الأحد, 21 يونيو 2009
د. حمود أبو طالب
من السذاجة لو اعتقدتُ أن شركة الكهرباء سوف تهتم بأي حرف من هذا المقال، حتّى لو كان يحكي مأساة حقيقية، حدثت بسبب خدمتها المتردّية، سأكون معتوهًا لو ظننتُ أن الشركة سوف تعتذر على الأقل لمَن تعرّضوا لضرر مركّب، طال صحتهم ومستقبلهم، لأن لا أحد يعتذر هنا، ولا نظام يجبره على الاعتذار، لاحظوا أن آمالنا أصبحت تضمحل لتصل إلى مجرد الاعتذار فقط.
هذه الأيام تقوم شركة الكهرباء بحمْلة توعوية دعائية إرشادية لهذا الشعب الطيّب، الذي يسمع وعودها كل عام، ويجد خدماتها أسوأ ممّا كانت، حمْلة هذا العام تطالب بخفض استخدام التيار الكهربائي، والاستغناء عن بعض الأجهزة في أوقات الذروة، وتخبرنا أيضًا بالمشاريع الضخمة التي تنفذها الشركة والتي ستجعل العام المقبل، أو الذي يليه على الأكثر نهاية شيء مزعج كان اسمه انقطاع الكهرباء.. حسنًا، هل لازالت شركة الكهرباء تتوهم أن أحدًا يصدق حرفًا واحدًا من كلامها؟!
قبل فترة سمعنا نغمة مفادها أن من حق المتضررين مقاضاة شركة الكهرباء، وإذا كانت هذه المعلومة الصحيحة، فإنني أرجوكم أن تقترحوا التعويض العادل للمتضررين من هذه الحادثة.
مساء الجمعة، وبينما البيوت في حالة استنفار قصوى لأول يوم في الامتحانات، توقفت الكهرباء في إحدى كبرى مدن منطقة جازان.. درجة الحرارة تقترب من جهنم، الرطوبة خانقة، وغدًا تبدأ الامتحانات، ولا كهرباء.. ساعة، ساعتان، ثلاث، عشر ساعات، ولم تعد الكهرباء إلاَّ بعد أن أشرقت شمس اليوم التالي..
أسألكم بالله العظيم، لو حدث هذا في مكان فيه احترام وقيمة وحقوق، ماذا كان سيحدث؟!.
انقطاعات الكهرباء ليست مسألة جديدة، ولكن في أيام الامتحانات تصبح القضية مختلفة جدًا، تصبح أصدق تجسيد للفوضى والاستهتار، وأكبر دليل على العبث بحقوق الإنسان، وآدميته.. ومع ذلك فإن الشركة لا تستحيي من استمرارها في وعودها ونصائحها وتعليماتها.
ثقافة الاستقالة ليست موجودة لدينا، ولذلك لا أتوقع أن يستقيل رئيس شركة الكهرباء، أو أي من مسؤوليها، وبالتالي لابد أن يُحاسب كل مسؤول في الشركة عن هذا العبث الذي لم يعد يحتمله أحد.. هذا أقل ما يجب أن يحدث.
المصدر : http://al-madina.com/node/150921