"محرقة غزة" أو "مجزرة" أو "إبادة جماعية" للشعب الفلسطيني الأعزل، مجرد تعبيرات وكلمات لاتستطيع أن تعبر عن الإجرام الصهيوني، الذي تقوم به قوات الاحتلال ضد قطاع غزة، قصف بالطائرات لمواقع أمنية ودفاع مدني ومنازل ومساجد وملاجىء، اعتداء لم يسبق له مثيل، جثث في الشوارع وتحت الأنقاض، مستشفيات معدومة الإمكانات تغصُّ بالجرحى والمصابين غالبهم في حالة حرجة، ثلاجات موتى امتلات بأشلاء الشهداء، صور مفزعة لا يمكن لإنسان أن يتحملها تنقل عبر الفضائيات مباشرة، ليرى الضمير العالمي والإنساني، بشاعة الإجرام، وغطرسة صهيونية في تحدي كل النداءات الدولية بوقف العدوان، بل هناك إصرار من القتلة والمجرمين على الاستمرار في عمليات الإبادة الجماعية، وسط غضب شعبي عالمي، وتظاهرات عمت جميع عواصم العالم، ومناشدات من قيادات سياسية دولية، وقرار من مجلس الأمن الدولي لوقف العدوان الغاشم، ولكن هناك من أدمن القتل، وسجلُّه حافل في هذا، لأن ما يحدث من إبادة جماعية حدث وتكرر مثلها من قبل مرات ومرات من قبل نفس العقلية، وبنفس أدوات التدمير، وبالدعم اللامحدود الذي يجدونه من قوى دولية، جعلت من نفسها حليفاً إستراتيجياً لقوى العدوان.
في مقابل ذلك إعلان صمود الشعب الفلسطيني في غزة، وأن الشعب لن ينكسر، وتلاحم شعبي إسلامي وعالمي مع أبناء غزة، وإعلان صريح من شعب أعزل محاصر بأنه لن يرفع الرايات البيضاء، ولن يركع إلا لرب العالمين، ونماذج من الرجال التي تلقى الله واقفة، وأصابع ترفع ناطقة بالشهادة وهي تلقى ربها آمنة مطمئنة، ولقطات لشباب لن ينكسر مهما كان عنف الضربات وبشاعة الجرم، وعمق المأساة، وطغيان آلة حرب مدعومة بقاذفات وطائرات وصواريخ وكل أنواع الإبادة الجماعية.
ويبقى السؤال ماذا بعد المحرقة؟ وماذا يريد المتطرفون الصهاينة الذين يناورون على كسب أصوات اليمين الإرهابي في الانتخابات القادمة؟ وأين الشرعية الدولية؟ وماذا عن الإبادة الجماعية التي ارتكبها الصهاينة في غزة؟ ألا تطبق على ليفي وأولمرت وباراك وقيادات الجيش الصهيوني قواعد القانون الدولي؟ ألا يحال هؤلاء لمحاكم جرائم الحرب؟ أين محكمة جرائم الحرب؟ أين المدعي العام الدولي لمطاردة مجرمي الحرب في تل أبيب؟ أسئلة كثيرة مطروحة ولا تجد إجابة، وحالة من الحزن تخيم على أبناء الإسلام في كل مكان تجاه المأساة؟
التحرك السعودي المكثف
وإذا كانت مأساة غزة عميقة ونازفة فإن التحرك العربي والإسلامي رسمياً وشعبياً، تجاوباً مع المنكوبين ونصرة لهم وتخفيفاً عنهم.
اتصالات بين قادة الدول العربية، اجتماعات ومشاورات على كافة المستويات، الدعوة لاجتماع طارىء لوزراء الخارجية، دعوة لعقد قمة عربية، دعوة منظمة المؤتمر الإسلامي لعقد قمة إسلامية، تحركات شعبية وإغاثية عربية وإسلامية، قرار من مجلس الأمن الدولي لوقف العنف الصهيوني، ولا يجد إجابة، إدانة شاملة من قادة العالم، تظاهرات غضب تعم العواصم العربية والإسلامية والدولية.
وعلى مستوى المملكة العربية السعودية، كانت القيادة أول من تحرك على كافة المستويات لوقف العدوان على غزة، فقد أجرى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - اتصالاً هاتفياً عاجلاً بالرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما يعنيه ذلك من استمرار لسياسات الحصار والاحتلال والتنكيل الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في كل المناطق المحتلة وضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي، وأن تتحمل الدول الكبرى مسؤولياتها من أجل وقف هذا الهجوم الإسرائيلي وحماية أرواح الأبرياء وما يتبقى من بنية تحتية في المناطق الفلسطينية.
كما أجرى خادم الحرمين الشريفين اتصالاً هاتفياً بأخيه الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية.وجرى خلال الاتصال بحث الأوضاع في قطاع غزة جراء الاعتداءات الإسرائيلية التي يشهدها القطاع.
وتم خلال الاتصال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وتلقى الملك عبدالله بن عبدالعزيز اتصالاً هاتفياً من أخيه صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر. وجرى خلال الاتصال استعراض تطورات الأوضاع في قطاع غزة في ظل الاعتداءات التي يتعرض لها من قبل القوات الإسرائيلية.
ومن جهة أخرى ونظراً لما يتعرض له قطاع غزة من اعتداءات إسرائيلية وما نتج عنها من قتلى وجرحى من جانب الأشقاء الفلسطينيين. فقد وجَّه خادم الحرمين الشريفين بتأمين كل ما يمكن من كافة المستلزمات الطبية والأدوية وشحنها حالاً إلى قطاع غزة عن طريق جمهورية مصر العربية إضافة إلى تأمين طائرات الإخلاء الطبي لنقل ما يمكن من المصابين والجرحى من الفلسطينيين من العريش في مصر إلى المملكة، وكذلك تأمين طائرات الشحن الجوي لنقل المستلزمات الطبية والأدوية بالتنسيق مع الأشقاء المصريين والفلسطينيين إلى العريش في مصر وبالتنسيق مع سفارة خادم الحرمين الشريفين في القاهرة.
كما وجَّه خادم الحرمين الشريفين باعتماد معالجة الجرحى الفلسطينيين في كافة مستشفيات المملكة التخصصية والمرجعية والعامة كل حسب حالته الصحية، وأن تقوم وزارة الصحة بالتنسيق مع الجهات المعنية حيال ذلك واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإنجاز ذلك بشكل عاجل جداً.
وكان خادم الحرمين الشريفين قد بحث والرئيس محمود عباس رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الأوضاع الراهنة في الأراضي الفلسطينية والاعتداء الإسرائيلي الغاشم والشامل الذي يجري على قطاع غزة وما خلفه من خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات الفلسطينية استمراراً لسياسات الاحتلال الإسرائيلي والحصار الظالم الذي تفرضه (إسرائيل) على أبناء الشعب الفلسطيني، وكذلك التهرب الإسرائيلي من استحقاقات السلام والقرارات والمبادرات الدولية بهذا الشأن.
كما تناولت مباحثات الجانبين خلال الاجتماع الذي عقد في روضة خريم ضرورة تحرك المجتمع الدولي لإيقاف العدوان الإسرائيلي وحماية الشعب الفلسطيني وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وصرح مصدر مسؤول أن المملكة العربية السعودية تتابع باهتمام بالغ وقلق شديد انهيار أوضاع التهدئة والعدوان الإسرائيلي السافر الذي ترتكبه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة دون أدنى التفات لأي من المبادئ الأخلاقية أو الاعتبارات الإنسانية أو قرارات الشرعية الدولية.
والمملكة العربية السعودية إذ تدين وترفض بشدة هذا العدوان الإسرائيلي فإنها تقوم من جانبها بإجراء اتصالاتها العاجلة لوقف هذه الانتهاكات الإسرائيلية الدامية ضد الأشقاء في فلسطين.
وترحب المملكة بأي لقاء عربي سريع للنظر فيما يتوجب على العرب القيام به تجاه المجازر التي ترتكبها إسرائيل.
وبناء على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - أصدر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - حفظه الله - أمره لمعالي رئيس هيئة الأركان العامة ومعالي مدير عام الخطوط الجوية العربية السعودية بتنفيذ توجيه خادم الحرمين الشريفين القاضي بتأمين كل ما يمكن من كافة المستلزمات الطبية والأدوية بالتنسيق مع جميع المستشفيات في القطاعات كافة وشحنها حالاً للأشقاء الفلسطينيين عن طريق مصر وتأمين طائرات الإخلاء الطبي لنقل ما يمكن من المصابين والجرحى من الفلسطينيين من العريش في مصر إلى المملكة، وكذلك تأمين طائرات الشحن الجوي لنقل المستلزمات الطبية والأدوية وغيرها بالتنسيق مع الأشقاء المصريين والفلسطينيين إلى العريش وبالتنسيق في ذلك مع سفارة خادم الحرمين الشريفين في القاهرة واعتماد معالجتهم كل حسب حالته الصحية في مستشفيات المملكة التخصصية والمرجعية والعامة واتخاذ الإجراءات اللازمة لإنجاز ذلك بشكل عاجل جداً.
واستنكر مجلس الشورى بشدة العدوان الإسرائيلي واعتداءاته الوحشية الواسعة على قطاع غزة والذي أوقع مجزرة مروعة خلَّفت مئات الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء والشيوخ من أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، وأعلن المجلس عبر بيان ألقاه رئيس مجلس الشورى الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد في مستهل افتتاح أعمال جلسة الأحد الماضي.
واستنكار المجلس لهذا العدوان وقال إن المجلس إذ يدين هذه الأعمال العدوانية التي تكشف عن مدى وحشية الاحتلال وخروجه على كل المواثيق والأعراف الدولية، ليدعو إلى ضرورة التدخل العاجل لوقف هذا العدوان وتوفير الحماية لإخواننا الفلسطينيين في قطاع غزة، وكف إسرائيل عن تنفيذ هذه المجازر البربرية والمخططات العدوانية التي أعدت لها قواتها منذ زمن لاستكمال العدوان العسكري ما عجزت عن تحقيقه بالحصار والإغلاق والعقوبات الجماعية المحرمة والتي تفرضها على المواطنين في قطاع غزة وتحرمهم من حقهم في أبسط متطلبات الحياة الإنسانية من الماء والكهرباء والمواد الغذائية والطبية وإمدادات الطاقة.
وأضاف رئيس مجلس الشورى: يعد المجلس هذه المذبحة جريمة حرب جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الإسرائيلي الأسود الحافل بالمجازر وحروب الإبادة التي ترتكبها ضد الإخوة الفلسطينيين، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وللمواثيق والاتفاقيات الدولية، وهو إرهاب دولة منظم وحملة إبادة جماعية تمارسها ضد أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق.
ويدعو المجلس إلى توفير الحماية للشعب الشقيق ورفع الحصار عنه، وتمكينه من نيل حقوقه الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير بإقامة دولته المستقلة على أرضه وفقاً للقرارات الدولية، والمبادرة العربية. ومضى رئيس المجلس بتلاوة البيان الذي صدر عن المجلس وقال: "يشدد المجلس على ضرورة دعوة مجلس الأمن إلى التدخل عاجلاً لوقف هذا العدوان، كما يطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه ما يحدث ومحاسبة إسرائيل دولياً وفق المعاهدات المتعلقة بجرائم الحرب والإبادة"
ودعا بيان المجلس الاتحاد البرلماني الدولي وكافة الاتحادات البرلمانية الدولية والقارية والإقليمية والبرلمانات في دول العالم للعمل مع حكوماتها لإنهاء الاعتداءات الوحشية المتكررة على فلسطين وشعبها الصامد.
وقال رئيس المجلس الدكتور بن حميد: "مع يقين المجلس أن هذه الوحشية لا تزيد الشعب الفلسطيني إلا قوة وصلابة وتماسكاً، وأن إرهاب الدولة المنظم الذي يمارس ضده لن يثني عزيمته وكفاحه لنيل حقه بزوال الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال وإقامة دولته على أرضه وعاصمتها القدس الشريف" وأضاف: والمجلس مع هذا اليقين يناشد الإخوة الفلسطينيين بأن يكونوا جميعاً لحمة واحدة، فقد حان الوقت لنبذ الخلافات وعدم إعطاء المحتل أي فرصة للتمادي في طغيانه وعدوانه.
ويثمِّن المجلس مبادرة المملكة تجاه الإخوة الفلسطينيين، حيث أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - ببعث إعانات عاجلة إلى الإخوة في غزة كما أمر بعلاج الجرحى والمصابين في مستشفيات المملكة كما رحب - حفظه الله - بكل اجتماع عربي لمناصرة إخواننا في فلسطين، كما يثمن المجلس الاتصالات الواسعة التي أجراها - حفظه الله - مع قيادات العالم والقيادات العربية للنظر العاجل في نصرة الإخوة الفلسطينيين في غزة وكف العدوان عنهم وبذل كل وجوه المساعدات لهم مادياً ومعنوياً، راجين من المولى القدير أن يتقبل الشهداء عنده وأن يشفي الجرحى وأن يحفظ فلسطين وأهلها من كل مكروه إنه سميع مجيب.
العدوان مستمر
هذا وواصلت إسرائيل غاراتها على قطاع غزة فيما تحدثت أنباء عن حشودات مدرعة عى تخوم القطاع المحاصر استعداداً لعدوان بري.
واسفرت الغارات الإسرائيلية عن سقوط مئات الشهداء معظمهم من الشرطة والدفاع المدني والأطفال والنساء وآلاف الجرحى.
في الوقت نفسه، سقطت صواريخ اطلقت من قطاع غزة في جنوب فلسطين المحتلة من طراز (غراد) بلغ للمرة الاولى (غان يافني) قرب مرفأ اسدود على بعد أكثر من ثلاثين كيلومتراً عن غزة، حسبما ذكرت أجهزة الإنقاذ الإسرائيلية. وأكدت حماس أنها استهدفت أسدود بصاروخي غراد.
وشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات متتالية ومكثفة على مقر السرايا الحكومي الذي يضم مقر الأجهزة الأمنية والسجن المركزي. كما قصف مقر محافظة رفح ودمره كلياً. وأدت غارة إلى إصابة عشرة من عناصر شرطة حماس بجروح.
وقال شهود عيان إن الطيران الحربي قصف مقر السراي الذي يضم مجمع الأجهزة الأمنية والسجن المركزي التابع للحكومة المقالة وشوهدت أعمدة النار تتصاعد من المكان. وأضافوا: إن غارة أخرى استهدفت مقر محافظة رفح جنوب قطاع غزة ما أدى إلى تدميره. وأفاد شهود عيان وإذاعة الأقصى التابعة لحركة حماس في وقت سابق أن الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف مقر الأمانة العامة لمجلس الوزراء في الحكومة المقالة غرب مدينة غزة وشوهدت أعمدة الدخان في سماء غزة.
إلى ذلك، أفاد شهود عيان ومصادر طبية فلسطينية أن الطيران الإسرائيلي ينفذ عدة غارات جوية استهدفت الانفاق بين مصر وغزة مما أدى إلى سقوط قتيلين وأكثر من عشرين جريحا.
وحولت الصواريخ الإسرائيلية مسجد الشفاء المقابل لمستشفى الشفاء في مدينة غزة إلى كومة من ركام عثر تحت انقاضه على جثتي قتيلين أحدهما ممرض كان في طريقه لمساعدة مئات الجرحى الذين اكتظ بهم المشفى.
وأحدث الصاروخان اللذان أصابا مباشرة قبة المسجد المكون من طابق واحد والمقام على مساحة أقل من ألف متر مربع، حفرتين كبيرتين. وتطايرت حجارة واعمدة المسجد في الطرقات وفي عدة منازل ومحال تجارية ملاصقة دمرت أيضاً وألحقت شظايا الصواريخ أضراراً جسيمة في مبنى بمستشفى الشفاء المكتظ بمئات الجرحى والقتلى وتحطمت نوافذه. ولم يمنع تدمير المسجد المؤذن أبو جعفر من رفع أذان الظهر من فوق الأنقاض دون أن يتمكن أحد من أداء الصلاة.
وقتل اثنان أحدهما ممرض يدعى أبو توفيق كان في طريقه إلى المستشفى للعمل في قسم الطوارئ لاستقبال الجرحى. واندفع عشرات الشبان والمتطوعين لإزالة الحجارة المتناثرة لتمهيد الطريق أمام سيارات الإسعاف للمشفى فيما انشغل أصحاب المحال التجارية في جمع بقايا أشيائهم. ولا يزال الطيران الحربي يشن سلسلة غارات متواصلة على مقار للأمن والشرطة التابعة للحكومة المقالة في قطاع غزة. وخلت شوارع غزة من المارة باستثناء الطوابير التي تشكلت أمام المخابز. وبقيت المحال التجارية والمدارس مغلقة حداداً على الشهداء بينما يغلق أفراد من شرطة حماس طرقاً مؤدية إلى بعض المحاور. وتشهد الضفة الغربية أيضاً بما فيها القدس الشرقية والمدن العربية 1948 إضراباً شاملاً.
وأكَّد إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني المقال أن الهجمات الإسرائيلية لن تجعل حركته تتراجع "حتى لو أبادت إسرائيل غزة" وأضاف: "لن نتنازل ولن نتراجع حتى لو أبدتم غزة ولن تتمكنوا لأنها عصية على الكسر"، مؤكداً أن "هذه المجزرة البشعة لن توقف زخم المقاومة وسنواصل مسيرتنا في وجه الاحتلال المتغطرس وسياساته الماكرة"
من جهته، دعا خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس الشعب الفلسطيني إلى انتفاضة جديدة ضد إسرائيل والى مواصلة "العمليات الاستشهادية" وقال : "نريد انتفاضة عسكرية في وجه العدو والمقاومة ستستمر بالعلميات الاستشهادية"، موضحاً أن "كتائب القسام تعرف واجباتها في الرد على العدوان"
الموقف الدولي
من جهة أخرى دعا مجلس الأمن الدولي إلى الوقف الفوري لكل الأعمال العسكرية والوقف الفوري للعنف في غزة.
جاء ذلك في بيان صحافي أصدره المجلس بتوافق الآراء بين أعضائه الخمسة عشر.
وكانت الولايات المتحدة قد أعدت مسودة البيان التي أدخلت عليها المجموعة العربية وأعضاء آخرون في المجلس تعديلات قبل الوصول إلى توافق كافة الأعضاء على صيغة البيان النهائية.
وفي البيان عبَّر أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم الجدي من تصعيد الوضع في غزة ودعوا كل الأطراف بالنظر في الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية في غزة واتخاذ الإجراءات الضرورية بما في ذلك فتح المعابر الحدودية لضمان استمرارية تزود القطاع بالمؤن ومن بينها المساعدات الغذائية والوقود والمؤن الطبية.
وأكد أعضاء المجلس الحاجة إلى إعادة التهدئة بالكامل وهو ما سيفتح الطريق لإيجاد حل سياسي للمشاكل القائمة التي تدخل في سياق التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية.
هذا وقد رحب مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة الدكتور رياض منصور ببيان مجلس الأمن قائلاً للصحافيين خارج قاعة المجلس: "لقد اتخذ المجتمع الدولي الموقف الصحيح بالمطالبة بالوقف الفوري للأعمال العدوانية الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، هذا الموقف هو الموقف المطلوب وهو الموقف الذي اعتمد من مجلس الأمن.
وأضاف الدكتور رياض منصور بالقول متسائلاً: "هل ستلتزم إسرائيل بهذا الموقف الصادر من مجلس الأمن (؟!!)، هذا ما نأمل أن يحدث والمصلحة الفلسطينية تتطلب أن يحدث ومصلحة الوصول إلى التهدئة تتطلب ذلك. وفي حال لم تلتزم إسرائيل بموقف مجلس الأمن فإننا سنعود مرة ومرتين وعشرين مرة إلى المجلس نطلب منه اتخاذ مواقف صحيحة ومبدئية دفاعاً عن الشعب الفلسطيني وحقوقه بوقف هذا العدوان"
وبعد صدور بيان مجلس الأمن بالوقف الفوري للأعمال العسكرية في غزة، قال مندوب الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة السفير يحيى المحمصاني: "هناك بعض الإيجابيات في البيان كوقف العدوان الإسرائيلي وفتح المعابر رغم أننا كنا نتمنى أن يصدر عن مجلس الأمن بيان رئاسي، لكن، الذي صدر بيان صحافي وفقاً لتوافق أعضاء المجلس وهو ما لا يلبي كل طموحاتنا كون أنه أغفل الإشارة إلى مئات الضحايا، القتلى والجرحى، الذين سقطوا جراء الاعتداء الإسرائيلي الغاشم"
وقال السفير يحيى المحمصاني: المهم الآن هو تنفيذ البيان، فإن لم يحصل تنفيذ على الأرض فإننا سنعود إلى مجلس الأمن ونطالب بموقف حاسم من المجلس تجاه هذا العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة. من جهتها دعت روسيا إسرائيل إلى وقف عملياتها العسكرية الواسعة النطاق ضد قطاع غزة فوراً. وجاء في بيان وزارة الخارجية الروسية أن الضربات الجوية الإسرائيلية المكثفة لمناطق عديدة من قطاع غزة أدت إلى سقوط ضحايا كثيرة وإلى معاناة السكان الفلسطينيين المسالمين.
كما حملت الولايات المتحدة حماس مسؤولية الغارات الإسرائيلية الدامية على قطاع غزة ووصفت أعضاءها بأنهم "قتلة"، مؤكِّدة أن الهجمات الإسرائيلية ستتوقف اذا كفت الحركة عن إطلاق صواريخ على الدولة العبرية.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض غوردن جوندرو من تكساس حيث يمضي الرئيس جوج بوش أعياد نهاية السنة في مزرعته "إذا كفت حماس عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل، لن تكون إسرائيل بحاجة إلى شن ضربات"
وأعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن "قلقه الشديد حيال تصاعد العنف في جنوب إسرائيل وفي قطاع غزة"، كما دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند إلى "الوقف الفوري لكافة اعمال العنف" في قطاع غزة.
وقال ميليباند في بيان إن "رئيس الوزراء (غوردن براون) وأنا شخصياً نتابع التطورات في غزة بكثير من القلق. ارتفاع وتيرة هجمات الصواريخ على إسرائيل منذ 19كانون الأول (ديسمبر) والعدد المرتفع جداً للقتلى يجعلنا نمر بفترة عصيبة لا بد أن تثير القلق لدى مجمل الأسرة الدولية" وقال ميليباند إن "بريطانيا تؤيد وقفاً عاجلاً لإطلاق النار ووقفاً فورياً لكل أعمال العنف"، مشيراً إلى أن "تدهور الوضع الإنساني كان مقلقاً للغاية" في غزة.
إلى ذلك أدانت هيئة الرئاسة العراقية الاجتياح الإسرائيلي لمدينة غزة الفلسطينية، وأعربت عن تأييدها لعقد قمة عربية طارئة.
وذكر بيان للرئاسة العراقية "إن مجلس الرئاسة إذ يتابع ما يجري في غزة من عمليات قصف واستهداف للمدنيين بقلق شديد فإنه يدين الاجتياح الإسرائيلي للمدينة التي عانت من حصار لقرابة سنة كاملة"
كما استنكر مجلس النواب العراقي الاعتداءات الإسرائيلية الإجرامية التي تجري في قطاع غزة، مطالباً الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي في أن يقول كلمته في هذه "التجاوزات"
ودعا مجلس النواب العراقي الدول العربية والإسلامية إلى رص الصفوف لمواجهة إسرائيل إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة.
كما استدعت وزارة الخارجية الأردنية القائم بالأعمال الإسرائيلي في عمان وسلمته مذكرة احتجاج "شديدة اللهجة" على الغارات الجوية في قطاع غزة.
الموقف الشعبي
من جانب آخر تلقى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان اتصالاً هاتفياً من السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.وأطلع خليفة خلال الاتصال على تطورات الأوضاع في قطاع غزة في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل عليه.
من جهة أخرى، شارك آلاف الموريتانيين يتقدمهم القادة السياسيون والنقابيون من المعارضة والموالاة في مظاهرات جابت الشوارع الرئيسة في العاصمة نواكشوط منددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة، ومطالبة بقطع العلاقات الموريتانية الإسرائيلية، ورفع المتظاهرون شعارات تصف ما يحدث في غزة بالمجزرة والجريمة النكراء وتندد بالصمت العربي والإسلامي.
وقد وقع قادة الأحزاب السياسية والنقابات العمالية، المؤيدة للانقلاب والمناوئة له، على وثيقة مشتركة تدعو السلطات الحاكمة إلى القطع الفوري للعلاقات الموريتانية الإسرائيلية، وإغلاق السفارة الإسرائيلية بنواكشوط، وسحب السفير الموريتاني من تل آبيب فوراً.
وفي تركيا، تظاهر آلاف الاشخاص الأحد في 12مدينة تركية ضد الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة.
إلى ذلك، اعتقلت الشرطة البريطانية الأحد ثلاثة أشخاص في تظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية في لندن احتجاجاً على القصف الإسرائيلي لقطاع غزة.
وتسببت التظاهرة التي شارك فيها الآلاف في وقف حركة السير في منطقة كينسنغتون الفخمة وسط لندن حيث تقع السفارة الإسرائيلية. ولوح المتظاهرون بالأعلام الفلسطينيية وحملوا اللافتات وهتفوا "إسرائيل دولة إرهابية"
وحطم المتظاهرون الحواجز وانتشرت شرطة مكافحة الشغب لإعادة النظام وقامت بإبعاد عدد من المحتجين بالقوة.
وقال جمال حميد ( 68عاما) الذي يعيش ابنه البالغ من العمر 23عاماً في غزة "أكثر الأيام دموية في تاريخ بلادي" وأضاف "سنفعل ما بوسعنا لنلفت انتباه العالم"
على صعيد آخر، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن العدد الكبير للقتلى والجرحى في قطاع غزة يضع ضغوطاً هائلة على المستشفيات في القطاع.
وجاء في بيان للصليب الأحمر أن "اللجنة الدولية للصليب الأحمر تشعر ببالغ القلق بسبب العدد المتصاعد من الإصابات داخل قطاع غزة في أعقاب سلسلة من الغارات الجوية التي شنتها القوات الإسرائيلية"
وجاء في البيان: إن "تدفق جرحى الحرب وضع ضغوطاً كبيرة على مستشفيات غزة التي تعاني أصلاً من الاكتظاظ وبحاجة ماسة إلى المعدات الطبية"
وأوضح البيان أن مخزونات الدواء وغيرها من الامدادات "استنفدت بشكل كبير"، وأعربت عن أملها في أن تتمكن من إرسال عربات الإسعاف الخمس التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في القدس إلى غزة.
وفي صنعاء شارك عشرات الآلاف من اليمنيين تعبيراً عن دعمهم للفلسطينيين في قطاع غزة بدعوة من الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة وجمعيات عدة.
وفي بيروت تجمع الآلاف أمام مبنى الأمم المتحدة في بيروت للاحتجاج على الغارات الدموية الإسرائيلية على قطاع غزة ولإظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني.
وتم نشر العشرات من الجنود وأفراد قوات الأمن أمام مقر الأمم المتحدة وسط العاصمة، حيث تم إبقاء المتظاهرين على بعد مئات الأمتار عن المبنى.
وفي دمشق خرج عشرات الآلاف من السوريين والفلسطينيين في تظاهرة حاشدة استنكاراً للمجزرة الإسرائيلية في القطاع، واستنكرت مختلف القوى والأحزاب في سورية بالعدوان الإسرائيلي على القطاع وندد المتظاهرون بالغارات الجوية واصفين العدوان الإسرائيلي بالعمل الوحشي، كما رفع المتظاهرون يافطات كتب عليها "الدم واحد والشعب واحد والقضية واحدة.. غزة نحن معك" كما تظاهر العديد من المواطنين البلجيكيين والأوروبيين وسط العاصمة البلجيكية بروكسل تضامناً مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع مذبحة ينفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة ومنذ أكثر من ثمان وأربعين ساعة.
كما أعرب المجلس التمثيلي للهيئات اليهودية في فرنسا (كريف) في بيان عن أسفه لسقوط ضحايا في العملية العسكرية الإسرائيلية الجارية في غزة، ولكنه حمل حركة حماس مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع بسبب "سياسة الأسوأ" التي تنتهجها.
وأعلن كريف في بيان أنه "يأسف لسقوط الضحايا ولا سيما المدنيين في العملية الإسرائيلية على غزة"
وأدانت الرباط بشدة الاعتداءات الهمجية لقوات الاحتلال الإسرائيلية في قطاع غزة. وعبَّر بيان صدر عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون عن تنديد المغرب الشديد "للعمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة التي ذهب ضحيتها العشرات من الفلسطينيين الأشقاء في قطاع غزة وتندد بصرامة بالاستعمال غير المتناسب للقوة وبهذا التصعيد المأساوي للعنف"