بدر الدين الحامد (راجع: الحامد)
(بدر شاكر السيَّاب "1344هـ-1384هـ/1926م-1964م
شاعر عراقي شهير؛ ولد في قرية "بقيع" الملاصقة قرية "جيكور" التابعة لمحافظة "البصرة". عاش بدر حياة مؤلمة ومأساوية فقد توفى الله والدته وهو في السادسة وحُرم رعاية الأب فعاش مع جده وجدته في "جيكور" وانتقلوا جميعاً إلى مدينة البصرة كي يتم بدر تعليمه الثانوي وهناك ماتت جدته التي كان يعتبرها أمه. انتقل إلى بغداد لالتحاقه بدار المعلمين العالية، وفيها درس الأدب العربي ومن ثم تحوَّل لدراسة اللغة الإنجليزية. بدأ حياته العملية مدرساً للغة الإنجليزية في المدرسة الثانوية بمدينة "الرمادي"، وعيِّن في مديرية الاستيراد والتجارة وعمل في الصحافة وعاد إلى التدريس في بغداد ومن ثم عمل مترجماً في السفارة الباكستانية وأخيراً عمل في مديرية الشؤون الثقافية بمصلحة الموانئ. كان يلازمه الفصل والتنسيق من عمله كثيراً بسبب توجهاته السياسية والحزبية فقد أغراه أحد صديق له بالانتماء للحزب الشيوعي وبسببه لاقى المتاعب من قبل السلطات العراقية حتى انفصل عن الحزب وانقلب عليه بعد أن لاحظ أن غالب قادة الحزب في العراق هم من اليهود. انتسب لحزب البعث فترة ثم تركه لينضم إلى الحزب القومي السوري الاجتماعي ومن ثم تحوَّل إلى حركة القوميين العرب.
يُعد السياب في طليعة رواد التجديد (قصيدة التفعيلة) في الشعر العربي المعاصر ولكنه يُصر على أن "علي أحمد باكثير" هو الرائد الأول لهذه المدرسة وهو الذي سبق بدر ونازك الملائكة بعشر سنين تقريباً. تشكلت ثقافة السياب من منبعين: عربي وأجنبي، وقد تأثر كثيراً بأعلام الشعر العربي في عصره وخاصة محمد مهدي الجواهري وعلي محمود طه. وأما المنبع الأجنبي فقد كان مولعاً بالشعراء الإنجليز خاصة ايليوت وسيتويل وكان أثرهما واضحاً في أسلوبه.
عُرف السياب شاعراً عمودياً أول الأمر ويلاحظ في غالب أشعاره شحوب ثقافته الإسلامية مقابل ما يُلاحظ فيها من ثقافة مسيحية عميقة تبرز من خلال استخدامه الرموز والمعاني والتعابير المسيحية، ولعل هذا نتج عن تأثره بالشاعرين ايليوت وسيتويل المعروفَين بالتزامهما المسيحي. ويجدر الإشارة إلى طبيعة بيئته الريفية في ثراء الصور والتشابيه المستخدمة في قصائده.
في آخر أربع سنين من حياته، عاش السياب أياماً صعبة وسوداء. فقد أصيب بمرض في أعصاب الحركة فدخل مستشفى الجامعة الأمريكية وثم ذهب إلى فرنسا وظل يتنقل من بلد لآخر طلباً للعلاج حتى توقف في المستشفى الحكومي بالكويت وهناك لفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن تقلَّب بين الصحوة والغيبوبة عدة أشهر ودفن في مقبرة الحسن البصري في الزبير ولم يشيِّعه إلى قبره سوى ثلاثة أشخاص تاركاً خلفه ثلاثة أطفال هم: غيلان وغيداء وآلاء وذلك في الرابع والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) 1964م. رحم الله بدر القائل:
يا ليل، أين تطوف بي قدمي؟! ــــــــــــ في أيِّ مُنعَطَفٍ من الظُلم ِ؟!
تلك الطــريق أكــاد أعــرفـها ــــــــــــ بالأمسِ عتـَّمَ طيفـُها حُلُمي
(73 ) بدوي الجبل "1321هـ-1401هـ/1903م-1981م"
هو محمد بن سليمان الأحمد؛ شاعر سوري مجيد وشهير أحد أعلام شعراء العربية في القرن العشرين بل وعبر أجيال الشعر العربي برمته وهو احد القلائل الذين آمنوا بأن لا جديد ولا قديم فالشعر فهو يقول: ((الشعر والجمال أخوان لا يفترقان، لا حديث ولا قديم في الشعر. هناك شعر، والشعر الحق هو حديث أبدي مهما امتد به الزمان)). وصفه الأخطل الصغير بكل دقة قائلاً "في نفسه شاعران إذا انتصر أحدهما للقديم اعترضه نصيرٌ للجديد، فما خرجت قصيدة من نفسه إلا وعليها طابع الشاعرَين". ولد محمد في قرية "ديفه" في جبل "اللكام" من محافظة اللاذقية بسورية. نشأ في بيئة علم وأدب؛ فأبوه الشيخ سليمان شاعر ملم بعلوم اللغة وتاريخ المسلمين ومجلس والده كان بحق هو مدرسة بدوي الجبل الحقيقية ففيها تفقه في القرآن والحديث وقرأ بها كتب الأغاني والأمالي ....إلى آخرها وحفظ الكثير من دواوين فحول الشعراء. كان محمد ينشر قصائده وهو في الثامنة عشرة من العمر في صحيفة (ألف باء) السورية بإسمه الحقيقي وعندما علم صاحب الصحيفة بحقيقة عمر الشاعر، اختار له اسم "بدوي الجبل" تُدرج القصائد به ليحمل الناس على قراءة الشعر للشعر دون التأثر بحداثة سن الشاعر؛ أما لماذا هذا الاسم فقد اختار بدوي لأن محمد كان ممن يلبس العباءة ويضع العقال على رأسه والجبل نسبة لمسقط رأسه.
بدوي الجبل خاض معارك السياسة في وقت مبكر لمقاومة سلطات الانتداب الفرنسي والتحق بالحزب الوطني، واضطر للفرار إلى العراق بعد مطاردة الفرنسيين له فعمل هناك في التدريس واشترك في ثورة رشيد الكيلاني ضد الإنجليز التي فشلت فعاد إلى سوريا وهناك اعتقله الفرنسيون وسُجن في قلعة "كسب" على الحدود التركية. وبعد الخروج الفرنسي من سورية انتخب بدوي الجبل نائباً في المجلس النيابي السوري، وفي تلك الفترة من التاريخ مرَّت سورية الحبيبة بسلسلة من الانقلابات السريعة والمتوالية للسيطرة على الحكم وبها تعرَّض الشاعر للسجن والاضطهاد والتشريد فعاش منفياً تتيه به الأحداث بين بيروت وفيينا وجنيف وروما وتونس واسطنبول، انتخب عضواً في المجمع العلمي العربي.
وفي عام 1967م جرت محاولة لاغتياله في أعقاب الهزيمة العربية في حرب حزيران (يونيو) لنشره قصيدة بعنوان (من وحي الهزيمة) التي أثارت نقمة "الناصريون" عليه، وقد وُجد في إحدى المستشفيات بعد أن اعتدى عليه مجهولون فساءت صحته وتأثر بهذه الحادثة أشد تأثير فلفظ أنفاسه الأخيرة في مساء التاسع عشر من أغسطس سنة 1981م. وهو القائل:
أنا حزنٌ، شخصٌ يروح ويغدو ـــــــــ ومسائي مع الأسى والبكورُ
(74) بديع حقـّي "...-..."
شاعر سوري يحمل الدكتوراه في الآداب. عمل في السلك الدبلوماسي فترة من الزمن ثم تحوَّل إلى التدريس الجامعي في الجزائر. وهو أحد الشعراء الرمزيين. يُقال أنه هو مَن سبق شعراء العراق من رواد التجديد في كتابة القصيدة الحرة "التفعيلة وقد ذكرت هذا نازك الملائكة في مقدمة الطبعة الرابعة من كتابها (قضايا الشعر المعاصر). لم يكتفي بديع بكتابة الشعر بل كتب القصة القصيرة والراوية، ومارس الترجمة الأدبية.
يتبع