الطوارق
قصة الرجال المحجبين
هل بسبب ((الرجال المحجبين))الذين أذاقوا فرنسا الويلات إبان احتلالها لشمال غرب إفريقيا الآن
من الحجاب ؟هل بسبب 9 أمتار من القماش يتلثم بها أولئك الرجال تخاف فرنسا اليوم من نصف متر فقط على رأسها ؟...بالتأكيد الإجابة لا ...معركة فرنسا مع الحجاب اليوم تختلف تماما عن معركة الرجال المحجبين قديماً...ولكن من هم الرجال المحجبين هؤلاء؟أين يقطنون؟ما هو تاريخهم؟وأصلهم وعاداتهم وتقاليدهم..؟إنهم المعروفون بـ((الطوارق))
بقول معظم المؤرخين :إن تاريخ الطوارق يرجع إلى خمسة آلاف سنه مضت وإنهم كانوا في القرن الرابع عشر من أقوى المجموعات البشرية تجارة ونفوذاً حتى أنشئوا دولتهم في المنطقة الوسطي من النيجر وأطلقوا عليها اسم سلطنة ((الآير))وجعلوا عاصمتهم في أغادير وسيطروا على التجارة حتى جاء العام 1900م عندما سيطر الفرنسيون على جميع مناطق غرب إفريقيا وبعد أن نالت الدول استغلالها في بداية الستينات وجد الطوارق أنفسهم وقد وزُعوا بين مالى والنيجر وليبيا والجزائر وتشاد فحالت الحدود السياسية دون تجمعهم مرة أخرى ...والطوارق جميعهم مسلمون على المذهب المالكي ويتحدثون بلهجتهم((البربرية))التي هي واحدة من اللهجات العربية القديمة ويستدل الباحثون على ذلك بتأثرها الواضح باللغة العربية القرشية...
ولكن للأسف الشديد لا توجد إحصائية ثابتة بعدد لأفراد هذه القبائل فالبعض يقول :إنهم عدة ملاين ,بينما البعض الأخر يصر على أنهم لا يتجاوزون المليون والنصف
بماذا يسمون أنفسهم
الغريب أن الطوارق لا يسمون أنفسهم بهذه التسمية !!يقولون ((تماشق))أو((تمازغ))وهي نفسها عندهم عند غيرهم من البربر ((الأمازيغ))وتعني ((الرجال الأحرار)) أما كلمة ((الطوارق))فعليها اختلاف ,بعض سكان المغرب العربي الذين أطلقوا هذه التسمية يقولون إنها ترجع إلي أشهر قادة البربر في التاريخ الإسلامي القائد المعروف((طارق بن زياد))
ذلك بجانب تسميات لهم متقاربة مثل ((الرجال الزرق))أو((الرجال الملثمون))أو((الأيموهار))وهي تعني بلهجتهم الرجال الأحرار ولذلك هم يتعصبون لهذه التسمية.
قصة حجاب الرجال
ربما يكون ((حجار الرجال هو الجانب الأكثر أثاره في دواعي معرفة هذه القبائل...فهم مثل غيرهم قبائل رعوية صحراويه لها عادات وتقاليد مثل غيرهم ....لكن الغريب هو هذا ((اللثام ))
الذي يكون للرجال دون النساء _وهنا وجه آخر للغرابة!!تقول رواية طريفة _يرويها الطوارق _إن أكبر قبائله خرج رجالها ذات مره في غزوة ,فجاء العدو من بعدهم الى خيامهم,ولم يكن بالخيام سوى النساء والأطفال ورجل عجوز مقعد لكن حكيم ...فأشار على النساء بان يلبسن ملابس الرجال ويتلثمن بالعمائم حتى لا يعرفن بوجوههن وقبل أن تتم المواجهة _جاء رجالهن _فهاجموهم من الخلف والنساء من الإمام وكانت ملحمة مجيده في تاريخهم انهزام العدو فيها شر هزيمة فآلى الطوارق على أنفسهم ألا يضعوا اللثام أبدا تخليدا لهذه الملحمة ...!
إذا كشف وجهه لم يعرف!!
ليس من عيب أكثر من كشف الوجه لدى رجال الطوارق ولكن إن كُشف وجه الرجل لأي سبب
(سقط في المعركة مثلا)) فإنهم لا يعرفونه إلا إذا أعادوا اللثام مره أخرى علي وجهه..حتى أنهم لايضعون اللثام عنهم حتى وقت النوم والطعام ,إذ يدخل الرجل الطعام إلى فمه من تحت اللثام .
وهذا اللثام يتم حتى ألان في احتفاليه مشهودة فان الشاب إذا بلغ سن الرشد يقام له حفل تثبيت اللثام ,أي انه أصبح مؤهلا للمسؤولية ويتم الغناء والرقص في هذا الحفل البهيج ! وتمتد عمامة اللثام السوداء إلى نحو 9 أمتار تمكن الرجل من تغطية كل الوجه ما عدا _أهداب العين_بإحكام شديد!
ويدخل اللثام كذالك في تأكيد احترام الزائرين حينما يستقبلهم الشباب وهم محتجبون .والحجاب الذي يلازم مهارة الرجل في المبارزة يجعل المرأة أيضاً تمتدح زوجها بأنها طيلة وجودهما مع بعضهما –لم يسقط حجابه-لثامه-ولم ترى وجهه !
البعض يربط بين حياء الرجل ولثامهم ...حيث انه من الفطرة يغطي وجهه بكفيه عند الخجل او الحياء ..ويستندون إلى أبيات أبي حامد –المعروف بالكاتب-حين مدح دولة المرابطين التي كان أمرائها من الملثمين فقال
قوم لهم درك العلا من حمير =وإن انتموا صنهاجة فهموا
لما حوا أحرار كل فضيلة=غلب الحياء عليهم فتلثموا
والطوارق كانوا بالفعل عماد دولة المرابطين في حروبهم
خاصة معركة الزلاقة بالأندلس كما إنهم –يكدون انتماءهم لقبائل حِمّير اليمنية..
الفضة في الزينة أفضل من الذهب
تتبع نساء الطوارق ((البساطة))في زينة الفتاة , حيث يتم الاكتفاء بتضفير شعرها إلى عدد كبير من الضفائر المزينة بالخرز وبعض المجوهرات متدلية على جبهتها قي شكل تاج ..أما اللباس فهي تكتفي بلبس ((دراعة )) سوداء فضفاضة مزينة ((ملحفة)) مزركشة ملونة بالإصباغ ..أما زينة المرأة فتعتمد على خلاخل في الساقين وأساور في المعصمين وخواتم في الأصابع,والحلي عند نساء الطوارق تقدم فيه الفضة على الذهب((في الذوق والجمال))
أما زينة الرجال فهي عبارة عن((دراعة)) فضفاضة مطرزة الجيب ويتحلى بخنجر أو سيف .يتفننون في تزين مقابض السيوف والخناجر وأغشيتها أو أغمادها
حتى أن المقبض يمكن أن يكون من قرن((وحيد القرن))أو من((عاج الفيل))..
وقد توضع الفضة والذهب مرصعة على غمد السيف أو الأحجار الكريمة التي ينحت فيها صاحب السيف اسمه عليها
الطوارق يهتمون في زينة السروج والاقتاب أيضا
سجل الرحالة الأوربي((أنطونيو مالفوتني))شهادته في شجاعة الطوارق حيث قال
(هم فرسان غذائهم اللبن الحامض) وبمناسبة الغذاء فان وجبتهم المفضلة هي ((العصيدة مع اللبن))
والعصيدة هي عجين الذرة بعد تعرضه للنار ..
ولكن أكثر ما يظهر ضعفهم ليس هو العدو الشرس بل هو كأس الشاي!!
فقد يحتسي الواحد منهم 7 كاسات من الشاي في الجلسة الواحدة ..ويعتبر الملح أغلى عندهم من الذهب كما ذكر ذلك أبن بطوطة قديماً بقوله((والمسافر في هذه البلاد لا يحمل درهما ولا دينارا وانما يحمل قطعاً من الملح وخلياً من الزجاج)).