لما أناخوا قبيل الصبح عيسهم
وثوّروها فثـارت بالهـوى الإبِـلُ
وأَبرزت من خلال السّجف ناظرهـا
ترنو إلـيَّ ودمـع العيـنِ ينهمـلُ
وودَّعـتْ ببنـانٍ خلـتُـهُ عنـمـاً
فقلتُ: لا حملتْ رجـلاكَ يـا جمـلُ
ويلي من البينِ مذا حلَّ بـي وبهـا
من نازحِ الوجدِ حلَّ البينُ فارتحلـوا
يا حادي العيسِ عرَّج كي أودِّعهـا
يا حادي العيسِ في ترحالكَ الأجـلُ
إنّي على العهدِ لم أنقض مودتهـم،
يا ليت شعري بطول العهدِ ما فعلوا؟
ذنبي إليه خضوعي حيـنَ أُبصـرُه
وطولُ شوقـيْ إليـهِ حيـنَ أَذكـرهُ
وما جرحتُ بطرفِ العيـنِ مهجتـهُ
إلا ومـنْ كبـدي يقتـصُ محجـرهُ
نفسي على بُخلهِ تفديـهِ مـن قمـرٍ
وإنْ رمانـي بذنـبٍ ليـسَ يغفـرهُ
وعاذلٍ باصطبـارِ القلـبِ يأمُرنـي
فقلتُ: مِنْ أينَ لـي قلـبٌ أُصبِّـرُهُ
لا تنكرِنَّ رَحيليْ عنـكَ فـي عجـلٍ
فإنّنـي لرَحيلـي غـيـرُ مخـتـارِ
وربّمـا فـارقَ الإنسـانُ مُهجتَـهُ
يومَ الوغى غيرَ قالٍ خيفـةَ العـارِ
مِن الظباءِ ظبـاءٌ همُّهـا السُّخُـبُ
ترعى القلوبَ وفي قلبي لها عشـبُ
أَفدي الظِّباءَ اللَّواتي لا قـرونَ لهـا
وحليُها الـدُّرُّ والياقـوتُ والذَّهـب
يا حسنَ ما سرقتْ عيني وما انتهيت
والعيـنُ تسـرق أحيانـاً وتنتهِـبُ
فتلكَ من حُسن عينيها وهبـتُ لهـا
قلبيَ ولوْ قبلتْ منِّـي الـذي أَهـبُ
ومــا أريدهـمـا إلا لرؤيتـهـا
فإنْ تأبّـت فمـا لـي فيهمـا أَربُ
إذا يـدٌ سَرقـتْ فالحـدُّ يقطعـهـا
والحدُّ في سرقِ العينيـنِ لا يجـبُ
لـو يكتـبُ أسمـاءَ المـلـوكِ إذاً
أَعطوك موضعَ بسمِ اللهِ في الحَسَبِ
لو كانَ يقعدُ فوقَ الشّمس من كـرمٍ
قومٌ لقيـل اقعـدوا يـا آل عبّـاسِ
ثمَّ ارتقوا في شُعاع الشمـس كلكـمُ
إلى السمـاءِ فأنتـمْ سـادة النـاسِ