أترك لك هذا الصندوق.

    وأشار إلى صندوق كبير، بداخله عدد من الملفات الضخمة، وضعه في أحد أركان الغرفة. خرج (سلمان) من الغرفة وأغلق الباب خلفه، وترك (ماجد) وحيدًا.

    وضع (ماجد) الملف وحقيبته الجلدية على مكتبه الجديد، وألقى بجسده على الكرسي الوثير، وأغلق عينيه لفترة طويلة، لوهلة بدا نائمًا، مستغرقًا في النوم، غير أن عقله كان يعمل بأقصى طاقته، يحلل المواقف التي مر بها منذ الصباح، ويستخلص منها أدق النتائج، فتح عينيه فجأة، والتقط الملف الكبير، وفتح حقيبته وأخرج منها جهازه المحمول، وعلى ضوء الغرفة الخافت، بدأ يقرأ في الملفات، ويسجل ملاحظاته.

    .
    .
    انتهى الفصل الأول ..
    ومازال في الحديث بقيّة ..

  7. #7
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال "

    الفصل الثاني

    تقرير الطبيب الشرعي:
    الاسم: عبدالله سليمان خالد
    العمر:30 سنة
    المهنة: مدرس
    الجنسية: سعودي
    مكان الجثة: الرياض -الحاير
    سبب الوفاة: الضرب بأداة حادة، سببت تهشم في مؤخرة الجمجمة ، وتهتك في أنسجة المخ، ونزيف أدى إلى توقف القلب والدورة الدموية والتنفسية.
    ---

    التفت (عبدالله) إلى زوجته التي انهمكت في وضع اللمسات الأخيرة على زينتها، وابتسم لها وهو يقول:
    - أأنت متأكدة أنكِ لا تريدين الذهاب معي ياعزيزتي؟
    - (ضاقت !! البطحاء؟!) بالإضافة إلى أني ذاهبة إلى بيت أهلي فهناك مناسبة هذه الليلة!
    - مازال الوقت مبكرًا على ذلك، فبإمكانك المجيء معي، ومن ثم أعيدك إلى منزل أهلك قبل الغروب.

    اكتفت (نوال) بهز رأسها، والتفت نحوه وهي تشير إليه بفرشاة الكحل قائلة:
    - إياك أن تتأخر ... ففي المرة الماضية لم تأتِ إلا عندما بدأ الضيوف في تناول العشاء.

    اعتمر (عبدالله) طاقيته وشماغه، وعلى ذات المرآة انهمك في ضبط عقاله، وعندما انتهى التقت أعينهما،وابتسم بخبث، وقال وهو يغالب ضحكاته:
    - أتدرين .. أحمد ربي أنّي لست امرأة، فلقد أنهيت استعدادي خلال دقائق، بينما أنت تجلسين على هذا الكرسي منذ أكثر من ساعة ... ولم تنتهي بعد.

    تطاير الشرر من عينيها والتفت له وهي توشك أن تقذف عليه الفرشاة، وقالت:
    - (أنت ورا ماتروح الحين! أخبرك مستعجل! بعدين أنت وش فهمك في الجمال! حدك البطحاء .. وهنودها)
    - (إن شاء الله .. أبجيب لك هدية مكياج هندي، على الأقل تصيرين مثل ممثلاتهم).

    تألقت عيناها في فرح وهي تهتف:
    - (صدق! ... تكفى فيه ماركة هندية عليها كريم أساس ما في مثله).
    - (أبشري يا أجمل الجميلات ... رغباتك كلها أوامر) ... مع السلامة.
    خرج من الغرفة، وعادت إلى مرآتها، لتكمل ما تبقى من زينتها التي بدت بلا نهاية.

    كانت الساعة تقترب من الرابعة عصر يوم الجمعة، عندما أوقف (عبدالله) سيارته بعيدًا، وتأكد من تأمينها جيدًا، وانطلق على قدميه نحو شارع البطحاء العام.

    لم يكن (عبدالله) غريبًا عن هذه الشوارع والأزقة والمحلات، فلقد ألفها ردحًا من الزمن، وألفته هي الأخرى، ولم يكن كذلك اختياره دخول البطحاء يوم الجمعة غير مقصود، بل كان يحب الزحام واختلاف الألسن وتنوع الأجناس، يجد متعته في الانغماس بينهم، يستنشق بعمق عبق العطر الرخيص والزيت الذي يتقاطر من الرؤوس والعرق الذي تنضح به الأجسام الكادحة، كانت الرائحة التي تتمازج بين كل هذه العناصر من مميزات رحلته الأسبوعية إلى قلب البطحاء.

    تفقد (عبدالله) القائمة التي وضعها صباح اليوم، لم تكن طويلة، فلقد كان ينوي شراء جهاز راديو حديث، بالإضافة إلى بعض الملابس، لذا حدد موقعه، وبدأ يشق طريقه في الزحام بسهولة، فهو يعرف أين يدخل وأين يخرج خصوصًا بين الأزقة والطرقات، متجهًا نحو المحلات التي تبيع الملابس، كان محل (قايد) هو محطته الأولى، فلديه كافة الماركات التي يفضلها وبأسعار لا تنافس، كان المحل يبعد عنه قرابة الخمسين مترًا، ولكنها بدت مع أكوام البشر التي أحس (عبدالله) بكثرتها على غير المعتاد طويلة جدًا، وعندما وصل المحل ذو الفتحة الواحدة كان المحل مغلقًا على غير العادة، وأنوار المحل مطفأة، تعجب كثيرًا، وأخرج هاتفه المحمول، وبدأ يبحث في الأسماء حتى وصل إلى اسم (قايد) وضغط على زر الاتصال.

    كانت لحظات الانتظار مملة، ونغمة الاتصال الطويلة تتردد في أذنيه، حتى انقطع الطنين، وبزغت على الشاشة عبارة (لا توجد إجابة) ، لم ييأس فهو لا يعرف لليأس سبيل، وأعاد الاتصال مرة أخرى وقبل أن يرفع هاتفه المحمول إلى أذنه سمع صوتًا خلفه يحادثه، التفت ليجد أحد العمالة بإزار ملون، وبقميص أبيض، وشعر يلمع من أثر الزيت يقول له:
    - إن المحل مغلق منذ ثلاثة أيام.

    قطب (عبدالله) حاجبيه وعندما هم بإلقاء سؤال على العامل، كان هذا الأخير يمر بجانبه مسرعًا، وهو يلتقط بخفة ومهارة الهاتف المحمول الذي يمسكه بيده، تجاوز (عبدالله) مرحلة المفاجأة بسرعة، ومد رجله لتعترض طريق العامل، الذي تعثر بها وسقط على الأرض، وقبل أن ينهض كانت يد (عبدالله) تمسك بقميصه بقوة، وبقبضة القوية رفع العامل من الأرض، وحاول أن يلتقط منه هاتفه المحمول، لكن العامل سرعان ما التفت إلى احد العمالة بجانبه ورمى عليه الجهاز، وانطلق العامل الآخر يجري بعيدًا فرحًا بالجهاز الثمين الذي وقع في يده.
    .
    .
    و للحديث بقيّة

  8. #8
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية محمد™
    تاريخ التسجيل
    12 2008
    المشاركات
    1

    رد: " مملكة البنقال "

    كان بودي أن أشرت لكاتب الرواية ..

    للمزيد هنا ..
    http://www.mdawood.com/blog/?p=38

    دمت بخير

  9. #9
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية رجل الظلام
    تاريخ التسجيل
    07 2005
    الدولة
    مع أبي في قبره
    المشاركات
    1,120

    مشاركة: رد: " مملكة البنقال "

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد™ مشاهدة المشاركة
    كان بودي أن أشرت لكاتب الرواية ..

    للمزيد هنا ..
    http://www.mdawood.com/blog/?p=38

    دمت بخير



    إنّ الهامسَ جهرا ً يُـعَــدّ مِـنَ الكتابِ المتميزين
    في منطقةِ جازان ، ولهُ كثيرٌ مِـنَ المقـــــــالات ِ
    والمشاركات ِ الجميلة ِ والفارهــــــة ِ جدا ً في
    أكثر ِ منتدياتِ المنطقة ..

    وإنْ كانتْ تلكَ الرواية ُ مِـنْ نبض ِ يراعِـكَ
    أخي العزيز ، فالتمسْ لهُ العُـذرَ ، وأحْـسِـن ِ
    الظنّ حتى يأتيكَ اليقينُ مِـنَ الهامس ِ جهرا .

    تحية خالصة لكَ أخي محمد ، ومرحبا ً بهذا
    الهــُـطـــول ِ المُـــــبارك ِ مِـنْ لــَـدُنـــْـكَ فِـي
    منتدياتِ صـــامطة ، وكمْ نحنُ سعداءُ بأديب ٍ
    مثلكَ يحُــلّ ضيفا ً عزيزا ً على قلوبنا .

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  10. #10
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: مشاركة: رد: " مملكة البنقال "

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رجل الظلام مشاهدة المشاركة


    إنّ الهامسَ جهرا ً يُـعَــدّ مِـنَ الكتابِ المتميزين
    في منطقةِ جازان ، ولهُ كثيرٌ مِـنَ المقـــــــالات ِ
    والمشاركات ِ الجميلة ِ والفارهــــــة ِ جدا ً في
    أكثر ِ منتدياتِ المنطقة ..

    وإنْ كانتْ تلكَ الرواية ُ مِـنْ نبض ِ يراعِـكَ
    أخي العزيز ، فالتمسْ لهُ العُـذرَ ، وأحْـسِـن ِ
    الظنّ حتى يأتيكَ اليقينُ مِـنَ الهامس ِ جهرا .

    تحية خالصة لكَ أخي محمد ، ومرحبا ً بهذا
    الهــُـطـــول ِ المُـــــبارك ِ مِـنْ لــَـدُنـــْـكَ فِـي
    منتدياتِ صـــامطة ، وكمْ نحنُ سعداءُ بأديب ٍ
    مثلكَ يحُــلّ ضيفا ً عزيزا ً على قلوبنا .

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    شكرا سيدي لهذه الثقة
    العمل لصاحبه : محمد الداود ولتميزه وروعته قدمته هنا راغبا في متابعته مؤجلا تسجيل اسم صاحبه في ختام الرواية حتى نكسب متابعة العمل
    تقديري لك وللجميع

  11. #11
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال "

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد™ مشاهدة المشاركة
    كان بودي أن أشرت لكاتب الرواية ..

    للمزيد هنا ..
    http://www.mdawood.com/blog/?p=38

    دمت بخير
    مرحبا ألووووووف
    محمد الداود
    لست بالسذاجة التي تتخيلها حتى أنسب لي عملا موجودا في الأسواق
    ثواني في محرك البحث ويبين كاتب الرواية
    أحببت تشويق القراء وختام الوراية بتسجيل صاحبها العملاق ( محمد الداود)
    ويكفي تلك الحركة أن كسبناك عضوا هنا..
    وللعلم فأنا أنقل حاليا في هذا المنتدى روايتك الأولى " أوراق طالب سعودي في نيوزيلندا" وناسبها لصاحبها http://vb.samtah.net/showthread.php?t=64592
    تقديري لك أخي محمد
    نقدم العمل الرائع هدية ـ بالمجان ـ لقراء المنتدى
    أتمنى أن نراك دائما معنا

  12. #12
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال "

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد™ مشاهدة المشاركة
    كان بودي أن أشرت لكاتب الرواية ..

    للمزيد هنا ..
    http://www.mdawood.com/blog/?p=38

    دمت بخير
    أخي .. محمد الداود ..
    سأستغل الفرصة لأهديك عملي " يوميات مجهول " بين هنا وهناك

    http://vb.samtah.net/showthread.php?t=56663

    مرحبا ألووووووووووووووووف

  13. #13
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال "

    تتمة الفصل الثاني:

    أسقط في يد (عبدالله) فالهاتف المحمول طار فيما يبدو إلى الأبد ، والعامل الذي يرفعه بيده، لم يعد ذا فائدة واضحة له، بعد أن ضاع الجهاز، لكنه لم ييأس فسحب العامل خلفه، وعلى باب محل (قايد) أجلس العامل بالقوة، وهو يقول له:
    - لن أتركك حتى يعيد صاحبك هاتفي المحمول.

    اشتعل الخوف في عينيّ العامل، وبدأت الدموع تتكون في مقلتيه، وهو يرى الشرر المتطاير من عينيّ (عبدالله) الذي أحكم قبضته على عنقه، وبدأ يشهق ويتعالى نشيجه، الذي بدأ يلفت المارة، عندما سمع (عبدالله) صوتًا يناديه من خلفه:
    - (عبدالله) ماذا دهاك ...؟ أعتقدت أنك تُحسن معاملة أمثال هؤلاء المساكين؟

    التفت خلفه ليجد (قايد) مسكًا بمفاتيحه وهو ينوي أن يفتح محله، وقال له وهو يشير إلى العامل الواقع تحت قبضته المحكمة:
    - إن هذا الذي تناديه بالمسكين، قد سرق هاتفي المحمول للتوّ، وناوله لشخص آخر .. !
    - آه .. هكذا إذًا ... لحظة افتح المحل وندخله إلى الداخل، ونعرف كل شيء عن هاتفك المحمول هذا.

    فتح (قايد) محله، وأشار لعبدالله بالدخول، وبقبضته حمل العامل بيد واحده وجره إلى داخل المحل الذي أغلقه بعد أن أصبح ثلاثتهم بالداخل، قائد وعبدالله .. والعامل.

    أضاء (قايد) أنوار المحل، وأشار لعبدالله أن يتقدم إلى الداخل، دخل (عبدالله) يجر العامل الذي بدأ يعلو بكاءه، وفي غرفة صغيرة ملحقة بالمحل، ألقى بالعامل على الأرض الصلبة، وسحب كرسيًا خشبيًا، وجلس عليه، ونظر إلى العامل الذي تكور في إحدى زوايا الغرفة بعينين حمراوين من الغضب، كان الغضب مسيطرًا على (عبدالله) ولم يكن في وضع يتيح له التفكير بصورة سليمة، فاكتفى بأن وضع رأسه بين يديه، وهو يحاول التركيز في ما سيفعله بهذا الماثل أمامه.

    مرت لحظات من الصمت لا يقطعها سوى نشيج العامل، الذي سرعان ما تلاشى، وفي غمرة السكون المطبق أحس (عبدالله) بتحرك العامل، فرفع رأسه ووجده يحاول النهوض، وبكل ما يعتمل في داخله قام من كرسيه وجذب عقاله، وانهال على العامل بالضرب وهو يصرخ فيه:
    - ماذا الآن ... أتريد أن تهرب؟؟؟ أيها الحشرة الحقيرة!

    دخل (قايد) الغرفة، وجذب (عبدالله) وهو يهدئ فيه ويقول:
    - أتريد أن تقتله؟ لن نستفيد منه ميتًا، دعنا نعرف على الأقل أين ذهب هاتفك المحمول؟
    - لم يعد يهمني هاتفي، ولكن ما يزعجني وجود مثل هذه الطفيليات وسطنا، تأكل ما تقدمه أيدينا لهم، ثم تنكر المعروف وتبدأ تعيث في بلدنا الفساد.

    الفت نحو العامل الذي كان ينظر إليه بخوف، وقال له (عبدالله):
    - ما أسمك ... وماذا تعمل؟

    تردد العامل لهنيهة، ولكن رؤيته للعقال، وشعوره بالألم المستعر بين جنبيه، والنظرات النارية التي تتطاير من عيني عبدالله جعلت عقدة لسانه تنفك ويقول بصوت مرتجف:
    - أسمي (محمد ميزان عفيف)، عامل نظافة في البلدية.

    لم يتمالك (عبدالله) أعصابه، فانهال عليه ضربًأ مرة أخرى وهو يقول:
    - أيها الحيوان الحقير، أتدعي النظافة والعفة .. وأنت أبعد الناس عنها.

    أمسك به (قايد) وهو يحاول أن يبعده عن العامل الذي تعالى نشيجه، وهو يقول له:
    - يا عبدالله .. انفعالك هذا لن يعيد لك حاجتك .. دعني اتولى المسألة على طريقتي.

    عاد الهدوء جزئيًا إلى روح (عبدالله)، وأرخى يده الممسكة بعقاله، وتركه يسقط أرضًا. وبدأ (قايد) في توجيه أسئلته نحو (ميزان) المنهار أرضًا :
    - (ميزان) ... نحن لا نريد أذيتك .. فقط نريد أن نحصل على الهاتف الذي أخذته، ومن ثم سنتركك إلى حال سبيلك.

    فتح (ميزان) عينيه غير مصدق لما يحدث، هل هاذان يلعبان معه اللعبة الشهيرة (الشرطي السيء والشرطي الجيد ــ Good Cop/Bad Cop) أم أنهما بالفعل جادان فيما يقولان؟ لمح (قايد) التردد في نظراته، فقال له:
    - صدقني نحن لا نريد منك شيئًا، فقط أرشدنا إلى مكان وجود صاحبك الذي أخذ الهاتف المحمول، وبعد أن نحصل عليه سنتركك ولن نبلّغ عنك الشرطة.

    أشرقت عيناه بفرح مؤقت، وهو يفكر في الوعود التي يقولها له هذا الرجل، فسيطلق سراحه، وبدون أن يتدخل رجال الشرطة، ولكن بريق الفرح سرعان ما خبت في عينيه عندما بدأ في التذكر، وقال بصوت متقطع:
    - لا فائدة ... أنا آسف يا سيدي، لقد ذهب هاتفك المحمول وإلى الأبد.
    - ماذا ... ! كيف تجرؤ على قول هذا أيها الوغد.
    قالها (عبدالله) والغضب يشتعل في عينيه مرة أخرى، ولكن (قايد) أشار له مرة أخرى وقال:
    - لماذا لا فائدة .. بإمكاننا أن نصل إلى صاحبك، ومن ثم نسترد منه هاتفنا .. أليس كذلك؟
    .
    .
    .
    وللحديث بقية

  14. #14
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية همس الروح
    *******
    قلم من ذهب
    تاريخ التسجيل
    09 2007
    المشاركات
    5,442

    رد: " مملكة البنقال "

    الاخ الهامس هجرا

    أشكرك للنقل الهادف

    ولكن امنيتي ان تدرج اسم الكاتب

    عرفانا وتكرميا له

    ودي وتقديري

    يارا

  15. #15
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال "

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يــارا تـامر مشاهدة المشاركة
    الاخ الهامس هجرا

    أشكرك للنقل الهادف

    ولكن امنيتي ان تدرج اسم الكاتب

    عرفانا وتكرميا له

    ودي وتقديري

    يارا
    علم
    اسم الكاتب محمد وليس عبد العزيز

  16. #16
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال " بقلم الكاتب محمد بن عبد العزيز الداود

    تتمة الفصل الثاني:
    .
    .
    استعاد (ميزان) دفة الحديث وقال وهو يخاطبهما :
    - لو كان هاتفك لدى العامل الذي أخذه مني، لكان الأمر سهلاً، ولكني وإياه مجرد عاملين بسيطين المسؤول عنّا وعن قرابة عشرة منّا عامل آخر ، والذي من مهامه تنظيم أماكن عملنا، وجمع كل ما نحصل عليه، ومن ثم يسلمه إلى جهة مجهولة لا ندري عنها شيئًا .. هكذا تجري الأمور هنا.
    - هنا أين؟
    - في البطحاء ... !
    - الخلاصة ... أين سنجد هاتف هذا الرجل؟
    - ستجده بالتأكيد في (سوق البنغالين)، فكل مانجنيه يُعرض للبيع هناك لصالح (دون).
    - (دون) .. وما الدون هذا ؟
    - الرجل الكبير الذي يقود كل شيء، الذي تخضع البطحاء وسوق البنغاليين .. بل والبنغال جميعًا لسيطرته، هو الذي يدفع لنا الأموال لقاءنا عملنا لديه، هو الذي يدير كل العماليات، من سرقات الجوالات إلى التزوير، وتمرير المكالمات، وإدارة نوادي القمار الملاهي الليلية ... والقائمة تطول.
    - ماذا ... أيعقل أن كل هذا لدينا ... ؟

    تسللت ابتسامة صغيرة إلى أحد أركان شفتي (ميزان)، واستمر يقول والزهو بدا يظهر جليًا في صوته:
    - نعم ... وأكثر، فتقريبًا معظم البطحاء تقع تحت سيطرة (دون) شخصيًا، لا تسألني عنه ... فأنا كمعظم البنغال نعرفه بهذا اللقب، ولا يعرفه شخصيًا سوى أناس يعدون على الأصابع، فشخصية (دون) تظل دومًا من أهم الأمور السرية التي يُقسمون عليها، بل تجد أن معظم البنغال يخشى حتى التحدث بهذا الشأن، لذا تجدهم يتصنعون الغباء مع سماع هذا الاسم.

    نفض (عبدالله) رأسه غير مصدق لما يسمعه، وهو يقول:
    - ما هذه التفاهات ... أنا لا أصدق شيئًا مما تقول أيها الحقير، أتريد أن ترهبنا بكلام رخيص كهذا؛ لكن اسمعني جيدًا .. سوف أذهب الآن للسوق الذي تقول عنه بأنه (سوق البنغال) ... وسأبحث عن جهازي، وسأجر أذن الشخص الذي سأجده لديه ... وسأوصله بنفسي إلى أقرب سيارة شرطة ... بلدنا ليس بلعبة لديكم يا أولاد الحرام، أنا لا أصدّق ما تقوله، وكل ما أريده منك أيها القذر هو أسم فقط ... أعطني اسمًا لأحد المحلات أو الأشخاص هناك؟
    - أنا لا أعرف أحدًا في تلك المنطقة، ولكنّي قد أوصلت عدة أجهزة إلى محلات إلكترونيات متنوعة ... ربما قد تجد ما يساعدك هناك.

    التفت (عبدالله) إلى (قايد) وهو يقول:
    - سأذهب الآن إلى السوق الذي يقول عنه هذا، أوثق هذا المدعي لديك، وكمم فمه جيدًا، وسأعود إليك بعد أن أجد هاتفي، أو سأتصل بك لكي تسلمه إلى الجهات الأمنية المسؤولة.
    - لا تحمل همًا ... سأتركه لدي إلى المساء .. إذا لم أسمع منك سأسلمه إلى الشرطة.، ولكن صدقني يا (عبدالله) الأمر لا يستاهل أن تخاطر بنفسك بالذهاب هناك .. فربما ما يقوله هذا الرجل صحيح؟
    - لا تصدق ما يقوله هذا الأفاك .. سأعود لك بإذن الله بهاتفي.
    - في رعاية الله ..

    خرج (عبدالله) يشق ركام البشر متجهًا نحو ما اسماه (ميزان) سوق البنغاليين .. حيث يحكم (دون) مملكته ...
    ... مملكة البنغال!

    .
    .
    انتهى الفصل الثاني ..
    ومازال في الحديث بقيّة ..

  17. #17
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية أبوإسماعيل
    المشرف العام
    تاريخ التسجيل
    06 2003
    الدولة
    صامطة
    المشاركات
    28,230

    رد: " مملكة البنقال " بقلم الكاتب محمد بن عبد العزيز الداود

    قصة جميلة جدا

    ولم أرها إلا الليلة

    كم هي رائعة وتصور واقع نعيشه مع هؤلاء الأقوام وهذه العمالة الفاسدة

    والتي تمثل أكبر نسبة منها خريجي السجون وعتاة المجرمين في بلدهم .

    نشكر الكاتب صاحب القصة

    ونشكرك جدا أيها المبدع على النقل والطرح المميز والاختيار الموفق .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  18. #18
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال " بقلم الكاتب محمد بن عبد العزيز الداود

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوإسماعيل مشاهدة المشاركة
    قصة جميلة جدا

    ولم أرها إلا الليلة

    كم هي رائعة وتصور واقع نعيشه مع هؤلاء الأقوام وهذه العمالة الفاسدة

    والتي تمثل أكبر نسبة منها خريجي السجون وعتاة المجرمين في بلدهم .

    نشكر الكاتب صاحب القصة

    ونشكرك جدا أيها المبدع على النقل والطرح المميز والاختيار الموفق .
    تشرفنا بمتابعتك

  19. #19
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال " بقلم الكاتب محمد بن عبد العزيز الداود

    الفصل الثالث

    التقرير الطبي:
    الاسم: شهد محمد إبراهيم
    العمر:8 سنوات
    الجنسية: سعودية
    التشخيص:غيبوبة غير معروفة الأسباب، ونقص حاد في العناصر الغذائية، وفقر في الدم، وتليف في الكبد، وفشل كلوي، مع ضمور في العضلات.
    العلاج: غير معروف.


    ***

    - أمي أريد أن أذهب معكِ؟ في كل مرة تقولين لي (المرة القادمة)، حسنًا هذه هي المرة القادمة قد أتت، أرجوكِ ... سأكون مؤدبةً ولن تسمعي لي أي صوت.

    تعلقت الطفلة ذات الثمان سنوات بأذيال عباءة والدتها المزركشة، وهي تهتف بين دموعها بهذه العبارات، التفت نحوها والدتها، ومن خلف نظاراتها الشمسية الثمينة نظرت إليها وقالت:
    - ستكونين مؤدبة يا (شهد) .. أليس كذلك؟
    من خلف قناع الحزن هتفت (شهد) بلهفة فرحة وهي تقول:
    - بالطبع أعدك بذلك.
    - حسنًا .. أغسلي وجهك وأسرعي فسأكون بانتظارك في السيارة مع السائق.

    جرت الصغيرة تسابق خطواتها الرشيقة، وهي تقفز عتبات الدرج، وأمام المرآة وقفت تغسل وجهها الجميل، تزيل ما علق به من آثار الدموع، وتمح عنه أطياف الحزن، وعندما انتهت جففت يديها الصغيرتين، والتقطت حذائها وحقيبتها وأسرعت حافية إلى السيارة التي كانت تقف بانتظارها بالخارج.

    في السيارة وبعد أن لبست حذائها التفت نحو النافذة المعتمة لتمارس هوايتها المحببة في مشاهدة السيارات وراكبيها، وهي تهز رأسها على أنغام الأغنية العاطفية تحب والدتها سماعها دومًا، كانت الشمس على بعد ساعات من الغروب، والسيارات كعاداتها في هذا الوقت من يوم الخميس تملاء (طريق العليا). ابتسمت (شهد) وهي ترمق المبنى الشاهق بعينين جذلتين وهي تتوقع أنهما متجهتان نحوه، فهي لا تطيق صبرًا لكي تذهب إلى مدرستها وتخبر صديقاتها عن رحلتها مع أمها إليه. التفتت نحو والدتها وهي تقول:
    - ماما .. سنذهب إلى (المملكة) .. أليس كذلك؟
    - ليس اليوم يا حبيبتي، فنحن في طريقنا إلى مكان متخصص بالأواني المنزلية، نحتاجها لمنزلنا الجديد.
    - وأين هذا المكان ؟
    - اسمه (السبالة).

    قطبت الصغيرة حاجبيها، وهي تحاول استيعاب هذا الاسم الغريب، وهي تحاول مقارنته بما لديها من كلمات في قاموس مفرداتها، قالت لأمها مرة أخرى:
    - (ما أعرفه .. شكله مو حلو .. )
    ابتسمت أمها وبانت أسنانها اللامعة واضحة من خلف لثامها الخفيف، وهي تقول:
    - هكذا أنت .. كل مكان لا تعرفيه لابد أن يكون مكانًا سيئًا، لا تخشي شيئًا سوف يعجبك المكان بالتأكيد.

    مطت (شهد) شفتيها، وهزت أكتافها الصغيرة، وألقت بظهرها على المقعد، وعقدت ساعديها الصغيرين على صدرها، مبديةً عدم اقتناعها بما قالته والدتها عنها، وقالت بلهجة العارفة ببواطن الأمور:
    - أنا أعرف .. لن يعجبني هذا المكان.

    بصبر نافذ قالت لها والدتها:
    - أنتِ من أصر على المجيء، ولا تقلقي .. فلن يطول مكوثنا هناك.

    في شوارع السبالة الضيقة، دخلت سيارة فارهة معتمة النوافذ، تمشي بهدوء إلى أن توقفت أمام أحد المحلات المشهورة للأواني المنزلية في ذاك الشارع، ونزلت منها امرأة بحجاب عصري، وفتاة صغيرة بقميص وردي وبنطال أحمر وحذاء أنيق بنفس اللون، ودلفا سويًا إلى المحل الكبير.

    تهافت عمّال المحل على المرأة مرحبين بها، وهم يرمقون ما تخبئه العباءة الفرنسية المخصّرة، والعينين الكحيلتين المختبئتين خلف النظارة الأنيقة، والسيارة الفارهة بعيون مملوءة طمعًا، ويعرضون عليها ما تريد وما لا تريد، وكل منهم يريد أن يتقرب منها لينعم برائحتها الجذابة، وبينما انهمكت الأم في الاختيار، بدأت (شهد) كعادتها في استكشاف المكان، والجري بين الممرات، وكل من في المحل يخطب ودها ليُرضي والدتها، التي كانت ترقب ابنتها بعين الرضا وهي تلمحها تلعب في سعادة، وفي مرات أخرى تطلب منها الهدوء لكي لا تزعج العملاء الآخرين الذين يملئون المحل.

    بدأ الملل يدب بين جوانح (شهد) التي تعودت على المحل بعد أن أمضت فيه وقتًا طويلاً، ولكن والدتها مازلت تريد شراء المزيد بالرغم من الأكياس الكثيرة التي تكدست أمام البائع، فقررت الخروج إلى السيارة حيث تركت حقيبتها وبداخلها هاتفها المحمول لكي تتصل بصديقتها، فبالرغم من عمرها الذي لم يتجاوز ثمان سنوات إلا أن والدتها سمحت لها باقتناء هاتف محمول يُسليها في وقت فراغها، استأذنت من أمها التي سمحت لها بذلك، ثم خرجت إلى الشارع.

    كانت الشمس توشك على المغيب، والشارع يكتظ بالسيارات، وبعينيها الواسعتين كانت (شهد) تبحث عن السيارة لكنها لم تجدها، أعادت النظر مرة أخرى وهي تتساءل أين يمكن أن يذهب السائق، خصوصًا أنها سمعت والدتها تؤكد عليه أن ينتظر قريبًا من هنا، وبين زحمة السيارات والناس لمحت سيارة تشبه سيارتهم فبدون تردد اتجهت نحوها بخطوات سريعة وعندما اقتربت منها تعرّفت عليها فورًا، حاولت أن تفتح الباب، لكنه كان مقفلاً ... ولم يكن هناك أحد بالداخل.
    .
    .
    وللحديث بقية!

  20. #20
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الهامس جهرا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    07 2008
    المشاركات
    656

    رد: " مملكة البنقال " بقلم الكاتب محمد بن عبد العزيز الداود

    تتمة الفصل الثالث:

    بدأ الرعب يدب في داخلها، بعد أن لاحظت كثرة الأعين التي ترمقها، خصوصًا من أحد العمالة الذي بدا وكأنه يتبعها، شعرت (شهد) بالخوف منه وأسرعت تركض نحو المحل حيث تركت والدتها هناك، دخلت المحل بسرعة وبدأت تبحث في زحمة الناس عن والدتها، كانت تدور بين أروقته تطل في وجه كل من تشبه والدتها، .. ولكن دون فائدة.

    بدأ الوقت يطول والمحل أطفأ جزء من أنواره وهو يستعد للإغلاق لوقت صلاة المغرب، وبدأ اليأس يتسلل إليها، وسرعان ما اغرورقت عيناها بالدموع،وتصاعد صوت تنفسها، وعلا شهيقها، والعبرة تكاد تخنقها، وفي غمرة يأسها توجهت نحو أحد العمال، الذي سرعان ما تعرف عليها وقال لها:
    - ما تفعلين هنا ؟! أمك غادرت المحل منذ قليل.
    وأشار نحو الباب و يشير حيث كانت الأكياس متراصة، مواصلاً:
    - لقد حضر السائق وحمل كافة الأغراض.

    أسرعت نحو الشارع مرة أخرى ودموعها تجري على خديها، وركضت نحو موقف السيارة، وعندما وصلت ... كانت الموقف خاليًا، وسيارة أخرى تستعد للوقف فيه!

    أُسقط في يديها وبدأت تبكي بصوت مكتوم، وعادت نحو المحل الذي كان يغلق أبوابه لوقت صلاة المغرب، لمحها العامل وقال لها:
    - اجلسي هنا، سوف تفتقدك والدتك، وتعود لأخذك.

    في غمرة يأسها، وبين نشيجها الذي بدأ يتصاعد، ودموعها التي ازدادت غزارة، جلست على كرتون قذر مرمي بجانب المحل، وأسندت ظهرها على جداره، ووضعت رأسها بين ركبتيها، واستمرت تبكي في صمت، والوحدة تملأ كيانها.

    ازداد المكان ظلمة، وعلى ضوء إنارة الشارع الضعيفة، رفعت (شهد) رأسها تسجدي الأنوار لكي تزيد من قوتها لتؤنس وحدتها، وتزيل وحشتها، عندما توقفت أمامها سيارة أجرة كان فيها ثلاثة أشخاص، تعرفت (شهد) على أحدهم، فلقد كان يراقبها عندما ذهب إلى السيارة في المرة الأولى، ظلَّ الثلاثة في السيارة يرمقونها بنظراتهم المريبة، ويتهامسون فيما بينهم، وهم ينظرون إليها وأحدهم يهز رأسه، ثم انفتحت أبواب السيارة ونزل منها الثلاثة رجال، يتلفتون حلوهم بحذر، وأحدهم يحمل في يده قماشًا أبيض اللون، واتخذوا طريقهم بسرعة ... نحوها.

    في مكان آخر من الشارع انهمك السائق في رص الأكياس داخل سيارة فارهة، وامرأة توجهه لكي يصفها بعناية وحرص، وبعد أن انتهيا من وضع كافة ما معهما داخل السيارة، تلفتت المرأة حولها تبحث عن شيء ما، وعندما لم تجده التفت نحو المحل تنظر إليه وهي تصرخ:
    - (شهد)!! ... أين (شهد) ؟! ...يا ربيّ لقد نسيتها في المحل!

    وبكل لهفة تحملها لابنتها اندفعت تركض نحو المحل، غير عابئة بالسيارات التي علا صراخ عجلاتها من جراء عبور الأم المكلومة أمامها، وعندما اقتربت من المحل سمعت صرخة ابنتها وهي تنادي:
    - (ماما) ... (ماما) .. (ما .. )

    انقطع الصوت فجأة وأسرعت أمها تركض بأقصى طاقتها، وكل عاطفة بداخلها تجاه وحيدتها تعزز من سرعتها، نسيت كل شيء في حياتها وأصبح قلبها ينبض ويهتف بصوت واحد ... (شهد).

    عندما وصلت المحل كانت هناك سيارة أجرة تنطلق مسرعة وصرير عجلاتها يدوي في المكان، مخلفةً فردة حذاء حمراء اللون، وقماشًا أبيضًا تفوح منه رائحة (الكلوفورم).

    مذهولة وقفت الأم ترمق السيارة وهي تنطلق مبتعدة حاملة قطعة منها، وأجمل ما في حياتها،
    لوهلة توقف كل شيء أمامها ...
    نبضات قلبها،
    تنفسها،
    تفكيرها،
    كل حواسها تجمدت،
    وهي تحاول أن تستوعب ما قد حدث للتوّ، لم تعد قدماها قادرة على حملها، أظلمت الدنيا أمام ناظريها، وتهاوت على الأرض ولسانها وكل خلية من خلاياها تهتف:
    - (شهد)!

    .
    .
    انتهى الفصل الثالث ..
    ومازال في الحديث بقيّة ..

صفحة 1 من 5 123 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •